يحاول الكثيرون التعلق بأمل العلاقة الجيدة بين الإمارة الإسلامية في أفغانستان بقيادة طالبان وبين تركيا، والأمل ما زال موجوداً، لأن النفَس السني سريع النسيان ومتسامح، والخطاب الديني المصنوع من خلال وحدة التاريخ يقرب كثيراً من وجهات النظر، ويدعو للتسامح والنسيان، بخلاف النفس الأوروبي النصراني، ويشهد لهذا ما انتشر من صور مواجهة نفس حاقدة مصنوعة تاريخياً بين انجلترا وإيطاليا
النَفس السني متسامح ينسى بسرعة، وهو شيء حسن في بعض جوانبه، لكن أن لا يصل لمخالفة قوله صلى الله عليه وسلم: لا يلدع المؤمن من جحر واحد مرتين، ولذلك فإمكانية التقارب التركي الطالباني ليس بعيداً، حتى بعد هذه المواجهة الطالبانية ضد الموقف التركي الذي لم يحترمها، ولم يرد أن يدخل البيت من بابه الطالباني، وهو الباب الشرعي القادم وتحاوله طالبان بقوة.
لكن السؤال: لماذا هذا الإحتقار التركي لطالبان؟ولماذا الإبتعاد عن إمارة تبدو منتصرة في إقرار حكمها لأغلب أفغانستان، والإصرار على التعامل وكأنها غير موجودة؟
ما أكتبه قراءة سريعة، ولكن الموقف التركي من طالبان ليس جديداً، وإغلاق باب التعامل معها أو الإتصال بها موقف قديم، ولذلك قد يبعد هذا تفسير المناورة المتفق عليه بينهما، ليبدو المشهد مغايراً عما يمكن أن يكون مستقبلاً.
أنا أستبعد تفسير المناورة المتفق عليها، والحقيقة أن تركيا في مأزق من شقين: شق يتعلق بقراءتها للمستقبل، وشق يتعلق بقوميتها، وهناك أمر آخر أؤجل الحديث عنه.
ما يتعلق بقراءة المستقبل، فإني أعتقد أن تركيا تظن أن سيطرة طالبان على أغلب أفغانستان مشكوك فيه، وعليه موانع كثيرة، وتصريحات قادة القوات الأمريكية في كل لحظة وإلى هذا اليوم تطمئن حلفاءها أن الحكومة العميلة ستصمد كثيراً أمام طالبان.
أمريكا خرجت وقد تركت ألف مشكلة هناك، بنيت من خلال الأعراق خاصة والرؤية السياسية بعد ذلك، ولذلك فقنابل التفجير جاهزة للعمل ضد طالبان، ومن كل الجهات، وكون تركيا ضمن الحلف الأمريكي عند غزو أفغانستان فهي تعيش التصور الأمريكي في هذا الباب.
لا يبعد عودة طالبان كحالة داخلية ترهق الجميع وتستنزفه، وتشغل طالبان تماماً، حتى يتهيأ موقف آخر.
أظن أن تركيا انحازت للفتنة ضد طالبان بقراءتها الغربية لما سيأتي.
أما الشق الآخر لتفسير الموقف، ومحاولة فهمه، فأظن أن عرقها التركي مع الأوزبكي في الشمال هو من سيحكم الحالة التركية، حتى لو كان التقويم للمستقبل خلاف ما تقدم، فهي تريد لقوميتها مكانا أكثر حضوراً مما تعطيه طالبان، وهذا يعني انحياز لخصوم طالبان، إما بوضع ما هي عليه في صف خصومها، وإما استخدام موقعها للضغط على طالبان لتحقيق قسمة أفغانستان بين قوميتها وطالبان.
يعني هذا أن العرق التركي غلب وانتصر، وبعد العرق يأتي المذهب وغير ذلك.
هناك قضية أخرى أشمل من الذي تقدم، وهو اضطراب الموقف التركي، وتردده، وضياع بوصلته مع القضايا، فهو يحسن حيناً، ويفسد أحياناً، يعيش ألف خوف، وهذا يعطله، ويفسد عليه مواقفه، ويمكن تسمية هذا الأمر بالخوف التركي.
حالة الخوف من قوى تصنع داخلها تتفجر كانقلابات وتغير مزاج شعبي.
حالة خوف رأس المال، فتركيا يغلب عليها موقف التاجر لا العقدي، ولذلك تنتكس كثيراً.
حالة خوف من (الحلفاء الإسلاميين) كما يسمون، فتاريخ المتحالف معهم غير ناجحة، ولذلك أنتم ترونهم أي تركيا عادوا لمغازلة السيسي وغيره، ويصنع هذا كل ما تقدم ومعه خيبة الحلفاء السياسيين الإسلاميين، فهم لا يداوون جرحاً ولا يقيمون حقائقا، إذ بمجرد مصيبة واحدة يتحولون للمنافع الشخصية والتجميع المنفعي، صغاراً، لا يعادلون ما تحتاجه المرحلة، فتركيا تخاف السياسيين الإسلاميين بما تراه منهم من تصرفات ومواقف، ولذلك بدأت الهجرة نحو جهة أخرى.
قبل أن تعود تركيا لمغازلة السيسي فعلها قادة التنظيم الدولي ،داعين لنسيان الأحقاد والدماء كذلك،فهل هؤلاء يشد بهم الظهر كما يقولون.
لعل هذه الكلمات مدرج دردشة لا أكثر، فلا تأخذها أكثر من ذلك .
__________________
Source: Telegram
To inquire about a translation for this release for a fee email: [email protected]