بسم الله الرحمن الرحيم
ليس العجيب أن تنجر تركيا إلى هذه الحرب بعد خسارة حزب أردوغان في الانتخابات وعدم حصوله على الأغلبية التي تمكنه من التفرّد بالسلطة ، وبعد الضغط الأمريكي لسنوات ، وتهديدها له بالأكراد ، فهذا كان متوقعاً ، وقد ذكرناه في مقالة سابقة ، ولكن الغريب أن تصدر الفتاوى من أناس – نحسبهم على خير – يقولون بجواز الدخول تحت الراية التركية لقتال الدولة الإسلامية بحجج واهية ضعيفة تحكي قِصر النظر وقلّة الصبر والجهل بالمآل !!
لو سألك سائل : ما معنى قولهم “ومن المعضلات توضيح الواضحات” ، فإنها هذه المسألة !! إذا كان “الحكم على الشيء فرع عن تصوره” ، فلنتصور المسألة لنعلم حقيقة هذه الفتوى المضحكة المُخجلة :
عندنا دولة تُعلن إسلامها وقادة يُعلنون إسلامهم ويقودون جيشاً يُعلن إسلامه يُقاتل النُّصيرية والنصارى والرافضة والملاحدة دفاعاً عن المسلمين ، وفي المقابل : رئيس يُعلن إيمانه بالمبادئ العلمانية ويعلن علمانية حكومته ويقود جيشاً يُعلن علمانيته وإلحاده وعبوديته لأتاتورك الذي أحل لهم الحرام وحرّم عليهم الحلال فأطاعوه !! لو عندك طفل مسلم يعقل ، اسأله : جيش يعبد أتاتورك ، وجيش يعبد الله ، مع من تكون ؟ إذا كان الطفل الصغير – الذي لم يتجاوز الخامسة – يعرف بفطرته حقيقة هذه المسألة ، فما بال البعض يفسد على المسلمين دينهم !!
العلمانية لمن لا يعرفها : هي “إقامة الحياة بعيداً عن الدين ، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة” (مذاهب فكرية معاصرة لمحمد قطب) ، والمعنى الصحيح “للعلمانية” من ترجمتها اللاتينية والانجليزية والفرنسية هي “اللادينية” ، وإنما تُرجمت عندنا بـ “العلمانية” حتى تكون أخف وطئاً على مسامع المسلمين .. قال الشيخ سفر الحوالي : “والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو “فصل الدين عن الدولة” وهو في الحقيقة لا يعطي المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة ، ولو قيل : إنها فصل الدين عن الحياة لكان أصوب ، ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية : إقامة الحياة على غير الدين ، سواء بالنسبة للأمة أو للفرد” (العلمانية) ، وقال : “إن العلمانية تعني – بداهة – الحكم بغير ما أنزل الله ، فهذا هو معنى قيام الحياة على غير الدين ، ومن ثم فهي -بالبديهة أيضاً- نظام جاهلي لا مكان لمعتقده في دائرة الإسلام ، بل هو كافر بنص القرآن الكريم : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة : 44)” (نقلاً عن كتابه : “العلمانية”) وكتاب العلمانية للشيخ سفر – شفاه الله – أجمع وأفضل كتاب كُتب باللغة العربية في هذه النظرية الكفرية الخبيثة ، فليطالع الكتاب من يشك في كفر معتنق العلمانية ، خاصة الفصل الأخير تحت عنوان “حكم العلمانية في الإسلام” (ص 669) ..
