New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Us and Iran"

بسم الله الرحمن الرحيم

كانت إيران “محمد رضا بهلوي” الرافضي العلماني في منتهى التفسخ والإنحلال الخلقي ، وقد عاثت “المزدكية” فساداً في المجتمع الإيراني ، ولولا الإسلام لكان فسّاق أوروبا المعاصرة تلاميذ عند الفرس ، وقد حفظ الله تعالى بقية باقية في هذه الدولة بالإسلام الذي حاربه هذا الرجل بمنعه للحجاب مما أدى إلى ثورات عارمة استغلها “الخميني” الوصولي القابع في فرنسا لينقلب على “بهلوي” ويعلنها “جمهورية إسلامية” ثورية صفّق لها جل العالم الإسلامي بكل حرارة ليكتشفوا بعدها بسنوات أنها عنصرية فارسية طائفية تحارب الإسلام والمسلمين باسم التشيع وحب آل البيت ، ولولا فضل الله على الأمة باندلاع شرارة الجهاد الأفغاني ضد السوفييت في نفس الوقت لاستطاعت الخمينية ابتلاع العالم الإسلامي بشعاراتها الرنانة المرتكزة على الثورة الإسلامية المعادية للغرب والصهيونية !!

وضع الخميني “خطة خمسينية” لتصدير الثورة الرافضية الفارسية إلى العالم الإسلامي ، وعمل على توفير ميزانية ضخمة لتحقيق هدفه في استعادة مجد الإمبراطورية الساسانية ، فأرسل الدعاة إلى آسيا الوسطى وأوربا وأفريقيا وشرق آسيا والدول العربية ، وأنفق مئات الملايين من الدولارات ليحرف الناس عن دينهم إلى دين الرفض المجوسي الصفوي المعادي للإسلام ، فنجح عن طريق التغلغل في الأوساط الصوفية والبدعية ، وعن طريق كل من يخالف أهل السنة ، وعن طريق بعض المسلمين الذين انخدعوا بشعارات ثورته “الإسلامية” البراقة ، وعمل على جذب الكثير من أبناء المسلمين للدراسة في “قم” تحت إشراف ملالي الفرس الحاقدين على الصحابة الذين أسقطوا الامبراطورية الساسانية الفارسية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة ..

كان انتقام الفرس المجوس من المسلمين ابشع انتقام : حيث حرّفوا دين التوحيد ، ونشروا الشرك والفساد ، وقتلوا أبناء الصحابة باسم حب آل البيت ، أخذوا أخماس أموال المسلمين ، وهتكوا أعراض بناتهم باسم المتعة ، ورغم هذا كله انتشر الرفض بين المغفلين من المسلمين في كثير من البلاد ، وتحقق هدف عبد الله بن سبأ اليهودي في الانتقام من الإسلام ، فاجتمع حقد بني ساسان مع خبث اليهود ، ودان أتباع المذهب الرافضي بالولاء المطلق لإيران ومعمميها الفرس الشعوبيين الحاقدين ليكونوا الطابور الخامس في أي تحرك إيراني مستقبلي ضد الأمة الإسلامية ..

بينما كانت حكوماتنا تنشر بين المسلمين : “وثن الوطنية” ، وسخافة “التعايش السلمي” ، وتفاهة “الحوار المذهبي” ، كانت إيران تغذي في نفوس أتباعها : البغض لكل ما هو سنّي ، والكفر بالكذبة الوطنية ، والاستهزاء بالتعايش السلمي والحوار المذهبي ، مع إعمال التقية في كل هذا ..

استطاعت إيران أن تبني سياجاً حديدياً على مخططاتها المستقبلية ، وبقيت أعمالها طي الكتمان لسنوات طويلة تعمل خلالها على تقوية جيشها ونشر دعاتها واستقطاب الكوادر العلمية من شتى بقاع الأرض ، وقد استفادت إيران من تفتت الإتحاد السوفييتي لتستقطب علماء الذرة المسلمين ومهندسي الصناعات الحربية من الجمهوريات السابقة وتدفع لهم ما يطلبون مقابل تطوير التكنلوجيا الإيرانية ، ومقابل تشيّع بعضهم ، بينما كانت الدول العربية في ذات الوقت تستقطب المومسات الروسيات من هذه الدول ، وتبحث عن تعاون اقتصادي هنا وهناك في مجال السلع الاستهلاكية ، وتحاول استقطاب الأموال الروسية لاعادة تدويرها فيما يسمى “بغسيل الأموال” لتدخل في جيوب المتنفذين عندنا فتزيدها تخمة !!

سقط الإتحاد السوفييتي بفضل الله عز وجل ، ثم بسبب المجاهدين في أفغانستان ، وشارك الرافضة (الهزارة) في الجهاد الأفغاني ، وكان على رأس القادة الروافض “محمد إسماعيل خان” صاحب “هراة” الذي لقي دعماً كبيراً من إيران ، وقد وفد إليه الكثير من الرافضة للقتال في صفه ضد السوفييت ، ثم ضد طالبان ، ولما رجع هؤلاء إلى إيران : استقبلتهم الحكومة الإيرانية استقبال الفاتحين ، وأعطتهم المناصب في الجيش الإيراني ، بعكس ما فعلته الدول العربية بأبناءها المجاهدين الذين أودعتهم السجون بتهمة الإرهاب ، وطاردتهم وشردتهم في البلاد ، وكان على رأس هؤلاء الشيخ المجاهد “أسامة بن لادن” رحمه الله وتقبله في الشهداء ، والذي قال لي في شأنه تاجر صيني في ذلك الوقت : “لو كان أسامة فينا لصنعنا له صنماً ولعبدناه” !!

أهملت إيران الكثير من البنى التحتية لتفرغ لبناء المفاعلات النووية والغواصات ولتطور منظومتها الصاروخية وصناعتها العسكرية ، بينما انشغلت بعض الدول العربية – في نفس الوقت – ببناء ناطحات سحاب يتطاولون فيها ، وإنشاء مسارح وملاعب رياضية ودور سينما وأسواق تجارية ، وبينما كانت إيران تربي أجيالاً من “العلماء” و”طلبة العلم” على نشر مذهبها في شتى بقاع الأرض لتضمن ولاء المخدوعين ، كانت الدول العربية تسجن علماءها وطلبة علمها بدعوى الإرهاب ، ونية قلب أنظمة الحكم ، والفساد ، ونشر الفوضى وغيرها من التهم الفرعونية !! وبينما كانت إيران تدرّب الكتائب في بلادها باسم “القدس” و”فلسطين” وتعمل على كسب ود الفصائل الفلسطينية ، كانت الحكومات العربية توقّع اتفاقات سلام مع يهود ، وتحارب الفصائل الفلسطينية باسم محاربة الإرهاب !!

استطاعت إيران التغلغل في البلاد الإسلامية باستقدام قادة الحركات الشيعية إلى إيران وتمويلهم بسخاء وتدريبهم ، وأرسلت إليهم الكتب والدعاة في بلادهم لتكسب ولاء هذه الحركات ، ثم سلطت عليهم الإذاعات ثم القنوات الفضائية ، فدخلت إيران : لبنان واليمن والمنطقة الشرقية في بلاد الحرمين والبحرين والكويت والإمارات والسودان والجزائر والمغرب وسوريا وفلسطين والعراق وجيبوتي وأريتريا ونيجيريا والسنغال ودول شرق ووسط آسيا وغيرها من البلاد ، واستطاعت تغيير عقائد بعض الفرق المنحرفة إلى العقيدة الرافضية الإثنا عشرية : كالجارودية الزيدية (الحوثية) في اليمن ، والنصيرية في سوريا وتركيا ، والإسماعيلية في أفغانستان ، والصوفية في أفريقيا وآسيا الوسطى وشرق آسيا ، واستطاعت إيران الفارسية مزاحمة العرب على سيادة المذهب الإثنا عشري في العراق : فزرعت فيها الفرس ليكونوا مرجعاً للعرب فيها بعد صراع تاريخي مرير بين جانبي الحدود

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Argument Is Destructive"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى .. أما بعد ..

فقد اطلعت على بحث بعنوان “العلامات الفارقة في كشف دين المارقة” للشيخ الدكتور “مظهر الويس” رئيس الهيئة الشرعية وعضو مجلس شورى المجاهدين في المنطقة الشرقية (كما جاء في الغلاف) ، وكتب تحته : “بحث تأصيلي يكشف حقيقة جماعة الدولة شرعاً وواقعاً” ، وقد قدم للكتاب كلاً من :

– الشيخ د. طارق عبد الحليم
– الشيخ د. هاني السباعي
– الشيخ أو قتادة الفلسطيني
– الشيخ أبو العباس الشامي
– الشيخ أبو مارية القحطاني

هذا كله على غلاف الكتاب أو البحث الذي جاء في (260) صفحة مع الفهارس ..

