New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Do Not Celebrate Yet"

يذكرني حال بعض الناس بهتافات القذافي لأتباعه من فوق ذاك السور الشاهق في طرابلس قبل سنوات : “ارقصوا غنوا وافرحوا وامرحوا” ، فرقص هو وغنى وفرح ومرح مع ثوار مصراته الذين قبضوا عليه في جحره في سرت ..

الذين فرحوا ورقصوا “لعاصفة الحزم” قبل أيام نقول لهم : رويدكم ، لا ترقصوا فلم يحن وقت الرقص بعد ، ها هم الحوثوين يدخلون عدن ، وها هي طائرات التحالف الصليبي – العربي تقصف تكريت ليدخلها الرافضة اخوان الحوثيين ، فقصف طائرات التحالف العربي مكّنت للرافضة في اليمن ، ومكّنت لهم في العراق ، وتُحاول التمكين للنصيرية في سوريا ، وللخونة في ليبيا ، وهذا التحالف الهشّ المختلف فيما بينه لن يصمد كثيراً ، وقد بدأت إرهاصات تفككه تظهر على السطح لأن بعضهم مؤيد وداعم لعلي صالح والحوثيين ، وبعضهم هدفه استئصال “الإسلاميين” ، وبعضهم لم يشبع من شوالات الرز الخليجية التي لا يوفرها هذا التحالف بالقدر الكافي .. لا ندري كيف يتوقع البعض أن يُصلح الله عمل هذا التحالف في اليمن وقد أفسد في مصر وليبيا وسوريا وتونس واليمن ذاتها ، بل في معظم بلاد المسلمين ، فالذين سلموا نصف السودان للنصارى لن يسنقذوا اليمن من الحوثيين .. ليس لها – بعد الله – إلا المجاهدين ..

الذين رقصوا لتصريحات مؤتمر “القمة” العربي نقول لهم : لاترقصوا بعد ، فليس هذا أوانه ، ولا هو زمانه ، فالمؤتمر الذي فرح به البعض لم يزد على كونه أداة لترسيخ حكم ابن اليهودية “السيسي” الذي ناداه الجميع في المؤتمر بــ “سيّدي الرئيس” ليقطع المؤتمِرون كل أمل في إرجاع “شرعية مرسي” والحكومة “المنتخبة” ، وبعد المؤتمر بأيام فكّ أوباما الحصار العسكري العلني عن مصر ، وسترسل أمريكا طائرات الأباشي والمعدات العسكرية اللازمة لقتل المسلمين في سيناء للحفاظ على حدود يهود وخنق غزة ، ولخلق “عاصفة حزم” أخرى في ليبيا يقودها ابن اليهودية لقتال ثوار ليبيا بكل أطيافهم ومشاربهم ، وكل من يقول لا إله إلا الله مخلصاً بها قلبه حتى يمكّنوا ربيبهم حفتر لإعادة ليبيا إلى سيرتها الأولى في عهد القذافي أو أشد ، كما فعلوا في مصر .. لا أدري لم يتقاتل الإخوة في ليبيا ويكّفر بعضهم البعض ويفسّق بعضهم البعض وقد أخطأوا عدوّهم الأوّل المتمثل في صورة حفتر ، لعل هذا الخطأ أعادنا إلى نقطة بداية الفتنة في سوريا ، نسأل الله أن يحفظ المسلمين في ليبيا !!

لعلنا نسأل الذين رقصوا لتصريحات “سعود الفيصل” النارية العبقرية المرتجلة القوية التي أسكتت السيسي وكل قوى الظلام في “الأمة العربية” والعالم وأشرق بسببها ضوء فجر جديد في سماء السياسية العربية لتعيد العزة والسؤدد والفخر والكرامة للأمة : هل تذكرون المليارات التي أرسلتها حكومة الرياض لابن اليهودية لقتل المسلمين في مصر قبل عام فقط ؟! هل تذكرون من كان وزير خارجية آل سعود في ذلك الوقت ؟ هل تذكرون موقفه وتصريحاته ؟! هل فعلاً تعتقدون أن موقفه تغيّر للمرة الألف في ما يخص قضايا الأمة الإسلامية ، أم أن الأمر كما يقول أهل نجد “مع الخيل يا شقرا” ؟!

