الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واتَّبع هُداه، وبعد:
قال الله تعالى: (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي)، وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا ، فَقَالَ: رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ، فَالنَّجَا النَّجَاءَ، فَأَطَاعَتْهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ ، فَنَجَوْا ، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمْ الْجَيْشُ ، فَاجْتَاحَهُمْ). رواه البخاري ومسلم.
حقيقةٌ يُراد لها أن تُغَّيَب وأمرٌ جللٌّ خطير يُحتِّم علينا البيان والتَّجليَة والتَّوضيح مُتعلِّقٌ بطبيعة الحرب الشعواء المُستعرة على منهج التوحيد وطُلَّاب الشريعة ببيت المقدس، نُعذِر فيها لربنا مع أعدائنا وخصومنا، وكذلك لأحلافنا وإخواننا الجهاديين في شتى الساحات والميادين، وعلى رأسهم دولة الخلافة الإسلامية أعزَّها الله، وحفظ الخليفة الحسيني وجمعني في زمرته، اللهم آمين.
إلى إخواننا على الساحة .. إلى معتقلينا في السجون وأهليهم..
إلى المطاردين وذويهم.. إلى المناصرين والمحبين وكذا إلى المُبغضين والشانئين..
وكذا لا نستثني منها “قاعدة الجهاد” بمُنظِّريها ورموزها وقادة ساحاتها بمنَاهِجَتِهَا ولا مَناهِجَتِهَا وحيادييهم..
للأمة بعامتها وعلمائها..
لحركتي “حماس” و”الجهاد” قادةً وجندًا عسكريين ودعويين وأمنيين..
لطلبة العلم والشرعيين .. للدعاة والخطباء والأئمة المخالفين والموافقين..
وكذا للأحرار والعبيد.. للتابعين والمُتبوعين..
اسمعوا واعوا وخذوها منَّا وإنّا لصادقون، فقد ذكرنا جميع المُتصارعين والمُتفارقين لأنَّ لنا معهم جميعًا وقفة بين يدي العزيز الحكيم، بعد أن نَهشت كلاليبُ الفُرقة بين الجهاديين أنفسهم، فرأينا بعضهم يصطف بصف أعدائنا لموافقتهم له في توجُّهِهِ. فحسبنا الله وكفى.
وها نحن نعيدها ونزيدها تدينًا لله وتعبُدًا، أنَّا والله لا نرى لكم سوى الخلافة جامعًا، لا نواري في ذلك ولا نداهن، ونسأل الله أن يأجرنا على اجتهادنا ويُصلح ما اعوجَّ من خلافتنا في دقائق وتفصيلات اجتهاداتها حتى تُوافق الرشاد بتمامه وكماله، ورغم ذلك كله كنا ولا زلنا نراعي حساسية الساحة فاكتفينا بإظهار ما نراه حقًا ودينًا وعدلا في موطنه وبين أهله، رغم أنه كان وما زال بوسعنا فعلُ أكثر من ذلك بفرضية تهميشنا لحساسية ساحتنا وتعقيداتها الشائكة، فإن كان ذلك مانعًا لكم من وقفة إنصافٍ بيننا وبين عدونا الظاهِرِ ضلالُه وزيغُه وانحرافه بل وولوجه أبواب الرِّدة وإناخة مطاياه بها، فإلى الله المُشتكى، وعسى الله أن يُبدِل الأمة بخيرٍ منكم وأنفع لها ولمصلحة دينها، إنَّه تعالى لا يُعجزه شيء.
وبعد هذا كله، فيا من جمعتكم عداوة أمريكا والإقرار بأنها رأس الأفعى ومكمن الداء، إليكم جميعًا حقيقة ما يدور بين حماس و بين الموحدين بغزة هاشم، نَدخُل إليها على عَجَل.