الكتاب جيد من ناحية كثرة النقولات عن العلماء في مسألة الخوارج وبعض المسائل العلمية الأخرى ، وفيه الكثير من الفوائد التي أنصح طلبة العلم بالإستفادة منها خاصة طلبة العلم في الدولة الإسلامية لما فيه من نقولات في بعض المسائل التي تهمهم وتهم غيرهم من الفصائل المقاتلة ..

أما المآخذ على هذا الكتاب : فمأخذين في الغلاف :

الأوّل : في العنوان ، في قوله “دين المارقة” وهو يعني بالمارقة “الدولة الإسلامية” ، ولا أدري كيف يكون بحثاً شرعياً ثم يوحي بأن للمارقة الخوارج ديناً غير دين الإسلام ، والصحابة اجتمعوا على عدم تكفيرهم ، وهذا مشهور عن علي رضي الله عنه الذي روى أحاديث “المارقة” .. ثم هذا تكفيرٌ للدولة الإسلامية التي قصدها بهذا العنوان ، والكاتب يحذّر الدولة من التكفير ويسمها بالخارجية بسبب ذلك !!

ثانياً : لو كنت كاتباً لبحث علمي شرعي فإني أربأ بالمسائل الشرعية التي في البحث أن يقدّم لها رجل كالدكتور “طارق عبد الحليم” الذي اشتهر بسلاطة لسانه وبذاءته ، فهذا يعيب البحث الشرعي ويعيب كاتبه ، وقد كتب قبل اسمه “فضيلة الدكتور” ولا ندري أي فضيلة تتحقق بالبذاءة !! نسأل الله أن يهدي الدكتور طارق لحسن الخلق ، إن لم يكن لنفسه ولسنِّه ، فللعلم الشرعي الذي ينشره ، والذي له حرمة تجب مراعاتها ..

أما ما يخص البحث :

فأولاً : البحث جيد من الناحية العلمية لكثرة النقولات ولجودة بعض الاستنباطات في بعض المواضع ، ولكنه بحث متحامل جداً على الدولة الإسلامية ، وكثير من الاستنباطات الشرعية التي حاول الكاتب إنزالها على الدولة ليست في محلها ، فالكاتب عمد إلى بتر النصوص وتقطيع كلام أهل العلم وجمعه من هنا وهناك ثم إعادة خياطة كل هذا بخيط رديء ليكون على مقاس الدولة الإسلامية فأتى الثوب مرقّعاً رديء الخياطة رغم جودة القطع وجمالها .. ومما يعيبه : إتيانه بشهادات مخالفي “الدولة الإسلامية” ليقوي موقفه في البحث ، والكل يعلم بأن أهل الحديث لا يقبلون شهادة الأقران من أهل الحديث الثقات في بعضهم البعض فكيف بشهادة المخالفين المتنافسين المتخاصمين المتعادين المتقاتلين في بعضهم !!

ثانياً : شهادة الكاتب على الدولة فيها الكثير من الظلم ، وهذا لا يليق بالعلماء وطلبة العلم ، فلم تطاوع الكاتب نفسه ذكر حسنة واحدة للدولة الإسلامية في بحثه الطويل ، بل قلَب كل حسنة للدولة سيئة ، وهذا من الظلم والجور الذي لا يقبله الشرع ، والسلف كانوا مع محاربتهم للخوارج وتكفير الخوارج لأخيارهم إلا أنهم شهدوا لهم بالصدق والإخلاص ، وكانوا يستشهدون ببعض أشعارهم ويضربون المثل بشجاعتهم ، أما الكاتب فلم يعترف بأي فضل ولا منقبة للدولة التي حكم عليها بالخارجية – وما فوق الخارجية – ظلماً وجورا (انظر الباب الرابع من كتابه) !!

ثالثاً : لم يكتف الكاتب بوسم الدولة بالخارجية بل جمع لها أوصاف الفرق الأخرى ليقع في تناقضات كان في غنى عنها ، فأضاف للدولة : التقية والغدر والخداع التي هي صفات الرافضة ، ثم الإرجاء بالعُجب والغرور وتزكية النفس ، وليته اكتفى بهذا بل زاد فقال : “وفي مزيج من ضلالات كثير من الفرق” (انظر خاتمة بحثه : ص208) ، ولا ندري ما بقي من شر للنصيرية والرافضة والصليبيين إذا اجتمع كل هذا في الدولة !!

رابعاً : لعل من أخطر ما قاله ، ولعله المقصود من هذا البحث حسب ما يستنتجه القارئ ، قوله في الخاتمة (الفقرة 13) : “لقد أجمعت الأمة على وجوب قتال الخوارج ، إذا خرجوا على الناس ، بل هو مرغّب فيه في الشرع ، لأنه ذبّ عن السنّة ، ولم يأت الأمر بقتال طائفة قتل عاد إلا الخوارج ، وذلك لشرّهم المستطير ، ولذلك فمن أوجب الواجبات اليوم في أرض الشام هو التصدي لهذه الجماعة المارقة” (انتهى) ، وقال في الفقرة التي تليها (14) : “وقتال الخوارج ليس من قتال الفتنة كما يُشاع ، بل هو من أفضل أنواع الجهاد في سبيل الله” (انتهى) !! وقال في الفقرة (19) : “أقرب الناس إلى الحق في زمن الفرقة هو من يتصدى للخوارج ، ولذلك فعلى الناس اليوم التوحد تحت هذه الراية ، ففيها سفينة النجاة لأهل الشام ، وهي بداية مشروع سُنّيّ يعيد للأمة عزها بإذن الله” (انتهى) ..
فالكاتب يدعوا الجماعات المجاهدة في الشام للتوحّد تحت راية المشروع السنّيّ لقتال الدولة الإسلامية ذباً عن السنّة وإعادةً لمجد الأمة ، فقتال الدولة عنده من أوجب الواجبات ، ومن أفضل أنواع الجهاد !!

نقول للشيخ الدكتور مظهر الويس هدانا الله وإياه : ما الفرق بين دعوى الدولة الإسلامية لقتال “المرتدين” من “الصحوات” في الجماعات المقاتلة والتي بسببها رميتم الدولة بالخارجية ، وبين دعوتكم لقتال “الخوارج المارقين” في الدولة الإسلامية !! أليست الدعوى واحدة !! أليس الأجر يتوزّع بينكم في قتال بعضكم البعض : هذا يقاتل الصحوات المرتدين ، وذاك يقاتل الخوارج المارقين ، وكلا القتالين فيه أجر كبير عظيم لمن أخلص النية ، فهذا هو مشروع الأمة السنّي القادم الذي فيه عزها ، فحفظ السنّة ورأس المال – بقتال الخوارج والمرتدين – مقدّم على قتال الكفار !! فليهنأ النصيرية والرافضة بهذه الإجتهادات ، فقد كفيتموهم مؤنة البحث وأرحتم من بعدكم !!

كلما قرأت أو سمعت أو اطلعت على مثل هذه الإجتهادات تذكّرت الشيخ عبد الله عزام رحمه الله وتقبله في الشهداء .. حُقّ لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم – أن تترحم عليه كل يوم وتسأل الله أن يرزقها رجلاً مثله يعيش بين أهل الجهاد ليقيم المعوجّ ويصلح ذات البين ويزيل هذا الشر – الذي لا خير فيه – من تناحر وتباغض وتكفير وتفسيق واتهام وتخوين وتقاتل لا طائل منه {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء : 114) فكل من يكتب أو يقول أو يدعوا لأمر فيه اقتتال بين المسلمين فلا خير فيه ، وإنما الخير – كل الخير – في الإصلاح

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Who Are You With?"

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال خاص أرسله أحد الأحبة الكرام ضمّنه الإطراء والثناء والمحبة في الله ، ولن ننقل الرسالة لما فيها من مبالغة في المدح الذي لا يستحقه من يعلم حقيقة أمره ، ولكن نقابل المحبة بالمحبة ونسأل الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم ..

بعض السؤال غريب كون صاحبه من المتابعين لأكثر من عقد كما بيّن ، وفي نفس الوقت ملحّ ومهمّ في هذه الفترة التي اختلطت فيها المفاهيم لدرجة اللامعقول ، وإن كان السؤال جاء بأسلوب شخصي إلا أن الحاجة إلى معرفة التعليق عليه أمر هام ، خاصة للمجاهدين ومن يناصرهم من عامة المسلمين ..

