بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله معزّ المؤمنين ومذلّ الشرك والمشركين ، ثم الصلاة والسلام على قائد الغر المحجّلين نبيّ الرحمة والملحمة الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد …
فقد اطلعت على كلمات الأخ الشيخ المجاهد أبي الزهراء الزبيدي المنشورة في المنتديات ، وكم يسرّ المسلم وهو يقرأ كلمات أهل الجهاد من أرض الجهاد ، خاصة من أرض المحشر : أرض الشام التي بارك الله حولها ..
إن للمسلم حق المناصحة ، وأهل الجهاد من أكثر من يُرجى تقبّلهم للنصح والرأي – بل وحتى النقد – من إخوانهم المسلمين ، فهذه الأمة كالبنيان يشد بعضه بعضا ، والآراء لَبَنات تكمّل بعضها بعض ، وليس التعليق أو النقد أو التصحيح منقصة للمقصود ، بل في تقبّله رفعة ودليل عقل وحكمة ، كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس مشاورة ، وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم ..
هذه تعليقات بسيطة يسيرة على كلمات الأخ الفاضل الزبيدي – حفظه الله وإخوانه – هي أشبه بالعطر الرخيص ننثره على ما بذله لنا من كلمات عطرة جميلة ، أسأل الله أن تنال قبول الإخوة في شام الإسلام .. وكالعادة ستكون التعليقات تحت كلام الزبيدي – حفظه الله – مصدّرة بكلمة [تعليق] ..
قال الشيخ الزبيدي حفظه الله:
“[الفوائد الشرعية في الإعلان عن جبهة النصرة الجهادية]
الحمد لله ربّ العالمين القائل: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً} (النساء75) ، والصلاة والسلام على سيدنا وأميرنا وقدوتنا القائل في الحديث الصحيح: (إِنِّي رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِهِ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلا وَإِنَّ الإِيمَانَ إِذَا وَقَعَتِ الْفِتَنُ بِالشَّامِ) هذا الحديث روي بأسانيد كثيرة وهو صحيح، فقد صححه الإمام الهيثمي (مجمعالزوائد) والحافظ ابن حجر العسقلاني (فتح الباري 12/420) والألباني في فضائلالشام.
لقد انتظر الناس طويلاً تحرك سوريا الشام على مدار مئة سنة ويزيد، ولكن كلما قامت ثلة مؤمنة من هذه الأمة تنشد التغيير بسوريا الشام آلت الأمور إلى قتل هؤلاء المخلصين أو سجنهم، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه بل أسوأ مما كانت عليه بسبب ظلم الطغمة الحاكمة التي كانت تحكم شعبها بالحديد والنار، حتى أصاب اليأس بعض الجماعات العاملة وظنوا أنه لن تقوم للشام قائمة وخاصة بعدما تمكن حزب البعث من السيطرة الفكرية والاقتصادية والسياسية على كل سوريا، ولكن بقيت هناك ثلة من المسلمين يعلمون بأنّ دوام الحال على ما هو عليه من المُحال، فهم يعتقدون بأنّ الله سيجعل للشام مخرجًا وفرجًا، فالأحاديث الصحيحة كانت المتنفس لهذه الثلة فلم يقبلوا الدنية في دينهم ولم يرضوا بحكم طغاة الشام فسُجنوا وقُتلوا وشُردوا في البلاد.. حتى جاء اليوم الذي تحرك فيه الشعب السوري المسلم وصرخ: لا للظلم، وانتفض من نومه بعد سبات عميق، وتفجرت الطاقات المعطلة منذ أمد بعيد، وواجه المتظاهرون بأجسادهم سلاح البعث وطغمته الخبيثة، وانتقلت المظاهرات بسرعة رهيبة حتى عمّت أنحاء البلاد وتحولت إلى ثورة مسلحة وانتُزع الخوف من قلوب شباب سوريا، وتحول الضعف إلى قوة، والذل إلى عز، والهزيمة إلى نصرة، وتبلورت هذه النصرة في إعلان جبهة إسلامية جهادية حددت أهدافها بوضوح وأعلنت عن ولادة (جبهة النصرة).
ولكن بعض المجموعات الجهادية وبعض المشايخ والدعاة اعترضوا على هذا الإعلان الواضح الصريح وقالوا إنّ هذا الإعلان فيه من المفاسد على سوريا الشام أكثر من المصالح وفيه من الضرر أكثر من النفع.. “
التعليق : هذا من حسن أدبه وسمته – حفظه الله – أن قال “مشايخ ودعاة” ، وهذا عهدنا بأهل الجهاد حفظهم الله تعالى ونصرهم على عدوّهم ..
ونحن نقول لهؤلاء الإخوة: على رِسلكم لا تتعجلوا في تنزيل الأحكام، ولا تجعلوا تجربة خاطئة في دولةٍ ما مقياسًا لكم لكل الوقائع؛ فقد تكون هذه التجربة الخاطئة في بلد ما ناجحة في بلد آخر.
التعليق: إن الذي فعله بعض الدعاة والمشايخ هو من باب القياس والنظر والتتبع والإستقراء ، وهذا أمر عادي في الإجتهاد ، وهم لا شك ناصحون مشفقون ..
إنّ الإعلان عن جبهة النصرة له فوائد عظيمة لا يُدركها إلا من أحاط بواقعها من كل زواياه ولم يقتصر في بحثه على زاوية واحدة ثم يصل ببحثه لنتيجة خاطئة، فولادةجبهة النصرة في هذا الواقع بسوريا فيه من الفوائد العظيمة ما فيه، بل إنّ الإعلان عن جبهة النصرة هو ضرورة شرعية وواقعية وحتمية سياسية لعدة أمور:
التعليق : الإعلان عن جبهة النصرة هو من باب الإجتهاد القائم على النظر في المصالح ، والجزم بأنه ضرورة شرعية أمر ربما يكون فيه بعض المجازفة ، ورأيي أن قادة الجهاد هم من يقرر مثل هذا الإعلان ، فأهل الجهاد أدرى بجهادهم ..
1)سوريا الشام لا يوجد فيها حركة إسلامية واضحة المعالم والمنهج، فكلنا يعلم ما أصاب الساحة السورية من دمار للجماعات الإسلامية العاملة، لذلك كان إعلان جبهة النصرة عن نفسها بفكرها الإسلامي وأهدافها الشرعية دليلَ وعي سياسي؛ لأنّ خلو الشام من حركة جهادية ظاهرة بفكرها ومنهجها سوف يجعل الشباب المسلم هناك يعيش الضياع في مسائل الجهاد وسوف يكون التمييع بالفكر والمنهج على طريقة (علمنة الإسلام) (والدولة المدنية) فكان لا بد لجبهة النصرة من هذا الإعلان كي تحدد للناس حقيقة واقع الصراع ومستقبله ومع من سيكون وكيف ندير هذا الصراع.
