ـ سؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا أبا محمد المقدسي..
ما هو التخريج الشرعي للدخول في مواقع مثل تويتر والفيس ونحوها مما يكون في بنود الدخول الموافقة على شروط من ضمنها التحاكم لمحاكم طاغوتية عند المخالفة. وخاصة وأن كبار المشايخ يدخلونها؟؟؟
ـ الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعليكم الســلام ورحمــة اللــــہ وبركاتــــہ
اخي الفاضل
اعتقد أولا أن هذا السؤال أصل مصدره تشديد بعض من لا يؤمن به؛ وإنما يورده ليشغب به على المشايخ الذين يُكفّرون الحكام بغير ما أنزل الله؛فيجادل أولئك المشاغبون المكفرين للحاكمين بالقوانين الوضعية بمثل هذه الإيرادات ،ظنا منهم أنّها ستبطل حجج مشايخ التوحيد والجهاد في تكفيرهم للطواغيت ؛أو أنهم يلزمهم بذلك أنهم يقعون بشيء من جنس ما يفعله الطواغيت!
وهذه مقارنة باطلة ؛ففرق بين من يشرع القوانين الوضعية ويفرضها على الناس ويلزمهم التحاكم إليها؛بقوته وشوكته وجنده وشرطته ومخابراته وسلطانه؛وبين من يتحاكم إليها من عموم الناس المستضعفين،وهم كارهون لها أو مكرهون عليها،
وربما تضرر بعض الإخوة الأفاضل بشغب أولئك فشغلهم هذا السؤال حتى سألوه.
مع أن حقيقة هذه الشروط أنها من جنس ما عمّت به البلوى مما يُوَقّع عليه الإنسان من تعهدات وشروط حين يستخرج جواز سفر أو رخصة تجارة أو رخصة قيادة أو ترخيص بناء بيت أو ما يلجأ إليه من تأمين إلزامي لا تُرخّص السيارة إلا به ، فكل ذلك يفعله السائل وغيره ولم يسأل عنه؛ وإنا سأل عما شغب به أولئك ؛وهو يعلم أن الناس يفعلونه كارهين ملزمين غير مختارين،وكثير من القوانين في هذه الأبواب هي من القوانين الإدارية التي لابد للناس فيها تحت أي حكم كان؛فأصل تشريعها ليس كأصل تشريع ما يضاهي حدود الله ويبطلها ويعطلها؛بل كثير من هذه التشريعات الإدارية لا بد منها لتنظيم أمور الناس وقد فرق العلماء بينها وبين التشريعات الطاغوتية؛لكن المذموم من هذه التشريعات الادارية ماكان فيه ظلم أو اشتراط لشروط ما أنزل الله به من سلطان وبعض شروطها يرجع التحاكم عند الخلاف إلى القوانين المعمول بها في الواقع. وأكثر الناس يحترم تلك الشروط لينال مطلوبه؛ ويحصل على تصريح وترخيص وموافقة على ما يسعى إليه ؛ومعنى احترامها أنه يتجنب مخالفتها تجنبا للغرامات والعقوبات المرتبة على مخالفتها وتجنبا لإلغاء التصريح له بها؛ ولولا ذلك لما تحرج من مخالفتها ؛ ولذلك نخالفها حين نأمن العقوبة فيما لا ضرر فيه على المسلمين.
وعلى كل حال فأكثر من يشارك بهذه المواقع؛ لا يكترث بهذه الشروط ؛ويوافق عليها حين تسجيله بها دون أن يقرأها أصلا ،ولو سألته عن حقيقتها وتفاصيلها ما عرفها!وربما يسجل وهو لا يجيد الانجليزية ولا يقرأ تلك الشروط فكيف يؤاخذ بها وهو لا يتصورها ولا يلتزم بها ويخالفها عند الحقائق لذلك يحذف معرفه ؛بل جل استخدام الجهاديين والدعاة لهذه المواقع مخالف لقوانينها مصنف تحت دائرة الإرهاب والإساءات للدول والحكام والشخصيات؛فكيف يحاسبون على شروطها وهم يخالفونها دوما ولذلك فمعرفاتهم هي الأكثر حذفا!
وكثير ممن يوافق عليها كما قلنا لا يقرأ تلك الشروط وكثير منهم لا يعرف اللغة الانكليزية التي كتبت بها؛فيمكن أن يوافق عليها بنية أن (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)؛ ثم لا يلتزم بها ؛ يدل على جواز ذلك ما في حديث بريرة ؛حين أمر النبي ﷺ السيدة عائشة رضي الله عنها بأن تقرّ القوم الذين أرادت شراءها منهم على شرطهم الباطل ؛ثم لا تنفذه لكونه باطلا؛وكل شرط ليس في كتاب الله أوخالفه فهو باطل ولو كان مائة شرط كما دل عليه الحديث الصحيح في القصة المشار إليها.
وهذا نصه :عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: جاءتني بَرِيرة فقالت: كاتبتُ أهلي على تسعٍ أواقٍ، في كل عام أوقية، فأعينيني.
فقلت: إن أحبُّوا أن أعدَّها لهم، ويكون ولاؤُك لي، فعلتُ؟
فذهبت بَرِيرةُ إلى أهلها، فقالت لهم، فأبَوْا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسٌ، فقالت: إني قد عرضتُ ذلك عليهم فأبَوْا إلا أن يكون الولاءُ لهم، فسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبرت عائشةُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ((خُذيها واشترطي لهم الولاء؛ فإنما الولاء لمن أعتق)). ففعلت عائشةُ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد، ما بالُ رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطلٌ وإن كان مائةَ شرط، قضاءُ الله أحقُّ، وشرطُ الله أوثقُ، وإنما الولاء لمن أعتق))
ثانيا: أنا أتكلم عن نفسي وقد يكون لغيري جواب آخر.
فأنا إن عملت حسابا فلا أعرف محتوى هذه الشروط ولا يهمني ذلك ،ولا اسعى أصلا لمعرفته ؛لأنها أيا كانت فأنا لا ألتزم بها ولا أنوِ أصلا الإلتزام بها،وأنا معلنٌ لكفري بكل القوانين الوضعية لدولة هذه البرامج ؛وغيرها من الدول ؛وشركات هذه البرامج تبع لذلك لخبثها وتواطئها مع مكافحة الجهاد(الإرهاب)، وعدم التزامنا بقوانينها وخروجنا عليها ؛هو الذي يجعلهم يحذفون حساباتنا أولا بأول ؛ونحن نتعامل معهم كعدو متواطئ مع الطواغيت،يتعاون معهم للتجسس علينا،ولذلك فلا نتحرج من التلاعب بشروطهم وتزوير الحسابات والعناوين والمعلومات التي يطلبونها ؛فمن كانت حاله حالنا هذه، ويشترك بها على هذه النية وهذه الطريقة فلا أرى عليه حرجا في ذلك إن شاء الله ؛فهو من باب الحرب خدعة ؛ومن باب استعمال ما بأيدي الكفار من سلاح وعتاد ووسائل لحربهم بها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا .
أما من يحترم قوانينها ويلتزم فعلا ويتقيد بها ،ومن يثير هذه التساؤلات وهو مشارك بهذه المواقع وينكر علينا هذا التعامل؛بالصورةالمذكورة؛فهو الذي ينبغي أن يُسأل عن حجته في الموافقة على تلك الشروط جملة ووجه تسويغه لذلك وإقراره به..
والله أعلم
_______________