س: نبدأ بالشأن الليبي. ج: قبل أن نبدأ بالثورات أود أن أعزي الأمة الإسلامية عامة والمجاهدين وليبيا ومصراته خاصة بوفاة أخي الحبيب الشيخ جمال المصراتي (عطية الله الليبي) رحمه الله وتقبله في الشهداء. لقد كان نموذجاً للرجل الصادق الغيور على دينه وأمته (أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله)، وكان قمة في الأدب والأخلاق والصبر والحلم. هكذا يكون طلبة العلم، وعلى مثله فلتبك البواكي. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراق أبا عبد الرحمن لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون. س: كانت بينكم مراسلات. ج: كانت بيننا مراسلات، وقد كشف عن معدن أصيل وأخلاق عالية وهمة كبيرة وغيرة شديدة على الدين وحرص على مستقبل الأمة، فلله در أمّ أنجبت هذا الرجل، ولا غرابة أن يكون من أهل مصراته، فنعم الرجال أهل مصراته. س: لعلنا نرجع إلى موضوعنا الأول: ما هو الوضع في ليبيا الآن! ج: هناك جوانب سلبية وجوانب إيجابية، والذي يطمئن أن الثوار لا زالوا يحتفظون بالأسلحة، وأن قيادة الثورة بيد أناس نحسبهم على خير، ولا شك أن الكيد والمكر الأوروبي والأمريكي يعمل عمله في ليبيا عن طريق العملاء، ولكن نحسب أن هناك وعي عند القيادة الشبابية، نسأل الله أن يحفظهم. س: حصلت بعض المناوشات بين بعض الفصائل! ج: حصل سوء فهم بين بعض الإخوة، ولكن الإعلام المعادي للإسلام أراد تضخيم الموقف وجعل الحبّة قبّة. قلت لكم من قبل وأقولها الآن: هم الآن يبحثون عن أي شيء لخلق شيء، وإن لم يجدوا فإنهم سوف يختلقون شيئاً من لا شيء. لقد بدأوا بالتحريش بين الليبيين خلال الثورة عندما كانوا يصنفون الثوار: هؤلاء ثوار مصراته، وهؤلاء ثوار الزنتان وثوار هذا المكان وذاك، ففرقوا بينهم على أساس المدن والقبائل. سوف يطلقون على الثوار ألقاب ربما تكون منها: متمردون، أو جماعات مسلحة، أو ميليشيا، أو ربما يلمعون بعض قادة الثوار على حساب البعض الآخر ليحصل الحسد والتنافس والتناحر أو الإتهام بالعمالة وتغييب الثقة. أنت إذا استطعت التفريق بين الجماعة الواحدة وجعلتها جماعات وكان الإعلام بيدك فمن السهل التحريش بينهم. في أفغانستان حاولوا نفس الأمر: هؤلاء طالبان باكستان، وأولئك طالبان أفغانستان، وهؤلاء القاعدة، وهذه شبكة حقاني القوية، وتلك جماعة حكمتيار المتمرّسة، وهكذا حتى تترسخ هذه المصطلحات في الأذهان وتتحول إلى واقع على الساحة، عندها يسهل التحريش إذا كنت تعرف العقليات التي تتعامل معها. أنا كنت أراقب الإعلام الغربي (الفرنسي والبريطاني والأمريكي)، سبحان الله، نفس المكر الذي أعملوه في أفغانستان! حتى ما يسمونه بقضية المرأة يحاولون استثارته في ليبيا، نسأل الله أن يحفظ المسلمين. س: هل تخاف على النساء في ليبيا! ج: الحمد لله، نساء ليبيا مثل نساء الأفغان: محافظات، ومع قليل من الوعي الشرعي يكن سداً منيعاً أمام مكر الأعداء. نسأل الله أن يحفظهن. العدو الغربي سوف يبحث عن أية سفيهة أو تافهة، وسيجدون استثاناءات كما وجدوا في أفغانستان، وهؤلاء يبرزهن الإعلام الغربي ويلقنهن بعض الكلمات التي لا يعرفن معناها ليطالبن بحقوق المرأة في ليبيا! س: بماذا تنصح النساء في قضية حقوق المرأة! ج: أقول لهن: انظرن إلى الغربيات، هل هذه هي الحياة التي تريدها المرأة التي شرفها الله بالإسلام لنفسها! أذكر أنني سمعت أحد الأمريكان يقول: “إن المرأة الغربية مثل المرحاض العمومي: كل واحد يأتي ويقضي حاجته فيها ثم يذهب”! هل هذه هي الحرية التي تريدها المرأة الشريفة العفيفة الطاهرة العاقلة! قضية حقوق المرأة لا يصدقها إلا مجنون لا عقل له. الله سبحانه وتعالى أعطى النساء حقوقهن، وحقّهن أن يعشن بكرامة وعزّة كأمهات وأخوات وبنات وزوجات لا كعاهرات وداعرات في أسواق النخاسة. المرأة المسلمة لها دور كبير في حياة الأمة، وهي صاحبة رسالة، أما المرأة الغربية ومن سار على نهجها من بنات جلدتنا فحياتهن فراغ وخواء، قد انشغلن بأمور تافهة لا قيمة لها في مقابل دورهن كشقائق الرجال ومربيات الأجيال. المرأة الغربية – لسفهها – لا تُدرك خواء روحها إلا بعد أن يحدودب ظهرها، عندها توقن أنها أضاعت نفسها وأضاعت حياتها في أمور لا تمت لجنسها بصلة. ينبغي للمرأة المسلمة أن تترفع عن السفاسف، وأن تعرف حقيقة دورها في المجتمع، وأن لا تسقط في وحل المكر النصراني اليهودي، لأن المرأة إذا تخلّت عن دورها الحقيقي في المجتمع: انفرط عقد الأمة. لا نريد امرأة في مجلس الشعب ولا البرلمان ولا في القضاء ولا في الجيش ولا الشرطة ولا مرشّحات رئاسة أو بلديات ولا عاملات نظافة ولا راقصات عاريات، إنما نريد الداعيات المربّيات اللاتي يؤسِّسْن الرجال. إن قالة “وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة” ليست خاطئة كلياً، فهند بن عتبة – رضي الله عنها – هي التي ربّت معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – ليكون قائداً بالفطرة، وصفية بنت عبد المطلب – رضي الله عنها – هي التي أسست عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ليكون من أشجع العرب وأشدّهم في الحرب وأعلاهم همة، وخديجة بنت خويلد – رضي الله عنها – كانت منّة من الله، فهي التي وقفت مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحلك الظروف وأشدها وأقساها فكان لها أعظم التأثير على الدعوة الإسلامية. والأمثلة كثيرة جداً. تستطيع المرأة أن تحرّك البلاد وتقلب حياة العباد وهي في بيتها. تستطيع المرأة أن تُحيي الأمة وتكون سبب عز الإسلام وهي في خدرها. تستطيع المرأة أن تنقل الأمة نقلة نوعية وأن تنصر الإسلام وهي في منزلها. المرأة أعظم محرّك للرجال، فإذا خرجت من بيتها أصبح الرجال هم من يحركونها، وهذا ما يريده دعاة تحرر المرأة (تحريرها من العفاف والطهر والشرف والقيمة الإجتماعية والقيم الشرعية) لتُصبح ألعوبة في أيديهم. س: بماذا تنصح الليبيين؟
ج: بنصيحة ربهم سبحانه وتعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران : 103-105)