“عاصفة الحزم” لن تكون حازمة بعد انتهاءها من قصف كل ما يمكن قصفه ، لا بد من المواجهة الأرضية ، وأنّا لآل سعود وحلفاءها بجنود يقاتلون على الأرض !! الذي يشرون الآخرة بالحياة الدنيا نفروا إلى المجاهدين أو هم في السجون ، والجيش اليمني في يد “علي صالح” ، والحوثيون درّبتهم إيران ، فمن يقاتل الرافضة وأذنابهم في اليمن !! ليس هناك غير “قاعدة الجهاد” التي يعاديها تحالفهم ، والذين لن يقاتلوا لصالح آل سعود ، فهل سيستوردون جيشاً من الخارج ، أم يتعاقدون مع مرتزقة ، إن كان كذلك فأين جيوشهم التي أنفقوا عليها مئات المليارات !! اليمنيون مسلّحون لكنهم ليسوا مدرّبون كالحوثيين ، فالسياسة في دولنا كانت – ولا زالت – تحرّم على أهل السنة التدريب على القتال وتفرضه على الرافضة لمثل هذا اليوم !! في العراق استخدمتم الرافضة لقتال المسلمين بعد القصف ، فأين لكم بمثلهم في اليمن يقاتلون الرافضة !! نسأل الله أن يهلك الظالمين بالظالمين ، ويحفظ المسلمين ..

ننصح إخواننا في “أنصار الشريعة” وغيرهم من المجاهدين أن يقصدوا مخازن السلاح ، وخاصة الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات ، فيأخذوا منها ما استطاعوا لما بعد انقشاع غبار هذه العاصفة ، كما ننصحهم أن يكسبوا أهل اليمن في هذا الوقت فيقود بعض مجاهديهم القبائل اليمنية للقتال ضد الحوثيين لصالح المشروع الإسلامي ، لا السعودي ..

بعض الذين رقصوا لتحرير إدلب : رقصوا لدخول الرافضة تكريت !! وبعض الذين حزنوا لتحرير إدلب : حزنوا لدخول الرافضة تكريت !؟ لا فرق بين من حزن لدخول المجاهدين إدلب وبين من فرح لدخول الرافضة تكريت ، الكل في الغباء سواء .. البعض بلغ مبلغاً من الغباء بحيث يقول أن “الدولة الإسلامية” ما دخلت تكريت إلا لتسلّمها للرافضة فينكّلوا بأهلها السنة ، والبعض بلغ مبلغاً من الحمق – بعد كل المعطيات – ليقول بأن كسر حصار “مخيم اليرموك” من قبل الدولة الإسلامية ومحاولة إيصال المساعدات إلى المسلمين فيها واقتراب جنود الدولة من دمشق سيعطي الذريعة للنصيرية لقصف المسلمين وقتلهم في هذا المخيّم !! نقول لهؤلاء العباقرة الأذكياء : هل هذا القول يصدُق على إدلب التي قصفها النصيرية بالغازات السامة بعد تحريرها !! هل كانت الجماعات التي حررت إدلب متعاونة مع النصيرية لإلحاق الأذى بالمسلمين في إدلب ، أم أن الأمر لا يتعدى الفجور في الخصومة التي لا ترى إلا بعين السخط على الدول الإسلامية !! أنصفوا عقولكم وعقول المسلمين قبل أن تُنصفوا الدولة الإسلامية ..
البعض يرقص لأدنى خبر فيه اقتتال بين المسلمين وتفريق بينهم ويطرب لذلك أشد الطرب يصل إلى درجة السُّكر المُغيّب للعقل !! البعض زعم بأن عناصر “حماس” قاتلت جنود الدولة الإسلامية عند دخولهم معسكر اليرموك وصدوهم عنها ، وينشر هذا الخبر على أنه نصر من الله وفتح قريب ليبشّر به الصابرين !! أما علم هذا أن الاقتتال بين المسلمين فتنة سواء بدأت به الدولة أم بدأها غيرها !! ألم يعلم هذا بأن الفرح باقتتال المسلمين يُعد من النفاق !! نقول لهذا الراقص : إن كان هذا الخبر صحيحاً فإن كل ما كان يُنقل لنا عن مجاعات معسكر اليرموك كذب كون من فيه عندهم بقية قوة ليقاتلوا من كسر عنهم الطوق ، فيرفضون الانعتاق ويصرّون على الحصار النصيري ، وإن كان ما نُقل إلينا صحيح من أن بعض المجموعات المقاتلة تركت قتال النصيرية في دمشق وشرّقت لقتال الدولة في اليرموك فمعنى هذا أنهم كانوا يستطيعون فك الحصار عن المخيّم وإنقاذ أهله من النصيرية ، فلم لم يفعلوا !! إن لم يكن ما نقلوه صحيحاً – من الاقتتال بين الفلسطينيين والدولة – فهذا هو الإرجاف والتخذيل والتضليل والكذب الذي يجب أن يصاحبه الندم .. نقول لمن ينشر كل ما قرأ أو سمع لمجرّد موافقته هواه : أين أنت من {قل هاتوا برهانكم} ؟ أين {فتبيّنوا} أين أنت من قول النبي صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء كذباً أن يُحدّث بكل ما سمع” (مسلم) ؟ إن كان الفرح باقتتال المسلمين فيما بينهم نفاق ، فإن الفرح بظهور الكفار على المسلمين كفر وردة عن الدين والعياذ بالله ، فمن يفرح بظهور الرافضة المشركين أو النصيرية أو الصليبيين على المجاهدين (سواء الدولة الإسلامية أو غيرها من الجماعات المجاهدة) فهذا لا حظ له من الدين ..

