New article from a member of the Shamūkh al-Islām Arabic Forum Abū Usāmah al-Kūbī: "Until He Complements One Another"

الحمد لله ولي المؤمنين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين، ومن سار على هديه إلى يوم الدين، وبعد؛
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا ربي علماً.
اللهم وفقنا للإيمان وأطيب الكلام وأنفع المعاني، واجعل اللهم لأحسنها وأصوبها القبول من عبادك المؤمنين، واجعلنا اللهم مفاتيح للخير مغاليق للشر يا رب العالمين.
تحية إلى الإخوة الكرام حفظكم الله أعتذر منكم لعدم الرد على مشاركاتكم فظروف الإتصال والتواصل تجبرني على ذلك فأرجو من الإخوة أن يعذروا أخاهم وفقكم الله
ثم أما بعد؛
فلقد مرَّ الجهاد في هذا القرن الهجري الخامس عشر بمراحل عدّة، وكانت بفضل الله ناجحة وبكل معاني النجاح ولله الحمد والمنّة، وقد تكون هذه المراحل لا ينتبه لها كثير من الشباب الذين لم يخوضوها، أو خاضوها في سنٍّ مبكر من العمر، ولم تكن واضحة المعالم لهم لانشغالهم بالعمل الميداني ومتطلباته العسكرية اليومية في مقارعة الأعداء، ثم أهمية هذه المرحلة التي نحن فيها اليوم من عمر الأمة, وما تحتاجه منا منتوحيد للجهود وعلى كل المستويات وخاصة سياسة الجهاد في هذه المرحلة الفاصلة بين عهد قيادة الطواغيت للأمة وقيادة النخبة التي ستُسلم للمجاهدين الذين هم القادة الفعليون القائمون بالدفاع عن الأمة ومقدساتها ومقدراتها ورافعون لواءها، وهم بإذن الله من سيسلم هذه الراية إلى من هو أهل لها, ومن سيقودها بكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- كما كان عليه سلف الأمة، وتوحيد سياسة الجهاد مهمة جداً لكل مجاهدٍ ومناصرٍ ومطَّلعٍ على أمور الجهاد.
فمشروع الجهاد مشروع شرعي قائم على مرحلتين هما:
الأولى: دفع العدو الصائل وبكل أشكاله من كفار أصليين أو عملاء مرتدين من كل أراضي الإسلام.
المرحلة الثانية: إعادة الشريعة تحكم بين الناس وعلى أراضي الإسلام جميعاً.
وهاتان المرحلتان هما ما تدور عليهما سياسة الجهاد المعاصر، وكل قادة الجهاد على هذه السياسة سائرون، ولن تقوم خلافة إسلامية ولا دولة إسلامية إلا بخوض هاتين المرحلتين وإتمامها بكامل متطلباتها الإستراتيجية والتكتيكية والمرحلية، وهذا ما يحدده قادة الجهاد الذين هم من ينظم ويخطط ويرتب ويقرر البدء والانتهاء والانتقال المرحلي، وهذا ما يجعل البعض يجهل كثيراً من سياسة الجهاد، ومنهم من يتهم الجماعة المجاهدة بأن ليس لها مشروع واضح، وأكثر من هذا، ولكن قد يكون الأمر يحتاج من الإخوة الكتاب شيء من زيادة الإيضاح في تبيين المراحل وسياستها وفقاً لما يطرح من القيادة العامة لقاعدة الجهاد في خراسان أو من قيادة فروعها التي في الثغور، وهذا ما قصدته في مقالي هذا، وكيف نكون مترابطين في أطروحاتنا مكملين لبعضنا في إيصال واقع أمتنا إلى أبنائها، وبسياسة موحدة وممنهجة تكون من خلالها عودة الثقة وزرعها في أبناء أمتنا، وهذا ما نحتاجه في مرحلتنا القادمة والتي ستلفظ الأمة فيها من جاءها عن طريق الديمقراطية حاكماً (إسلامياً)، وما بني على باطل فهو باطل.