التعليق : أن تأخذ حركة ناشئة – في دولة مثل سوريا – على عاتقها تصحيح مسار الفكر الجهادي فهذا يعد هدفاً كبيراً بكل المقاييس ، خاصة إذا علمنا حجم المكر المُستهدِف لسوريا !! لعل الأفضل : العمل والتنسيق مع العلماء والجماعات الأخرى في الساحة ، فهذا أفضل من حمل العبئ كله ، وليسدّدوا وليقاربوا ما أمكن ..
2) بعد البحث والمشورة في شأن الشام كان لزامًا على أهل الجهاد الواعين المدركين لحقيقة سير الوقائع السياسية أن يُعلنوا عن ولادة حركة جهادية شامية؛ لأنه لو قدّر الله وسقط النظام البعثي المرتد فإنّ أهل سوريا لن يتقبلوا الفكر الجهادي ولسوف يتساءلون: أين كانت هذه الحركات الجهادية عندما كان يُذبح الأطفال وتغتصب النساء وتدمر المساجد؟ بل أين كانت تلك الجماعات الجهادية عندما كانت البيوت تدمر على ساكنيها والسجون تملأ بالحرائر والشباب؟ لو حدث هذا قبل الإعلان عن جبهة النصرة سينقلب الأمر وبالاً على كل من يريد مخاطبة الشعب السوري المسلم خطابًا جهاديًا شرعيًا صحيحًا.
التعليق : لعل في الفقرة الأولى تزكية للنفس لا يليق نشرها على الملأ وإن اعتقدها قائلها .. أما الفقرة الثانية فهي غاية في الأهمية والخطورة ، فالملاحظ أن الإعلام العربي والعالمي لم يتحدّث عن وجود رايات إسلامية جهادية في سوريا إلى الآن ، مع علمهم بوجودها ، وذلك أنهم لا يريدون نشر حقيقة وجود المجاهدين في ظل تخاذل العرب والمجتمع الدولي ، فوجود المجاهدين وغياب المجتمع الدولي لا شك يصب في مصلحة المجاهدين ، فالأعداء ليسوا أغبياء .. المسلمون أقرب إلى التعاطف الجماعة أو الفئة التي تنكأ بالنصيرية في هذه الفترة ، فمعرفة الناس بعمليات المجاهدين في سوريا لا شك أنها تصب في مصلحة المجاهدين وتجعل لهم زخم على المستوى الإسلامي ، وتُحرج الحكومات العربية والمجتع الدولي الذي لا زال يبحث عن بديل معقول مرضيّ عنه للحكومة النصيرية أو يعطي النصيرية فرصة للقضاء على الثورة السورية بقتل أكبر عدد ممكن من الثوار وهتك أعراضهم وتدمير ممتلكاتهم ..
3)كانت ولادة جبهة النصرة لتحديد الراية الشرعية التي يجب أن يلتف حولها الشباب المسلم، لأنّ الرايات الجاهلية والرايات العمِيّة كثيرة، فكان لزامًا أن تكون هناك راية صحيحة نقية واضحة كي تكون هي النواة في بلاد الشام، فتبدأ التأسيس الصحيح والتدريب العسكري الميداني ووضع الثوابت الشرعية والمنهجية التي من أجلها تقاتِل .
التعليق : ينبغي عدم اعتقاد أن جبهة واحدة هي التي تحمل ” راية صحيحة نقية واضحة” دون غيرها من الجبهات والجماعات ، فهذا مزلق خطير يؤدي إلى التفرقة مع مرور الوقت ، بل ينبغي الإعتقاد بأن هناك جبهات تحمل الكثير من الحق أو بعضه ، وهذا الحق المتّفق عليه هو نواة للإجتماع وتراصّ الصفوف ..
4)هل يُعقل أن تكون الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق غير معلومة لدى الناس وغير معروفة لمن يريد أن يجاهد؟ فكان الإعلان للحفاظ على وضوح المنهج وصواب الخطاب الشرعي، كي لا يكون الجهاد نخبويًا فقط، بل لا بد أن يكون لعامة الناس من أجل تحريضهم على حمل السلاح والقتال تحت راية شرعية واضحة.
التعليق : هنا أمر خطير ، وهو : الجزم بأن جماعة ما هي “الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق” ، وهذه التزكية للنفس ينبغي أن يحذر منها المسلم .. الأصل أن يسأل المسلم ربّه أن يكون من هذه الطائفة ، فيعمل بالكتاب والسنة وينصر الدين ويسأل الله الرحمة والفضل ويخشى مكر الله ويخاف ذنوبه .. وكما أنه لا يُقال : “فلان شهيد” ، فلا يُقال “هذه الجماعة هي الطائف المنصورة الظاهرة على الحق” ..
5) الأعمال التي تقوم بها جبهة النصرة هي أعمال نوعية تقتصر على ضرب مفاصل النظام المرتد من أمن واستخبارات وجيش واقتصاد, وهذا الأمر يدل على تجربة عميقة وفكر مستنير في التعامل مع الأحداث في سوريا، فهي تُدير الصراع العسكري وتتقنه رغم حداثة ولادتها التي لم تتجاوز العام.
التعليق : نسأل الله أن يعينهم ويكون معهم ويمكّنهم من النصيرية وأعوانهم ومَن والاهم ونَصرهم ..
6)جبهة النصرة تعلم علم اليقين بأنّ الجهاد في سوريا قد بدأ وفُتح سوقه ولن يُغلق أبدًا حتى قيام الساعة, وأهل الجهاد هم من سيُسلم الراية للمهدي عليه السلام؛ لذلك كانت الجبهة سبّاقة في إعلان وتحمل تبعات الجهاد وصعوباته، فهذا الأمر وخاصة في سوريا الشام لا يستطيعه إلا أصحاب الهمم العالية والنفسيات الكبيرة والعقليات المبدعة.
التعليق : الجزم في الفقرة الأولى بأن الجهاد في سوريا فتح سوقه ولن يُغلق ابداً ، هذا جزم بالغيب ..وكون أهل الجهاد هم من سيسلّمون الراية للمهدي فهذا يحتاج إلى دليل شرعي ، فالمهدي يُصلحه الله في يوم وليلة ويُبايعه المسلمون في الحرم ، ولا أعلم خبراً يدلّ على أن أهل الجهاد هم من سيسلّمون له الراية !! إن كان الإخوة عندهم شيء فليسعفونا به ، فنحن نتعلم منهم ..
7)جبهة النصرة منذ ولادتها وهي تحاول كل جهدها عدم إحراق المراحل، فهي تمضي بخطة واضحة المعالم في كيفية التعامل مع نظام البعث وكيفية التعامل مع الأحداث بعد سقوط نظام البعث.. فهي تعمل من غير ارتجال بل عملها مدروس بطريقة متقنة تدل على وعي مستنير، فهي تحاول جهدها لأن تكون الأمة هي الحاضنة لها، وهذا يفهمه المتتبع لخطابها الشرعي ولضرباتها العسكرية ضد مفاصل النظام الطاغوتي.
التعليق : عين العقل .. نسأل الله أن يعينهم على كل مرحلة وأن يمكّن لهم ..
