الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه ومن بهديه اهتدى، واتبع سنته واكتفى، ثم أما بعد
فإنه قد آن أوان نهوض هذه الأمة بعد أن تكالبت عليها الأمم وتداعت كتداعي الأكلة على قصعتها، ولم يعد هناك ثمة لحظة للانتظار أو التشاور أو ثمة فرصة للتردد والإحجام بعد أن بدأت أحزاب الكفر والردة والنفاق تُنزل جنودها وعتادها في جزيرة العرب، مهبط الوحي ومكان قبلة المسلمين وبيت الله الحرام، وصارت هذه الأماكن المقدسة على مرمى حجر من هؤلاء الكفار على مختلف مللهم ونحلهم، تجمعهم غاية واحدة ووحيدة {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} ، وصار من الواجب على المسلمين أن يجمعوا أمرهم بكل حزم وقوة ليردوا الصاع صاعين أو على الأقل يصدوا عداء هؤلاء بتنفيذ أمره سبحانه وتعالى { وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين}.
ولن يبقى هناك مبرر للقعود والانتظار وهانحن نرى بأم أعيننا وصول البعثات الأولى من جند الصليب إلى أرض اليمن بعد أن رأوا سقوط عملائهم وعجزهم عن صد أحفاد الصحابة عن تحرير البلاد، وتثبيت أركان شريعة رب العباد.
أهمية جزيرة العرب
لكي نفهم أكثر هذه المسألة ويكون لدينا قوة الدفع المطلوبة لعملية النهوض، لابد لنا من التذكير بأهمية منطقة جزيرة العرب، فقد ورد في الحديث النبوي : ” يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم”
[الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: أحمد شاكر – المصدر: مسند أحمد – الصفحة أو الرقم: 5/33
خلاصة الدرجة: إسناده صحيح ].
ومن طريق آخر : ” يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ، ينصرون الله و رسوله ، هم خير من بيني و بينهم ”
[الراوي: عبد الله بن عباس، المحدث: الألباني – المصدر: السلسلة الصحيحة – الصفحة أو الرقم: 2782
خلاصة الدرجة: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين].
الحديث عن الجهاد في جزيرة العرب حديث ذو شجون ويحتاج إلى تفصيل وإسهاب نظراً لخطورة المرحلة التي يمر بها ونظراً لأهمية المنطقة وقداستها بالنسبة لنا وخطورة الأهداف التي يسعى الأعداء إلى تحقيقها هناك.
في البداية أنوه بالإخوة في قاعدة الجهاد على الخطوة المباركة التي تمثلت في توحيد عملهم والتحامهم فيما أسموه بتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب بدلاً من التنظيمين السابقين : تنظيم القاعدة في اليمن وتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الحرمين، فهذا الاسم أنسب وأشمل وأقرب للحقيقة والواقع، كما أن هذه الخطوة في حد ذاتها تُعتبر أكبر ضربة للعدو وإغاظة لشياطين الجن والإنس أيما إغاظة، لأنها حطمت صنم التفرقة الذي ساد به الأعداء دهوراً في بلداننا.
إنها خطوة كبيرة نحو تأصيل وحدة المجاهدين ثم المسلمين، وتطبيق عملي لمسألة الوحدة التي طالما رددناها بأفواهنا ولم تلق إلى الآن طريقاً لتكون واقعاً على الأرض.
فجزيرة العرب وحدة متكاملة وليست قابلة للتقسيم إذ أنها تعتبر كلها أرض الوحي والرسالة الخاتمة، ومركز المسلمين قاطبة.
وإذا نظرنا في جانب مصلحة الأعداء فإننا سنجد حرصهم الكبير وتركيزهم المكثف على هذه المنطقة المركزية، وهم يريدون تحقيق أهداف عديدة منها الدينية والاقتصادية والسياسية.
فالدينية تتمثل في طمس المعالم الإسلامية وتمييع مفاهيم ديننا بتنصيب حكومات مرتدة تواليهم في كل صغيرة وكبيرة، تحارب دين التوحيد وتنشر ديناً محرفاً قائماً على طاعة هؤلاء الحكام المبدلين وسدنتهم من علماء النفاق والتسول.