والله أعلم؛ أن المطلوب من الإخوة الأفاضل، الكتاب الشرعيين والسياسيين والمحللين؛ أن يدعموا كلمات وكتابات القادة أهل الثغور، فعادة القادة يتكلمون إجمالاً وعلى معطياتهم التي يستنتجونها من نظرتهم للواقع, ومن مصادرهم التي يتلقون منها معلوماتهم, ومن معطيات الواقع الذي هم فيه من قدرة عسكرية ومالية وأفراد واجتماعية وجغرافية وغيرها من الأمور التي هي من أسباب تكوين النظرة السياسية في الطرح والتوجيه المباشر وغير المباشر، والمقصود منه إما مناورة سياسية يقصد بها تضليل العدو, أو رسائل للأنصار يحملونها بخطوط عريضة تتماشى مع المقام.
فكيف نكمل المقصود ونتمم المجهود حتى تكتمل الفكرة وتتضح المرحلة وتفهم سياستها من كل مطلع؟:
أولاً: فهْم المراد من رسالة القادة ومراعاة كل ثغر، فثغر خراسان يختلف عن ثغر الصومال، ويختلف عن المغرب الإسلامي، وعلى ذلك فقس، فلا نجعل سياسة الجبهات واحدة ونتكلم عن المغرب الإسلامي كما نتكلم عن الفلبين أو الجزيرة العربية، فالمقصود هو إعطاء كل أرض خاصيتها وما تحتاجه، وعدم فهم هذه النقطة يجعل هناك تصادمات كثيرة بين المجاهدين أهل الثغور وأنصارهم الذين يجعلون سياسة الجبهات واحدة، والمتابع يرى شيئاً من هذا، وقد ينقدون كلام قائد لأحد الثغور بكلام قائد في ثغر آخر؛ وسبب ذلك البعد عن واقع الأمر وعدم فقه المرحلة وانتقال المركزية الكلية المستقلة إلى شبه مركزية؛ بانتشار الجبهات, وتولية الإمارات, واختلاف أراضي الصراع, ونوع العدو المباشر وغير المباشر وغير هذه الأمور التي لا بد من وضعها في الحسبان.
ثانياً: إن آراءنا الشخصية مبنية على واقعنا الذي نعيشه وما نستقيه من أفكار مرتبطة به، وما حولنا يؤثر على آرائنا ونفسيتنا، وقليل منّا من يلم بواقع الجهاد وثغوره عامة، فالأصل أن نتماشى مع سياسة الثغور، وأما آراؤنا الشخصية وإن كانت في ظننا أنها مصيرية يكون إيصالها عن طرق التواصل الخاص؛ حتى نتجنب التشويش على القراء، فمن الكُتَّاب من يؤخذ بكلامه وآرائه, وهو قد يكون بعيداً عن الواقع الذي يكتب عنه, وما يعرف عن ذاك الواقع إلا بالسمع أو قراءة لبعض التقارير، وهنا إشكالية تقع في التقديرات والأطروحات، فقد يطرح أمراً فيه تحريض على ثغر من الثغور وهو لا يعلم حال أهل ذلك الثغر وإمكانياتهم الدفاعية أو المالية، وغيرها من الأمور التي لا يطلع عليها غير أهل الرأي في ذلك الثغر، أو يثبط عن دعم مالي أو نفير؛ بحجة أن ذلك الثغر لا يحتاج لشيء من ذلك, وغيرها من الأمور التي لا يقدرها سوى أهل الثغور.
ثالثاً: كيف نوحد الجهود مع قادة الثغور؟ :
أ- تحليل الكلمة وفهم نقاطها ومقاصدها وتوجيهاتها وخصوصيتها أو عموميتها ولمن وُجِّهت وإلى أي بلدٍ أو ثغرٍ.