8)جبهة النصرة لم يغِب عن بالها اليهود المغتصبون لأرض الإسراء، فهي تعلم بأنّها على مرمى حجر من المسجد الأقصى الأسير وهذا الذي يسعى إليه كل موحد منذ زمن طويل, وسيكون العمل به قريبًا من سوريا إن شاء الله بعد سقوط النظام -الحامي الأكبر للعدو الصهيوني- ليعلم الكون بأسره كيف يكون جهاد اليهود, فهي تُقاتل بشار وزمرته وتعد العدة لليهود أشد الناس عداوة لأهل الإيمان وهذه هي بشارات الأحاديث الصحيحة.
التعليق : نسأل الله أن يعجّل هلاك يهود وتحرير بيت المقدس ..
9)معلوم لدى كل عاقل بأنّ من أهداف الحركات الجهادية استيعاب الشعوب المستضعفة وجعلها تخوض المعركة مع الطاغوت كي تزيله, فجبهة النصرة تدرك موقنة أنّ الرأي العام في سوريا يريد إزالة النظام والخلاص منه، فالشعب سيؤيد كل من يُقاتل النظام ويسعى لدماره، لذلك كان من التكتيك المهم الإعلان عن جبهة النصرة كي يفهم الشعب المسلم أنّ الجبهة منهم وهم منها؛ فهي تعيش آلامهم وتدافع عن الدين والعرض والأرض, ومن أجل أن لا تضيع جهود المخلصين وكي لا يقطف العلمانيون ثمرة الجهاد كان الإعلان عن الجبهة.
التعليق : الجزم بأن الشعب السوري سيؤيّد كل من يقاتل النظام ينبغي أن يكون جزماً مصحوباً بحذر شديد ، فلا ينبغي الإتكال على هذا الجزم ، بل ينبغي العمل على كسب قلوب المسلمين بكل الوسائل المشروعة ، ولا يخفى على المجاهدين تركيبة سوريا السكانية التي فيها النصارى والنصيريّة والملاحدة والبعث وغيرهم من الديانات والمذاهب الهدّامة ، فالإتكال على العمليات العسكرية وحدها غير كافٍ لكسب الشعب السوري ، والمكر النصراني النصيري الرافضي والعربي كبير في سوريا ، فينبغي الحذر من هذا كله ، ويبنغي الموازنة بين الأعمال العسكرية والدعوية والإعلامية ، ولا ينبغي إهمال أمر على حساب آخر ..
10)أدركت جبهة النصرة أنه يجب مشاركة مسار هذه الثورة وتوجيهِها والنزول إلى مستوى العوام ومشاركتهم الهموم وعدم الوقوع في أخطاء الماضي، فإصداراتها وبياناتها تدل على هذا الأمر المهم فهي تخاطب العاطفة مع الفكر في آن واحد وهذا هو منطق التفكير الصحيح.
التعليق : أمر توجيه الثورة الآن متعسّر ، ولكن الممكن في هذه المرحلة هو كسب التأييد من قبل بعض فئات المجتمع ، وخاصة الشباب المسلم ، فلا ينبغي التركيز على توجيه الثورة كلها ، بل الأفضل العمل وفق المعطيات والإمكانات المتاحة ، والعمل بمراحل كما سبق أن ذكره الشيخ الزبيدي حفظه الله ..
11) جبهة النصرة أدركت أنّ التنظير السياسي والبقاء بين الكتب شيء والنزول إلى أرض الواقع وتبني هموم الشعب المسلم شيء آخر، لذا أصبح الناس يأملون في الجبهة الخير الكثير، كيف لا وهي أمامهم في أرض المعركة تقدم الشهيد تلو الشهيد ثأرًا لأعراض النساء وبكاء الأمهات وتوجع الرجال ودموع الأطفال.
التعليق : نسأل الله من فضله ..
12)قال بعضهم أنّ الإعلان عن جبهة النصرة فيه حجة للغرب لعدم دعم الشعب السوري وعدم إنزال عقوبات على زمرة الأسد وإطالة نظامه وغيرها من الحجج السياسية التي تعودنا على سماعها, فنقول لهؤلاء بربكم هل ننتظر دعمًا من أهل الصليب الذين زرعوا اليهود في قلب العالم الإسلامي والذين هم من صنع حكام العرب الأنذال وجعلهم سيفًا مسلطًا على رقاب المسلمين؟ فجبهة النصرة أرادت من إعلانها عودة الشعب السوري المسلم لربه ولدينه وجعله يطلب النصرة منه جل جلاله وحده ولا يعتمد على شياطين الغرب والعرب، ونحن نلحظ صواب الإعلان عن جبهة النصرة وخاصة بعد المجازر والإبادة الجماعية التي ارتكبها نظام الردة في سوريا ومشروع التهجير لأهل السنة, ولكن لأننا تعودنا الذل واستطبنا الهزيمة فلا نريد تضحيات ولا نريد أن ندفع ضريبة العز بل نريد أن يأتي النصر ونحن نجلس في بيوتنا آمنين مطمئنين ويأتي أهل الصليب كي يدافعوا عن أعراضنا وبيوتنا!
التعليق : نسأل الله أن يهدي هؤلاء إلى الحق .. كم عانى المسلمون من هذه الآراء الإنهزامية التي لم تجلب لنا إلا الذل والعار .. إن هذه الأمة أمة جهاد ، ومتى ما تركت الجهاد : أذلّها الله ، والآيات والأحاديث صريحة في ذلك ، ومع هذا يأتينا من يخوّفنا بعدونا الصليبي الذي لن يساعدنا أو يقف معنا وسيضيّق علينا إن نحن أعلنا الجهاد !! الحقيقة أننا نُعلن الجهاد على الصليبيين وأذنابهم ، فكيف نرجوا منهم المدد أو أن يكفوا عنا !!
ملاحظة مهمة: إنّ المِحن على جبهة النصرة ستزداد يومًا بعد يوم بسبب شراسة المعركة وكيد الطغاة المتكبرين ومكرهم, وسيحمل الإعلام المرئي والمقروء على جبهة النصرة حملة شرسة كي يصد الناس عنها، وسيتهمونها بقتل المسلمين الآمنين وتدمير البيوت وغيرها من التهم الجاهزة المُعلبة، بل إنّ الطواغيت سيُقلدون بعض عمليات جبهة النصرة ويقتلوا عوام المسلمين كي لا يُصبح للنصرة حاضنة قوية ومن أجل القضاء على قاعدتها الشعبية, وسيعتلي المنابر من يرتزقون بلا إله إلا الله كي يُشوهوا صورة الجبهة وسمعتها الطيبة, فالمطلوب منكم يا إخوة التوحيد يا أهل الشام الأبية أن لا تًصدقوا النظام النصيري، وأن تنتظروا البيانات والإصدارات الموثقة من جبهة النصرة في تبني العمليات أو نفيها.
التعليق : ولذلك نقول : يجب التركيز على الإعلام وعدم إهمال هذا الجانب الخطير في الحرب ضد الكفار والصليبيين .