صدّر الأخ الفاضل رسالته بعنوان فصل : “مع من أنت؟” ، ثم أخذ في التفصيل المبني على الحيرة الظاهرة ، فقال :

يوم تمدح “قاعدة الجهاد” ، ويوم تثني على “الدولة الإسلامية” !! أثنيت على “المقاتلين في ليبيا” ، وعلى “المقاتلين في سوريا” ، وأثنيت على “الربيع العربي” مع أنهم يقاتلون من أجل دولة مدنية !! كفّرت الذين لا يحكمون بما أنزل الله ولم تكفّر “مرسي” و”حماس” !! وما موقفك بالضبط من الإخوان المسلمين ؟ كفّرت الجيش العراقي والسوري ولم تكفّر الجيش “السعودي” ولا اليمني !! كفّرت أئمة الرافضة ولم تكفّر عوامهم !! أثنيت على عمليات المجاهدين في كل مكان وأنكرت تفجيرات الرياض !! أنت مع الدولة الإسلامية يوماً وضدها يوم ، ومع هذه الجماعة وتلك اليوم وضدها في يوم آخر !! تطالب الدولة بالإجتماع مع بقية الفصائل في سوريا وأنت تعلم بأن الجماعات الأخرى عملاء وصحوات !! تناصر الدولة وتقر لها بالفضل والقوة والغلبة والشرعية وأنت لم تبايع أميرها على الخلافة بعد !! هناك الكثير من الجماعات والأحزاب في الساحة ، فمن تعتقد أنه على حق ، فنحن لا ندري إلى أي الجماعات تنتمي ؟ وموقفك من “عاصفة الحزم” لا زال غامضاً فهلا بينته ؟ ولو تبين لنا موقفك مما يحصل في مخيم اليرموك بعد اقتحام الدولة ؟
ثم طلب الأخ توضيحاً شافياً واضحاً لكل هذا لأنه في حيرة من أمره ، وأخبر بأنه ليس وحده من احتار ، بل هناك الكثير من الإخوة لا يعرفون الموقف الواضح من كل هذه “التناقضات” !!

قبل الإجابة على هذه الأسئلة ، أود أن أشكر السائل على إيراده هذه المسائل التي يحتاجها الناس اليوم ، وأعتذر للإخوة الأحبة من هذه المقالة التي سيكون فيها لفظ “أنا” على غير العادة ، وانتهز هذه الفرصة لأنبه الإخوة الأحبة الكرام في المنتديات والمواقع وبرامج التواصل الإجتماعي أن لا يكتبوا قبل إسمي ولا بعده أي تزكية ، كشيخ أو علّامة أو منظّر لهذه الجماعة أو تلك ، فلست بكل هذا إلا أن أكون أسن من غيري فأكون شيخاً بهذا المعنى ، وما أنا إلا ناقل لكلام أهل العلم ، جامع له ، مرتّبٌ ومنسّق ، فهذا مبلغ اجتهادي ، وما كان من أحكام هنا وهناك فهي اجتهادات في مسائل يسع مثلي الإجتهاد في اختيار الأرجح من أقوال أهل العلم فيها بعد استفراغ الوسع في البحث والنظر ، فالرجاء الابتعاد عن الألقاب ، والمقصود البحث عن الحق الذي بمعرفته يُعرف أهله وليس العكس ..

إلى الأسئلة :

س: “مع من أنت؟” ..
ج : مع كل المسلمين ضد كل الكفار ، ومع كل حق ضد كل باطل وجور وظلم وجهل ..

س: يوم تمدح “قاعدة الجهاد” ، ويوم تثني على “الدولة الإسلامية” !!
ج : كلهم إخواني وأحبائي وأكن لهم كل التقدير والإحترام ، سواء القادة أو الجنود ، وأثني على الحق الذي فيهم والذي يمثلونه ، وإن جانبوا الصواب فأنا لهم أخ صغير ناصح ، أسأل الله أن يجمع كلمتهم على الحق ..

س: أثنيت على “المقاتلين في ليبيا” ، وعلى “المقاتلين في سوريا” ، وأثنيت على “الربيع العربي” مع أنهم يقاتلون من أجل دولة مدنية !!
ج : من قاتل عدوي فله الشكر وإن لم يكن مسلماً ، فكيف بالمسلم !! المقاتلون الذين يقاتلون حفتر والنصيرية أناصرهم في هذا ، والذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا فإنني أحبه في الله وأناصره وأعينه وأعرف فضله وأتولاه ، والذي يقاتل من أجل دولة مدنية لا تحكم بشرع الله فإني أنصحه وأبين له وأعتب عليه ، فلعله جاهل أو غافل أو مغرر به أو متأول أو مجتهد .. أما “الربيع العربي” ففيه خير كثير ، ونتج عنه خير كثير ، ولو لم يكن إلا فضحه للعمالات والخيانات لكان كافياً ، ولا زلت آمل أن يخرج من هذا الربيع خير ، ولكن أرى أن الجهاد هو الطريق ، وأرى السلمية مضيعة للوقت ومهدرة لطاقات الشباب إلا أن تكون فاضحة للأعداء ومحفزة ومحرضة للشباب على الجهاد ..

س : كفّرت الذين لا يحكمون بما أنزل الله ولم تكفّر “مرسي” و”حماس” !!
ج : الذي لا يحكم بما أنزل الله ويصدر قوانين تخالف شرع الله ويلزم الناس التحاكم لغير شرع الله فهو كافر .. أما مرسي فهو عندي مجتهد متأول وليس بكافر ، وكذا حماس لعلمي بالمدرسة التي تخرجوا منها والتي أصلها المذهب الأشعري المتأثر بالإعتزال .. هذه المدرسة لها جذور تاريخية ، وهي التي عليها الأزهر وأهل مصر في الغالب ، وهي تتساهل في إعمال العقل في بعض النصوص ، وتجتهد أحياناً في غير محل الاجتهاد ، وفيها بعض إرجاء ، فهذه المدرسة تقدم المعقول على بعض المنقول ، والصراع معها قديم ، وقد كتب ابن تيمية كتابه “درء تعارض العقل والنقل” – الذي لم يكتب مثله في الباب – ليفند هذه المسألة .. هذه المدرسة لها سلف من علماء الأمة ، ولها اليوم مشايخ وعلماء بدءاً بمحمد عبده إلى الغزالي (انظر مقدمة كتابه “فقه السيرة”) إلى الدكتور القرضاوي ، فالقوم مجتهدون متأولون مخطؤون في نظري ، ونحن نعذرهم في بعض اجتهاداتهم وننصحهم فيما نراه خطأ ، ولا نعذرهم في بعض الإجتهادات التي تخالف ما علم من الدين بالضرورة ، والتي جعلوها تحت مظلة بعض القواعد الأصولية كالمصالح المرسلة وغيرها ، فمثل هذه الاجتهادات نفندها ونبين الحكم الشرعي فيها ..

أما التكفير فإني لا أصير إليه إن كان عندي لمسلم مخرجاً مهما كان صغيراً ، وإن تيقنت من كفر شخص بعينه فإني لا أُعلن ذلك إلا إذا علمت أن في الإعلان مصلحة للمسلمين ، فإن تبين أن في الإعلان مفسدة راجحة على المصلحة فإني أتوقف عن الإعلان ، مع بيان حكم الفعل أو القول أو الإعتقاد المكفّر ..
س : وما موقفك بالضبط من الإخوان المسلمين ؟
ج : هم إخوان مسلمون ، وأفرادهم ليسوا سواء : فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات ، وأنا أعرف الكثير منهم ، ومن أعرفهم فيهم خير كثير ، ولكن منهج القيادات في بعض الأحيان لا يكون موفقاً ، ونحن وإن كنا نعتذر لهم بعض الأحيان في بعض الأمور في بعض المواقف وبعض الأماكن ، فإن هناك أمور لا يمكن الاعتذار لها ، فهذه ننكر عليهم فيها : فقد أنكرنا قتلهم المسلمين في

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Enough of the Mess"

بسم الله الرحمن الرحيم

لنا جرح نازف في كل بقعة من الأرض ، فمن تركستان الشرقية التي ترزح تحت الإحتلال البوذي ، إلى كشمير المسلمة والإحتلال الهندوسي ، فأفغانستان والتآمر الصليبي ، وباكستان التي لم تتوقف فيها طائرات القتل الأمريكية ، ومذابح الروهينجا المساكين ، إلى الفلبين وتايلاند وتيمور الشرقية المنسية ، وما يحدث لإخواننا المسلمين في أوزبكستان وكازاخستان ، والشيشان وما أدراك ما الشيشان ، ومظالم إخواننا في الأهواز وإيران ، واحتلال الرافضة للعراق وقتلهم المسلمين ، ثم سوريا الجريحة ، واليمن التي اتفق الخونة على تسليمها للحوثيين ، وآلاف الأسارى من العلماء والدعاة والمجاهدين في جزيرة العرب المنسيين ، وفلسطين التي لا زال يتنطط على جدار أقصاها إخوان القردة الملاعين ، ومصر المكلومة ، والسودان المقسّمة ، والصومال التي جيّشوا لها جيوش الصليب لغزوها المرة تلو المرة ، إلى ليبيا التي كثرت الأيادي العابثة بأمنها ، إلى تونس مهد الثورة التي تسلق عليها العلمانيون مرة أخرى ، إلى مالي التي احتلها الفرنسيون ، وأفريقيا الوسطى ومذابح المسلمين ، وتسلط النصارى على المسلمين في نيجيريا ، وغيرها من المآسي الكثير الكثير ..