الرافضة الذين رقصوا على أبواب تكريت وبعض مناطقها متقدمين بفضل قصف شيطانهم الأكبر الجنوني للمجاهدين ، نقول لهم : الوقت لم يحن للرقص بعد ، تكريت ما زالت المقبرة الأكبر للرافضة ، وكلاب تكريت لم تشبع من لحوم عبيد الفرس بعد ، وأسود الدولة الضارية الكريهة لم تكشّر عن أنيابها بعد .. إن كنت أعرف إخوان الزرقاوي : فإن لهم كرّة ، ولكم في تكريت موعد مع بائعي الحياة في سوق الموت ، وهذا وعد مني بذلك ، فلينقله من شاء عني ..

الذين رقصوا لانحياز مجاهدي الدولة عن بعض مناطق تكريت نقول لهم : لا ترقصوا بعد ، فالدولة إذا تراجعت عن مكان تقدمت في غيره ، فلا تطمعوا أن تأخذوا ما فوق رأسها إلا من تحت أقدامها ، فهؤلاء طلّاب موت يشترونه بغالي الأثمان ليبذلوه رخيصاً لأعدائهم أينما حلّوا .. ابتَعَدوا عن تكريت قليلاً ليقتربوا من بغداد وسامراء ودمشق وحمص .. إن كان مناصروها طلّقوا اليأس فكيف بجنودها الذين لا يألون جهداً في مفاجأة العالم كل يوم بفتح جديد ..

من الناس من اعتاد الرقص على الحبلين ، فإذا خاطب الرافضة قال : تذكّروا ما فعل بضع مئات من أبناء السنة الأشاوس بعشرات آلافكم في تكريت ، وإذا أراد إرضاء حكامه أو إظهار أضغانه قال : جنود الدولة خوارج مغرر بهم مارقة حرورية أهل ضلال وفجور وغلو وافتئات على الأمة وعملاء !! البعض أراد مسك العصى من المنتصف فقال : مجاهدوا تكريت أشواس لكن مغرر بهم ، أهل ضلال لكن أبطال ، أهل سنة لكن خوارج ، أهل فجور لكن أهل إيمان ، أهل صدق لكن عملاء !!
ومن هؤلاء من يقول بأن السيسي طاغية عميل للصهاينة مجرم زنديق قاتِل – وربما كافر – لا يجوز العمل معه ولا تأييده ويجب الإطاحة به ، ثم يقولون : تحالف “عاصفة حزم” – الذي السيسي ركيزة فيه – تحالف مبارك منصور مأجور ، واجب وفرض الوقوف معه ، ولا تجوز مخالفته ، وحرام انتقاده !!

