السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله شيخنا يقوم بعض الإخوة بالدخول إلى بعض الخمارات وتكسير زجاجات الخمر في الشوارع، وتوزيع العصائر والمكسرات على أهل المدنية.. ما حكم تصرفهم هذا، مع العلم أن الخمارات تعود لملكية النصارى؟
الجواب: الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته هذا السؤال مكونٌ من شقين، وقبل الكلام فيهما لا بدَّ من التأكيد على أنه لا شك في تحريم الخمر، وأنها منكرٌ من المنكرات العظيمة، ولا يجوز إقرارها، وهذا محل اتفاقٍ لا إشكال فيه.
وبالرجوع إلى السؤال نقول:
الشق الأول: أموال النصارى مصونة، لا يجوز التعرض لها؛ لأنهم أعطوا الأمان، وتأمينهم يسري على أنفسهم وأموالهم، والاعتداء عليها بعد ما أمنتهم “إدارة العمليات” محرمٌ ولا يجوز، وهذا محل إجماع أهل العلم.
وقد حكاه غير واحدٍ منهم ابن حزم حيث قال: ”اتفقوا… إذا فعلوا كل ما ذكرنا، ولم يبدلوا ذلك الدين الذي صولحوا عليه بين الإسلام، فقد حُرمت دماء كل من وفَّى بذلك، وماله وأهله وظلمه”.
الشق الثاني: الخمر من الأموال التي لا يجوز للمسلم شراؤها ولا التجارة فيها، لكنها ليست كذلك بالنسبة للنصارى، فقد نص الفقهاء على إقرار النصارى على خمرهم.
قال ابن مفلح في المبدع -في ذكر واجبات الإمام تجاه أهل الذمة-: “(وَ) يَلزَمه (إِقَامَةُ الحُدُودِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ)… (دُونَ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ)؛ كشُرْب الخمر”.
بل لقد نص الفقهاء على تحريم الاعتداء عليها، وأن المسلم إذا أتلفها أثم، واختلفوا في وجوب الضمان عليه.
ولكن من المهم التنبيه هنا إلى أمور منها:
1. للخمر ونحوها من المحرمات التي يجوز للنصارى -ونحوهم- اتخاذها، شروطٌ معروفة عند أهل العلم، يُلزمون بها من قبل السلطان المسلم بمقتضى الأمان الذي بُذِل لهم.
2. التزامهم بهذه الأحكام لن يكون في يومٍ وليلة؛ لأن الأوضاع لم تستقر إلى الآن ؛ ولأنهم لم يُبَلَّغوا بهذه التفاصيل بعد.
3. التعامل مع مثل هذه الأمور لا بدَّ له من العلم والعدل، فالواجب على المجاهد ردها لأهل العلم، والجهات المخوَّلة بالتعامل مع هذه الطوائف لئلا يقع في الظلم من حيث أراد الخير والمعروف.
والله أعلم.
اللّجنة العلميّة في الإدارة العامّة للتّوجيه الشّرعي
________________
Source: Telegram
To inquire about a translation for this statement for a fee email: [email protected]