تزايدت أعداد المشاركين في المظاهرات المنددة بالحكومة والطبقة السياسية الأمريكية المتنفذة خاصة في الناحية الاقتصادية والتي أوصلت البلاد إلى حافة الإفلاس بعد أن كانت تشكل أكبر من ثلث الاقتصاد العالمي وحدها .
وبات الملايين مهددون بالتشرد والطرد من بيوتهم، وقرابة العشرين مليوناً من العاطلين، حتى وصل عدد الذين فقدوا وظائفهم في شهر واحد إلى 125 ألفاً!
والتعليم والتأمين الصحي والخدمات الاجتماعية المجانية في تدهور مستمر، ولا أمل في الأفق – لا القريب ولا البعيد – من خلال التصريحات والسياسات المعلنة لمسئولي الصناديق الائتمانية والمصرفية الكبرى، كما يتضح من خلال التخبط في القرارات المتخذة أو الفشل بين قطبي الحكم في أمريكا الحزبين المجرمين الجمهوري والديمقراطي في الاتفاق على أي قرار من شأنه تهدئة مخاوف المستثمرين وأصحاب الأموال، ومن ثم التراجع المستمر في أسعار البورصة والتي يعيش الملايين على أرباحهم منها، أو حل المشاكل القاتلة التي يعاني منها المجتمع الأمريكي خاصة قضيتي البطالة والتدهور السريع في مستوى المعيشة والدخل، ولذا أصبح 46 مليوناً من الأمريكيين – حسب الإحصاءات الرسمية- تحت خط الفقر، أي أن كل واحد من ستة أمريكيين أصبح فقيراً يحتاج للمساعدة لمواجهة المتطلبات اليومية؛ بل الاستمرار على قيد الحياة نفسها.
أمَّا لو بعدنا عن التقارير والإحصاءات الرسمية لوجدنا أن الأمر أصعب وأسوأ من ذلك بكثير، خاصة في أوساط الولايات التي يمثل غالبية سكانها ذوي الأصول الأفريقية ومن أمريكا اللاتينية ودول أوروبا الشرقية، وهذا بدوره يهدد بثورة شعبية عارمة في القريب العاجل – إن شاء الله-، مع الفارق في أن ثورة الربيع الأمريكية لن تكون مثل أخواتها في البلدان العربية، لوجود جيوش شبه نظامية غير حكومية، ومدرعات وأسلحة ثقيلة ومختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والخفيفة لدى غالبية أفراد المجتمع الأمريكي .
وعصابات للمخدرات مسلحة تسليحاً عالياً، ويقدر عدد أفرادها بعشرات وربما مئات الآلاف، وعوامل الانفصال والثورات في الجنوب ذوي الأصول الأفريقية واللاتينية تبشر قيادات وأعضاء الحزبين المجرمين الحاكمين واللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد بما يسوءهم .
والمصيبة الكبرى في الولايات المتحدة وبريطانيا وكثير من الدول الديمقراطية العريقة المزعومة هي خلو الساحة السياسة من أحزاب ذات قوة وشوكة وقدرة على الوصول لسدة الحكم إلا حزبين وحيدين يتبادلان الزعامة فيما يشبه الدوامة التي لا تنتهي، وبعد أن كنا نتندر بالوضع في بنگلاديش المسكينة التي يتنافس فيها حزبان بقيادة نسائية على تقلد رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة، أثبتت الأيام أن الوضع في الولايات المتحدة – خصوصاً- أقدم وأعمق وأسوأ نظراً للفارق الهائل بين الدولتين من حيث المكانة العالمية .
ومنذ الحرب العالمية الثانية وسيطرة أمريكا على الساحة العالمية مناصفة مع الاتحاد السوفيتي حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي، ثم انفردت بالصدارة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تفكك حلف وارسو، وإن لم تطل فترة ذلك الإنفراد بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وانجرار الولايات المتحدة لحربين طاحنتين خاسرتين في العراق وأفغانستان، وتفلت كثير من الدول الكبرى من قبضة الهيمنة الأمريكية، منذ ذلك الحين وحتى الآن لا يوجد إلا حزبين وحيدين في الولايات المتحدة يتناوبان الإمساك بدفة الحكم، وتسخير كل مقدرات الدولة وشعبها لرغبات وسياسات وعنتريات المجرم الذي يجلس على كرسي البيت الأبيض وأصحاب الأموال واللوبي الصهيوني، ولذا رأينا التدهور السريع المتلاحق على الوضع الداخلي والعالمي بالنسبة للولايات المتحدة خلال العقدين الأخيرين، خصوصاً العقد الماضي والذي بدأ بأحداث الحادي عشر من سبتمبر في ظل وجود أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة بل والدول العظمى على الإطلاق، وثلة من أصحاب المصانع ورؤوس الأموال الذين قدموا مصالحهم الشخصية الأنانية الضيقة على مكانة وقوة الشعب الأمريكي كله، وباعوا حاضر الأمة الأمريكية ومستقبلها بثمن بخس.
وإن كان العجب لا ينقطع من شعوب الدول (النايمة) التي تسلم قيادها لكل مارق وزنديق ومفسد يتحكمون في ثرواتها وخيراتها ومستقبل أجيالها الحاضرة والقادمة ويستمرئون ذلك، وتقتلهم الأمراض والأوبئة والكوارث والسجون والمعتقلات وهم صاغرون، فإن العجب لا ينتهي من الشعوب التي تدعي التقدم والمدنية والثقافة والحريات العامة والشخصية ومع ذلك يسيرون إلى نفس المصير البائس وعلى نفس الخطى وإن اختلفت الشعارات المرفوعة والأسباب المعلنة لهذه النهاية المأساوية، فمن كان يصدق أنه سيعاد انتخاب “جورج بوش” لفترة رئاسية ثانية في عام 2005 بعد أن كانت الحرب العراقية في أوج طحنها للجيش الأمريكي، وانهيار اقتصادي وداخلي رهيب، وخزينة تتناقص منها الأموال يوماً بعد يوم، وديون داخلية وخارجية تتصاعد بسرعة الصاروخ؟!
ومن يصدق أن “سلفيو برليسكوني” ذلك الداعر المرتشي يتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا طوال هذه الفترة والتي سبقتها؛ رغم فضائحه الجنسية والأخلاقية والمالية التي تزكم الأنوف، وأن الشعب الإيطالي سيدفع الثمن للحكومات الفاسدة المتتالية التي حكمته بالوقوف على حافة الإفلاس؟!
ونفس الكلام يقال عن كثير من رؤساء ورؤساء وزارات ووزارات كل الدول (الديمقراطية العريقة ) دون تحديد لأن القصة ستطول؟!
فيا أيها الشعب الأمريكي الغبي الذي يتناوب حكمه الفيل (رمز الضخامة الجسدية وقلة العقل) و(الحمار) رمز الغباء والاستعباد، أفلا تفيق قبل فوات الأوان وتثور على جلاديك ومستعبديك قبل أن تبلغ الحلقوم؟!
وألا أدلك على أقصر طريق للحرية الحقيقية والمساواة والعدل الكاملين بين الراعي والراعية.. إنه الإسلام: دين العدل والكرامة والإنسانية والتكافل الاجتماعي، وفوق هذا وذاك توحيد الألوهية التي تخلص من تعدد الآلهة البشرية المتشاكسة، وتعصمكم من خسران الدنيا والآخرة معاً.
_________