هذه كلمات مؤلمة أكتبها لإخواني المجاهدين في سوريا ، وعلى رأسهم من ينتمي لقاعدة الجهاد أو قريب منها ، أقول لهم : لا ترقصوا لتأييد أو سكوت الدول الكافرة وغضها الطرف عنكم ، إنما يستخدمونكم للوقوف في وجه الدولة الإسلامية ، ثم إن استطاعوا – لا قدّر الله – إلحاق الهزيمة بالدولة فإن الدور سيأتي عليكم تباعاً ، ألم تروا في بداية الحرب أنهم حاولوا ضرب جبهة النصرة بالجماعات المجاهدة وبالجيش الحر لأنها تمثّل القاعدة ، ثم لما أتى خطر أكبر متمثل بالدولة : تناسوا “جبهة النصرة” ، ولم ينسوها ، وحاولوا ضرب الدولة الإسلامية بجميع الجماعات المقاتلة ، ومنها جبهة النصرة ، ونجحوا في ذلك بسبب غفلة المجاهدين ، وتغلغل العملاء بينهم !!

لا فرق بينكم وبين الدولة الإسلامية ، كلكم مسلمون مجاهدون في نظرهم ، وإن كنتم تعتقدون بأنكم تستغلون هذا الموقف لصالحكم لتحقيق بعض المكاسب الآنية ، وأنكم أذكى منهم ، وأنكم تخادعونهم ، وأنكم تأخذون أكثر مما تعطونهم فأنتهم في وهم كبير ، وإن كنتم تظنون أنه “باعتدالكم” تمنعون العدوان عليكم ولا تعطون لعدوكم سبباً لذلك فهذا وهم أكبر من الأول ، فالعدو لا يحتاج لسبب ، ويستطيع خلق أسباب متى شاء ، ويكفي وسمكم بالإرهاب لمحاربتكم وجمع قوى الشر كلها ضدكم ، ويستطيع تسليط غيره عليكم ، ألم تروا ما فعلوا في أفغانستان من السكوت عن المجاهدين لدحر العدو السوفييتي الأكبر ، ثم لما أحسوا بخطر المجاهدين ضربوا بعضهم ببعض !! ألا ترون أن “حماس” قالت وفعلت كل ما يريدون ومع ذلك هي مُحاصرة مُحاربة – لا من قِبل اليهود فحسب – بل من قبل حكومات الدول العربية ، ألا ترون انهم استخدموا محمود عباس ومن قبله عرفات في فلسطين ، وحفتر في ليبيا ، والحوثيين في اليمن ، والسيسي في مصر ، وهم من يدعم النصيرية في سوريا !!

ألا ترون أن “الإخوان” قبلوا بالديمقراطية وباللعبة السياسية وتقربوا إلى العلمانيين وإلى النصارى وتنازلوا عن بعض المبادئ في سبيل الحصول على بعض “المكاسب” فانقلبوا عليهم في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا والعراق وجزيرة العرب ليبقى قول الله الحق الخالد في كل زمان ومكان {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة : 120) ، وليت البعض يقرأ بقية الآية ليعلم الحقيقة كاملة {قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (البقرة : 120) فسبب الهزيمة : اتباع أهواء اليهود والنصارى ونظرياتهم وفلسفاتهم مهما تزيّنت وتبهرجت وتغلّفت وتبروزت ، وسبب الهزيمة : ترك هدي الله المعلوم المحفوظ في كتابه الخالد الفارق بين الحق والباطل ، قال ابن كثير رحمه الله : “فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعدما علموا من القرآن والسنة ، عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته” (انتهى) ، فإن كان الله تعالى خاطب أحب الخلق إليه بهذه الصيغة القوية وهذا التهديد والوعيد ، فكيف بغيره من الذين يتبعون طرائق اليهود والنصارى والعياذ بالله !!