فليعلم كل من يحمل السلاح بأن الجهاد لا يكون إلا “ضد الكفار غير المعاهدين ، ولإعلاء كلمة الله” ، فقتال الدولة الإسلامية ليس جهاداً ، والدخول تحت راية علمانية أتاتوركية كافرة ملحدة تأتمر بأمر الصليبيين : ردّة وخروج عن الملة اتفاقاً ، فالمسألة ليست خلافية ، ولا تحتمل الخلاف ، ولا يُتصوَّر فيها الخلاف لمن علم الحال وعلم أقوال علماء السلف في مثل هذه المسألة : قال ابن حزم رحمه الله : “صَّح أن قوله تعالى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار ، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين” ( المحلى : ج11) ، وقال الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي رحمه الله : “أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يُعتدّ بقوله من علماء الأمة قديما وحديثا” ، وقال الشيخ علي الخضير : “أما مسألة مظاهرة الكفار فأعظم من بحثها هم أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله واعتبروا ذلك من الكفر والنفاق والردة والخروج عن الملة ، وهذا هو الحق ، ويدل عليه : الكتاب ، والسنة ، والإجماع” ، وقال الشيخ عبد العزيز بن باز : “وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ مَن ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم” (مجموع الفتاوى : ج1) ، فانظر قول الشيخ ابن باز “بأي نوع من أنواع المساعدة” ، وقارنه بمن يريدون من المجاهدين سفك دماء إخوانهم لصالح الصليبيين !!
البعض بلغ من الكذب مكاناً ومن الجهل مبلغاً فقال بأن هذه النازلة من باب “الاستعانة بالكفار” ، وهذا من أعظم الجهل ، فليست نازلتنا هذه من “مسألة الإستعانة” بشيء لأن الراية ليست للمسلمين ، بل الراية صليبية ، والصليبيون هم من يستعينون بالحمقى والمغفلين من أبناء المسلمين وغيرهم ليقاتلوا دونهم ، فأمريكا هي التي استعانت بالرافضة والأكراد الملاحدة والعرب والأتراك ليقاتلوا الدولة الإسلامية ، فالقيادة أمريكية ، والقول قول أمريكا ، والحرب حربها ، والجميع تبع لها ، والأمر لها ، فكيف تكون المسألة استعانة !! أمريكا أرادت تقليل خسائرها في الأرواح فقدّم هؤلاء جنودهم قرابين لها كما كان الكفار يقدّمون القرابين لهُبل .. هل يجهل أحد على وجه الأرض أن أمريكا هي قائدة هذا التحالف الصليبي ضد المجاهدين !! هل يجهل أحد على وجه الأرض أن أمريكا هي التي أقامت هذا التحالف الصليبي !! تحالف صليبي أنشأته دولة صليبية تقوده لحرب المسلمين ، كيف تكون مسألة استعانة !!
إن تفلسف أحدهم وقال بأن تركيا دولة مسلمة ، فنقول : رئيسها يعلن إيمانه بالمبادئ العلمانية ، وحكومتها تُعلن العلمانية ، وجيشها يُعلن حراسته للعلمانية الأتاتوركية ، وقد سُئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف عن دولة الخلافة العثمانية فقال : “من لم يعرف كفر الدولة ، ولم يفرّق بينهم وبين البغاة من المسلمين لم يعرف معنى لا إله إلا الله ، فإن اعتقد مع ذلك أن الدولة مسلمون ، فهو أشد وأعظم ، وهذا هو الشك في كفر من كفر بالله وأشرك به ؛ ومن جرّهم وأعانهم على المسلمين بأي إعانة فهي ردة صريحة” (الدرر السنية 10/429) ، هذا في زمن الخلافة ، والأتراك كانوا يُعلنون الإسلام آن ذاك مع وقوعهم في بعض الشركيات ، فكيف بالجيش الذي يُعلن علمانيته وأتاتوركيته مع بقاء الشركيات التي كفّرهم من أجلها العلماء !!
قد يقول البعض : أردوغان له مواقف محمودة في نصرة بعض قضايا الأمة ، فنقول : “أبو طالب بن عبد المطّلب” كانت له مواقف أعظم بكثير في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما لم يُعلن إسلامه وأعلن بقائه على دين عبد المطلب : كان في النار مع الكفار .. أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبناءه من خيرة الصحابة قاتلوا دون النبي صلى الله عليه وسلم .. لم يقاتل أبو طالب المسلمين بجيوشه في أفغانستان ، ولم يعلن الحرب عليهم في العراق والشام ، ولم يُسلِم المسلمين لقريش كما يفعل الأتراك من القبض على المجاهدين وتسليمهم ، بل حُوصر وأوذي معهم ونافح عنهم ووقف في وجه قريش من أجلهم ، كل هذه المواقف العظيمة لم تشفع له لأنه أعلن بقاءه على دين عبد المطّلب ، وأردوغان يُعلن بقاءه على دين ابن اليهودية أتاتورك العلماني الكافر الملحد المحارب للدين ، أردوغان دافع عن الإخوان ، وأبو طالب دافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة .. نحن نحكم عليه من خلال إعلانه وتصريحه ، وإن كانت له سريرة فبينه وبين ربّه ، لنا الظاهر ، ولم يكلفنا الله البحث في السرائر ..