بدايةً لا يُمكن النَّظر لسياسة حماس في تعاملها مع السلفيين بغزة بمعزل عن المُتغيرات الدولية، كما لا يُمكن فهم تلك المُتغيرات الدولية بمعزل عن تفحُّصِ سياسة ترامب الأمريكي المُهيمن على هذا العالم الظالم الخانع وإدارته، وقد استقرَّ في الأذهان تركيز واهتمام ترامب المُتهوِّر في حربه على “الإرهاب”، ولا شكَّ أنَّ تصوّره للإرهاب يختلف عن تصور الجماعات المُتأسلِمة التي تُحاول تكييف فهم الإرهاب لتبرير مشاركتها في الحرب عليه، رغم أنها تعلم أن ضابط فهم ترامب للإرهاب هو المَعمول به والمطلوب المشاركة فيه، وإلا فالموصل نموذجٌ لتخويفِ كُلِّ مُتعاطف بل كُلِّ مُحايدٍ غير مُشارِكٍ بالحرب على ما يُسمى “الإرهاب” -بالفهم الأمريكي طبعًا-، وعلى هذا فإنَّ فهم ترامب للإرهاب يدخُل فيه من كُنّا ولا زلنا نُسميهم بعلماء البلاط الملكي والذين ذهبت الدولة السلولية (السعودية) لاعتقالهم بعد إمضائهم دهرًا في التَّرقيع للسلاطين، كذلك فإن المُتَلَبِّسين بثوبِ النَّصيحة جاءوا حماس عن يمينها وعن شمالها يحملون لها شفقةً ونصحًا -زعموا- وفي أحشائها السُّم الزّعاف، بدأها القطريون مُحذِّرين حماس من صعوبة الإدارة الأمريكية الحالية والتي يتزعمها ترامب وأنَّه لابد أن يكون لهم موقفًا صريحًا من محاربة الإرهاب، يدفع عنهم الشُّبهة ويُبَيِّضُ صفحَتهم أمام ترامب الهوجائي الأرعن، والذي من المُحتمل أن يُعلن حماس تنظيمًا إرهابيًا، ويُسيِّر خَدَمَهُ وعملائه من الدُّمى العربية “الحُكّام” لتدمير غزة عن بكرة أبيها كما حصل في الموصل، تَرَافق ذلك مع تحريك أوراق في مجلس الأمن بشأن حماس؛ لإشعارها بجدِّية الأمر، بل لتخويفها أكثر؛ ليحملُوها على سلوك سبيل الفُجَّار واللَّحاق بفتنةِ الدَّجال الأمريكي (فسطاط الكافرين)، ثم أكمَلَ المَهمَّة دحلان الرجيم ومن خلفِه الإمارات راعيةُ العُهر والفساد، مُتلبِّسًا ثوب النصيحة ومُحذرًا من عدم مُسايرة ومُجاراة حماس للتيَّار، خاصةً في ظل ولاية الأرعن ترامب، وتلا ذلك بعرضٍ لتقريب وجهات النظر بين حماس ونظام السيسي -حذاء أمريكا في المنطقة- على قاعدةٍ واضحةٍ، وهي تبديد مخاوف دُميَة أمريكا في المنطقة (النظام المصري)، وبدورِه يشهد بذلك عند ربِّهم الأعظم أمريكا، ببراءة ساحة حماس من (تهمة) الإرهاب ونعيد ونُكرِّر أننا نتحدث هنا عن الإرهاب بالفهم الأمريكي له، فهو الذي يُطبِّق على الأرض، ساهمت حماس عبر الواسطة القطرية في الحرب على “الإرهاب” بمجالات مُعينة شريطة أن يبقى الأمر طيَّ الكِتمان، ثُم رأت أن تُقدِّم ولاءات الطاعة والمشاركة في الحرب على الإرهاب بـ (فهم ترامب) عبر البوابة المصرية؛ لوجود ارتباطات وحاجيات أساسية لغزة مع مصر، فتكون بذلك مُشارِكةً عن طريق من يُبادلها المنفَعة ويشهَد لها بحُسن الانقياد خلف راية ترامب المرفوعة ضد “الإرهاب”، ولا يفُوتها بعض مصالحها من الجانب المصري، شرحوا ذلك لقطر فأبدت تفهُّمَها ومضت حماس تحثُّ الخُطَى سِراعًا نحو البوابة المصرية دخولًا تحت عباءة الأمريكان حقيقةً وتخندقًا في فسطاطهم، ولا زالت تُحاوِل عدم التَّوسُّع بالمشاركة فيها إلى الحد الذي لا نهاية له وتُجرِّب المُراوَغة، ولا زالت الأطماع المُقابِلة تُريد منها الزِّيادة وإلا فلن يُشهَد لها بالبراءة أمام إله الكُفر المُعظّم (أمريكا).
كلُّ هذا وحماس تُحاول أن تَحرفَ تفكير الناس عن كُلِّ تلك المتاهات, وتختلق الأسباب لاعتقال وقتل السلفيين