من اعتقد بأن هذه تُهم ، وأنه يجوز أن يُحاكم عليها المسلمون : فليس له نصيب من الإسلام ، لأن هذه الأمور من الواجبات التي أوجبها الله على المسلمين باتفاق أهل العلم والإيمان من لدن صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى يومنا هذا ، ولم يخالف في وجوب مثل هذه الأفعال أي عالم يُعتدّ بقوله من علماء المسلمين على مرّ القرون ، قال تعالى {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (التوبة : 41) ، وفي الحديث الصحيح عند أبي داود “جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم” ، فكيف أصبحت هذه الواجبات التي فرضها الله على أعيان المسلمين : تُهم يساق بسببها المجاهدون إلى المحاكم !!
إن جهاد الأمريكان اليوم فرض عين على المسلمين سواء في قطر أو الكويت أو العراق أو أفغانستان أو جزيرة العرب أو أي مكان يتواجدون فيه ، وإرسال الأموال للمجاهدين في أفغانستان والعراق والصومال وغيرها من الثغور من أوجب الواجبات ، ومن قال غير هذا فهو أضل من حمار أهله ..
قال إمام الحرمين – رحمه الله – : “فأما إذا وطئ الكفار ديار الإسلام فقد اتفق حملة الشريعة قاطبة على أنه يتعين على المسلمين أن يخفّوا ويطيروا إلى مدافعتهم زرافات ووحدانا حتى انتهوا إلى أن العبيد ينسلون عن ربقة طاعة السادة ، ويبادرون الجهاد على الاستبداد ، وإذا كان هذا دين الأمة ومذهب الأئمة فأي مقدار الأموال في هجوم أمثال هذه الأهوال لو مسّت إليها الحاجة ، وأموال الدنيا لو قوبلت بقطرة دم لم تعد لها ولم توازها” (غياث الأمم).
وقال الشيخ المجاهد عبد الله عزام رحمه الله : “ففي هذه الحالة (إذا هاجم العدو دولة إسلامية) اتفق السلف والخلف وفقهاء المذاهب الأربعة والمحدثون والمفسرون في جميع العصور الإسلامية إطلاقا أن الجهاد في هذه الحالة يصبح فرض عين على أهل هذه البلدة -التي هاجمها الكفار- وعلى من قرب منهم ، بحيث يخرج الولد دون إذن والده ، والزوجة دون إذن زوجها ، والمدين دون إذن دائنه ، فإن لم يكف أهل تلك البلدة أو قصروا أو تكاسلوا أو قعدوا يتوسع فرض العين على شكل دوائر الأقرب فالأقرب ، فإن لم يكفوا أو قصروا فعلى من يليهم ثم على من يليهم حتى يعم فرض العين الأرض كلها” (انتهى)
إن في هذه المحاكمة ردّ على من يزعم بأن هذه الدولة الخبيثة تحكم بشرع الله ، فها هم يُجرّمون الجهاد في سبيل الله ويعدّونه تُهمة يساق بسببها المجاهدون إلى المحاكم التي يزعمون أنها تحكم بشرع الله ، وقد سبق هؤلاء في هذا الكفر حكومة الكويت والأردن وغيرها من الحكومات ، وكانت هذه الدول أصدق وأوضح من آل سعود حيث جعلوا عنوان القضية : “الجهاد” وحاكموا المجاهدين “بتهمة الجهاد” ، أما آل سعود فرواغوا وقالوا : “استهداف وتمويل وعمليات إجرامية” ، ويقصدون بذلك : الجهاد بالنفس والمال !!
لقد جاء الكلام في وقته عن الكويت وغيرها ، ولكن أفعالها لا ترقى إلى فعل محاكم “آل سعود” لأن محاكم آل سعود تدّعي الحكم بما أنزل الله ، أما الكويت وأمثالها فالقانون والدستور المُعلَن فيها كفري شركي واضح لا لبس فيه ، وهي لم تتدعي يوماً أنها إسلامية تحكم بشرع الله ، ففي فعل آل سعود تلبيس على المسلمين وتحريف للدين ..