أما اقتصادياً فغايتهم هو استغلال ثروات النفط الهائلة المتواجدة في باطن أراضي الجزيرة التي تُعتبر الخزان الأكبر لهذه الثروة الثمينة، وأكبر احتياطيي العالم لهذه المادة النفيسة ، ثم الثروات الكبيرة التي يحصدونها خلال موسمي الحج والعمرة ، التي تحولت إلى مواسم سياحية تدرُّ الأرباح الطائلة على العائلات المالكة.
وأما سياسياً فغاية الأعداء هو تنصيب أنظمة مستقرة تابعة لسياسته، لها صبغة دينية لكي تكون موضع ثقة للمسلمين بينما الحقيقة هو أنهم مجرد سماسرة للأعداء يضمنون له مصالحه المادية الكبيرة وصفقاته الضخمة في المنطقة،و هؤلاء يمثلهم أصحاب النفوذ والسيطرة المطلقة في العالم وهم رؤوس ما يُسمى بحكومة العالم الخفية.
ويبقى هدف أعدائنا الرئيس هو محاولة إجهاض أي محاولة لاسترجاع الخلافة الإسلامية وإقامتها من جديد، فحرب الأعداء استباقية على مجاهدي القاعدة في المنطقة، وما تواجد قواعدهم العسكرية والأمنية الضخمة في المنطقة إلا دليل قاطع على هذه الإستراتيجية الحذرة واستعدادهم الجدي للتغيرات القادمة وللنهوض الجهادي القادم.
بداية أنصار الشريعة وغاياتها
ينبغي أن نتذكر أن جماعة أنصار الشريعة هي امتداد لتنظيم قاعدة الجهاد في جنوب جزيرة العرب، أسس أصلاً من أجل تطهير جزيرة العرب من رجز اليهود والصليبيين، وكان شعارها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب” [متفق عليه]، فما دام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكد على هذه المسألة وهو على فراش الموت إلا وأنها مهمة للغاية ، وتخص مستقبل الإسلام في هذه البلاد.
وهذا الحديث يدل أيضاً على حرص المشركين على البقاء فيها واستغلال ثرواتها والحرص على القضاء على معالم الخلافة وطمسها.
فجزيرة العرب تُعتبر المركز للمجاهدين وقبلة جهادهم التي لا يمكن أن يفرطوا فيها بحال. قد يؤجلوا المعركة الحاسمة لأسباب ذاتية أو خارجية ولكن أبداً لن يهملوها ويتركوها لقمة سائغة في أفواه التحالف الصهيوصليبي ليعيثوا فيها الفساد ويطمسوا معالم ديننا في نفوس العباد بمساعدة هذه الزمرة الحاكمة الخبيثة، ملوكاً كانوا أو أمراء أو رؤساء.
لقد انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوته من مكة المكرمة، ولبث فيها ما شاء الله له أن يلبث، محاصراً ومُكذبا من عشيرته الأقربين قبل الأبعدين، فخرج منها مُكرهاً وهو يبحث عن قاعدة آمنة وأنصار صالحين لينشر بهم دين الحق، ولم يكن في خلد رسولنا الكريم أن يُهمل مكة أو ينساها بالرغم من تمكنه في المدينة، بل بقيت في خلده يتحين فرصة الرجوع إليها لكي يفتحها، وقد تحقق له ذلك بعد ثماني سنوات من الهجرة.
وهاهو التاريخ يعيد نفسه اليوم، ورأينا خروج مجاهدي القاعدة من جزيرة العرب وعلى رأسهم شيخهم وأمير حربهم أبو عبد الله أسامة بن لادن – تقبله الله في عليين -، خرجوا طلباً للإعداد والنصرة، وقد مكثوا سنين عدداً خارج أرض الوحي كانت سنين إعداد واستعداد، وشاء الله أن يعودوا إلى مهد الخلافة لكي يبنوا قواعد هذه الخلافة الراشدة، ويحققوا أمر رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بإخراج المشركين من جزيرة العرب ومعهم أذيالهم ومواليهم من حكامنا المرتدين، ويطهروها من رجسهم وأنجاسهم.
ساحات الجهاد السابقة كلها ساحات إعداد
لحكمة يعلمها الله تعالى فقد تأجلت هذه المعركة المركزية إلى حين، وفتح الله على عباده المجاهدين ساحات جهاد أخرى، انتقلوا إليها سواء لأداء واجب النصرة لإخوانهم هناك أو تحقيقاً لفريضة الإعداد.
