New release from al-Muhājirah al-Gharbīyah: “Important Advice For the Female Captives From the Free Women of This Nation”

Arabic: 

الحمدُ لله وكفَى، والصَّلاةُ والسّلامُ على النبيِّ المُصطَفَى، وعلى آلِهِ وصحبِه ومن لأثرِهم اقتَفى،

أمّا بعدُ؛

فمِمّا لا يخفَى علَى أُمّتِنا الثّكلَى ما حلَّ بإمائِها الحرائِر منْ عظيمِ بلاءٍ، تتفطّرُ له قلوبُ الغيَارَى ولا نقولُ سوى اللهم إنا نعوذ بكَ من جَهدِ البلاء، ودركِ الشقا، وسوءِ القضاء، وشماتةِ الأعداءِ.

ومن المعلومِ أن ما حلّ بنساءِ أمتنا في مخيّمات الذلّ، لهو من النوازلِ التي يحارُ فيها اللبيب، فأن تؤسرُ عوائلُ بأكملها جلها من النساء والأطفال وبهذه الأعداد المهولة، من الحادثات التي قل أن شهدها تاريخُ البشريّة؛ {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}.

وقد بلغتنا بعضُ التصرّفاتِ التي صدرت وتصدرُ من بعضِ أخواتِنا الأسيرات – أصلحهنّ الله – والتي تفتقد إلى الكثيرِ من الحكمةِ والسّياسةِ، وهي تصرّفات وأفعال وإن كانت فرديّة إلّا أنها تعود غالبًا بالضررِ على جميعِ الأسيرات، كما ولا ننكرُ أن بعضَ تلك التصرّفات ناجمة عن حرقةِ الأختِ على دينها وسعيها للذبّ عن عقيدتها، فرأينا أن نستعينَ بالله تعالى ونكتبُ هذه الكليمات، نُصحًا للأخواتِ وإرشادًا للأسيرات والله من وراءِ القصد.

?أوّلًا؛ فلتعلم الأخت الموحّدة المسلمة أنّ الطريقَ إلى اللهِ طريقٌ شائكٌ مليءٌ بالعثراتِ والعقبات، وأنّ الابتلاءَ في ذات الله عزّ وجلّ ليس حكرًا على الرجلِ دون المرأةِ، فالمرأةُ أيضا تُبتلى فتُقتلُ وتؤسرُ؛ وقد تُسبَى وتُبترُ، وما إلى ذلك من المكارهِ التي يُكابدها المسلمُ الموحّد في سبيل ربه وإعلاءً لكلمتِه في الأرضِ.

ففي سبيل الحنيفيّة أسِرت سارة زوج خليل الله إبراهيم عليه السّلام، وراودها طاغوت مصر على نفسها ونجّاها الله منه، وفي سبيل الحنيفيّة عُذبت آسيا زوج فرعون، وفي سبيل الحنيفيّة قُتلت سميّة بنت خيّاط، وفي سبيل الحنيفيّة جاعت خديجة أم المؤمنين وبناتها بنات النبيّ – صلّى الله عليه وسلم – حتى كان أهل مكّة يسمعون أصوات النساء والأطفال المحاصرين في شعب أبي طالب وهم يتضوّرون جوعا!

فلا تظنّي أختي الأسيرة – ثبّتكِ الله – أن ما قد أصابكِ أمرٌ جديدٌ مُحدث، بل هو طريق الأولين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين؛ “وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة”.

?ثانيًا؛ اعلمي – سلّمكِ الله – أنّكِ وأنتِ أسيرة مُستضعفةٌ، والاستضعافُ من الضّعفِ، والضّعف خلافُ القوّةِ.

ومن لطفِ الله بعبيده أن جعل من شريعته شريعةً سمحةً فيها مراعاةٌ لأحوالِ العبادِ عند الاضطرارِ والضّرورةِ، بل قد تتغيّرُ الأحكامُ بناءً على وضعِ العبدِ أو الجماعةِ.

قالَ اللهُ تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:173].

وقال أيضًا:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة:3].

ومن السُنّةِ النبويّةِ المُطهرةِ فلنَا في قصّةِ عمّارِ بنِ ياسر – رضي الله عنه – عبرٌ وفوائدُ، إذ لاقَى عمّار في سبيلِ الله ما لاقى من مُشركي قريش وأكرهوه على قولِ كلمةِ الكفرِ، فنزلَ قولُ الله تعالى:

{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ۝ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 105 106].