وأخيرًا وبعد هذه الأمور التي ذكرناها نوجه نداءً ونقول بأنُه حَريٌّ بكل موحد مخلص، وبكل مجموعة جهادية، وبكل مفكر إسلامي، وبكل طالب علم دنيوي وشرعي، وبكل صاحب تجربة إعلامية، وبكل سياسي لم يبع كرامته؛ أن ينضموا إلى جبهة النصرة كي يقوى عودها وكي لا تتشتت الجهود، ومن أجل أن لا تسقط الثمرة فيقطفها الغرب، ونوجه نداءً لمن لا يستطيع الانضمام إلى جبهة النصرة أن ينصرها بماله ولسانه وقلمه؛ فنحن لا نعمل لتنظيم إسلامي بل عملنا لنصرة الإسلام وإقامة شرعه فوق كل أرض وتحت كل سماء.
والحمد لله ربّ العالمين. (انتهى كلام الزبيدي حفظه الله) ..
التعليق : أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر المجاهدين في كل مكان ، وأن يدمّر أعداء الدين ، وأن يجعل مكرهم في نحورهم ، ويحفظ المسلمين من شرورهم ..
ختاماً :
جميل أن ترى نبرة الإستعلاء الإيماني في الشباب المسلم ، فهذه النبرة كانت غائبة عن واقع المسلمين لقرون عدّة حتى قامت هذه الهبّة المباركة على أيدي العلماء الربانيّين الذين سقوا بذرة الإعتداد بالدين بدمائهم فاستوت شجرة لا زال عودها يشتدّ على مر السنين ..
لقد انتقل المسلمون من طور الإستسلام للتخلّف والجهل إلى طور محاربة البدع والشركيات على يد أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب والشوكواني والصنعاني وغيرهم ، ثم إلى طور مقارعة المستشرقين والدفاع عن ثوابت الدين على يد كثير من المفكرين من أمثال رشيد رضا والإبراهيمي وغيرهما ، ثم ما لبث أن ظهر في المسلمين من يستعلي بإيمانه وعقيدته على سائر الأمم ويسفّه الكفار ومذاهبهم فكان من روّاد هذا الإستعلاء : أبو الأعلى المودودي وسيّد قطب وأبو الحسن الندوي وأمثالهم ، ثم تُرجم هذا الإستعلاء إلى عمل في الجهاد الأفغاني على يد الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله – وتلاميذه ، فمنطق الإستعلاء بالإيمان لم يأتِ من فراغ ، بل بُذلت من أجله الدماء والأشلاء ، وهذا المنطق أظهر ما يكون عند أهل الجهاد ، فهؤلاء عرفوا معنى الحريّة الحقّة ، وعرفوا معنى العبوديّة الحقّة ، وعرفوا معنى التوكّل الحق ، فهم أعزّ أهل الدنيا بإيمانهم ودينهم وعقيدتهم ، وهذا ما أحسسناه واضحاً في نبرات صوت الشيخ عبد الله عزام رحمه الله ، وفي هدوء وطمأنينة الشيخ أسامة رحمه الله ، وفي سكينة الأمير خطّاب رحمه الله ، وفي رباطة جأش الأمير الزرقاوي رحمه الله ..
المنطق الإستعلائي ينبغي أن يُتعامَل معه بحذر شديد ، فالإستعلاء بالدين لا يكون على حساب العلاقة مع المسلمين ، فالأصل أن علاقة المسلم بالمسلم علاقة محبة وتواضع ورحمة وموالاة وخفض جناح ولين (كل كلمة من هذه الكلمات معضودة بآية أو حديث) ، فالإستعلاء يكون على الكفار وليس على المسلمين وإن كنا نظن بأننا على حق وأن غيرنا – من المسلمين – لم يوفّق للصواب ..
المجاهدون جزء من نسيج المجتمع الإسلامي أينما حَلّوا ، وهم جزء من الأمة الإسلامية وليسوا فرقة مستقلّة عنها ، وهم – بهذا المفهوم – جزء من الحل الإسلامي وليسوا الحلّ كلّه ، فاختزال الأمر كلّه في أهل الجهاد نوع من المجازفة ، وليس المجاهدون هم “الطائفة المنصورة” ، بل نسأل الله أن يكونوا من الطائفة المنصورة ، فالطائفة المنصورة أشمل من أهل الجهاد كما قرر العلماء ، وإن كان أكثر ألفاظ الأحاديث جاء بلفظ القتال ..
ينبغي الحرص على الخطاب المتوازن المكسوّ برِداء التواضع عند مخاطبة المسلمين والتّعامل معهم ، فأهل الجهاد خدمٌ للمسلمين يتقدمونهم صفوف ساحات الجهاد يموتون دون دينهم ودماء المسلمين وأعراضهم ، وعند انتهاء الجهاد يكونون في الصفوف الخلفية : يعالجون الجريح ويحملون الضعيف ويواسون المُصاب ، فهمّهم نصرة الإسلام والمسلمين وإعلاء كلمة الدين ، وهذا لا يعني ترك الأمر للعملاء والمرتزقة يسرقون ثمرة الجهاد والتضحيات ، ولكن المقصود أنهم يسلّمون الأمور إلى أهلها ويعملون مع المسلمين لمصلحة الدين وإصلاح الدنيا ، فمتى ما اطمأنّوا إلى استتباب الأمر فإنهم يرجعون إلى ثكناتهم ، أو يتوجّهون إلى ثغور أخرى لإعادة العمل من جديد ، وهذا ينبغي أن يكون واضحاً عند جميع الناس ، فأهل الجهاد ليسوا طُلّاب مناصب دنيويّة ، بل هم طُلّاب منازل أُخرويّة ، وهم في الدنيا غرباء وعابري سبيل يعبرون ساحات القتال ليصلوا بأمّتهم إلى النصر أو يتّخذهم الله شهداء ..
بهذا المفهوم الشامل يحصل الإطمئنان للنفوس ، ويحصل القبول ، ويتمكّن المسلمون من العمل يداً واحدة بمفهوم الأمة الواحدة المتساوي أفرادها في الحقوق والواجبات ، فلا فضل لجماعة على جماعة ولا أفراد على غيرهم ، فالفضل كله لله ، والتنافس يكون لكسب رضاه ، والعمل يكون من أجله ، والتوكّل يكون عليه وحده .. ولا بأس بالتنظيم والعمل الجماعي ، ولكن : على أساس المساواة والعدل وتقديم أهل الخبرة والرأي كُلٌ في مجاله ، ويكون العمل تكامليّ لا تصادميّ ، وبهذا يحصل التقارب ويبدأ التآلف وتندمج الصفوف وتلتحم القلوب ويُعرف لأهل الفضل فضلهم ويُحفظ لأهل السابقة سابقتهم ، “وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله” (مسلم) ..
أسأل الله أن يجعل أقوالنا وأفعالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يجعلنا من الخافضين أجنحتهم للمؤمنين ، وأن يجعلنا دعاة اعتصام بحبله المتين ، وأن يوفقنا لجمع كلمة المسلمين ..