فرأينا تسابق أبناء الجزيرة إلى هذه الساحات بدءاً من الساحة الأولى وهي أفغانستان في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وقد أبلوا هناك بلاء حسناً قلَّ له نظير في هذا العصر، سجلوا ملاحم جهادية نادرة وفريدة في التضحية والشجاعة والإقدام.
ثم تلتها ساحة البلقان في بداية التسعينيات من القرن الماضي وكان تواجد أبناء الجزيرة هو الغالب، ذكروا الأمة بفتوحات أجدادهم لبلدان الصليب في عقر ديارهم ووقفهم على أسوار فيينا، مما أغاظ هؤلاء الصليبيين فعمدوا إلى المكر والخديعة لإيقاف هذا المد المبارك عبر ما يسمى باتفاقية دايتون، حيث نصبوا ممثلين ضعفاء وخونة لمسلمي البلقان، خاصة البوسنة والهرسك، ليدخلوا في هدنة مع صليبيي صربيا واشترطوا عليهم أن ينسحب ويخرج المجاهدون العرب من البلاد كشرط أساسي لإيقاف الحرب ومنح استقلال صوري للمسلمين في هذا الإقليم، وكانت الفاجعة والمصيبة فبعد انسحاب المجاهدين عن مضض، سارع الصليبيون إلى ارتكاب مجازر كبيرة في عدة مناطق من البوسنة والهرسك في غياب أسود الجهاد الذين يمثل غالبيتهم أبناء الجزيرة.
وكانت بعدها جبهة الشيشان وبلاد القوقاز بصفة عامة، حيث اتخذها المجاهدون محطة أخرى من محطات إعدادهم، وكأن الله تعالى ينقلهم من جبهة إلى أخرى لمزيد من الإعداد والاستعداد للمعركة الكبرى الحاسمة على أرض الجزيرة.
ثم تلتها ساحة أفغانستان مرة ثانية، خاصة بعد الإطاحة بالإمارة الإسلامية وانسحاب الطالبان من المدن وإيثار التنازل على السلطة مقابل الحفاظ على أرواح المدنيين ولإعداد الكرة لاستقبال أحزاب الصليب وبدء حرب طويلة الأمد في عقر دار الإسلام، والتي ما زلنا نعيش مشاهدها وحلقاتها المثيرة، تستنزف العدو وتحطم كبرياءه وتهدم عروشه.
جاءت بعدها ساحة العراق لتكون حلقة جديدة من حلقات الإعداد لأسود الجزيرة، وهي بلا شك من أهم المحطات على الإطلاق لأنها شهدت ميلاد تقنيات عسكرية فريدة في مواجهة جيوش المحتل وعساكر الردة والنفاق، وكانت دولة العراق الإسلامية بمثابة جامعة لتخريج قادة حرب من طراز جديد لم يعرفهم التاريخ من قبل، وما زالت هناك مفاجئات كبيرة وكثيرة يدَّخرها مجاهدو الدولة الإسلامية ليوم قريب.
فقد كانت هذه المحطات شبيهة بتلك السرايا التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل معركة بدر الكبرى، وهي المعركة الفاصلة بين أهل الحق وأهل الباطل، وقد كانت هجمات خاطفة يُعِدُّ فيها الله تعالى جنده ليوم الفرقان يوم التقى الجمعان وللغزوات المقبلة التي انتهت بظهور دين الله على كل الأديان، وكانت جزيرة العرب المركز الرئيس لدولة الإسلام.
لقد دار التاريخ دورته وأعاد نفس المشهد، ورأينا عودة أحفاد الصحابة الكرام إلى عقر ديار الإسلام ومنبعه الأول، جزيرة العرب، وقد أخذوا نصيباً وافراً من الإعداد عبر تلك المحطات الجهادية سالفة الذكر، لكي يمهدوا للمعركة الكبرى من أجل إعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة إن شاء الله تعالى.
الآن بدأت المعركة وحمي الوطيس
يمكننا القول أن اليمن سيكون بمثابة القاعدة المتينة والآمنة للتنظيم ولكل المجاهدين بحول الله وذلك بما حباها الله من تضاريس مناسبة وشعب معطاء تتوفر فيه الكثير من سمات الجهاد والاستشهاد.