ليس لكم – بعد الله – إلا أهل الإخلاص من المجاهدين ، وقد رأيتم كيف فتحتم إدلب باجتماع بسيط ، فكيف لو اتفقت كلمة المجاهدين جميعاً في سوريا والعراق !! كيف لو كانت الدولة الإسلامية معكم ومجاهدي خراسان والشيشان والمغرب والمشرق وجزيرة العرب !! كنا ، ومازلنا ، وسنقولها ما حيينا : لن تقوم للإسلام قائمة في الأرض اليوم إلا باجتماع كلمة المجاهدين ، فإن تفرقوا : تفرّقت الأمة وتمزّقت ووهنت وضعفت وفشلت وذهب ريحها ..

لن تستطيع جماعة بمفردها – مهما بلغت من قوة – أو جماعات هنا وهناك أن تحقق نصراً حقيقياً للأمة ، فالله تعالى قضى – وقضاءه الحق – أن التنازع مآله الفشل وذهاب الريح ، وأن نصرة الدين لا تكون إلا بالاعتصام بحبل الله ، وعدم الفرقة ، والقتال في سبيل الله صفاً كالبنيان المرصوص ، فأي سياسة لا تتخذ من هدي القرآن دستوراً لا يمكن أن تؤتي ثمرة طيبة ، ولا أدري كيف نكفّر الحكام كونهم لا يحكمون بما أنزل الله ، ثم نبيح لأنفسنا مخالفة ما قرر الله تعالى في كتابه وننتظر النصر منه سبحانه !!

الله تعالى جعل الموازين بالقسط ، فإن كنا نحاسب الحكام لمخالفتهم شرع الله ، فالأولى محاسبة أنفسنا على معصية الله ، وقادة الجهاد – بتصلّف بضعهم وعناده وقصر نظره – يتحملون وزر هذه المعصية ، ويتحملون نتيجة كل هزيمة تحل بالأمة الإسلامية في هذا الوقت لأنهم مسؤولون أمام الله – عز وجل – عن الفرقة والتنازع والتشيّع والتحزّب ، ويتحملون نتائج دخول وتغلغل أعداء الأمة بين صفوفنا بسبب هذا الخلاف البغيض المقيت بين الجماعات المجاهدة التي يكفّر بعضها البعض ، ويفسّق بعضها البعض ، ويقتال بعضها البعض ، في وقت يجتمع فيه أعداءنا – على اختلاف مشاربهم وأديانهم ومصالحهم – على الأمة الإسلامية !! أي غفلة وأي غياب للعقل وأي استهتار بمستقبل الأمة وأي عصيان وأي ظلم وأي جور وأي داء أصاب قادة الجهاد والمجاهدين ومناصريهم أن يكونوا أشداء على الكفار والمسلمين معاً ، في مخالفة صريحة للقرآن !!

هذا نداء لقادة الجهاد في كل مكان : اتقوا الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، فوالله لن تغلبوا العدو باجتماعه وتفرّقكم ، ولن تهزموا الأعداء بمعصية ربكم ، إنما تُنصر الجيوش بالطاعات ، وتُهزم بالمعاصي ، ومن أعظم المعاصي : تقطيع أواصل الأخوة الإيمانية ، والتحزّب ، والفرح بالخلاف ، والإعجاب بالرأي ، والتمسّك بالقيادة الحزبية على حساب المصلحة الكلية ، والإصرار على الفرقة التي نتج عنها اللمز ، والتنابز بالألقاب ، والتحقير ، والتشهير ، والتفسيق ، والتبديع ، والتكفير ، والاقتتال ، والعداوة ، والبغضاء ، وانعدام الولاء لأهل الإيمان ، وسوء الظن ، والخلل في البراء من الأعداء ، كل هذا بسبب معصية الله تعالى في أمر لو خلصت فيه النية وقُدّمت فيه مصلحة الأمة لكان من أسهل الأمور ..