والله اعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
غرّة رجب 1433هـ
فقد اطلعت على كلمات الأخ الشيخ المجاهد أبي الزهراء الزبيدي المنشورة في المنتديات ، وكم يسرّ المسلم وهو يقرأ كلمات أهل الجهاد من أرض الجهاد ، خاصة من أرض المحشر : أرض الشام التي بارك الله حولها ..
إن للمسلم حق المناصحة ، وأهل الجهاد من أكثر من يُرجى تقبّلهم للنصح والرأي – بل وحتى النقد – من إخوانهم المسلمين ، فهذه الأمة كالبنيان يشد بعضه بعضا ، والآراء لَبَنات تكمّل بعضها بعض ، وليس التعليق أو النقد أو التصحيح منقصة للمقصود ، بل في تقبّله رفعة ودليل عقل وحكمة ، كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس مشاورة ، وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم ..
هذه تعليقات بسيطة يسيرة على كلمات الأخ الفاضل الزبيدي – حفظه الله وإخوانه – هي أشبه بالعطر الرخيص ننثره على ما بذله لنا من كلمات عطرة جميلة ، أسأل الله أن تنال قبول الإخوة في شام الإسلام .. وكالعادة ستكون التعليقات تحت كلام الزبيدي – حفظه الله – مصدّرة بكلمة [تعليق] ..
قال الشيخ الزبيدي حفظه الله:
“[الفوائد الشرعية في الإعلان عن جبهة النصرة الجهادية]
الحمد لله ربّ العالمين القائل: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً} (النساء75) ، والصلاة والسلام على سيدنا وأميرنا وقدوتنا القائل في الحديث الصحيح: (إِنِّي رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِهِ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلا وَإِنَّ الإِيمَانَ إِذَا وَقَعَتِ الْفِتَنُ بِالشَّامِ) هذا الحديث روي بأسانيد كثيرة وهو صحيح، فقد صححه الإمام الهيثمي (مجمعالزوائد) والحافظ ابن حجر العسقلاني (فتح الباري 12/420) والألباني في فضائلالشام.
لقد انتظر الناس طويلاً تحرك سوريا الشام على مدار مئة سنة ويزيد، ولكن كلما قامت ثلة مؤمنة من هذه الأمة تنشد التغيير بسوريا الشام آلت الأمور إلى قتل هؤلاء المخلصين أو سجنهم، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه بل أسوأ مما كانت عليه بسبب ظلم الطغمة الحاكمة التي كانت تحكم شعبها بالحديد والنار، حتى أصاب اليأس بعض الجماعات العاملة وظنوا أنه لن تقوم للشام قائمة وخاصة بعدما تمكن حزب البعث من السيطرة الفكرية والاقتصادية والسياسية على كل سوريا، ولكن بقيت هناك ثلة من المسلمين يعلمون بأنّ دوام الحال على ما هو عليه من المُحال، فهم يعتقدون بأنّ الله سيجعل للشام مخرجًا وفرجًا، فالأحاديث الصحيحة كانت المتنفس لهذه الثلة فلم يقبلوا الدنية في دينهم ولم يرضوا بحكم طغاة الشام فسُجنوا وقُتلوا وشُردوا في البلاد.. حتى جاء اليوم الذي تحرك فيه الشعب السوري المسلم وصرخ: لا للظلم، وانتفض من نومه بعد سبات عميق، وتفجرت الطاقات المعطلة منذ أمد بعيد، وواجه المتظاهرون بأجسادهم سلاح البعث وطغمته الخبيثة، وانتقلت المظاهرات بسرعة رهيبة حتى عمّت أنحاء البلاد وتحولت إلى ثورة مسلحة وانتُزع الخوف من قلوب شباب سوريا، وتحول الضعف إلى قوة، والذل إلى عز، والهزيمة إلى نصرة، وتبلورت هذه النصرة في إعلان جبهة إسلامية جهادية حددت أهدافها بوضوح وأعلنت عن ولادة (جبهة النصرة).
ولكن بعض المجموعات الجهادية وبعض المشايخ والدعاة اعترضوا على هذا الإعلان الواضح الصريح وقالوا إنّ هذا الإعلان فيه من المفاسد على سوريا الشام أكثر من المصالح وفيه من الضرر أكثر من النفع.. “
التعليق : هذا من حسن أدبه وسمته – حفظه الله – أن قال “مشايخ ودعاة” ، وهذا عهدنا بأهل الجهاد حفظهم الله تعالى ونصرهم على عدوّهم ..
ونحن نقول لهؤلاء الإخوة: على رِسلكم لا تتعجلوا في تنزيل الأحكام، ولا تجعلوا تجربة خاطئة في دولةٍ ما مقياسًا لكم لكل الوقائع؛ فقد تكون هذه التجربة الخاطئة في بلد ما ناجحة في بلد آخر.
التعليق: إن الذي فعله بعض الدعاة والمشايخ هو من باب القياس والنظر والتتبع والإستقراء ، وهذا أمر عادي في الإجتهاد ، وهم لا شك ناصحون مشفقون ..
إنّ الإعلان عن جبهة النصرة له فوائد عظيمة لا يُدركها إلا من أحاط بواقعها من كل زواياه ولم يقتصر في بحثه على زاوية واحدة ثم يصل ببحثه لنتيجة خاطئة، فولادةجبهة النصرة في هذا الواقع بسوريا فيه من الفوائد العظيمة ما فيه، بل إنّ الإعلان عن جبهة النصرة هو ضرورة شرعية وواقعية وحتمية سياسية لعدة أمور:
التعليق : الإعلان عن جبهة النصرة هو من باب الإجتهاد القائم على النظر في المصالح ، والجزم بأنه ضرورة شرعية أمر ربما يكون فيه بعض المجازفة ، ورأيي أن قادة الجهاد هم من يقرر مثل هذا الإعلان ، فأهل الجهاد أدرى بجهادهم ..
1)سوريا الشام لا يوجد فيها حركة إسلامية واضحة المعالم والمنهج، فكلنا يعلم ما أصاب الساحة السورية من دمار للجماعات الإسلامية العاملة، لذلك كان إعلان جبهة النصرة عن نفسها بفكرها الإسلامي وأهدافها الشرعية دليلَ وعي سياسي؛ لأنّ خلو الشام من حركة جهادية ظاهرة بفكرها ومنهجها سوف يجعل الشباب المسلم هناك يعيش الضياع في مسائل الجهاد وسوف يكون التمييع بالفكر والمنهج على طريقة (علمنة الإسلام) (والدولة المدنية) فكان لا بد لجبهة النصرة من هذا الإعلان كي تحدد للناس حقيقة واقع الصراع ومستقبله ومع من سيكون وكيف ندير هذا الصراع.
التعليق : أن تأخذ حركة ناشئة – في دولة مثل سوريا – على عاتقها تصحيح مسار الفكر الجهادي فهذا يعد هدفاً كبيراً بكل المقاييس ، خاصة إذا علمنا حجم المكر المُستهدِف لسوريا !! لعل الأفضل : العمل والتنسيق مع العلماء والجماعات الأخرى في الساحة ، فهذا أفضل من حمل العبئ كله ، وليسدّدوا وليقاربوا ما أمكن ..