دون أن ننسى الشباب المحب للجهاد من بلاد الحجاز، شباب يتميز بالجود والكرم والتضحية بالغالي والنفيس في سبيل نصرة دين الله عز وجل، فقد أصبحوا قدوات في هذا المجال وصاروا يذكروننا بنماذج كثيرة من صحابتنا الكرام والتابعين من سلفنا الصالح.
يمكننا القول – بعد هذه المحطات الإعدادية – أن المعركة قد أوشكت أن تبدأ بين جنود الحق ممثلين في أنصار الشريعة بكل أجنحتها، وبين جنود الباطل ممثلين في رأس الأفعى أمريكا وحلفائها من الصليبيين واليهود والمنافقين والمرتدين والروافض.
كل ما مرَّ معنا من عمليات جهادية نوعية، سواء داخل عقر الغرب الصليبي أو داخل بلداننا المحتلة، ما هي إلا تدريبات وجس لنبض العدو واختبار لقدراته، كما هو اختبار للقدرات المادية والمعنوية لجنود القاعدة أنفسهم ، لكي يقرروا أي نوع من الأسلحة أنسب للمعارك القادمة.
لاشك أن هناك أسلحة وتقنيات وخطط لم يُظهرها المجاهدون بعد وقد ادَّخروها لقادم الأيام، حينما يحمي الوطيس.
يمكننا ذكر غزوات الطائرات التي أدخلت على العدو رعباً كبيراً، وتلك التقنيات الرائعة الفريدة لصناعة المواد المتفجرة سواء في محاولة المجاهد البطل عمر الفاروق أو تلك التي استعملها الشهيد العسيري في محاولة اغتيال محمد بن نايف.
هذه مجرد عينة لتلك الأسلحة الخفية المثيرة للرعب والعجب لدى العدو، فما بالك بما هو مدّخر لليوم الذي تحمى فيه الوطيس؟
لقد بدأت المعركة أيضاً مع جنود الردة ورموز النظام الخبيث ومؤسساته الأمنية الخبيثة، و قد زحفت جموع أنصار الشريعة كما تزحف الأسود إلى فريستها، فتحول جنود الطاغوت إلى أرانب، وتساقطت المدن والقرى تتراً في أيدي أنصار الشريعة، وفي كل محطة يحررونها يبدأون بتطبيق نصوص الشريعة كعينة واضحة وثمرة طيبة لجهادهم المبارك، فليس هناك ما يُسمى بالتدرج في تطبيق شرع الله ما دام المسلمون يملكون زمام الأمور ولهم المنعة والشوكة لتحقيق ذلك.
سوف يرى هؤلاء ما يسوؤهم وسيندمون حيث لا ينفع الندم، فقد أعد الله لهم على أيدي عباده المجاهدين ما لا يخطر على بالهم، فباب التوبة ما زال مفتوحاً، وصدور مجاهدي القاعدة ما زال رحباً لقبول توبتكم شرط الكفر بالطاغوت ولو أن تبقوا محايدين خلال المعارك القادمة، فلا تنصروا الباطل حتى لو لم تنصروا الحق.
أنصار الشريعة في مواجهة تحالف الصليب والردة
يجد مجاهدو أنصار الشريعة أنفسهم أمام وضعية معقدة ومتشابكة، وكأن الأعداء – من الخارج – أرادوا أن يعكروا صفو المياه في الداخل وخلط الأوراق في الساحة كاستراتيجية استباقية لسد الطريق على المد الجهادي الجارف الذي تقوده جماعة أنصار الشريعة وبهذه السرعة المذهلة التي لم يكن يتوقعونها، ولكي يحاولوا إيقاف هذا المد ومنع وصوله إلى العاصمة صنعاء ، فقد أنزل جنود الصليب بقيادة أمريكا الأفواج الأولى على أرض اليمن وبالضبط في جنوب البلاد لكي يبدأوا معركة لم يجدوا لها إسماً غير الإسم القديم ” محاربة الإرهاب”، فزيادة على كونها أسطوانة مخرومة غير مقبولة لدى شعوب المنطقة بصفة عامة، فإنها أصبحت أضحوكة لدى كل فئات الشعب اليمني لأنهم يعلمون يقيناً مصدر الإرهاب الحقيقي ولاعبوه الحقيقيون خاصة بعد الثورة الشعبية المباركة التي قدم فيها المسلمون آلاف الضحايا ومثلهم من الجرحى والمعطوبين، وما زال الشعب المسلم يعاني من نتائج هذا الإرهاب الوحشي القبيح.