ليت الأمر يحتمل المجاملات ، أو يصلح فيه التوريات .. الخطب جلل ، والأمر أمر الأمة ، وسنة الإستبدال ماضية ، وقد رأيناها رأي العين في أفغانستان حين استبدل الله تعالى أمراء الجماعات بطالبان ، ورأيناه في الصومال ، ونخشى أن نراه في العراق وسوريا ، فالله تعالى لا يحابي ولا يجامل أحدا ، فهو الغنيّ عن عباده ، وإن لم تجتمع كلمة المجاهدين اليوم فإنهم مُستبدلون لا محالة ، فأمة محمد – صلى الله عليه وسلام – أعظم عند الله من أن يربط مصيرها بهوى زيد أو عمرو ، فيا إخوة الإيمان اعملوا على وحدة الصف وجمع الكلمة ، اجعلوا مصلحة الأمة فوق كل اعتبار ، ومن ظن أن مصلحة الأمة أن تبقى متشتّتة متحزّبة فهذا من أجهل خلق الله بدين الله تعالى ، ومن ظن أنه يَنصر دين الله بحرصه على تفريق صف المسلمين أو عدم حرصه على جمع كلمتهم : فهذا أجهل من صاحبه .. إنما ينصر دين الله – تعالى – من عمل يمقتضى الوحي في جمع الكلمة والوحدة المبنية على التوحيد ، إنما ينتصر : من كان شديداً على الكفار غليظاً ضارباً لأعناقهم ورقابهم ، رحيماً بالمؤمنين يتألّفهم ويحرص على هدايتهم وجمع كلمتهم ويلين لهم ويحسن الظن بهم ويحسن معاملتهم : فلا يلين المؤمن للكفار يطلب رضاهم فيمقته الله ، ولا يكون فضاً غليظ القلب على المؤمنين فينفضّوا من حوله ..

إن سنة الله تعالى ماضية بنا أو بغيرنا ، ونصره قادم بنا أو بغيرنا ، والأمة ظاهرة بنا أو بغيرنا ، والله متمُّ نوره بنا أو بغيرنا ، وسيدخل هذا الدين كل بيت في الأرض من مدر ووبر بنا أو بغيرنا ، ومن كان يظن أن الإسلام لا ينتصر إلا به أو بجماعته أو بقيادته فعليه أن يراجع كتاب الله تعالى ، ومن ظن أنه بتصلفه وتكبّره على المسلمين واستعلاءه عليهم واستخفافه بهم واحتقارهم ينصر الإسلام : فعليه بمراجعة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن ظن أنه يجاهر بمعصيته لله ولا يلتزم أوامره فيستحق نصره : فلم يعلم ما أُحداً والأحزاب ..

الأمة كلها مخاطبة بنُصرة دينها ، وكل جهد في الأمة ضروري لنصرة الدين ، ولا ينبغي لأحد حكر الحق في نفسه أو جماعته وإقصاء الآخرين ، ولا ينبغي التقليل من شأن أي عمل مهما صغر ، وذروة سنام الإسلام : الجهاد في سبيل الله ، فهو واجب الوقت ، وهو الآن فرض عين على كل قادر في الأمة ، وقد جاء الأمر بالنفير في الخفّة والثِّقل ، فمن استطاع فلينفر ، ومن لم يستطع فليعمل من مكانه ، فكل ميسّر لما خُلق له ، والواجب العمل المشترك بين الأمة ليؤتي العمل ثمرته ، وليس من مصلحة الأمة التضاد ولا التنافس السلبي ولا الفرقة ولا التحزّب ولا التراشق ولا التنابز ولا الظلم ولا التخلي عن النصرة الشرعية ..

لقد استطاع أعداء الملة زرع العداو بين المسلمين ، تلك العداوة التي تنخر عظام الأمة لتجعلها هشّة يسهل كسرها ، فلولا هذه العداوة وهذه الفرقة : ما تجرأ عدو على الأمة ، ولولا غفلة المسلمين وجهلهم بأصول الدين وبأمر رب العالمين من أن هذه الأمة واحدة ، لولا هذا لكانت الأمة الآن هي الظاهرة القاهرة الحاكمة في الأرض ..