ب- يقوم كل منّا بما يحسن، فالشرعيّون يقومون بتوضيح الأمور الشرعية في الخطاب، مثال ذلك؛ إذا ذكر في الخطاب تحريضاً على الدعم المالي فيكون منّا من يتكلم عن أجر ذلك العمل، ومنّا من يتكلم عن المصادر التي يجمع منها المال من زكاة وصدقات وغنائم، وغيرها، وأحكامها، أو قد يكون الخطاب فيه تحريض على حكومةٍ ما، أو عمل شعبي معين، فيقوم المحللون والسياسيون بالتوضيح والتسهيل على القارئ فهم الأمر وطرق القيام به على الواقع وإمكانية ذلك، ويدعم بشيء من التاريخ والقصص، والشرعيون يبينون حكمه وحدوده، وعلى هذا فقس.
ت- التوسع في البحوث العلمية في كل ما تحتاجه دولة الإسلام في الاقتصاد والإعلام والسياسة والتعليم والاجتماعيات، وغيرها مما تقوم عليه الدول, حتى يظهر للناس مشروع الجهاد الإسلامي ويستفيد منه كل مسلم, ويسهل على الجماعة المجاهدة إدارة ما يفتح لها من الولايات والأقاليم.
ختاماً هذه وصايا أسأل الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها:
أولاً: إن النفس مجبولة على حب الثناء والمدح؛ فلا يكن هو الهمّ ومن أجله نحبّ ونبغض, ونبعد ونقرب, ونخالف ونجادل.
ثانياً: نجاهد أنفسنا أن تسير في مصلحة الدين ولو كان فيه هضم للنفس وقدراتها ومخالفة لآرائها الخاصة التي قد تعارض المطروح, ولو كان المطروح فيه شيء من النقص أو الخطأ، ولا يمنعنا ذلك من التتميم والتحسين بغير إظهار مخالفة وانتقاد، فأحكام الحرب تختلف عن أحكام السلم.
ثالثاً: كثرة الخوض في القيل والقال مع المخالفين أو القاعدين بلا عذر في المصالح والمفاسد والخطأ والصواب على أهل الثغور فيه خطر على دين المسلم، وأقل درجاته هو القعود مع الخوالف, وقد حذر ربنا من هذا الصنف في قوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ}، وقوله سبحانه: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}، فالمسلم المجاهد على يقين بما هو عليه، فليس للجلوس معهم فائدة، وأما إذا كان في ريب مما يعمل فقد بين الله جل وعلا حال الناس عند فرض الجهاد في قوله: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}، فليكن المسلم حذِراً على دينه ونفسه من النقص والعقوبة من الله.
رابعاً: إن التربية الجهادية هي من طبع الرجال؛ الجدّ في حمل المسؤولية، والرضى باليسير، والتعفف عن ما هو للناس، والتخشن والتجلد بلا تشديد على الناس، وخدمة الغير، والمياسرة في المعاشرة، والبذل والإنفاق مما تحب النفس، والانضباط على السمع والطاعة، ومن أوجبها حق الله في أمره ونهيه، ثم من ولي أمر المجاهدين بما يستطاع.
اللهم آت نفوسنا تقواها, وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها.
اللهم استخدمنا لدينك ونصرتك, وأنعم علينا من سحائب برّك وإحسانك إنك أنت البرّ الرحيم.
اللهم يا مولانا نسألك أن لا تشمت بنا أعداءنا, ولا تجعل مصيبتنا في ديننا, ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا.
اللهم إنا نسألك رحمة من عندك توحد بها صفنا, وتجمع بها كلمتنا, وتؤلِّف بها قلوبنا, وتجعلنا بها وداً عن أولياك إنك سميع قريب.
اللهم إنا نعوذ بك من ذل القعود, والطبع على القلوب, وحرمان الفقه في الدين يا رحمان يا رحيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه راجي عفو ربه
أبو أسماء الكوبي
17/ربيع ثاني/1433هـ
جزيرة العرب

_________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]