بسم الله الرحمن الرحيم
لم أستغرب من موقف اليهود تجاه غزة ، فهؤلاء يهود .. ولم أستغرب من موقف السيسي من غزة ، فهذا ابن اخت يهود .. ولم أستغرب من موقف الحكومات العربية من غزّة ، فهؤلاء أبناء عم اليهود .. الذي يحيرني هو موقف إيران وقردها حسن نصر اللات من غزة !! هل يعتقد هؤلاء أنه بقيت بقيّة غباء في الأمة الإسلامية تصدّق كلامهم الممانع المقاوم !!
الذي يحيرني أننا كنا نظن بأن في بعض هذه الحكومات بقية عقل بحكم الخبرة والتجربة الطويلة جداً والمملّة في السياسة ، ولكننا صُدمنا بكمّ الغباء الذي يسري في الفضاء السياسي في وقتنا !! يُنفقون على بشار والمالكي وحفتر والسيسي والحوثيين والعلمانيين مئات المليارات من أموال المسلمين التي لو أُنفق رُبع عُشرها على أصحابها (الشعوب) لكسبوهم وملكوا قلوبهم وارتاحوا واطمأنوا على الكراسي !! أنا في حيرة من أمري : هل كل هذا من باب الحقد على الدين !! ألا يكفي الحقد الدفين حتى يخاطر هؤلاء بإظهاره فيُثيروا الشعوب عليهم وهم قادرون على كسبها بأقل التكاليف !! المعادلة غاية في السهولة : انفق دولاراً تكسب مسلماً ، وانفق ملياراً تستعدي جموع المسلمين !! بل المعادلة اليوم أصبحت أقل كُلفة : لا تُنفق شيئاً على أعداء الدين ، تكسب قلوب المسلمين !! لماذا الإصرار على استعداء الشعوب بأغلى الأثمان مع امكانية كسبهم بلا مقابل !!
الذي يحيرني أن الكل يعمل لصالح البغدادي !! لا داعي للإستغراب ، فهذه حقيقة : هذا الكم الهائل من الخيانة يصب في صالح البغدادي .. وهذا الكم الهائل من الكبت والطغيان يصب في صالح البغدادي .. كل أمرأة سُجن زوجها ، وكل أمّ سُجن ابنها ، وكل ولد سُجن أباه أو سُجنت أمه ، وكل أسرةِ مقتولٍ في الحروب ، وكل فردٍ مقهور مظلوم يتمنى أن يأتي البغدادي إلى بلاده ليُذيق مَن ظَلمهُ مرارة القهر والذلّ ، الناس باتوا لا يرضون إلا بقطع الرؤوس وسحل الجثث .. كل قتل ، وكل عنفٍ ، وكل ذلّ ، وكل مهانة ، وكل سرقة ، وكل اغتصاب للثروات ، وكل تضييق على المُصلحين والدعاة ، وكل قانونٍ جائرٍ باسم محاربة الإرهاب ، وكل نشرٍ للرذيلة ، وكل طمسِ للفضيلة ، وكل عمالة وخيانة للأمة ، وكل تعاون مع العدو الصهيوني أو الصليبي أو الرافضي ، وكل تجبّر ، وكل تعسّف وتكبّر في أي بقعة من الأرض ، وكل تشريد للمسلمين واحتلال لبلادهم يجعل البغدادي يضع رجلاً على رجل ويقول لأتباعه : كُفينا التجنيد ..
لا أدري لماذا لم تجتمع قاعدة الجهاد مع الدولة الإسلامية إلى الآن !! الدين واحد ، والمنهج واحد ، والهدف واحد ، والمسار واحد ، والأساس واحد ، والقِبلة واحدة ، والعدو واحد ، والقاعدة واحدة ، والمصير واحد ، فأي شيء بقي لأي مجموعتين في العالم تجعلهما لا يلتقيان إلى الآن !! ألم تكتشف قاعدة الجهاد حقيقة بعض الجماعات في سوريا !! ألم تعِ الدولة بأن الوحدة والعمل المشترك الذي حصل في العراق أفضل من التصادم الذي حصل في سوريا !! التقى الكاثوليكي والأرثوذكسي والبروتستانتي والماروني والدرزي واليهودي والإثنا عشري والمرتد والعلماني والطاغية المدّعي للإسلام والبوذي والهندوسي والشيوعي والنصيري على حربنا في سوريا والعراق وأفغانستان !! ألَم يأنِ للظواهري والبغدادي أن يلتقيا ويعتصما بحبل الله ولا يتفرقا !! الدولة الإسلامية حقيقة واقعة ، وقاعدة الجهاد أصل المجاهدين ومنبعهم ، والتقائهما في حد ذاته فتح ، فلماذا لا تجتمع الحقيقتان لتصبح حقيقة واحدة تهتزّ لها الدنيا !! لعلي أبيّن حكماً قد يغفل عنه الجانبان : أيّ جانب يعلم يقيناً أن في اختلاف المسلمين وتنازعهم : فشلهم وذهاب ريحهم ، ثم لا يعمل جاهداً وبنيّة خالصة لجمع الكلمة ، فهو عاصٍ لله وإن قيل شيخ المجاهدين أو أمير المؤمنين ، أمة الإسلام أغلى من الجماعات والأفراد ..