إن قيل بأنه يقول “لا إله إلا الله محمداً رسول الله” فهذا لا ينفعه وإعلانه الإيمان بمبادئ العلمانية وحكمه بها ، فـ “لا إله إلا الله” أوّلها نفي ثم يليه الإثبات ، فلا يكون مسلماً حتى ينفي عن نفسه عبودية غير الله تعالى ، قال سبحانه {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (البقرة : 256) ، فالكفر بالطاغوت – أياً كان – مقدّم على دعوى الإيمان ، لأن الإيمان لا يُتصوّر مع الشرك ، قال تعالى {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (النساء : 48) ، وقال تعالى {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} (النساء : 116) ، فالشرك أعظم ذنب يقع فيه الإنسان ، ولا يمكن أن يكون الإنسان مشركاً ومسلماً في نفس الوقت وإن ادعى الإسلام وقال لا إله إلا الله وصلّى وصام ..
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – في نقد القومية العربية : “ كل دولة لا تحكم بشرع الله ، ولا تنصاع لحكم الله ، ولا ترضاه فهي دولة جاهلية كافرة ظالمة فاسقة بنص هذه الآيات المحكمات ، يجب على أهل الإسلام بغضها ومعاداتها في الله ، وتحرم عليهم مودتها وموالاتها حتى تؤمن بالله وحده ، وتحكّم شريعته ، وترضى بذلك لها وعليها” ، وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى : “معلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتّفاق جميع المسلمين أنّ من سوّغ اتّباع غير دين الإسلام أو اتّباع شريعة غير شريعة محمّد صلى الله عليه وسلم فهو كافر” (مجموع الفتاوى : ج28) ، الأمر هنا تعدى “التسويغ” إلى الإعلان والتفاخر بالعلمانية الكفرية والحكم بقوانين الدول الكافرة والدخول في دين أتاتورك وعبادته ، فما هو الموقف الشرعي من دولة تتفاخر بالعلمانية وتتخذ ابن اليهودية “أتاتورك” إلهاً من دون الله تعالى ؟ هل يجوز قتال المجاهدين تحت راية هذه الدولة التي دخلت في الحلف الصليبي الأمريكي !! ابن تيمية يقول بأن كفر الدولة التي لا تحكم بما أنزل الله “معلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين” ، وكلامه عن “التسويغ” فقط وليس مباشرة الحكم وإعلان الكفر الصريح والتفاخر به ، فكيف اذا اجتمع مع هذا : تولي النصارى ومظاهرتهم على المسلمين !!
قد يقول قائل بأنه جندي في جماعة ، وهذه الجماعة قررت القتال تحت الراية العلمانية الأتاتوركية الموالية للصليب ، وأنه لا يسعه مخالفتها ، فنقول لهم ما قال ابن تيمية في فتوى ماردين المشهورة : “ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرّمة عليهم ويجب عليهم الامتناع من ذلك بأي طريق أمكنهم : مِن تغيّب أو تعريض أو مصانعة ؛ فإذا لم يمكن إلا بالهجرة : تعيّنت” (انتهى) ، فإذا لم يمكن للجندي المقاتل التغيب أو التعريض أو المصانعة أو التخلف بأي طريقة : وجب عليه هجر هذه الجماعة وتركها والانضمام إلى جماعة لا تدخل تحت راية كفرية تقاتل أهل الإسلام ، وكذلك الجنود في الدول الإسلامية الذين يُناط بهم قتال المسلمين ، فهؤلاء يجب أن يعصوا هذه الأوامر ، أو يتركوا هذه الجيوش حتى لو أدى ذلك لضررهم ، لأنه لا يجوز لهم الإضرار بالمسلمين من أجل سلامتهم ..