كل يوم نفتح أعيننا على مصيبة تحل بالأمة الإسلامية ، وعوام المسلمين مشغولون بحياتهم اليومية كأن الأمر لا يعنيهم ، وعلماء الأمة في سبات عميق إلا من رحم الله ، وأهل الجهاد الذين كنا نظن أنهم صمام أمان الأمة الإسلامية نراهم اليوم قد اشتغلوا بأنفسهم عن عدوّهم ، فالكل يراقب ما يجري في سوريا من نزاع وخلاف وتقاتل زَرع روح اليأس في قلوب كثير من المسلمين ..

واليوم فُجعنا بمقتل الشيخ المجاهد أبي خالد السوري رحمه الله وتقبله في الشهداء ، فأي مصيبة حلّت بالجهاد إذ غاب عنها أمثال هذا الرجل العملاق ، وما أشبه الليلة بالبارحة : لقد اشتغلت المخابرات العربية والأجنبية والفارسية لشهور طويلة تخطط لمقتل الشيخ عبد الله عزام رحمه الله ، الذي كان حلقة الوصل بين المجاهدين الأفغان ، وصمام الأمان ضد استفحال الخلاف والعداء بينهم ، فما أن قُتل حتى سهُل على أعداء الأمة التحريش بين المجاهدين ، فدخلت أفغانستان في دوامة الحرب الأهلية لسنوات أكلت الأخضر واليابس ..

إن من أعجب العجب أن تُعلن دوائر المخابرات العربية والأجنبية دخولها سوريا ، وإشعالها الفتنة ، وحربها على المجاهدين ، والمجاهدون ينجرّون طوعاً للوقوع في براثن مخططاتهم المُعلنة ، فأي عقل وأي منطق يقبل هذا !! روسيا تُرسل عشرات من كبار خبراءها العسكريين إلى سوريا ، وإيران تُرسل أفضل عناصر مخابراتها وجيشها إلى سوريا ، ومخابرات الدول العربية والأوروبية وأمريكا يُعلنون نشاطاتهم في المؤتمرات والتصريحات الصحفية ويُعلنون خططهم الرامية إلى إضعاف المجاهدين عن طريق الإقتتال الداخلي ، رغم أن كل هذا مُعلَن : إلا أن أهل الجهاد لازالوا يتقاتلون فيما بينهم !!

أبو خالد السوري – رحمه الله وتقبله في الشهداء – لن يكون آخر من يُغتال من كبار قادة الجهاد ، فالمشوار طويل ، والقادة كُثر ، والجماعات كثيرة ، فمقتل كل قائد واتهام الجماعات بعضها لبعض يزيد فتيل الأزمة ، فهل قادة الجهاد بهذه السطحية !! وهل الذين عركتهم المعارك في أفغانستان والعراق والبوسنة والشيشان وليبيا بهذه السذاجة !! أيُعقل أن يكون عِلم المجاهدين قاصر على العمليات العسكرية فقط !! أليس في قادة الجهاد من يقدّم مصلحة الأمة على بعض المصالح الضيقة !! أليس في قادة الجهاد من يرى الصورة الكليّة للمؤامرة العالمية ضد الإسلام في سوريا !! هل الجهاد في سوريا مقتصر على فتح معبر أو قرية أو تدمير آليات أو فتح مطارات واحتلال مخازن أسلحة أم أن الجهاد في الشام هو جهاد هذه الأمة – كل الأمة – ضد أعداء دينها من النصيرية والنصارى والرافضة واليهود والمرتدين !!

لنرسم الصورة الأخرى : العمليات العسكرية ضد المسلمين في سوريا تجري بتنسيق كبير بين عناصر “حزب اللات” اللبناني ، ورافضة العراق ، والنصيرية ، ورافضة إيران ، ويهود ، وخبراء روس ، وأجهزة استخبارات عربية وأجنبية !!

لنفكّك هذه الصورة : الرافضة الإثنا عشرية (حزب اللات ورافضة العراق وإيران) يُكفّرون النصيرية ، وفتاوى ملاليهم أكثر من أن تُحصى في هذا الشأن ..
النصيرية يُكفّرون الرافضة الإثنا عشرية كفر يدينون به ، لا خلاف بينهم في ذلك ..
هناك تنافس شديد بين رافضة إيران ورافضة العراق على سيادة العالم الرافضي يصل إلى درجة التكفير في بعض الأحيان ..
الروس : نصارى أرثوذكس ، وفرنسا : كاثوليك ، وبريطانيا وأمريكا : بروتستانت ، وهؤلاء بينهم أحقاد تاريخية ودينية وحروب طاحنة على مدار قرون طويلة ، وبينهم منافسة كبيرة على مناطق النفوذ ومقدرات الشعوب ، هذا مع اختلاف مذاهبهم ولغاتهم وأعرافهم وأعراقهم ..
اليهود الذين يُبغضون كل من عداهم ، ومرتدوا العرب الذين سخّروا أموال دولهم وخبراتهم وأجهزتهم في سبيل إفشال الثورات العربية وإفساد الجهاد السوري تحقيقاً للمصالح الغربية وحفاظاً على كراسيهم وحقداً وكرهاً لكل ما يمت للإسلام بصلة ..
هذا الخليط المتنافر المتباغض المتعادي الذي لا يجمعه دين ولا لغة ولا خُلق غير حقده وبغضه وكرهه للإسلام والمسلمين : يعمل بتناغم وانسجام في سبيل تحقيق غاية اجتمعوا عليها ، ونحن أهل الإسلام الذين يجمعنا دين واحد ، ونبي واحد ، ومصير واحد ، وأعداء متفرقون اجتمعوا علينا : نفترق ونتقاتل ونتنازع ونتباغض لأتفه الأسباب ، وفي بعض الأحيان : بلا سبب !!

من الذي قتل الشيخ المجاهد أبي خالد السوري رحمه الله ؟

كلنا قتله ..

قتلناه بخلافاتنا .. قتلناه بتناحرنا .. قتلناه بسذاجتنا .. قتلناه بنظرتنا الضيقة .. قتلناه بوقوعنا في كل حفرة يحفرها العدو لنا .. قتلناه لأننا لا نرى الصورة كاملة .. قتلناه لأننا مشغولون بخلافاتنا في وقت تكالبت الأمم علينا .. قتلناه لأننا سمحنا لعدونا بالتغلغل بيننا واللعب بعقولنا ونحن في غفلتنا .. قتلناه لأننا لا نستحق بقائه معنا .. قتلناه لأن مجاهدينا اشتغلوا بأنفسهم عن عدوهم .. قتلناه لأن أنصار المجاهدين اشتغلوا بتأجيج خلافاتنا .. قتلناه لأن علماءنا لم يعملوا ما أمرهم الله من إصلاح ذات بيننا .. قتلناه لأن الجيوش الكافرة تحاصر حمص والغوطة ويبرود وحلب ونحن نحاصر بعضنا .. قتلناه لأن أسرانا لا زالوا في سجون النصيرية ونحن نأسر بعضنا .. قتلناه لأن “حسن نصر اللات” خرج على القنوات الفضائية يسخر من تفرقنا واقتتالنا ولم يحرك ذلك الغيرة في قلوبنا .. قتلناه لأننا قتلنا ما يمثله الشيخ من توافق وتقريب وجمع

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Do Not Celebrate Yet"

يذكرني حال بعض الناس بهتافات القذافي لأتباعه من فوق ذاك السور الشاهق في طرابلس قبل سنوات : “ارقصوا غنوا وافرحوا وامرحوا” ، فرقص هو وغنى وفرح ومرح مع ثوار مصراته الذين قبضوا عليه في جحره في سرت ..

الذين فرحوا ورقصوا “لعاصفة الحزم” قبل أيام نقول لهم : رويدكم ، لا ترقصوا فلم يحن وقت الرقص بعد ، ها هم الحوثوين يدخلون عدن ، وها هي طائرات التحالف الصليبي – العربي تقصف تكريت ليدخلها الرافضة اخوان الحوثيين ، فقصف طائرات التحالف العربي مكّنت للرافضة في اليمن ، ومكّنت لهم في العراق ، وتُحاول التمكين للنصيرية في سوريا ، وللخونة في ليبيا ، وهذا التحالف الهشّ المختلف فيما بينه لن يصمد كثيراً ، وقد بدأت إرهاصات تفككه تظهر على السطح لأن بعضهم مؤيد وداعم لعلي صالح والحوثيين ، وبعضهم هدفه استئصال “الإسلاميين” ، وبعضهم لم يشبع من شوالات الرز الخليجية التي لا يوفرها هذا التحالف بالقدر الكافي .. لا ندري كيف يتوقع البعض أن يُصلح الله عمل هذا التحالف في اليمن وقد أفسد في مصر وليبيا وسوريا وتونس واليمن ذاتها ، بل في معظم بلاد المسلمين ، فالذين سلموا نصف السودان للنصارى لن يسنقذوا اليمن من الحوثيين .. ليس لها – بعد الله – إلا المجاهدين ..