وقد بعث الله تعالى أبناء هذا الشعب من أنصار الشريعة ليكونوا حجة على الأمة جمعاء، وقدموا أدلة ساطعة على أن المؤمنين إذا توكلوا على الله حق التوكل يمكنهم أن يحققوا العجب العجاب ويصبح المستحيل ممكناً بفضل الله عز وجل، فلا مكان للتقاعس، ولا مكان للنكوص، وليس أمام شباب الأمة إلا العزم وبدء المسير.
لقد بدأ التحرك من أجل تحرير البلاد من ردة وعمالة هذا النظام المرتد الخبيث، وسيضع المجاهدون حداً لاستغلال ثروات البلاد وتقديمها على أطباق من ذهب للتحالف الصهيوصليبي، ولا شك أن الشعب اليمني بكل فئاته لديه القابلية وبقايا فطرة سليمة لتقبُّل خطابات أنصار الشريعة المبني على أسس دينية والحفاظ على تراث وتقاليد الشعب اليمني المسلم.
في اعتقادي أن هذه المهمة لن تكون عسيرة على أبناء أنصار الشريعة – قيادة وقاعدة – وسينجحوا فيها إلى حد بعيد بحول الله وقوته.
فالقبائل اليمنية الأصيلة يغلب عليها الطابع الديني وستنحاز بأقصى سرعة إلى من يدافع عن دين الله ويقدم في سبيل ذلك النفس والنفيس.
إلى جانب الوجود الصليبي وخطره على مستقبل الجهاد والإسلام في جزيرة العرب ، هناك ما يُسمى بالتمرد الحوثي الرافضي، هذه الحرب أرى أنها حرب مفتعلة وقيادتها توجد خارج اليمن وبالضبط في إيران المجوسية، وهي تعتبر ورقة ضغط من طرف عدة أطراف لكي يخلطوا بها الأوراق في هذه المنطقة الحساسة بعدما تيقن الأعداء أن جماعة أنصار الشريعة قد حطت رحالها في جنوب جزيرة العرب وصارت لها قاعدة راسخة وحصناً منيعاً سيهددون به كل الأنظمة المرتدة المجاورة وستكون نقطة انطلاق نحو الخلافة الراشدة بحول الله، خاصة بسبب قربها من مهبط الوحي والحرمين الشريفين.
أرى أن الإخوة المجادين قد تعاملوا مع القضية بحذر وحكمة وصبر لا نظير له بالرغم من الاستفزازات الكثيرة التي لاقوها من قبل طائفة الحوثيين، ولعل لدى الإخوة استراتيجية مؤجلة قد أعدوها ليوم قريب وهم بانتظار أن تتوفر بعض الشروط اللازمة لتطبيقها.
فالحوثيون والنظام المرتد، كلاهما يعتبران عدواً لله ورسوله وللمؤمنين، فالنظام يدافع عن عرشه وحكمه وليست لديه أية عداوة شرعية مع الحوثيين والدليل أنه لم يهتم بهم كفئة دينية مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة إلا حينما أعلنوا انفصالهم عن النظام المركزي ومحاولة الإعلان عن حكم ذاتي لا يعترف بالنظام المرتد في صنعاء، فهنا ثارت ثائرة النظام ودخل في حرب حقيقية مع هؤلاء لاسترجاع هيبته وبسط سيطرته على هذه المناطق التي يدَّعي الحوثيون أنها ملك تاريخي لهم .