الذي يحيرني أن حماس استطاعت في سنة واحدة من حكم مرسي أن تصنع وتجمع أسلحة وصواريخ فتاكة رغم وجود السيسي على رأس الإستخبارات الحربية ثم وزارة الدفاع في مصر !! كيف استطاع مرسي تسليح حماس دون معرفة ابن أخت اليهود وهو في هذه المناصب الحساسة !! الذي يحيرني أكثر أن كل هذا كان في سنة واحدة من فصيل ضعيف محاصر مُنهك !! كيف لو كانت حماس غير محاصرة ، أو كانت بمقومات دولة ، وكيف لو اجتهدت دول إسلامية كما اجتهد الإخوة في غزّة !! تُرى ما نوع الأسلحة التي تكون عندنا ؟ وكم يصمد يهود أمامها !! والذي يحيرني في حماس أنها تقاتل الصهاينة الشرقيين فقط ، في حين أن الغربيين أشد ضرراً عليها !! لو أن حماس اجتاحت مصر وقاتلت حكومتها الصهيونية فإنها تفتحها في بضع ساعات ، فجنود الكفتة والمكرونة ليسوا أكفاء القسام والجهاد ، والشعب المصري مع حماس ، وبهذا تضمن حماس فتح المعابر على مصراعيها ، وتضمن عمقاً استراتيجياً لها ، وتريح الأمة من شرور صهاينة مصر ، وباستعادة مصر تتحرر نصف الدول العربية ، بل نصف الأمة الإسلامية ..
الذي لم أستطع فهمه ومعرفته على حقيقته بعد ، هو : إصرار اليهود على إعلان الخسائر المادية على الملأ كل يوم ، فهذا ليس من عادة من يخوض حرباً مع مجموعة صغيرة مسلّحة تريد انهاكها اقتصادياً !! لماذا الإعلان عن الخسائر المليارية من جميع قطاعات الصناعة والتجارة والسياحة ؟ لمن هذه الإعلانات يا ترى ؟ من سيعوّض يهود !! نحن نعلم أن أمريكا وأوروبا منهكتان اقتصادياً !! الأمر مُحيّر فعلاً ، وهو يشبه نداءات السيسي بحاجة مصر للمليارات لمحاربة الإخوان ودعم الإقتصاد ..
مما يحيرني ويقلقني : إصرار بعض علماءنا ومثقفينا على تسمية الصهاينة : “إسرائيل” !! إسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه السلام ، ونسبة هذه العصابات اليهودية الصهيونية إلى نبي كريم من أنبياء الله تعالى إهانة له عليه السلام ، فهؤلاء ليسوا من نسله ، بل هم يهود شذاذ من شتى بقاع الأرض ، واليهودي في الغالب لا يعرف أباه ، فهم يتسمون بأسماء أمهاتهم لكثرة الزنا فيهم ، فكين ننسب هؤلاء لنبي من أنبياء الله تعالى !! كنا نقول “عصابات صهيونية” ثم “فلسطين المحتلّة” ثم “الدولة الصهيونية” ثم “الدولة العبرية” ثم “إسرائيل” بين قوسين ، ثم أزلنا القوسين وأطلقنا على بعض أراضي فلسطين المحتلة كلمة فلسطين ليثبت في عقول الأجيال أن الباقي هو ملك اليهود ، وخدعنا الأجيال “بمطالبتنا” بدولة فلسطينية (غزة والضفّة) عاصمتها القدس !!
ينبغي أن لا نحيّر هذا الجيل : ففلسطين هي فلسطين من النهر إلى البحر ، وهؤلاء اليهود المحتلين لا مكان لهم في فلسطين المسلمة !! كنا نقول “قضيّة الإسلام” ثم “قضيّة إسلامية” (نكِرة) ثم “القضية العربية” ثم “قضية عربية” (نكِرة) ثم “القضيّة الفلسطينية” ثم اختزلنا القضية في العلماني “ياسر