الذين رقصوا لتصريحات مؤتمر “القمة” العربي نقول لهم : لاترقصوا بعد ، فليس هذا أوانه ، ولا هو زمانه ، فالمؤتمر الذي فرح به البعض لم يزد على كونه أداة لترسيخ حكم ابن اليهودية “السيسي” الذي ناداه الجميع في المؤتمر بــ “سيّدي الرئيس” ليقطع المؤتمِرون كل أمل في إرجاع “شرعية مرسي” والحكومة “المنتخبة” ، وبعد المؤتمر بأيام فكّ أوباما الحصار العسكري العلني عن مصر ، وسترسل أمريكا طائرات الأباشي والمعدات العسكرية اللازمة لقتل المسلمين في سيناء للحفاظ على حدود يهود وخنق غزة ، ولخلق “عاصفة حزم” أخرى في ليبيا يقودها ابن اليهودية لقتال ثوار ليبيا بكل أطيافهم ومشاربهم ، وكل من يقول لا إله إلا الله مخلصاً بها قلبه حتى يمكّنوا ربيبهم حفتر لإعادة ليبيا إلى سيرتها الأولى في عهد القذافي أو أشد ، كما فعلوا في مصر .. لا أدري لم يتقاتل الإخوة في ليبيا ويكّفر بعضهم البعض ويفسّق بعضهم البعض وقد أخطأوا عدوّهم الأوّل المتمثل في صورة حفتر ، لعل هذا الخطأ أعادنا إلى نقطة بداية الفتنة في سوريا ، نسأل الله أن يحفظ المسلمين في ليبيا !!

لعلنا نسأل الذين رقصوا لتصريحات “سعود الفيصل” النارية العبقرية المرتجلة القوية التي أسكتت السيسي وكل قوى الظلام في “الأمة العربية” والعالم وأشرق بسببها ضوء فجر جديد في سماء السياسية العربية لتعيد العزة والسؤدد والفخر والكرامة للأمة : هل تذكرون المليارات التي أرسلتها حكومة الرياض لابن اليهودية لقتل المسلمين في مصر قبل عام فقط ؟! هل تذكرون من كان وزير خارجية آل سعود في ذلك الوقت ؟ هل تذكرون موقفه وتصريحاته ؟! هل فعلاً تعتقدون أن موقفه تغيّر للمرة الألف في ما يخص قضايا الأمة الإسلامية ، أم أن الأمر كما يقول أهل نجد “مع الخيل يا شقرا” ؟!

“عاصفة الحزم” لن تكون حازمة بعد انتهاءها من قصف كل ما يمكن قصفه ، لا بد من المواجهة الأرضية ، وأنّا لآل سعود وحلفاءها بجنود يقاتلون على الأرض !! الذي يشرون الآخرة بالحياة الدنيا نفروا إلى المجاهدين أو هم في السجون ، والجيش اليمني في يد “علي صالح” ، والحوثيون درّبتهم إيران ، فمن يقاتل الرافضة وأذنابهم في اليمن !! ليس هناك غير “قاعدة الجهاد” التي يعاديها تحالفهم ، والذين لن يقاتلوا لصالح آل سعود ، فهل سيستوردون جيشاً من الخارج ، أم يتعاقدون مع مرتزقة ، إن كان كذلك فأين جيوشهم التي أنفقوا عليها مئات المليارات !! اليمنيون مسلّحون لكنهم ليسوا مدرّبون كالحوثيين ، فالسياسة في دولنا كانت – ولا زالت – تحرّم على أهل السنة التدريب على القتال وتفرضه على الرافضة لمثل هذا اليوم !! في العراق استخدمتم الرافضة لقتال المسلمين بعد القصف ، فأين لكم بمثلهم في اليمن يقاتلون الرافضة !! نسأل الله أن يهلك الظالمين بالظالمين ، ويحفظ المسلمين ..

ننصح إخواننا في “أنصار الشريعة” وغيرهم من المجاهدين أن يقصدوا مخازن السلاح ، وخاصة الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات ، فيأخذوا منها ما استطاعوا لما بعد انقشاع غبار هذه العاصفة ، كما ننصحهم أن يكسبوا أهل اليمن في هذا الوقت فيقود بعض مجاهديهم القبائل اليمنية للقتال ضد الحوثيين لصالح المشروع الإسلامي ، لا السعودي ..

بعض الذين رقصوا لتحرير إدلب : رقصوا لدخول الرافضة تكريت !! وبعض الذين حزنوا لتحرير إدلب : حزنوا لدخول الرافضة تكريت !؟ لا فرق بين من حزن لدخول المجاهدين إدلب وبين من فرح لدخول الرافضة تكريت ، الكل في الغباء سواء .. البعض بلغ مبلغاً من الغباء بحيث يقول أن “الدولة الإسلامية” ما دخلت تكريت إلا لتسلّمها للرافضة فينكّلوا بأهلها السنة ، والبعض بلغ مبلغاً من الحمق – بعد كل المعطيات – ليقول بأن كسر حصار “مخيم اليرموك” من قبل الدولة الإسلامية ومحاولة إيصال المساعدات إلى المسلمين فيها واقتراب جنود الدولة من دمشق سيعطي الذريعة للنصيرية لقصف المسلمين وقتلهم في هذا المخيّم !! نقول لهؤلاء العباقرة الأذكياء : هل هذا القول يصدُق على إدلب التي قصفها النصيرية بالغازات السامة بعد تحريرها !! هل كانت الجماعات التي حررت إدلب متعاونة مع النصيرية لإلحاق الأذى بالمسلمين في إدلب ، أم أن الأمر لا يتعدى الفجور في الخصومة التي لا ترى إلا بعين السخط على الدول الإسلامية !! أنصفوا عقولكم وعقول المسلمين قبل أن تُنصفوا الدولة الإسلامية ..
البعض يرقص لأدنى خبر فيه اقتتال بين المسلمين وتفريق بينهم ويطرب لذلك أشد الطرب يصل إلى درجة السُّكر المُغيّب للعقل !! البعض زعم بأن عناصر “حماس” قاتلت جنود الدولة الإسلامية عند دخولهم معسكر اليرموك وصدوهم عنها ، وينشر هذا الخبر على أنه نصر من الله وفتح قريب ليبشّر به الصابرين !! أما علم هذا أن الاقتتال بين المسلمين فتنة سواء بدأت به الدولة أم بدأها غيرها !! ألم يعلم هذا بأن الفرح باقتتال المسلمين يُعد من النفاق !! نقول لهذا الراقص : إن كان هذا الخبر صحيحاً فإن كل ما كان يُنقل لنا عن مجاعات معسكر اليرموك كذب كون من فيه عندهم بقية قوة ليقاتلوا من كسر عنهم الطوق ، فيرفضون الانعتاق ويصرّون على الحصار النصيري ، وإن كان ما نُقل إلينا صحيح

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: “Between Peaceful Protest and Jihād"

بسم الله الرحمن الرحيم

لا ندري ما أصاب عقول بعض المسلمين في هذا الزمان ؟ كنا نحسن الظنّ بفكر وعقل بعض محللينا السياسيين الذين تستقبلهم الفضائيات ، والذين ملأوا الدنيا بالكتب واللقاءات والمقالات والبيانات والتغريدات !! لا ندري إن كان هؤلاء يخادعون أنفسهم ويمنونها الأماني أم يخادعون الله والذين آمنوا ؟ يقف العقل حائراً أمام هذا الكم الهائل من الغباء السياسي ، والغياب العقدي ، والخواء الفكري لأناس كنا نظن أنهم عمالقة السياسة !!

ليس الخطاب عن شخص بعينه ، وإنما عن أناس كنا نظنهم قادة الفكر فينا ، وقادة الجموع ، وقادة الوعي والإرشاد ، كنا نقرأ لهؤلاء ونسمع لهم ونحمل كلامهم محمل الجد حتى أتت هذه الحرب فاكتشفنا أن كثيراً منهم لا يكاد يفقه شيئاً ولا يعقل في السياسة الشرعية أو الواقع الدولي فضلاً عن الأمور الحربية وطبيعة علاقات الأمم بعضها ببعض أو طبيعة العدو الذي يحارب المسلمين ، بل حتى كنْه هذا العدو أصبح لغزاً عصياً على الفهم والتفكيك عند كثير من هؤلاء العباقرة !!