ومن جهة أخرى فالحوثيون ،بالنسبة لأنصار الشريعة ولأهل السنة والجماعة، يُعتبرون طابوراً خامساً للنظام الرافضي في إيران المجوس، ودورهم هو محاولة “لبننة” اليمن والقيام بدور شبيه بالذي يقوم به حزب اللات في لبنان، أو دور الروافض الخبيث في بلاد الرافدين أمام تقدم أهل السنة المتمثل في ظهور دولة العراق الإسلامية، وهذا الأمر يخدم – بالطبع – أطرافاً عديدة على رأسهم أمريكا وحلفاؤها، لأنهم يرون في ذلك تأجيلاً لنهضة إسلامية في جزيرة العرب، وأملاً في إشعال حرب أهلية داخلية في جزيرة العرب لن تنطفئ حتى تأكل الأخضر واليابس وسوف تسمح لهم بالتفرج على اقتتال عملائه وخصومه ، بدون تدخل عسكري مباشر كما حصل في أفغانستان والعراق مثلاً ، وبهذا سيوفر على نفسه المزيد من الإستنزاف وبالتالي سيحد من شدة أزماته المختلفة [العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ].
أما الآخر والأخير في هذا الصراع فيتمثل في النظام الحاكم المرتد في صنعاء، فمهمته هو السعي إلى ترسيخ سياسة المحتل الصليبي وحماية مصالحه ولا يطلب في المقابل سوى أن يحميه المحتل ويضمن له استمراريته في الحكم ولو بالحديد والنار، ومستعد بأن يضحي – ليس بخيرات ومستقبل البلاد فحسب – بل بهذا الشعب نفسه لو اقتضى الأمر، كيف لا وهو يقصف بطائراته بيوت الآمنين من الشعب المسلم ويقدمهم قرابين لأسياده الصليبيين ليبين حسن تقربه وعبادته لهم.
وهاهو رأس الأفعى قد اضطر للتنازل عن الحكم ويحاول توريث الحكم لشرذمة من العملاء لا يمكن أن يثبت لهم قرار إلا بمساعدة صليبية فعلية بعد أن اجتاحت أنصار الشريعة الساحة ولم يبق لها سوى خطوات لاحتلال صنعاء العاصمة، فهنا سارع الصليبيون بقيادة أمريكا للنزول بخيلهم ورجلهم لعلهم ينقذون ما تبقى من هذا النظام وينفخون فيه الروح قبل لفظ أنفاسه الأخيرة.
ضرورة الهجرة إلى أرض الجزيرة
على ضوء ما سبق من حديث وإشارات، يتبين لنا ضرورة تركيز تنظيم قادة الجهاد العالمي في كل مكان على أرض الجزيرة، وجعل هذه الجبهة جبهة أساسية، نوليها اهتماماً خاصاً وفريداً، كما يفعل أعداؤنا وأكثر، وهذا دور الأنصار من العلماء والكتاب والدعاة والمفكرين جميعاً إن كانوا يريدون النصر والتمكين لدين الله عز وجل.
واعتبار كل الساحات المفتوحة مجرد محطات إعداد لما سيأتي من معارك مصيرية وملاحم كبرى على أرض الجزيرة بحول الله وقوته.
كما نود تذكير الإخوة الأنصار وكل من يريد النفير أن أرض اليمن السعيد، أرض الإيمان والحكمة، تُعتبر من أنسب أراضي الإعداد المادي والنظري، سواء في الميدان العسكري أو حتى العلمي، حيث سيتمكن المهاجر من تلقي تكوين مكثف يؤهله لمواقع القيادة إن شاء الله، فأرض اليمن – كما سبق أن أشرت إلى ذلك – من أخصب المناطق وأنسبها لعملية الإعداد.
إضافة إلى تميز شعبها وقابليته الكبيرة للإسلام وحبه للمجاهدين، حيث يمكننا مقارنته بالشعب البشتوني المجاهد في أفغانستان وباكستان وتعامله المتميز مع المجاهدين العرب.
لقد أصبحت أرض جنوب جزيرة العرب اليوم بمثابة أفغانستان أخرى، وقلعة جديدة من قلاع الإعداد والجهاد، فمن يتخلف فإنما يبخل عن نفسه، ومن سارع إلى الهجرة فإنما يحجز لنفسه مكاناً في صفوف السابقين، وليس من سبق كمن تأخر، وفي كل خير.