بعض من أفتى بهذه الفتوى كان يُثني على “أردوغان” لسنوات لأنه لم ينجرّ للحرب الصليبية في العراق والشام ، وأنه استطاع النأي بنفسه عن تحقيق مصالح أمريكا الصليبية في الشام والعراق بدبلوماسية ورجاحة عقل !! الكل كان يعلم – وبعض هؤلاء العلماء صرّحوا – بأن أمريكا تريد جر أردوغان إلى هذه الحرب لتدمّر تركيا وتُنقذ بشار ، وأن أمريكا استخدمت جميع وسائل الضغط لتُجبر أردوغان على الدخول في هذه الحرب لكنه نأى بنفسه عنها لمصلحة تركيا فاستحق الثناء والإشادة !! ما الذي تغيّر !!
كلنا يعلم بأن مصدر هذه الفتوى هو الشيخ الفقيه العلّامة “جون كيري” وزير خارجية أمريكا أهلكه وأهلكها الله ، هو الذي أصدر هذه الفتوى التي يدور بها في بلاد الإسلام ليبصم عليها البعض من حيث يدري أو لا يدري !! المصيبة أنهم كانوا على حق عندما قالوا بأن أمريكا تريد تدمير تركيا بجرها لهذه الحرب .. ستخسر تركيا ، وسيخسر أردوغان كل شيء صنعه في العقدين الماضيين إن هو حارب الدولة الإسلامية التي لم تستطع أمريكا وأوروبا والصين وروسيا والدول العربية وإيران ورافضة العالم والنصيرية وملاحدة الأكراد مجتمعون هزيمتها (ذلك أنها تمكّنت فأقامت الصلاة وآتت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر ، فنصرت الدين ، ولو أنها غيّرت وبدّلت لهُزمت) .. ستتفتت تركيا إلى دويلات ، وسينقضّ ملاحدة الأكراد على جنوب البلاد ، وسيتقوى العلمانيون بجيشهم الملحد ، والخاسر الوحيد هو أردوغان وحزبه ومن أفتاه بمثل هذا دون وعي أو إدراك ..
لعلنا نُعيد بيان المسألة الواضحة البيّنة ليعي من بقي في قلبه ذرّة عقل أو إيمان : جيشٌ مسلمٌ موحّد مجاهد ، وجيشٌ علماني ملحدٌ مشرك يعبد ابن اليهودية أتاتورك (والكلام عن الراية الظاهرة المُعلنة ، وليس عن الأعيان) ، والضغط أمريكي ، والفتوى من جون كيري ، فمن قاتل جيشاً مسلماً تحت إمرة جيشٍ ملحدٍ يأتمر بأمر الصليبيين : فليلبس الصليب ، وليأكل الخنزير ، وليسجد للأصنام ، فما هو بمسلم ، ما هو بمسلم ..
المعادلة بسيطة : {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء : 76) ، الطاغوت هو من تولى الصليبيين وظاهرهم على قتال المسلمين ولم يحكم بشرع رب العالمين وأعلن اختيار الكفر العلماني والشرك الأتاتوركي ، أما الذين آمنوا فيقاتِلون الطواغيت في سبيل الله ويحكّمون شرع الله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. الله أمر بقتال أولياء الشيطان ، والمرء حسيب نفسه ..
إعادة المسألة من الضرورة بمكان لأن هذه الفتاوى موجّهة لإخواننا المجاهدين في الشام : فهؤلاء يعملون على إفساد جهادهم لمصالحهم الشخصية أو لإشباع نزواتهم العدائية للدولة الإسلامية ، أو لإرضاء البشر على حساب خسارة المجاهد دينه وحياته وآخرته !!