كنا ، ولا زلنا ، وسوف نقول بأن هذه الحرب عقدية بالدرجة الأولى : هي حرب صليبية يهودية كفرية ضد الإسلام أولاً ، والمسلمين ثانياً ، وأي تحليل سياسي لا يُبنى على هذه الحقيقة الشرعية المحسوسة المرئية : هو تحليل خارج كلياً عن المنطق لأنه لم يُبن على أساس سليم ، فالبعض يُشرّق ويُغرّب ويأتِ بالعجائب من التبريرات لهذه الحرب التي اجتمع فيها رؤوس الكفر والردّة في الأرض على حرب الإسلام في الأرض كلها ، وليس في العراق والشام ، فضلاً عن أن تكون الحرب على “الدولة الإسلامية” ..

إن الرعب الذي أحدثته هذه الدولة – الإرهابية المتنطّعة الغالية الخارجية الوهابية التي لا تمثّل الإسلام الوسطي المعتدل ، والتي هي عميلة لإيران وأمريكا و”السعودية” والنصيرية والموساد وجزر واق الواق – لم تُحدثه جماعة ولا دولة منذ أكثر من ثلاث مائة سنة ، وقد صرّح بعض الساسة الغربيين بأنه “لا بد من قتال هذه الدولة التي أعلنت “الخلافة” وإلا ضاع جهد الغرب لأكثر من أربعة قرون في إضعاف وإسقاط الخلافة وإبقاء الدول الإسلامية متشتتة متناحرة ضعيفة” ..

هذه الحقيقة الكبرى يتجاهلها الكثير من المحللين والمفكّرين عندنا ، وقد أُغلقت عقولهم على قضيّة أن “الدولة الإسلامية” هي التي جلبت الغرب لحربنا ، كما قالوا عن أسامة وقاعدة الجهاد ، وهذه الفكرة انحراف كبير عن الوحي الرباني الذي بيّن بما لا بيان بعده أن هؤلاء الكفار يقاتلوننا لإسلامنا {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (البروج : 8) ، وهذه النقمة منذ أن حمل قابيل تلك الصخرة ورضخ بها رأس هابيل فسنّ للبشرية سنة الحسد على الطاعة {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (البقرة : 109) ، فهذه النفسية المريضة علمت يقيناً بأن المقابل هو الحق ، ولو أنها أعملت العقل لاتّبعت الحق ، ولا يمنعها من اتباعه إلا شعور بغيض دنيئ بتمني زوال النعمة عن الغير ، ولشدة فساد هذ العقلية آثرت عدم قبول الحق فتعيش مطمئنة ، وقبلت الباطل والنار والكفر وانعدام الإنسانية لتَمكُّن الحقد والكراهية والبغض منها ، فهي نفسية مريضة خبيثة مجرمة لا ينفع معها إلا الإستئصال ، ولا علاج لها غيره ، وهذا ما أشار الله تعالى إليه في قوله سبحانه {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} (الأنفال : 67) فعملُ النبي أن يطهّر الأرض من هذه العناصر الخبيثة الفاسدة من البشر ، ولو احتاج الأمر إلى إبادة جماعية على مستوى عالٍ في سبيل إحياء البشرية فليكن ، كما قال نوح عليه السلام {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا} (نوح : 26-27) ، فقد وصل الفساد في عهده إلى مرحلة لم يكن يصلح معها غير استئصال البشرية كلها ، فكان الجواب الإلهي : إغراق الكوكب بمن عليه من البشر ، ونجاة الفئة المؤمنة فقط لتستأنف الحياة في الأرض ..

إن البعثة النبوية هي ثورة على الكفر والظلم والطغيان ، وهذه الثورة – كما كل ثورة – تحتاج إلى مقارعة الباطل وقهره واستئصال شأفته ومحوه من الوجود ، وإذا بقي الباطل وبقيت عناصره فإن الثورة تبقى في خطر دائم ، ولا يمكن أن يهدأ للباطل بال إلا بالكيد والمكر والثورة المضادة التي تستأصل شأفة الحق وأهله ، فكما أن الله بيّن أمنية هذه النفس المريضة في قوله تعالى {يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} (البقرة : 109) فإنه – سبحانه – بيّن أنها لا تكتفي بالأمانيّ ، بل تعمل بموجبها {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة : 217) ، وهذا ما حصل في مصر التي أعلن أهلها “السلمية” المخالفة للحقيقة الكونية وللحكمة الشرعية وللطبيعة البشرية ، وكان الرد على هذه السلمية : مجازر جماعية دون مقاومة تُذكر ، وحرب على كل ما يمت للإسلام بصلة ، والعجيب الذي لا يستسيغه العقل أن تكون “سلمية” رغم هتك الأعراض !! نحن نفهم أن لا يُشهر الرجال السلاح إذا قُتل الرجال والنساء والأطفال ، فهذا قد يُعقل ، أما أن تُساق النساء إلى أقسام الشرطة وتنتهك أعراضهن وتبقى “سلمية” فهذه لم نجد لها وصفاً في قاموس العرب ، لا لعجز اللغة العربية ، ولكن ربما لأن العرب ما كان يخطر ببالها أن مثل هذا يحصل ، فلا هي دياثة ولا قوادة ، بل هي أمر آخر لم يخترع لها العرب وصف فيما نعلم ..

لا يمكن لثورة “سلمية” أن تتغلب على ظلمٍ وفسادٍ متجذّر في المجتمع ، وهذا ما لا يريد البعض فهمه ، وقد رأينا هذا في مصر واليمن وتونس ، ولو بقي هؤلاء ألف سنة فإن ثورتهم “السلمية” ستبقى عديمة التأثير في مثل هذا المحيط الفاسد ، إلا أن يسمح أهل الفساد لأهل الحق بنشر حقهم بين الناس فينشأ جيل كامل محب للحق مبغض للباطل ، وأهل الباطل أخبث من أن يتركوا الحق ينتشر .. أو أن يحتاج أهل الباطل لبعض هؤلاء لأداء دور معيّن ثم يكرّوا عليهم من جديد ويُعملوا فيهم السيف ..

إن قتال أهل الباطل هو الطريق الصحيح لاستئصاله ، خاصة إذا كان لهذا الباطل قوة مادية ، أما في حال قوة أهل الحق وتمكّنهم في الأرض وكون الباطل تحت قهر وسلطان الحق : يكون البيان والحجة الداحضة للباطل هو المقدّم ، ومن عجيب أمر البعض أنهم يرون وجوب قتال “أهل البغي” و”الخوارج” (ويقصدون بهم المجاهدين) ويحثّون الحكام على فعل ذلك ويبررونه بأنه أمر مشروع ،

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Indeed, Your Enemy Is the One Cut Off"

