بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، أما بعد. جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: “سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة”. ولم تسلم الساحة الجهادية من تسلق الرويبضات وممن يصح فيهم حديث (إذا لم تستح فاصنع ما شئت). وهذا لأنها ساحة تمحيص وتدافع وامتحان شديد للتمييز. أرد في هذه السطور على ما وصف بـ”النصيحة” وما هي إلا “نصيحة الغش” للمجاهدين في فروع القاعدة، من أبي مارية القحطاني، من قيادات هيئة تحرير الشام، سيرته عليها علامات استفهام كثيرة وكمّ من المظالم والسقطات التي لا تخفى على متابع، ومع ذلك حسب نفسه صاحب الفضل والبصيرة فاعتلى منبر النصح ليدعو المجاهدين لنكث بيعة القاعدة. ولست هنا لأبرز درجة الاستهانة التي وصل لها القوم بازدراء البيعات وتحقيرها، ولا درجة تهميشهم لمعاني الولاء والوفاء ومروءة الرجال التي رسمت بالدماء والمهج طريق الجهاد، من جبال أفغانستان إلى كل زاوية في الأرض، فبارك الله السعي وأقيمت إمارات إسلامية يعرف العدو قبل الصديق مكانتها وصلابتها. إنما لأكشف بعض الحقائق للقارئ الكريم. يقول الناصح الغافل: “نصيحتي لأفرع القاعدة حل تنظيم القاعدة وسحب الذريعة على الدول التي باتت تجعل القاعدة شماعة”. وهو كلام أكل عليه الدهر وشرب نسمعه منذ عقود! لا يزال مهترئًا ولا يزال تمكين القاعدة يتمدد ويقوى!. ثم يحشد لتبرير هذا النكث للبيعة بما يدعيه من أن الشيخ سيف العدل لا يجوز له تولي قيادة القاعدة، وكأنك حين تسمع كلام الرجل تظن أن القاعدة لديها مجلس شورى يستضيفه ويسمع اقتراحاته ويستشيره، وقد أعلمه بقراراته، فيخرج علينا بهذا التفكير السطحي ويملي علينا ما تجتره المواقع الصحفية الغربية وأذيالها العربية من خليفة الشيخ الظواهري! كحال من يجلس على عتبات الصحافة يلتقط منها المعلومة الهشة فيسارع للمحاججة بها! ويتحدث بثقة كاملة وكأن التنظيم فاقد للأهلية والعقل وبحاجة لتوجيه القائد المتسلق! ونسي أنه في الأخير ليس إلا حسنة من حسنات القاعدة التي هي مدرسة الجهاد العريقة، وليست بحاجة لتوجيهات رجل غرته نفسه في مساحة تمكين محدود قابلة للتلاشي في أي وقت! مع أنه لم يصدر بعد ما يؤكد استشهاد أمير القاعدة ولم يظهر بعد قرار القيادة في هذه القضية, ولكنه حب التصدر ببضاعة مزجاة. ولن أطيل في الرد على ما كتبه بجهل وافتراء على القاعدة فحال المتحدث معلوم لأهل العلم والفضيلة، وسأكتفي بتسليط الضوء على عبارة هي المفتاح في كل ما قاله ودفعه للظهور بحجة نصيحة أفرع القاعدة: وهي فاصلة بين منهجين، منهج القاعدة الممتد الثابت، ومنهج جماعته المحدث البراغماتي، يقول القائد العراقي في الشام:” الأمة الإسلامية بحاجة للتكاتف والتحالف ضد الإحتلال الإيراني الذي يسيطر على عدة عواصم عربية مسلمة ويهدد أخرى والسعي على إيجاد تحالفات إقليمية مع الدول المجاورة لليمن لكسر شوكة إيران وطرد إذرعهم ودفع شرهم من المنطقة”. وركز معي أيها القارئ عند عبارة “السعي على إيجاد تحالفات إقليمية مع الدول المجاورة لليمن”، فالرجل يريد استنساخ تجربة جماعته مع تركيا على ما فيها من دخن وانتقادات ولا تزال في الامتحان لم تحقق أهدافها، يريد من جميع جماعات القاعدة أن تنقض غزلها وتلجأ لدول الجوار تستجدي المساعدة! وأهل اليمن عرفوا القاعدة ورأوا تمكينها بل لا يوجد جماعة جهادية كان لها السبق في إنجاح الاندماج مع الشعب ومؤسساته وأظهرت براعة في ذلك قبل أنصار الشريعة في اليمن، وكل ما تراه اليوم من اجتهادات جماعة الهيئة في إدلب ليست إلا بناء على ما استفادوه من تجربة أنصار الشريعة أثناء تمكنهم ومن ينكر ذلك ليس إلا ناكرًا للجميل، وللأسف لو أنني وجدت في رسالته بعض العلم وبعض البصيرة وبعض الصدق، لما تركت كل أشغالي لأرد عليه بهذه السطور، التي والله أعجب كيف يقف الرجل بلا حياء ويطلب من أهل الثغور التحالف مع دول الطواغيت ومنظوماتهم المحاربة لدين الله، وكأنه يقول باختصار تنازلوا عن البيعة للقاعدة ثم تنازلوا للطواغيت، ثم لا بأس من نزع العمامة وإظهار الزي الحديث لكسب مودة الكافرين! وبتعبير آخر انكثوا بيعة القاعدة واعقدوا بيعة مع الطواغيت! كل هذا بحجة خدمة المسلمين، فماذا تركتم للإخوان ولجماعات الإسلام السياسي! إن كنت بالفعل تريد صلاح الأمة ومصلحة الأمة فلست أغير من أهل الجهاد في اليمن وغيرها من فروع القاعدة وهم أدرى بشعابها، وهم في ساحة الجهاد قبل أن تدخلها، وأقاموا راية التوحيد فيها وهم أمراء أمرائك، فاحفظ أقدار الرجال وتعلم الحديث بأدب معهم، أم هو كما قال الشاعر، أعلمه الرماية كلَّ يومٍ ولمَّا اسْتَدَّ ساعده رماني
______________
Source: Telegram
To inquire about a translation for this release for a fee email: [email protected]