إنّها سنّة الله في خلقه ، ورحمته بعباده .. إنها دعوات المظلومين التي أقسم الله بعزّته وجلاله : لينصرنّها ولو بعد حين .. إنها صحوة جند الشام الذين خلعوا عن أكتافهم معطف الخوف البالي ليلبسوا ثوب عزّة الإسلام من جديد .. إنه نداء بلال يصدع في منارات مساجد المسلمين .. إنها الروح تدبّ في أجساد الكُماة الأشاوس أبناء الفاتحين ..ها قد أتاك يا نصيري ما يُنسيك عمالتك وخيانتك وخسّتك ودنائتك أنت وأبوك طوال هذه السنين .. ها قد قام الرجال يهتفون حيا على الجهاد في حوارِيْ دمشق وحمص وحماة ودرعا واللاذقية وسائر مدن الشام وقراها وحاراتها وطرقاتها .. ها هي رايات الصحابة – رضي الله عنهم – تُرفع من جديد في وجه عملاء الروم وعبيدهم .. أبشر بشّار وبشّر من خلفك من بني دينك بما يسوؤك : فقد دخل الرجال أرض النزال ، وأي رجال .. أبشري يا شام الإسلام فقد أتاكِ مدد العراق ، وقد رمتك دولتها بفلذات أكبادها : رهبان ليل ، جنّ النهار ، أسد الشرى ، لا يواجههم إلا ميّت ، ولا يعاديهم إلا مهزوم ، ولا والله ما رأى وجههم أحد ورأى النصر .. اصبروا وصابروا ورابطوا ، وإنما النصر صبر ساعة ..يا جُند الشام اعلموا بأن النصر من عند الله وحده ، والرجاء له وحده ، والتوكّل عليه وحده ، ومن توكّل على غيره أوكله الله إليه .. لا تصرفوا وجوهكم عن السماء فتمعَّر في التراب ، ولكن علّقوا قلوبكم بربّكم الذي لا يخذل من قصَده ، واعلموا بأن مدد الأرض مقطوع مرهون ، ومدد السماء موصول مبذول ، فاطلبوا مدد السماء وازهدوا بكل ما سواه : يسخّر لكم ربكم ما ليس في الحسبان ..
عن أنس – رضي الله عنه – قال : لما كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادَى : “يا أصحاب سورة البقرة ، يا معشر الأنصار” . ثم استحرّ النداء في بني الحارث بن الخزرج ، فلما سمعوا النداء أقبلوا ، فوالله ما شبّهتهم إلا [إلى] الإبل تحنّ إلى أولادها ، فلمّا التقوا : التحم القتال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “الآن حمي الوطيس” . وأخذ كفاً من حصى أبيض فرمى به وقال : “هُزموا ورب الكعبة”. (قال الهيثمي : رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط ورجالهما رجال الصحيح غير عمران بن داور وهو أبو العوام وثّقه ابن حبان وغيره وضعفه ابن معين وغيره).
ها قد لبّى أنصار الجهاد النداء .. ها قد تبدّت طلائع الجيوش الإسلامية لتُعلن ميلاد فجر جديد في أرض الخلافة الإسلامية .. ها قد تطاولت أعناق الأبطال في أرض المحشر ليعجّلوا بالنصيريّة إلى جهنّم .. سترون يا أهل الشام حرباً غير التي تعرفون ، وقرعاً غير الذي تسمعون ، فإذا رأيتم الرؤوس تطايرت ، وأشلاء النُّصيريّة تناثرت فاعلموا بأنهم من تعرفون .. هُزمت النُّصيريّة وربّ الكعبة ..
يا شباب الشام الزموا راية الجهاد : ففي ظلها النصر أو الإستشهاد ، وانبذوا كل راية عميّة ليس لها عماد ، فكل ما سوى الجهاد هو من دعاوى الجاهليّة ..
يا شباب الشام : عضّوا على راية الجهاد بالنواجذ ، والزموا ثغر إخوانكم تُفلحوا وتُنصروا ، فقد لاحت معركة اليرموك في الأفق ، وجند العراق قد أتى بالمدد ، فاعقدوا معهم مجلساً أعلى ، واختاروا من بينكم قيادة خالديّة تُتقن فنّ ضرب الرّقاب وقطع الأعناق ..
نعلم يقيناً أن فيكم رجالاً أفاضل ، ولكن قيادة المفضول جائزة في مثل هذه الظروف ، فقد دخل أمين الأمة – وهو الفاضل – تحت قيادة جدّكم خالد بن الوليد (وهو مفضول) ، وذلك أن خالداً صاحب صنعة ، وصاحب الصنعة أدرى بصنعته ، فأوكلوا الأمر أهله ، واستعينوا بالله على عدوّكم ..
اقصدوا أئمة الكفر في قصورهم ودورهم ، وأبيدوا خضرائهم ، واحملوا عليهم حملة رجل واحد ، ولا تنتظروا القصف بل بادروا بالزحف واشتبكوا معهم ، وشدّوا حتى تعطّلوا فاعليّة أسلحتهم ، وسترون جبنهم وخورهم وفرارهم من أمامكم : فلا يستوي في الوغى من يهوى الحياة ، ومن يشتاق الشهادة .. اطلبوا الموت في مضانه : توهب لكم الحياة ..
من قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد” (أبو داود والترمذى وصححه ، وصححه الألباني) .. وها هي الأسباب قد اجتمع فيكم أهل الشام : فأنتم تُقاتلون دون دينكم وأنفسكم وأموالكم وأهليكم ، فأنتم بين شهادة وشهادة وشهادة وشهادة ، فأي فضل وأي نعمة ساقها الله إليكم .. نعمة أبى أهل الجهاد إلا مشاطرتكم بعضها فطاروا إليكم يبتغون بعض ما لديكم ، فأحسنوا استقبال ضيوفكم وأكرموهم بالجهاد معكم ..
كونوا صفاً واحداً ، وجيشاً واحداً على قلب رجل واحد في مواجهة النصيرية الكافرة ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، واعلموا بأن عدوّكم خبيث ماكر يستميت لزرع الشقاق بينكم ، وعهدنا بكم أهل فطنة وحنكة ودهاء ورثتموه كابراً عن كابر ، كيف لا وبلادكم حاضرة الخلافة الأموية .. إياكم وتصديق دعاوى أنها ليست طائفية ، إن كانت كذلك فما بال جند الصفويّة وجنود حزب الشيطان اللبنانية وما سبب تسليح النصيريّة دون غيرهم ، هي حرب دينية بين أهل الإسلام وبين أهل الكفر والرفض ، ومن قال غير ذلك فإنه جاهل أو مُخادع ..
أنتم في بداية جهادكم فأكثروا الإثخان في عدوّك تحقيقاً لقول ربّكم {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} (الأنفال : 67) ، فالإثخان أولاً ، وبعد الإثخان والتمحيص والإختبار والشدّة والبلاء يأتي التمكين والنصر {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} (البقرة : 214) .. إنه – بإذن الله – قريب ..
الزموا غرز نبيّكم ، وألحّوا بالدعاء على ربّكم تنالوا النصر على عدوّكم ، فأنتم اليوم في موطن إجابة ، فأكثروا من الدعاء والتضرّع إلى الله ، ومن الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب والنزال وعند القتال
اللَّهُمَّ إنا نَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ” ، “اللَّهُمَّ أنْجِزْ لنا ما وَعَدْتَنا” ، “اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنا” ، “اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ، وَهازِم الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ” ، “اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكتابِ ، سَرِيعَ الحِسابِ ، اهْزِمِ الأحْزَابَ” ، “اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ” ، “اللَّهُمَّ أنْتَ عَضُدنا وَنَصيرنا ، بِكَ نحُولُ وَبِكَ نَصُولُ ، وَبِكَ نُقاتِلُ” ، “اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم” ، “اللَّهُمَّ أنْتَ رَبُّنا وَرَبُّهُمْ ، وَقُلُوبُنا وَقُلُوبُهُمْ بِيَدِكَ ، وإنَّمَا يَغْلِبُهُمْ أنْتَ” ، “اللهمَّ أرِنَا ما وعدتّنَا في أعدائِنَا” ، “اللَّهُمَّ أَنْزِلْ نَصْرَكَ” .. ومن رجز الصحابة :
فأنْزِلَننْ سَـــــــكِينَةً عَلَيْنا … وَثَبِّتِ الأقْدَام إنْ لاقَيْنا
إنَّ الأُلى قَـــــدْ بَغَوْا عَلَيْنا … إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنـــا
1- الذي لا تكسبونه صديقاً ، لا تكسبوه عدوّا .
2- لا تتدخلوا في قضايا الناس الداخلية إلا بالإصلاح .
3- القتال دائماً مع الكفر البواح .
4- لا تقيموا الجهاد في مكان إلا أن يتبناه أهله .
5- استشيروا العلماء الأفاضل وأهل الحكمة والخبرة بشكل دائم ،وابتعدوا عن الاجتهاد الشخصي قبل أي عمل .
6- اقرأوا أعدائكم ، ولا تستهينوا بهم ، واختبروا ردّات أفعالهم أولاً .
7- استخدموا عنصر المفاجأة ، واستغلّوا نقاط ضعف العدو .
8- استعينوا بأهل الكفاءة ، ثم الأصدقاء ، بعد الإعداد المُتقن .
9- ابتعدوا عن التحزّب ، وانبذوا الفرقة ، واتّبعوا السنة ، وابتعدوا عن الترف ، واعملوا لنصرة هذا الدين .
وأزيدها واحدة لتكون عشرة كاملة :
10- أثخنوا في العدو منذ البداية وأرهبوه وأرعبوه وشرّدوا به من خلفه ، ولا توقفوا القتل حتى يلعق العدو التراب .
اللهم اعصم أهل الشام من الفتن ما ظهر منها وما بطن .. اللهم كن لهم ولا تكن عليهم .. اللهم انصرهم ولا تنصر عليهم .. اللهم ألهمهم نصر دينك والجهاد في سبيلك .. اللهم عليك بالنصيريّة الكفرة ، وبالرافضة الفجرة ، وبكل من آذى المسلمين في كل مكان .. اللهم أقم راية الجهاد في أرض المحشر .. اللهم ابعث جند الشام من جديد .. اللهم لا تُمتنا حتى تقر أعيننا بفتح بيت المقدس .. اللهم احفظ جند الشام ورايات خراسان ومدد اليمن وأجناد الجزيرة وصناديد المغرب وبواسل مصر وصقور القوقاز وجند الصومال ودولة العراق ومن يقاتل على أكناف بيت المقدس .. اللهم كن للمجاهدين في كل مكان .. اللهم انصر المجاهدين ومكّن لهم في الأرض يا قوي يا متين ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ..
كتبه
حسين بن محمود
ربيع الأول 1433هـ
__________
To inquire about a translation for this article email: [email protected]