NOTE: The title of this article is in reference to Qura’nic verse 108:3.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكبير المتعال القوي العزيز المنتقم الملك الجبار المتكبر ، ثم الصلاة والسلام على أشرف الخلق وإمام الأنبياء وسيد المرسلين محمد رسول رب العالمين خير من عبد الله في العلانية والسّر ، وعلى أنبياء الله وآل نبينا وأصاحبه ومن جاهد لهذا الدين مقبلاً غير مدبر ، ومن تبعهم بإحسان في اليسر والعُسر .. أما بعد ..
قال تعالى على لسان نبيه الكريم عيسى بن مريم عليه السلام {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} (مريم : 30 – 33) ، وقال تعالى {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} (البقرة : 253) ، وقال تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ..} (البقرة : 87) .. وقال تعالى {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة : 136)
فهذه هي العقيدة الحقة في أنبياء الله ورسله ومن اصطفى من خلقه ، وتلك هي الأخلاق التي علمنا إياها كتاب ربنا وشدد عليها نبينا صلى الله عليه وسلم : من احترام للأنبياء ومعرفة حقهم وذكرهم بكل خير والذب عنهم ونصرتهم وتأييدهم ، فكل نبي بعثه الله للخلق هو نبي للمؤمنين يحبونه ويوقرونه ولا يصح إسلام مسلم بغير هذا ، فنوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وأيوب وداود وسليمان وعيس وغيرهم من الأنبياء والمرسلين مصابيح الدجى ومنارات الهدى ملكوا علينا شغاف القلب نحبهم أشد من حبنا أبنائنا وآبائنا وأنفسنا ، فعليهم من الله أفضل الصلاة والسلام ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “فينبغي للعاقل أن يعلم أن قيام دين الله في الأرض إنما هو بواسطة المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فلولا الرسل لما عُبِد الله وحده لا شريك له ، ولما علم الناس أكثر ما يستحقه سبحانه من الأسماء الحسنى والصفات العلى ، ولا كانت له شريعة في الأرض …. والقدر الذي تعجز العقول عن إدراكه علموهم إياه ، وأنبأوهم به ؛ فالطعن فيهم طعن في توحيد الله وأسمائه وصفاته وكلامه ودينه وشرائعه وأنبيائه وثوابه وعقابه وعامة الأسباب التي بينه وبين خلقه … ” (مختصر من الصارم المسلول : ج1)
ولذلك كان النيل من هؤلاء الأنبياء من أشد الجرم وأعظم الشناعة في الأرض ، وليس هذا خاص بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، بل هو عام في جميع الرسل ، قال الإمام أحمد بن عبد الحليم الحراني شيخ الإسلام رحمه الله “والحكم في سب سائر الأنبياء كالحكم في سبِّ نبينا ، فمن سبِّ نبيًّا مسمى بإسمه من الأنبياء المعروفين كالمذكورين في القرآن أو موصوفاً بالنبوة – مثل أن يَذكر حديثاً أن نبيًّا فعل كذا أو قال كذا ، فيسب ذلك القائل أو الفاعل ، مع العلم بأنهُ نبيٌّ ، وإن لم يعلم من هو ، أو يسب نوعَ الأنبياءِ على الإطلاق – فالحكمُ في هذا كما تقدم [القتل ، وسيأتي بيانه] ، لأن الإيمان بهم واجبٌ عُموماً ، وواجبٌ الإيمانُ خصوصاً بمن قصه اللهُ علينا في كتابه ، وسبهم كفرٌ ورِدةٌ إن كان من مسلمٍ، ومحاربةٌ إن كان من ذميّ.” (الصارم : ج2)
إن هذا الدين المحرف الذي عند النصارى واليهود لم يكن ليهديهم لغير هذه الأخلاق الذميمة ، لأن التحريف أتى على صفاء العقيدة وروح الشريعة فطغى بنتنه وقبحه على جمال الوحي فكان أن تحولت القلوب إلى القسوة ، والأدب إلى خسة ، والحياء إلى وقاحة ، وهذا ما بينه الله في كتابه حين قال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (آل عمران : 118 – 119) ، فهذا الذي ظهر من استهزاء وسخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم – قبل بضعة أشهر – هو غيض من فيض ما في تلك الصدور المريضة من حقد وكراهية للحق وأهله ..
ولكن : هل يكتفي المسلمون بالنحيب والشجب والبكاء !! ما دورنا نحن المسلمون ، وما موقفنا من هذه الجرأة على نبي البشرية وخير البرية ، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ..
إن الذي لا يشك فيه مسلم – ولا ينبغي له – أن النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون أحب الناس إليه ، قال عليه الصلاة والسلام “فوالذي نفسي بيده ، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده” (البخاري) ، وقال صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين” (البخاري) ..
بل يجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلى نفسه من نفسه ، وهذا ما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم صحابته وهو ما ترجموه عمليا وجعلوه واقعا في حياتهم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله ، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لا ، والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب إليك من نفسك” . فقال له عمر : فإنه الآن ، والله لأنت أحب إليّ من نفسي” ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “الآن يا عمر” (البخاري) ..
اللهُ تعالى يكفي نبيَّه المستهزئين
إن الله سبحانه وتعالى ناصر رسله والذين آمنوا ، وقد آذن من عادى أوليائه : بالحرب ، وليس أكرم عليه في خلقه من الأنبياء ، وليس نبي أكرم عند الله من خليله محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد أخبرنا رب العزة بأنه يكفيه المتستهزئين وأن من شانه فإنما تدور الدائرة عليه .. قال تعالى ** إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهزِئِين } ، وقال تعالى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ..
أخرج البزار

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "The Question Of Beheadings"

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يكاد زماننا هذا يزهد في الإتيان بالعجائب والغرائب التي هي من قبيل المصائب ، فالأمور باتت تحيّر الحليم ، فما نكاد نخرج من مسألة حتى نسقط في أختها بتسلسل ينفي عن نفسه صفة العفوية .. قبل سنوات قليلة : قتل الأمريكان مليون ونصف المليون عراقي ، أكثرهم من الأطفال ، ودمّروا العراق بأكمله ، وهتكوا أعراض العراقيات من أهل السنة ، وما حادثة أبو غريب وأخواتها بغائبة عنا ، ثم مكّنوا للرافضة الذين أذاقوا المسلمين سوء العذاب فقتلوا رجالهم وسبوا نسائهم ودمروا بيوته وأخذوا أموالهم ، كل ذلك تحت الحماية والوصاية الأمريكية ، نسينا كل هذا وتباكينا على أمريكي قتلته الدولة الإسلامة !!

لا أدري ما أقول ، فعقلي حائر من كلمات قرأتها وسمعتها وسمعت عنها من قِبل أناس لا أدري ما وصفهم !! ملايين المسلمين قُتلوا وعُذّبوا وشُرّدوا ، وعشرات الآلاف من نساء المسلمين هتكت أعراضهن واستباح الأمريكان فروجهنّ ثم يكون البكاء على علجٍ نصراني أمريكي حربي كافر دخل دولة الإسلام – وهو يعلم ما هي “دولة الإسلام” – بلا عهد ، فهل كان يُنتظَر من جنود الدولة أن يطبطبوا على ظهر الأمريكي الحربي ويبشّوا في وجهه !! لقد أجمع العلماء قاطبة على جواز قتل الكافر الحربي ، وأنه حلال المال والدم ، والجمهور على جواز قتله إن أُسر ، فمن أين أتى هذا الإنكار على “الدولة الإسلامية” !! هل نسينا دعوة الصهاينة لقتل الأطفال الفلسطينيين وقتل الفلسطينيات الحوامل وإمداد الأمريكان لليهود بالمال والسلاح لقتل المسلمين في فلسطين قبل أيام قلائل !! لا عدمنا يداً قطعت رأس هذا الكافر .. ليكن معلوماً لكل الناس بأن الرجل الحربي إذا دخل بلاد الإسلام بلا عهد شرعي فإنه حلال المال والدم والذريّة ..

لقد تاثّر كثير من المسلمين بنظريات الغرب الكاذبة ، وأفكارهم الخبيثة التي تُصدّر إلى الأمة الإسلامية لإضعافها وتغيير مفاهيم شبابها ليخنعوا ويجبنوا ويتركوا أسباب القوة والإرهاب ، فينشأ جيل لا يعرف القتال ولا ضرب الرقاب ، وقد رأينا في الآونة الأخيرة بعض المنتسبين إلى العلم يخلطون الحابل بالنابل ، ويدلّسون على الأمة ، ويغيّرون المفاهيم الشرعية تماشياً مع مخططات الأعداء ، ولا ندري إن كان هذا عن جهل منهم ببعض الأحكام الشرعية ، أم هو التخذيل والإرجاف ..

ومن العجيب أن سيأل أناس عن موقفنا الشرعي من قتل بعض المسلمين ؟ أيحسب هؤلاء أنهم يسألون يهوداً أو نصارى !! موقفنا من قتل المسلم هو ما قال الله تعالى في كتابه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء : 92-93) ، و”لزوالُ الدُّنيا أَهونُ عندَ اللَّهِ من قتلِ رجلٍ مسلم” (النسائي ، وصححه الألباني) ، فلسنا نتساهل في دماء المسلمين ، فإننا ننكر ذلك بشدّة ، ونحذّر جميع المجاهدين مغبّة التهاون في أمر الدماء المحرّمة مهما كانت الأسباب ، فليتّق الله من يدّعي الجهاد ، فإن الجهاد ضد الكفار ، وليس قتال المسلمين وقتلهم من الجهاد ، بل هو فتنة وبغي وظلم في الغالب ، وهو قتال مذموم ، وصاحبه آثم غير مأجور ، ، وإن كان يظن البعض أن له دليل أو برهان أو تأويل فليقطع الشك باليقين ، واليقن هو حرمة دماء المسلمين ، فلا يُضيع أحدهم جهاده بمثل هذا ، فإن المجاهد ليس آمن من مكر الله ولا عقابه إن عصى الله تعالى .. ومن ظن أنه مجتهد في المسألة ، فلا يكون الإجتهاد في مثل هذا إلا على نطاق ضيّق جداً يراجع فيه المرء نفسه ألف مرة قبل أخذ خطوة واحدة ، فـ”لا يزالُ المؤمنُ في فسحةٍ من دينِه ، ما لم يصبْ دماً حراما” (البخاري) ..