2) بعد البحث والمشورة في شأن الشام كان لزامًا على أهل الجهاد الواعين المدركين لحقيقة سير الوقائع السياسية أن يُعلنوا عن ولادة حركة جهادية شامية؛ لأنه لو قدّر الله وسقط النظام البعثي المرتد فإنّ أهل سوريا لن يتقبلوا الفكر الجهادي ولسوف يتساءلون: أين كانت هذه الحركات الجهادية عندما كان يُذبح الأطفال وتغتصب النساء وتدمر المساجد؟ بل أين كانت تلك الجماعات الجهادية عندما كانت البيوت تدمر على ساكنيها والسجون تملأ بالحرائر والشباب؟ لو حدث هذا قبل الإعلان عن جبهة النصرة سينقلب الأمر وبالاً على كل من يريد مخاطبة الشعب السوري المسلم خطابًا جهاديًا شرعيًا صحيحًا.
التعليق : لعل في الفقرة الأولى تزكية للنفس لا يليق نشرها على الملأ وإن اعتقدها قائلها .. أما الفقرة الثانية فهي غاية في الأهمية والخطورة ، فالملاحظ أن الإعلام العربي والعالمي لم يتحدّث عن وجود رايات إسلامية جهادية في سوريا إلى الآن ، مع علمهم بوجودها ، وذلك أنهم لا يريدون نشر حقيقة وجود المجاهدين في ظل تخاذل العرب والمجتمع الدولي ، فوجود المجاهدين وغياب المجتمع الدولي لا شك يصب في مصلحة المجاهدين ، فالأعداء ليسوا أغبياء .. المسلمون أقرب إلى التعاطف الجماعة أو الفئة التي تنكأ بالنصيرية في هذه الفترة ، فمعرفة الناس بعمليات المجاهدين في سوريا لا شك أنها تصب في مصلحة المجاهدين وتجعل لهم زخم على المستوى الإسلامي ، وتُحرج الحكومات العربية والمجتع الدولي الذي لا زال يبحث عن بديل معقول مرضيّ عنه للحكومة النصيرية أو يعطي النصيرية فرصة للقضاء على الثورة السورية بقتل أكبر عدد ممكن من الثوار وهتك أعراضهم وتدمير ممتلكاتهم ..
3)كانت ولادة جبهة النصرة لتحديد الراية الشرعية التي يجب أن يلتف حولها الشباب المسلم، لأنّ الرايات الجاهلية والرايات العمِيّة كثيرة، فكان لزامًا أن تكون هناك راية صحيحة نقية واضحة كي تكون هي النواة في بلاد الشام، فتبدأ التأسيس الصحيح والتدريب العسكري الميداني ووضع الثوابت الشرعية والمنهجية التي من أجلها تقاتِل .
التعليق : ينبغي عدم اعتقاد أن جبهة واحدة هي التي تحمل ” راية صحيحة نقية واضحة” دون غيرها من الجبهات والجماعات ، فهذا مزلق خطير يؤدي إلى التفرقة مع مرور الوقت ، بل ينبغي الإعتقاد بأن هناك جبهات تحمل الكثير من الحق أو بعضه ، وهذا الحق المتّفق عليه هو نواة للإجتماع وتراصّ الصفوف ..
4)هل يُعقل أن تكون الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق غير معلومة لدى الناس وغير معروفة لمن يريد أن يجاهد؟ فكان الإعلان للحفاظ على وضوح المنهج وصواب الخطاب الشرعي، كي لا يكون الجهاد نخبويًا فقط، بل لا بد أن يكون لعامة الناس من أجل تحريضهم على حمل السلاح والقتال تحت راية شرعية واضحة.
التعليق : هنا أمر خطير ، وهو : الجزم بأن جماعة ما هي “الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق” ، وهذه التزكية للنفس ينبغي أن يحذر منها المسلم .. الأصل أن يسأل المسلم ربّه أن يكون من هذه الطائفة ، فيعمل بالكتاب والسنة وينصر الدين ويسأل الله الرحمة والفضل ويخشى مكر الله ويخاف ذنوبه .. وكما أنه لا يُقال : “فلان شهيد” ، فلا يُقال “هذه الجماعة هي الطائف المنصورة الظاهرة على الحق” ..
5) الأعمال التي تقوم بها جبهة النصرة هي أعمال نوعية تقتصر على ضرب مفاصل النظام المرتد من أمن واستخبارات وجيش واقتصاد, وهذا الأمر يدل على تجربة عميقة وفكر مستنير في التعامل مع الأحداث في سوريا، فهي تُدير الصراع العسكري وتتقنه رغم حداثة ولادتها التي لم تتجاوز العام.
التعليق : نسأل الله أن يعينهم ويكون معهم ويمكّنهم من النصيرية وأعوانهم ومَن والاهم ونَصرهم ..
6)جبهة النصرة تعلم علم اليقين بأنّ الجهاد في سوريا قد بدأ وفُتح سوقه ولن يُغلق أبدًا حتى قيام الساعة, وأهل الجهاد هم من سيُسلم الراية للمهدي عليه السلام؛ لذلك كانت الجبهة سبّاقة في إعلان وتحمل تبعات الجهاد وصعوباته، فهذا الأمر وخاصة في سوريا الشام لا يستطيعه إلا أصحاب الهمم العالية والنفسيات الكبيرة والعقليات المبدعة.
التعليق : الجزم في الفقرة الأولى بأن الجهاد في سوريا فتح سوقه ولن يُغلق ابداً ، هذا جزم بالغيب ..وكون أهل الجهاد هم من سيسلّمون الراية للمهدي فهذا يحتاج إلى دليل شرعي ، فالمهدي يُصلحه الله في يوم وليلة ويُبايعه المسلمون في الحرم ، ولا أعلم خبراً يدلّ على أن أهل الجهاد هم من سيسلّمون له الراية !! إن كان الإخوة عندهم شيء فليسعفونا به ، فنحن نتعلم منهم ..
7)جبهة النصرة منذ ولادتها وهي تحاول كل جهدها عدم إحراق المراحل، فهي تمضي بخطة واضحة المعالم في كيفية التعامل مع نظام البعث وكيفية التعامل مع الأحداث بعد سقوط نظام البعث.. فهي تعمل من غير ارتجال بل عملها مدروس بطريقة متقنة تدل على وعي مستنير، فهي تحاول جهدها لأن تكون الأمة هي الحاضنة لها، وهذا يفهمه المتتبع لخطابها الشرعي ولضرباتها العسكرية ضد مفاصل النظام الطاغوتي.
التعليق : عين العقل .. نسأل الله أن يعينهم على كل مرحلة وأن يمكّن لهم ..
