بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله، وصل اللّهمّ على محمد وآله وصحبه وسلّم
قال تعالى: ” وإذا جاءهم أمر من الخوف أو الأمن أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم و لولا فضل الله عليكم ورحمته لأتّبعتم الشيطان إلاّ قليلا ” النساء الآية 83 .وقال تعالى : ” لو لا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين ( النور الآية 12 .وقال تعالى: ) لو لا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ” النور الآية 16 .وقال أيضا: “ ياأيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين “ الحجرات الآية 06 .
وقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم:” إن بين يدي السّاعة سنون خدّاعات يخوّن فيها الأمين ويؤمّن فيها الخائن ويكذب فيها الصادق ويصدّق فيها الكاذب وينطق فيهم الرويبضة ,قالوا: ومن الرويبضة يا رسول الله ؟ قال:الرجل التافه يتكلم في أمر العامّة” رواه البزّار وهو في السّلسلة الصّحيحة، وقال صلّى الله عليه و سلّم: “لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين” لفظ أبي داوود، وهو في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال أبو سليمان الخطّابي بعد ذكر حديث تركنا إيراده لكلام فيه :وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظّن وأنّ ذلك إذا كان على وجه طلب السّلامة من شرِّ النّاس لم يؤثم به صاحبه ولم يُحرّج عليه .ثم قال بعد حديث أبي هريرة رضي الله عنه :هذا يروى على وجهين من الإعراب أحدهما بضّم الغين على مذهب الخبر ومعناه أنّ المؤمن الممدوح هوالكيّس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى وهو لا يفطن بذلك ولا يشعر به وقيل إنّه أراد به الحذر في الآخرة دون أمر الدنيا .
الوجه الآخر تكون الرواية بكسر الغين على مذهب النهي يقول :لا يخدعنّ المؤمن ولايؤتينّ من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر وليكن متيقظا حذرا .وهذا قد يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة معا والله أعلم (معالم السنن4|110 ، 111 ).
فإذا قال قائل:فما فائدة سوق كلام الخطابي الأوّل وهو مبني على حديث مقول فيه وقد علمنا أن ما بني على فاسد فهو فاسد ؟نقول: لأن ذاك الكلام يجامع معنى الكلام المقول في حديث أبي هريرة فيكون كما لو قيل فيه تماما، ثم نحن جئنا به لزيادة بيان فيه. قال القرطبي (وأكثر العلماء على أن الظنّ القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز وأنه لا حرج في الظنّ القبيح بمن ظاهره القبح قاله المهدوي ) تفسير القرطبي 16|332 .
أما بعد: فإن الأمّة الإسلامية محسودة من أعدائها حسدا دافعه هو العداوة الكامنة في نفوسهم يتوارثونه جيلا عن جيل وأمّة عن أمّة ذلك دأبهم وهجيراهم لشيئ حكاه القرآن الكريم في غير ما آية من ذلك قوله تعالى :”ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء” النساء الآية89 . وقوله: ” ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردّونكم من بعد إيمانكم كفّارا حسدا من عند أنفسهم” البقرة 109،و قوله: ” ما يوّد الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين أن ينّزل عليكم من خير من ربّكم و الله يختصّ برحمته من يشاء و الله ذو الفضل العظيم” البقرة آية 105،هذا في رغبتهم أن لا ينزل بالمسلمين من خير،أمّا إذا فاتهم ذلك و نفذ أمر الله تعالى فقد قال الله عزّ و جلّ: ” إن تصبكم حسنة تسؤهم و إن تصبكم مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل و يتولّوا وهم فرحون” التوبة الآية 50.ولا يخفى ما وقع بين الأنصار من الهمّ بالإقتتال حين دخل بينهم ذاك الشيطان اليهودي فأفسد ذات بينهم و حين كان الأمر على ما و صفنا و أنّهم لا يسأمون و لا يستحسرون، بل يمكرون الليل و النّهار و لا يفترون،أرشدنا الله تعالى إلى أخذ الحيطة من كيدهم ووضع لنا أسسا تنهدم أمامها كل محاولة و أرشدنا إلى رد الأمر إلى أولي الأمر وهم العلماء و الأمراء كما نصّ عليه أئمّتنا، و هذا حتى لا يشيع بين العامّة ثمّ أمرنا بحسن الظنّ حتى لا تجد الإشاعة موضعها في النفس،لأن حسن الظنّ يدفعها و يقطع دابرها، ثمّ أمرنا أن لا نتكلّم بها حتى لا تتقرّر عند النّاس و تصبح حقيقة، ثمّ أمرنا بالتبيّن و انظر إلى تلك الحكمة البالغة في بناء جماعة متماسكة كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضا لا يهزّها شيء فسبحان الذي خلق فسوّى و قدّر فهدى،فبدأ إلى رد الأمر إلى أهله،ثمّ إذا تعدّى ذلك و حاك في النفوس ثنّى بحسن الظنّ حتى لا يحمل ما جاء إلاّ على محمل حسن، ثمّ ثلّث بعدم الخوض باللّسان لأنّه يؤدي إلى زيادة إشاعته،و ربما بلغ من لا يؤمن منه،ثمّ ربّع بسلوك مسلك التثبّت إذا احتاج الأمر إلى بيان و إيضاح.