إن مسألة قطع رؤوس الكفار من المسائل المتّفق على جوازها بين الأمة ، فقطع رأس الكافر الحربي أمر محمود يثاب عليه المسلم ، وإنما تكلّم العلماء في مسألة نقل الرأس من مكان إلى آخر ، أو السفر بالرأس أو “حمل الرأس” ، فهذا هو المختلف فيه بين العلماء ، وقد رأينا من جعل نصوص “حمل الرأس” والسفر به شاهدة على حرمة القطع بزعمه ، فخلط هذا بهذا كما فعلوا في أحكام جهاد الدفع والطلب : فاشترطوا شروط الطلب للدفع ، وهذا من الكذب على الله تعالى وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ..

فليتّق الله الذين يتلاعبون بالدين ، ويكذبون على المسلمين من حيث يشعرون أو لا يشعرون {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (النحل : 105) ، قال أبو الحسن الإشبيلي في الذخائر والأعلاق : “الكذب – صانَك الله – أوضع كلّ خطّة ، وأجمعها للمذمّة والمحطّة ، وأكبرها ذُلاً في الدنيا ، وأكثرها خزياً في الآخرة ، وهو من أعظم علامات النفاق ، وأقوى الدلائل على دناءة الأخلاق والأعراق ، لا يُؤتمن حاملها على حال ، ولا يُصدَّقُ إذا قال ، فأبعدها الله من خليقة مذمومة ، وشيمة لم تزل في أهل الفضل معدومة” (انتهى) ..
أما قطع رؤوس الكفار من اليهود والنصارى والنصيرية والرافضة المرتدين الذين يفعلون بالمسلمين الأفاعيل ، فهؤلاء يجب إرهابهم وزرع الرعب في قلوبهم ، فتُقطع رؤوسهم ولا كرامة ، فقطع الرؤوس من سنّة الصحابة رضي الله عنهم ، وقد أمر الله تعالى في كتابه بضرب أعناق الكفار وحث المسلمين على ذلك ، فقال سبحانه {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا …} (محمد : 4) ، قال القرطبي في تفسيره : “‏{‏فضرب الرقاب‏}‏ مصدر‏.‏ قال الزجاج ‏:‏ أي فاضربوا الرقاب ضرباً .‏ وخص الرّقاب بالذكر لأن القتل أكثر ما يكون بها”‏ (انتهى).‏ قال البغوي : “أي فاضربوا رقابهم يعني أعناقهم . {حتى إذا أثخنتموهم} بالغتم في القتل وقهرتموهم” ، وقال الزمخشري في الكشاف : “في هذه العبارة من الغلظة والشدّة ما ليس في لفظ القتل ، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صورة وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو

New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Research on the Kharijites"

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده … أما بعد .. فهذا بحث صغير في الخوارج ، يشمل : مقدمة تعريف الخوارج اختلاف العلماء في الخوارج قصة ظهور الخوارج كفرقة فِرق الخوارج حكم العلماء في الخوارج بداية ظهور الفكر الخارجي ، وحديث ذو الخويصرة في ذكر مَن روى أحاديث الخوارج مواضع ومصادر أحاديث الخوارج مختصر ما ذكر ابن تيمية في الخوارج الأصول الجامعة للخوارج إنزال حكم الخوارج على جماعة بعينها : هل المجاهدون اليوم خوارج ؟ خلاصة البحث =&0=& من الأخطاء الكبيرة والخطيرة التي أطلّت – ولا زالت تُطل – علينا بين الفينة والأخرى : قضية الحكم على جماعة بأنها من الخوراج ، وهذه المسألة أُشبعت دراسة منذ سنوات ، وهي قضية قديمة متجدّدة ، فكل جماعة جاهدت أو خرجت على حاكم أو ظهر للبعض أنها شابهت الخوارج في بعض الصفات انتصب لها من يَسِمها بالخارجية !! الصحيح أنه ليس كل طائفة خرجت على حاكم تكون “خارجية” ، ولا كل من اعتقد أو تصرف بما يشبه بعض تصرفات أو اعتقادات بعض الخوارج يكون خارجياً ، فلمثل هذا التصنيف ضوابط وأصول ، وهو تصنيف مختلَف فيه في الخوارج خاصة .. الخوارج فرقة لها تاريخ وأصول واعتقادات وأفعال تدلّ عليها ، وقد جاءت في هذه الجماعة الكثير من النصوص – التي سيأتي ذكرها إن شاء الله – ، فالمسألة ليست كلأ مباحة لكل إنسان يُفتي بما تهواه نفسه لغرض سياسي أو حزبي أو حتى لغضب أو اختلاف ، فالقول فيهم يترتب عليه أمور كثيرة : من قتالهم وتفسيقهم – أو تكفيرهم – وتنزيل النصوص الواردة في الخوارج عليهم ، ولذلك كان لزاماً على من تصدّى لمثل هذا أن يعلم يقيناً من هم الخوارج ، وما النصوص التي جاءت فيهم ، وما هو قول الصحابة وعلماء المسلمين في هذه الفرقة المارقة .. =&1=& قال ابن حجر في الفتح : ” أما الخوارج فهم جمع خارجة : أي طائفة ، وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين” ..( انتهى) .. وقال الشهرستاني في “المِلل والنِّحَل” : “كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يكون خارجياً ، سواء كان الخروج أيام الصحابة على الأئمة الراشدين ، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان ، والأئمة في كل زمان” .(انتهى) .. فهنا اشترط الشهرستاني أن يكون الخروج على “أئمة الحق” ، وابن حجر قال بخروجهم على “خيار المسلمين” ، أما أئمة الجور فالخارج عليهم ليس بخارجي ، وإن كان علماء السنة اختلفوا في جواز الخروج على أئمة الجور ، وأما من ارتدّ من الحكام بأي نوع من أنواع الردّة المعلومة – كأن يحكم الحاكم بغير ما أنزل الله ويلزم الناس بالتحاكم لغير شرع الله ، أو يوالي أعداء الله ويظاهرهم على المسلمين ، أو يُحلّ ما عُلم حرمته أو يحرم ما عُلم حلّه من الدين بالضروروة – فالخروج على مثل هذا الحاكم واجب .. =&2=& من العلماء من قال بأن الخوارج : هم من خرجوا على علي رضي الله عنه خاصة ، وممن قال بهذا : الإمام الأشعري وغيره من السلف والمعاصرين .. ومن العلماء من يقول بأن الخوارج : هم من خرج على الإمام المسلم المتَّفق على إمامته الشرعية في أي زمان كان ، وهذا رأي الشهرستاني ، وغيره .. والبعض ذكر الإعتقاد مع العمل السياسي ، كابن حزم ، حيث قال : “ومَن وافق الخوارج من إنكار التحكيم [بين علي ومعاوية رضي الله عنهما] ، وتكفير أصحاب الكبائر ، والقول بالخروج على أئمة الجور ، وأن أصحاب الكبائر مخلّدون في النار ، وأن الإمامة [العظمى] جائزة في غير قريش ، فهو خارجي ، وإن خالفهم فيما عدا ذلك مما اختلف فيه المسلمون ، خالفهم فيما ذكرنا فليس بخارجي” (الفصل في الملل والنحل) .. =&3=& ذَكر أمر ظهور الخوارج الكثير من العلماء : منهم ابن كثير في “البداية والنهاية” ، والطبري في تاريخه ، والبغدادي في “الفَرق بين الفِرَق” ، وابن تيمية في مجموع الفتاوى (وسيأتي) ، وابن الأثير في الكامل ، وغيرهم كثير ، وقد أُلّفت كُتب كثيرة في شأنهم .. وهذه قصة الخوارج – مختصرة – كما أوردها ابن حجر في فتح الباري : “وأصل ذلك أن بعض أهل العراق أنكروا سيرة بعض أقارب عثمان ، فطعنوا على عثمان بذلك ، وكان يقال لهم القراء لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة ، إلا أنهم كانوا يتأولون القرآن على غير المراد منه ، ويستبدّون برأيهم ، ويتنطعون في الزهد والخشوع وغير ذلك ، فلما قُتل عثمان قاتلوا مع علي ، واعتقدوا كفر عثمان ومن تابعه !! واعتقدوا إمامة علي وكفر من قاتله من أهل الجمل الذين كان رئيسهم طلحة والزبير ، فإنهما خرجا إلى مكة بعد أن بايعا عليا فلقيا عائشة ، وكانت حجت تلك السنة فاتفقوا على طلب قتلة عثمان وخرجوا إلى البصرة يدعون الناس إلى ذلك ، فبلغ علياً فخرج إليهم ، فوقعت بينهم وقعة الجمل المشهورة وانتصر عليّ ، وقُتل طلحة في المعركة وقُتل الزبير بعد أن انصرف من الوقعة ..

فهذه الطائفة هي التي كانت تطلب بدم عثمان بالاتفاق ، ثم قام معاوية بالشام في مثل ذلك ، وكان أمير الشام إذ ذاك ، وكان علي أرسل إليه لأن يُبايع له أهل الشام