ضرورة الإبقاء على مواقع إمداد خارجية
التواصل مع المجاهدين واجب وضرورة حتمية يفرضها الشرع والواقع معاً، أينما كانوا وحيثما رحلوا. فالمصلحة مشتركة بينهم وبين أنصارهم، فالمجاهدون بالنسبة لنا معشر الأنصار يُعتبرون مصدر إلهام للحركة والتضحية لهذا الدين الحنيف وسبباً لهداية الكثير من الخلق لما يرى الناس فيهم من صدق وإخلاص وتفاني في سبيل نصرة دينهم والسعي لإعانة المستضعفين وتحريرهم من براثن التبعية والعبودية لغير الله وكسر قيود الطغاة التي تكبلهم عن عبادة الله عز وجل وحده دون سواه.
وفي الجانب الآخر نجد أن الأنصار يمثلون بالنسبة للمجاهدين جسراً للتعريف بجهادهم وسفراء لهم خارج جبهات القتال مع أعدائهم، كما يُعتبر الأنصار مصدر تمويل وإعداد متواصل لا ينفذ لهؤلاء المجاهدين، فكلنا يعلم أن الجهاد يستهلك العتاد والرجال ولابد من البحث عن مصادر ومنابع لتزويد ساحات الجهاد بالرجال والمال والعتاد اللازم، وليس هناك أفضل من الأنصار للقيام بهذا الدور الهام.
وهذا الكلام ينطبق – من باب أولى – على مجاهدينا في باقي مناطق الصراع، وأخص بالذكر أحبابنا في بلاد الصومال – بحكم قربهم الجغرافي وموقعهم الاستراتيجي من جزيرة العرب – وهاهم أولاء يعلنون استعدادهم لنصرة إخوانهم في جزيرة العرب بإرسال سرايا خاصة لتعزيز صفوف إخوانهم في مواقع الجهاد، إيماناً منهم بأهمية المنطقة وحساسيتها لمستقبل الإسلام على وجه الخصوص.
المطلوب منا جميعاً أن نمد يد العون والتواصل مع إخواننا في اليمن ونعمل على تلبية أوامرهم وتنفيذ مهامهم التي يحبسهم حابس العجز أو البعد أو الضغوطات الأمنية على تنفيذها.
على المجاهدين والأنصار جميعاً – خارج جزيرة العرب – أن يبقوا يقظين ومتأهبين لإرسال البعوث والمدد اللازم في المعركة الرئيسية والمركزية على أرض الجزيرة، موطن الخلافة القادمة.
وما دامت لدينا وسائل الاتصال والتواصل عبر الوسائل المعلوماتية فلا ينبغي أن نبخل أو ندَّخر جهداً في نشر أدبياتهم والاستفادة منها على أوسع نطاق، ونعرّف بذلك غايات جهادهم ونوصل إليهم ما يحتاجونه من معلومات ميدانية أو تقنية أو غيرها مما يحتاجونه في جهادهم .
فالمجاهدون يكونون في وضع حصار دائم وقد يحرمهم الأعداء وكذلك متطلبات الجهاد اليومية من الاهتمام بأمور قد تكون ثانوية في سلم أولوياتهم أو لا يستطيعون الوصول إليها ولكنها مهمة لمسيرة جهادهم، فهنا يكون دور الأنصار دوراً مكملاً لما يقوم به المجاهدون في ميادين القتال، أو يكون هذا الدور بمثابة المعول الذي يكسر جزءاً من هذا الحصار لكي يتمكن المجاهدون من التنفس واستجماع قوتهم ومواصلة الحرب بمعنويات كبرى وهمم عالية.
أسأل الله تعالى في ختام هذه المقالة أن ينصر إخواننا المجاهدين في كل مكان ويعلي شأنهم في الدنيا والآخرة وأن يفتح عليهم من عنده ويؤيدهم بجنده ويفتح لهم قلوب عبادك الصالحين ليكونوا لهم أنصاراً ، كما نسأله سبحانه أن يوفق قادتنا في جزيرة العرب لما يحب ويرضى وينير قلوبهم بحبه ويثبت على الحق أقدامهم ويسدد اتجاه العدو رميهم ويعلي في ميدان الحق رايتهم ويقوي في جبهات القتال شوكتهم، ويزعزع عند اللقاء أعداءهم، آمين والحمد لله رب العالمين.
وكتبه نصرة لشريعة الله بنصرة أنصار الشريعة في جزيرة العرب – العبد الفقير: أبو سعد العاملي
17 ربيع الثاني 1433 هـ.
_________
To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]