8)جبهة النصرة لم يغِب عن بالها اليهود المغتصبون لأرض الإسراء، فهي تعلم بأنّها على مرمى حجر من المسجد الأقصى الأسير وهذا الذي يسعى إليه كل موحد منذ زمن طويل, وسيكون العمل به قريبًا من سوريا إن شاء الله بعد سقوط النظام -الحامي الأكبر للعدو الصهيوني- ليعلم الكون بأسره كيف يكون جهاد اليهود, فهي تُقاتل بشار وزمرته وتعد العدة لليهود أشد الناس عداوة لأهل الإيمان وهذه هي بشارات الأحاديث الصحيحة.
التعليق : نسأل الله أن يعجّل هلاك يهود وتحرير بيت المقدس ..
9)معلوم لدى كل عاقل بأنّ من أهداف الحركات الجهادية استيعاب الشعوب المستضعفة وجعلها تخوض المعركة مع الطاغوت كي تزيله, فجبهة النصرة تدرك موقنة أنّ الرأي العام في سوريا يريد إزالة النظام والخلاص منه، فالشعب سيؤيد كل من يُقاتل النظام ويسعى لدماره، لذلك كان من التكتيك المهم الإعلان عن جبهة النصرة كي يفهم الشعب المسلم أنّ الجبهة منهم وهم منها؛ فهي تعيش آلامهم وتدافع عن الدين والعرض والأرض, ومن أجل أن لا تضيع جهود المخلصين وكي لا يقطف العلمانيون ثمرة الجهاد كان الإعلان عن الجبهة.
التعليق : الجزم بأن الشعب السوري سيؤيّد كل من يقاتل النظام ينبغي أن يكون جزماً مصحوباً بحذر شديد ، فلا ينبغي الإتكال على هذا الجزم ، بل ينبغي العمل على كسب قلوب المسلمين بكل الوسائل المشروعة ، ولا يخفى على المجاهدين تركيبة سوريا السكانية التي فيها النصارى والنصيريّة والملاحدة والبعث وغيرهم من الديانات والمذاهب الهدّامة ، فالإتكال على العمليات العسكرية وحدها غير كافٍ لكسب الشعب السوري ، والمكر النصراني النصيري الرافضي والعربي كبير في سوريا ، فينبغي الحذر من هذا كله ، ويبنغي الموازنة بين الأعمال العسكرية والدعوية والإعلامية ، ولا ينبغي إهمال أمر على حساب آخر ..
10)أدركت جبهة النصرة أنه يجب مشاركة مسار هذه الثورة وتوجيهِها والنزول إلى مستوى العوام ومشاركتهم الهموم وعدم الوقوع في أخطاء الماضي، فإصداراتها وبياناتها تدل على هذا الأمر المهم فهي تخاطب العاطفة مع الفكر في آن واحد وهذا هو منطق التفكير الصحيح.
التعليق : أمر توجيه الثورة الآن متعسّر ، ولكن الممكن في هذه المرحلة هو كسب التأييد من قبل بعض فئات المجتمع ، وخاصة الشباب المسلم ، فلا ينبغي التركيز على توجيه الثورة كلها ، بل الأفضل العمل وفق المعطيات والإمكانات المتاحة ، والعمل بمراحل كما سبق أن ذكره الشيخ الزبيدي حفظه الله ..
11) جبهة النصرة أدركت أنّ التنظير السياسي والبقاء بين الكتب شيء والنزول إلى أرض الواقع وتبني هموم الشعب المسلم شيء آخر، لذا أصبح الناس يأملون في الجبهة الخير الكثير، كيف لا وهي أمامهم في أرض المعركة تقدم الشهيد تلو الشهيد ثأرًا لأعراض النساء وبكاء الأمهات وتوجع الرجال ودموع الأطفال.
التعليق : نسأل الله من فضله ..
12)قال بعضهم أنّ الإعلان عن جبهة النصرة فيه حجة للغرب لعدم دعم الشعب السوري وعدم إنزال عقوبات على زمرة الأسد وإطالة نظامه وغيرها من الحجج السياسية التي تعودنا على سماعها, فنقول لهؤلاء بربكم هل ننتظر دعمًا من أهل الصليب الذين زرعوا اليهود في قلب العالم الإسلامي والذين هم من صنع حكام العرب الأنذال وجعلهم سيفًا مسلطًا على رقاب المسلمين؟ فجبهة النصرة أرادت من إعلانها عودة الشعب السوري المسلم لربه ولدينه وجعله يطلب النصرة منه جل جلاله وحده ولا يعتمد على شياطين الغرب والعرب، ونحن نلحظ صواب الإعلان عن جبهة النصرة وخاصة بعد المجازر والإبادة الجماعية التي ارتكبها نظام الردة في سوريا ومشروع التهجير لأهل السنة, ولكن لأننا تعودنا الذل واستطبنا الهزيمة فلا نريد تضحيات ولا نريد أن ندفع ضريبة العز بل نريد أن يأتي النصر ونحن نجلس في بيوتنا آمنين مطمئنين ويأتي أهل الصليب كي يدافعوا عن أعراضنا وبيوتنا!
التعليق : نسأل الله أن يهدي هؤلاء إلى الحق .. كم عانى المسلمون من هذه الآراء الإنهزامية التي لم تجلب لنا إلا الذل والعار .. إن هذه الأمة أمة جهاد ، ومتى ما تركت الجهاد : أذلّها الله ، والآيات والأحاديث صريحة في ذلك ، ومع هذا يأتينا من يخوّفنا بعدونا الصليبي الذي لن يساعدنا أو يقف معنا وسيضيّق علينا إن نحن أعلنا الجهاد !! الحقيقة أننا نُعلن الجهاد على الصليبيين وأذنابهم ، فكيف نرجوا منهم المدد أو أن يكفوا عنا !!
ملاحظة مهمة: إنّ المِحن على جبهة النصرة ستزداد يومًا بعد يوم بسبب شراسة المعركة وكيد الطغاة المتكبرين ومكرهم, وسيحمل الإعلام المرئي والمقروء على جبهة النصرة حملة شرسة كي يصد الناس عنها، وسيتهمونها بقتل المسلمين الآمنين وتدمير البيوت وغيرها من التهم الجاهزة المُعلبة، بل إنّ الطواغيت سيُقلدون بعض عمليات جبهة النصرة ويقتلوا عوام المسلمين كي لا يُصبح للنصرة حاضنة قوية ومن أجل القضاء على قاعدتها الشعبية, وسيعتلي المنابر من يرتزقون بلا إله إلا الله كي يُشوهوا صورة الجبهة وسمعتها الطيبة, فالمطلوب منكم يا إخوة التوحيد يا أهل الشام الأبية أن لا تًصدقوا النظام النصيري، وأن تنتظروا البيانات والإصدارات الموثقة من جبهة النصرة في تبني العمليات أو نفيها.
التعليق : ولذلك نقول : يجب التركيز على الإعلام وعدم إهمال هذا الجانب الخطير في الحرب ضد الكفار والصليبيين .