فكن على هذا أخي المجاهد تحفظ على نفسك و على جماعتك السّلامة و العافية،ثمّ ليعلم أننّا قدّمنا هذه المقدمّة و حاولنا إيقاظ الإحساس بإلحاح حتى نعرّف الإخوان بمخطط خطير يحاك لهذه الجماعة و الجهاد معاً،وهو:
بعدما حاول الطاغوت القضاء على الجهاد بالقوّة فلم يفلح،درج إلى و سيلة أخرى و هي الهدنة فعاشت من الزمان ثلاث سنوات و لكن لم تؤت أكلها كما حسب لها الطاغوت،فظلّت حصونه تندكّ تحت ضربات الأشاوس كثّر الله بذرتهم و أعلى في الصالحين مقامهم،ثمّ لجأ بعدها إلى الوئام فقد كان يظنّ أنّها الصفقة الرابحة فكانت خاسرة،ولله الحمد من قبل و من بعد،و لمّا أعياه هذا كلّه و ظنّ أن لا ملجأ و لا منجى من الإسلام إلاّ إليه و علم أنّ المسلمين لا تستطيع ضربهم إلاّ أيدي إسلاميّة،إتخذ بعض السذّج من الذين أرادوا إن أرادوا للإسلام أن يقوم على صور لا معاني لها،إتخذهم و سيلة لإقعاد الناس عن الجهاد و هو يعدهم و يمنّيهم.
زعموا بفتح باب الدعوة و تسهيل السبل إليها،على أن يقنعوا الناس على ترك الجهاد،و هذه خدعة أخطر ممّا سبق فإن كثيرا من المغفّلين تصغى أفئدتهم لها ، باعتبارها جاءت من أناس منسوبين إلى العلم و الدعوة و لكن ليت شعري لماذا هؤلاء ينخدعون بهذه السهولة أو ما يعرفون أن أعداء الله لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون؟أم هي الأهواء؟ بلى.
هذا و قد انجرّ من وراء هذا المخطط الذي يقوده العمّاري إسماعيل رئيس المخابرات و هو برتبة لواء،إستطاع حتى الوصول إلى بعض العلماء في الحجاز و أقنعهم و إن شئت فقل عرض عليهم التحاكم إلى الكتاب و السنّة و هذا مكر لا يتفطن له إلا من مارس الحديد مع هؤلاء الكفرة و نحن نعلم علم اليقين أن أمثالهم لا يعبؤون بمن لجؤوا إليهم لوما أن بلغ السيف منهم المقاتل، لكن العيب فيمن يحسن الظنّ بالأعداء و يسيئه بإخوانه، فاللّهمّ رحمتك و سترك.
و ممّا ينبغي أن يعلم أن الهدف الأوحد الذي يسعى إليه هذا المخطط هو التوصّل إلى إيقاف الجهاد، تحت تلك الإغراءات التي ذكرناها سابقاً،و هذه دغدغة كما هو معلوم تتفاعل معها عواطف أولئك النوّم و يظنّون أنّهم على شيء لكن هيهات هيهات لما توعدون.
و بعد هذا البيان ندعوا إخواننا في المناطق أن يقفوا في وجه هذا المخطّط و يحذروا من غائلته و أن يبطلوا مفعوله بالوسائل الآتية:
– تعزيز الإتّصال بإمارة الجماعة و إطلاعها بكل المستجدّات .
– التعامل مع إمارة الجماعة بالطرق الرسميّة و عدم اعتبار أي طريق مهما كان.
– منع أي شيء يخالف مبادئ الجماعة و أهدافها و مراقبة ما يتداول بين المجاهدين من أشرطة و رسائل .
– لا يقبل من أي أحد يدّعي تفويضه في أي مجال …من طرف الجماعة إلاّ بوثيقة رسميّة مختومة بخاتم أمير الجماعة.
– عدم اعتبار أي إشاعة يبثها الإعلام الصوتي أو المقروء ما لم تؤكدها الجماعة ببيان رسمي.
قال تعالى : “إنّ الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنّهم بنيان مرصوص” الصف آية 04.
حرر بتاريخ :23جمادى الثانية1421هـ
أمير الجماعة السّلفيّة للدعوة و القتال
أبو حمزة حسان حطّاب