New release from Abū ‘Imād al-Shāmī: "About Ratney's Statement"

لا يتضمن بيان راتني ما ينبئ بتغير طارئ على السياسة الأمريكية في المنطقة، وليس في الموقف الأمريكي العام إشارة طارفة تدل على تحديث خططهم العملياتية المستقبلية، ولا إضمار لتوجه جديد أو تحرك مرتبط بهيمنة الهيئة على إدلب؛ إنما هو تكرار للمعزوفة الغربية وحشو لا بد لهم منه، حضر بشكل اعتيادي مع أجواء المداولات الأخيرة في الساحة، الهادفة إلى تشكيل إدارة مدنية و لمّ الصف الداخلي؛ حيث السعي الأمريكي الدائم للعرقلة والتخريب وتخويف الفصائل، منعا من انبثاق حالة ائتلافية جامعة، متنوعة الفرقاء، يمكنها فرض ثقل سياسي وحيازة قرار ذاتي مستقل.

ومن غير المستبعد أن تُتبع أمريكا بيان مبعوثها بموجة قصف إمعانًا في إرهاب الفصائل وإبعادها؛ إلا أن تحركا جذريًا مؤثرًا للإرادة الدولية و الأمريكية إزاء الوضع في إدلب ليس مطروحا أو متداولا، وهو تحرك لا يرتبط – بالدرجة الأولى – بماهية الفصائل المسيطرة، خضراء كانت أم سوداء، فالأسود لم يزل صاحب الكلمة النافذة منذ سنوات؛ لكن الأمر رهن لجدية التواثق والتوافق على خطة حل برؤية واضحة، يمكن – في الطريق إلى إنجازها – الاستغناء عن دور الهيئة والإذن بتغيير موازين القوى في حرب الشام.

فالواقع أن ما يطرح اليوم من حلول لازال في بواكير أطوار التبلور والإنضاج، يغشاه خطوٌ غير مرقوم ولا مفهوم، ولا يتراءى في آفاقه ما يؤهل لإمكانية تهديف دولي نحو ضرب آخر أقوى منطقة “معارضة” وتفكيكها؛ ونحن نرى تعثر المزاملة الروسية الأمريكية بعد اتفاق الجنوب، وكذلك الروسية التركية بعد ضياع الأستانة، وما بدا كأنه مفتاح تسوية كبرى تحول إلى هدن جزئية موضعية، محدودة وهشة، يستميت الروس لتعميمها على باقي المناطق ثم دمج خيوطها في وضع شامل؛ بيد أن الإلتزام الأمريكي يبدو خاملا متراخيا، والواضح أن الحالة المتأزمة للعلاقة مع الروس مؤخرا قد أثرت على نسج الخطة واستكمالها؛ بالإضافة إلى التحفظ الإيراني المرتاب من الدور الأمريكي، والساعي في النقض والتعطيل خوفا من تسوية تحجمه أو تبعده.

هذا الواقع دفع بالروس إلى متابعة خفض التصعيد منفردين في الغوطة و حمص، وبشكل سريع خديج، مع مؤشر هزالة تمثل بحضور مصري غريب، ووساطة لمعارضة مهمَلة صنعت في موسكو! لكن الأسى هو انخراط الكثير من الفصائل في “ردة” ثورية موصوفة، عبر الخضوع لمظلة حميميم بمنتهى الصغار والهوان والاستسلام.

بالعودة إلى إدلب؛ فسيطرة الهيئة على دفتها والقرار السياسي فيها قد أفشل كثيرا من المصائد و المكائد، ولولا أن هيأ الله تعالى لهذا الجهاد جهة أمينة على المسار والأرواح؛ لأمسى شمال سوريا كجنوبها أو أشد ذلة وتبعية وارتهانًا.. وقد وفر التخالف الأمريكي التركي فسحة يتوجب على الإخوة الحركة برشاقة في مجالها، و إيجاد هامش يمكن لتركيا المناورة فيه بأقل حرج: عبر اعتماد واجهة ثورية مدنية مرضية، تتولى إدارة المنطقة وتمثيلها و تصدر مشهدها؛ وإلا فقد تنحو الخيارات التركية منحى آخر مغايرا، في ضوء التمهيد لاستبعادهم من المشهد والتأثير، و تخوفهم من خسارة إدلب كحصة نفوذ أو توسيد أمرها إلى الروس – كما لمح راتني -.

إن الجهاد الشامي اليوم في عنق زجاجة معتمة، بين ضيق وانسداد، وصعوبة في الرؤية والتقدير والتدبير؛ إلا أن القوى المجاهدة لا زالت تملك زمام مبادرة فاعلة مؤثرة، وقد تحالفنا اللحظة في عزمة إنقاذ وإنجاء، فالرهان على الميدان لم يفقد جدواه، وأخطار المغامرة الآن خير من آثار السكون، والحرب إن طال العهد بها سيصعب على الشعب الأوبة إليها؛ ولعل الإنجاز المبدل لجغرافية السيطرة كفيل – بإذن الله – بخلط الأوراق وإطاشة سهام التآمر، و إطالة عمر الثورة والصلاح و السلاح… وفي المحرر من المقدرات والإمكانات ما يتيح هذا لو أحِسن بعثه وإنهاضه، إذ المعركة معركة وجود ومصير، والمرحلة تاريخية ستحدد معالم الشام لعشرات السنين؛ لا مجال في مثلها أن تهمل أي طاقة قادرة، أو أن يرقأ أي ينبوع يمكن توجيهه وصبه في ميزاب البذل الصحيح.

___________
Source: Telegram
To inquire about a translation for this release for a fee email: [email protected]