ولعلي أذكّر القادة والمجاهدين وأنصارهم بكلمات خالدات كتبها رجل عرفته جبال سليمان والهندكوش ، وسهول وهضاب الداغستان والشيشان ، وعرفه السوفييت بالضرورة ، حتى قال قائلهم : والروس تحرف قبرها بشمالها ، فيمينها قد شلّها خطّاب .. وضع هذه الكلمات لتستفيد منها الأجيال ، فهي بمثابة دستور لأهل الجهاد مختصر عظيم القدر نتاج فكر قائد محنّك دوّخ أعداء الله ، وفتح الله على يديه قلوب العباد قبل البلاد ، فكل جملة من هذه الجُمل بكتاب :
1- الذي لا تكسبه صديقاً لا تكسبه عدواً .
2- عدم التدخل في القضايا الداخلية للناس إلا بالإصلاح .
3- القتال دائماً مع الكفر البَواح .
4- لا تُقم الجهاد في مكان إلا إذا تبنّاه أهله .
5- استشارة العلماء الأفاضل ، وأهل الحكمة والخبرة بشكل دائم ، والابتعاد عن الاجتهاد الشخصي قبل أي عمل .
6- اقرأ عدوَّك ، ولا تستهن به ، واختبر رد فعله أولاً .
7- استخدِم عنصر المفاجأة ، واستغل نقاط ضعف عدوك .
8- استعن بأهل الكفاءة ، ثم الأصدقاء ، بعد الإعداد المتقن .
9- الابتعاد عن التحزب، ونبذ الفرقة ، واتباع السنة ، والبعد عن الترف ، والعمل لنصرة هذا الدين .

أقول للغرب الصليبي الذي بدأ عداوته للأمة الإسلامية منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : لا ترقصوا بعد ، فمتى ما رجعت الأمة الإسلامية إلى دينها (وسترجع) ، ومتى ما اتفق المجاهدون فيما بينهم وكانوا يداً على من سواهم (وسيتفقون) : فإن الموعد روما ، وقبلها أو بعدها فلسطين ، وسينطق الحجر والشجر ، وسيدخل الإسلام كل بيت مدر ووبر بعز عزيز أو بذلّ ذليل ..

ختاماً : لعل البعض يذكر ما قلت في بداية الفتنة مخاطباً قادة الدولة الإسلامية بأنهم إن رأوا المصلحة في رجوعهم إلى العراق وترك الساحة الشامية لأهل الشام درءاً للفتنة ، وقد حصل ما حصل ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .. لقد تقدمت الدولة الإسلامية وعظمت ، وبقت وتمدّدت ، وهذا تقدير الله عز وجل ، والمصلحة اليوم تقتضي العمل المشترك والمتّحد ، فلو رأى قادة الجهاد في خراسان – وعلى رأسهم الشيخ الظواهري حفظه الله – أن يكون المجاهدون في سوريا تحت مظلة الدولة الإسلامية ، أو على الأقل يعملون معها بانسجام تام في بداية الأمر ، فإن الأمر قد استقر للدولة ، وهي أقوى الجماعات وأشدها على أعداء الله وأكثرها نكاية فيهم وأعظمها خبرة ودراية بهذه الحرب وأكثرها تنظيماً وأعظمها تمويلاً واستقلالاً .. لو رأى قادة الجهاد هذا الأمر الذي نرى فيه مصلحة الأمة الإسلامية فإن ذلك يُفرح المؤمنين ويُغيظ الكافرين ويُرضي رب العالمين ويعجّل بالنصر والفتح المبين بمنّة من الله وفضل ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

شيخنا الظواهري : لعلك قرأت لي بعض المقالات ، ووصلتك بعض الرسائل ، ولعلك علمت أني لا أحابي في دين الله ولا أجامل ، ووالله إني لك ناصح ، وعليك وعلى الأمة مشفق ، فالله الله أن تؤتى الأمة من قبلك .. لعل الله تعالى أن يصلح بك شأن المسلمين ، وتكون اجتماع الكلمة على يديك ، فهذا والله الشرف ، وأي شرف .. انظر في الأمر وقلّبه وأعمل عقلك فيه فإننا نرى أنه لا يهديك – إن شاء الله – إلا إلى الحق ، وإلى ما فيه صلاح الأمة .. ضع يدك في يد إخوانك ، وقوموا بالأمة قومة رجل واحد .. تواضعوا لله يرفعكم ، وأخلصوا له يحببكم ، واستدركوا ما فاتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، بهذا تنصرون دين الله حقا ، و{إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم} ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
12 جمادى الآخرة 1436هـ

_______________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]