لم يكفِ الأمة أن يحاربها اليهود والنصارى والملاحدة والرافضة والهندوس والبوذيون والمجوس والنصيرية والدروز والمرتدون من الحكام والمرتدون من العلمانيين والشيوعيين واليساريين والعقلانيين والليبراليين ومن على شاكلتهم حتى جاءنا أصحاب اللحى والعمائم والبشوت و”المناصب الدينية” ليحاربوا الأمة من فوق المنابر وفي الفضائيات والبرامج الاجتماعية والشبكة العالمية باسم الدين ومحاربة الإرهاب والخارجية والتطرّف !! عندما كنا نقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “يوشك أن تداعى عليكم الأمم” (أبو داود وصححه الألباني) كان عقلنا ينصرف إلى أمم اليهود والنصارى وأهل الأوثان ، أما الآن فإننا نرى رأي العين حرب هؤلاء على الإسلام وتداعيهم على أهل الجهاد ومظاهرتهم لأعداء الملّة ، وبتنا نتسائل : من أي أمة هؤلاء !!
هذه الفتاوى هي تمهيد لما هو آت : فالقوم يريدون تثبيت النصيرية في الشام ، والاتفاق مع بشار على قتال المجاهدين ، ويريدون اشغال المجاهدين ببعضهم البعض فيسلم عدو الله ومن معه بعد أن اقترب جند الله من معاقل النصيرية ، وهذا ما حصل في أفغانستان عندما اقترب النصر فأعمل الأعداء مكرهم ليفرقوا بين المجاهدين ، وحصل الاقتتال الداخلي ، وضاع جهاد الأمة ، فالأعداء يريدون إعادة الكرّة في الشام ليختاروا من شاؤوا لحكم البلاد فيُسخّر لهم العباد ، وما حصل في مصر واليمن وليبيا وتونس ليس ببعيد ، فأين عقل العقلاء ، وفراسة أهل الإيمان النجباء !! الكفر يجر مثله : فمن قاتل اليوم تحت الراية العلمانية فسيجد نفسه غداً يقاتل تحت الراية الصليبية أو النصيرية أو الرافضية ، وتبريره أنه قاتل تحت راية علمانية كفرية ، والكفر ملّة واحدة ، فلا فرق بين هذه الرايات ، وبهذا يضيع الدين ويتحقق مراد أعداءه ..
نكرر لأهمية الأمر : لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدخل تحت الراية الصليبية لقتال المسلمين .. لا يجوز لمن يُؤمن بالله واليوم الآخر الدخول تحت الراية التركية العلمانية الأتاتوركية لقتال المسلمين .. لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفتي المسلمين بجواز مظاهرة الصليبيين والعلمانيين الكفار على المسلمين .. كل هذا مُجمع عليه بين علماء المسلمين لا نعلم فيه خلافاً البتّة .. الكلام هنا عن راية صليبية كافرة تقاتل دولة إسلامية مجاهدة ، فمن دخل تحت الراية الصليبية فهو صليبي مثلهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة : 51) ، ومن دخل تحت الراية العلمانية الأتاتوركية لقتال المسلمين فهو علماني أتاتوركي ملحد بمفهوم الآية كما قرر بعض أهل التفسير ، فلا حجّة لأحد بالدخول تحت هذه الراية لقتال المسلمين ، وسيسأل الله عز وجل من أفتى الشباب بهذا الكفر الصراح والردّة الظاهرة يوم تميّز نار جهنّم من الغيظ ، فليُعدّوا لله جواباً ..
نسأل الله أن يرد كل مكر وكيد عن الممسلمين ، وأن يحفظ المجاهدين من كل غدر ، وأن يهدي المقاتلين في كل مكان إلى الحق ، وأن يكف عنهم شر كل مخذّل ومرجف ، ، وأن يمكّن المجاهدين من رقاب أعداء الدين ، ونسأله سبحانه أن يجعل قتال المسلمين خالصاً لوجهه الكريم ، وأن يحفظ شبابنا في الثغور من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يجمع كلمتهم ويوحد صفوفهم فيُفرحوا إخوانهم ويُغيظوا أعدائهم ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
23 شوال 1436هـ
___________________
To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]