قال ابنُ عباس – رضي الله عنهما – : (أخذه المشركون وأخذوا أباه وأمه سميَّة وصهيبًا وبلالًا وخبَّابًا وسالمًا فعذبوهم، وربطت سمية بين بعيرين ووُجِئ قُبُلها بحربة، وقيل لها إنك أسلمت من أجل الرجال، فقُتلت وقُتل زوجُها ياسر، وهما أول قتيلين في الاسلام.

وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهًا، فشكا ذلك إلى رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف تجد قلبك؟) قال: مطمئن بالايمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فإن عادوا فعد) [رواه الحاكمُ وقال على شرط الشيخين].

وعن ابنِ عبّاسٍ – رضي الله عنهما – يرفعه قال: قال – صلى الله عليه وسلم – : (إنَّ الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) [رواه ابن ماجه وابن حبان يرفعه وكذا الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين].

وبناءً على ما تقدّم يتبيّنُ للأختِ الأسيرةِ أنّها مُستضعفة وتأخذُ حكمَ المضطرِّ في أمورٍ كثيرة، والضرورةُ تُقدّرُ بقدرها، ومن المؤكّد أن من تُعذَّب في السجونِ ويُنتهكُ عرضها ويذيقُها أعداءُ اللهِ صنوفًا شتّى من صنوفِ التعذيبِ والتّنكيلِ، ليست كمن تجلِسُ في خيمةٍ لا تُعذّبُ ولا تُستكرهُ على شيْءٍ وإنّما هي مسلوبةُ الحريّة لا أكثر!

?ثالثًا؛ وإذا ما استوعبتِ أختنا أنّكِ مُستضعفة، ينبغي لكِ حينها أن تعلمي أنّ أهل العلمِ قد قرّروا قاعدةً فِقهيّةً عظيمةً ألا وهيَ: “درء المفَاسِدِ مقدّمٌ على جلبِ المَصالحِ”

ومعناهَا؛ أنّه إذا تعارَضَت مفسدةٌ ومصلحةٌ يُقدَّم رفعُ المفسدةِ على جلبِ المصلحةِ؛ لأنّ اهتِمامَ الشّرعِ بالمنهيَّات أشدُّ من اهتمامِه بالمأموراتِ، وخيرُ مثالٍ على تجلّي هذه القاعدة في أيّامِنا هذه ما يحدثُ بينَ أخواتِنا الأسيرات، فتأتي إحداهنّ أو بعضهنّ بفعلٍ ظاهره المصلحة ولكن عواقبَه تكون وخيمةً على بقيّة الأسيرات واللهُ المُستعان.

بعضُ الأخواتِ – هداهنّ الله – ينادين بالجهادِ وهنّ في الأسر! أيّ جهادٍ هذا يا رعاكِ الله؟! وليست رسالة إحدى الأخوات عنّا ببعيد والتي خاطبت فيها جُنودَ الدولةِ واستنفرتهم بما معناه: (نحن جاهزات وقد حددنا السكاكين وقد اشتقنا لأصوات الرصاص والانفجارات)، والله ما هذا إلا قلّة عقلٍ، إذ كيف لعاقلةٍ أن تتفوّه بمثل هذه الأمور التي قد يتّخذها السجّان حُجّةً للنّيل من الأسيراتِ وتنغيصِ عيشهنّ المنغّصِ أصلًا؟!

وتستغلها الصحافة للتحريض على الأسيرات؛ مما يُطلق السجانين بالتنكيل بالأسيرات دون رقيب أو عنيب.

حسنًا؛ ماذا جنيتنّ من الاعتداء على العساكر أوقتلِ عنصر أو اثنين منهم؟

لا شيء سوى مزيدًا من التضييق على المهاجراتِ ومنعهنّ من السوق والتداوي وجميع مؤهلات الحياة، حتّى الماء والثلج الذي كان يدخل إليهم منعوه عنهن في أشدّ الأيّام حرًّا!

وهذا غير تجديد التحقيق والتفتيش والإهانة والإذلال.

وهذا ما لا تُقدّره الكثير من أخواتِنا – أصلحهنّ الله – اللاتي لازلن يعشنَ على أنغام الخلافةِ والتّمكين!!

لا