وأخيرًا وبعد هذه الأمور التي ذكرناها نوجه نداءً ونقول بأنُه حَريٌّ بكل موحد مخلص، وبكل مجموعة جهادية، وبكل مفكر إسلامي، وبكل طالب علم دنيوي وشرعي، وبكل صاحب تجربة إعلامية، وبكل سياسي لم يبع كرامته؛ أن ينضموا إلى جبهة النصرة كي يقوى عودها وكي لا تتشتت الجهود، ومن أجل أن لا تسقط الثمرة فيقطفها الغرب، ونوجه نداءً لمن لا يستطيع الانضمام إلى جبهة النصرة أن ينصرها بماله ولسانه وقلمه؛ فنحن لا نعمل لتنظيم إسلامي بل عملنا لنصرة الإسلام وإقامة شرعه فوق كل أرض وتحت كل سماء.
والحمد لله ربّ العالمين. (انتهى كلام الزبيدي حفظه الله) ..
التعليق : أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر المجاهدين في كل مكان ، وأن يدمّر أعداء الدين ، وأن يجعل مكرهم في نحورهم ، ويحفظ المسلمين من شرورهم ..
ختاماً :
جميل أن ترى نبرة الإستعلاء الإيماني في الشباب المسلم ، فهذه النبرة كانت غائبة عن واقع المسلمين لقرون عدّة حتى قامت هذه الهبّة المباركة على أيدي العلماء الربانيّين الذين سقوا بذرة الإعتداد بالدين بدمائهم فاستوت شجرة لا زال عودها يشتدّ على مر السنين ..
لقد انتقل المسلمون من طور الإستسلام للتخلّف والجهل إلى طور محاربة البدع والشركيات على يد أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب والشوكواني والصنعاني وغيرهم ، ثم إلى طور مقارعة المستشرقين والدفاع عن ثوابت الدين على يد كثير من المفكرين من أمثال رشيد رضا والإبراهيمي وغيرهما ، ثم ما لبث أن ظهر في المسلمين من يستعلي بإيمانه وعقيدته على سائر الأمم ويسفّه الكفار ومذاهبهم فكان من روّاد هذا الإستعلاء : أبو الأعلى المودودي وسيّد قطب وأبو الحسن الندوي وأمثالهم ، ثم تُرجم هذا الإستعلاء إلى عمل في الجهاد الأفغاني على يد الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله – وتلاميذه ، فمنطق الإستعلاء بالإيمان لم يأتِ من فراغ ، بل بُذلت من أجله الدماء والأشلاء ، وهذا المنطق أظهر ما يكون عند أهل الجهاد ، فهؤلاء عرفوا معنى الحريّة الحقّة ، وعرفوا معنى العبوديّة الحقّة ، وعرفوا معنى التوكّل الحق ، فهم أعزّ أهل الدنيا بإيمانهم ودينهم وعقيدتهم ، وهذا ما أحسسناه واضحاً في نبرات صوت الشيخ عبد الله عزام رحمه الله ، وفي هدوء وطمأنينة الشيخ أسامة رحمه الله ، وفي سكينة الأمير خطّاب رحمه الله ، وفي رباطة جأش الأمير الزرقاوي رحمه الله ..
المنطق الإستعلائي ينبغي أن يُتعامَل معه بحذر شديد ، فالإستعلاء بالدين لا يكون على حساب العلاقة مع المسلمين ، فالأصل أن علاقة المسلم بالمسلم علاقة محبة وتواضع ورحمة وموالاة وخفض جناح ولين (كل كلمة من هذه الكلمات معضودة بآية أو حديث) ، فالإستعلاء يكون على الكفار وليس على المسلمين وإن كنا نظن بأننا على حق وأن غيرنا – من المسلمين – لم يوفّق للصواب ..
المجاهدون جزء من نسيج المجتمع الإسلامي أينما حَلّوا ، وهم جزء من الأمة الإسلامية وليسوا فرقة مستقلّة عنها ، وهم – بهذا المفهوم – جزء من الحل الإسلامي وليسوا الحلّ كلّه ، فاختزال الأمر كلّه في أهل الجهاد نوع من المجازفة ، وليس المجاهدون هم “الطائفة المنصورة” ، بل نسأل الله أن يكونوا من الطائفة المنصورة ، فالطائفة المنصورة أشمل من أهل الجهاد كما قرر العلماء ، وإن كان أكثر ألفاظ الأحاديث جاء بلفظ القتال ..
ينبغي الحرص على الخطاب المتوازن المكسوّ برِداء التواضع عند مخاطبة المسلمين والتّعامل معهم ، فأهل الجهاد خدمٌ للمسلمين يتقدمونهم صفوف ساحات الجهاد يموتون دون دينهم ودماء المسلمين وأعراضهم ، وعند انتهاء الجهاد يكونون في الصفوف الخلفية : يعالجون الجريح ويحملون الضعيف ويواسون المُصاب ، فهمّهم نصرة الإسلام والمسلمين وإعلاء كلمة الدين ، وهذا لا يعني ترك الأمر للعملاء والمرتزقة يسرقون ثمرة الجهاد والتضحيات ، ولكن المقصود أنهم يسلّمون الأمور إلى أهلها ويعملون مع المسلمين لمصلحة الدين وإصلاح الدنيا ، فمتى ما اطمأنّوا إلى استتباب الأمر فإنهم يرجعون إلى ثكناتهم ، أو يتوجّهون إلى ثغور أخرى لإعادة العمل من جديد ، وهذا ينبغي أن يكون واضحاً عند جميع الناس ، فأهل الجهاد ليسوا طُلّاب مناصب دنيويّة ، بل هم طُلّاب منازل أُخرويّة ، وهم في الدنيا غرباء وعابري سبيل يعبرون ساحات القتال ليصلوا بأمّتهم إلى النصر أو يتّخذهم الله شهداء ..
بهذا المفهوم الشامل يحصل الإطمئنان للنفوس ، ويحصل القبول ، ويتمكّن المسلمون من العمل يداً واحدة بمفهوم الأمة الواحدة المتساوي أفرادها في الحقوق والواجبات ، فلا فضل لجماعة على جماعة ولا أفراد على غيرهم ، فالفضل كله لله ، والتنافس يكون لكسب رضاه ، والعمل يكون من أجله ، والتوكّل يكون عليه وحده .. ولا بأس بالتنظيم والعمل الجماعي ، ولكن : على أساس المساواة والعدل وتقديم أهل الخبرة والرأي كُلٌ في مجاله ، ويكون العمل تكامليّ لا تصادميّ ، وبهذا يحصل التقارب ويبدأ التآلف وتندمج الصفوف وتلتحم القلوب ويُعرف لأهل الفضل فضلهم ويُحفظ لأهل السابقة سابقتهم ، “وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله” (مسلم) ..
أسأل الله أن يجعل أقوالنا وأفعالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يجعلنا من الخافضين أجنحتهم للمؤمنين ، وأن يجعلنا دعاة اعتصام بحبله المتين ، وأن يوفقنا لجمع كلمة المسلمين ..
والله اعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
غرّة رجب 1433هـ
__________
To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]