إن هذا التلبيس أمر خطير وتحريف لشرع الله تعالى وجريمة في حق الإسلام والمسلمين ، فليحذر أي قاضٍ يقضي في هذه القضية بأي حكم يخالف شرع الله تعالى فإن مجرّد الرضى بأن يكون الجهاد (بالمال والنفس) تهمة : يكفي لخروج المرء من الإسلام ، وذلك أن العلماء يعلمون يقيناً الإجماع على فرضية الجهاد ، وأي قاضٍ درس أي كتاب فقه في أي مذهب مُعتبر يعلم يقيناً إجماع العلماء في مسألة جهاد الدفع ، ومن خالف هذا الإجماع فهو خارج عن ملّة الإسلام اتفاقاً ، قال الإمام ابن حزم في “مراتب الإجماع” : “ومِن شرط الإجماع الصحيح أن يُكَفَّر من خالفه بلا اختلاف بين أحد من المسلمين في ذلك” (انتهى) ، وقال ابن تيمية (مجموع الفتاوى ج19) : “والتحقيق أن الإجماع المعلوم يَكفُر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه ، ولكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به ، وأما العلم بثبوت الإجماع في مسألة لا نص فيها فهذا لا يقع ، و أما غير المعلوم فيمتنع تكفيره” (انتهى) ، ولا يشك عالم – بل ولا طالب علم صغير – بأن المسلمون مجمعون على وجوب دفع العدو الصائل ، وأن الآيات والأحاديث في وجوب الجهاد كثيرة صريحة واضحة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ..
إن أمريكا – الصليبية – صائلة مقاتلة للمسلمين في أفغانستان والعراق وغيرها من بقاع الأرض ، وهي الداعمة للصهيونية في فلسطين ، فجهادها من أوجب الواجبات ، وهذا بلا خلاف بين المسلمين ، وهي عدوة المسلمين الأولى في هذا الزمان ، ومثل هذا لا يجهله من كان له أدنى اطلاع على الواقع ثم على كتب الفقه في جميع المذاهب المعتبرة (وغير المعتبرة : كالزيدية والرافضية والأباضية …) ، فليس لأحد من العلماء عذر في جهل هذه المسألة التي صنّف فيها العلماء مئات الكتب ، وفصّلوا فيها في آلاف المؤلفات ..
لا فرق بين أن يُحاكم المجاهدون “بتهمة” قتال (جهاد) الأمريكان في الكويت وقطر وبين أن يحاكم المسلمون على الصلاة أو الصيام في قطر أو الكويت ، فالجهاد فرض كما أن الصلاة والصيام من الفرائض .. ولا فرق بين أن يُحاكم المجاهدون بتهمة تمويل المجاهدين في أفغانستان وبين أن يحاكم المسلم “بتهمة” إيتاء الزكاة ، فهذا فرض وذاك فرض ، وتمويل المجاهدين من مصارف الزكاة المنصوص عليها في كتاب الله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (التوبة : 60) ، قال القرطبي في تفسيره : “قوله تعالى {وفي سبيل الله} وهم الغزاة وموضع الرباط ، يعطون ماينفقون في غزوهم كانوا أغنياء أو فقراء . وهذا قول أكثر العلماء” (انتهى) ، وكلام القرطبي هنا في جهاد التطوّع (جهاد الطلب) وفي الرباط ، فكيف بمن جاهد جهاد دفع : كما في أفغانستان والعراق وغيرها من البلاد الإسلامية المُحتلّة !!
إن هذه “المحاكمة” سابقة خطيرة وعظيمة في بلاد ينتظر المسلمون من علمائها أن يكونوا على مستوى المسؤولية ، فكما انتظر طلبة العلم الإمامَ أحمد خارج القلعة ليدوّنوا ما يقول في مسألة خلق القرآن ، فالناس اليوم ينتظرون ما يقول علماء بلاد الحرمين وقضاتها في مثل هذه المسائل ، فمن سنّ من القضاة والعلماء في بلاد الحرمين سنّة سيّئة بموافقته أو مشاركته في هذه “القضيّة” فإنه يتحمّل وزرها ووزر من يأتي بعده – ممن يعمل مثل عمله – إلى يوم القيامة ، ولا يسع جميع علماء بلاد الحرمين السكوت عن مثل هذا (خاصة : العلماء الكبار) ، فهذا من كتمان العلم الضروري ، والله يرى ويسمع ويعلم ، وهو الجبّار المنتقم ..
إن كان ما ورد في هذا الخبر صحيحاً من أن المدعي العام طلب : “إنزال عقوبة القتل تعزيراً على أربعة من المتهمين ، أما البقية فقد طالب المدعي العام بإنزال عقوبة تعزيرية مشددة” ، فإن هذا “المدعي العام” قد وقع في الكفر الأكبر المُخرج من الملّة ، وعليه أن يتوب إلى الله وينطق بالشهادتين ويعقد على زوجته مرة أخرة ولا يحل لها أن تمكّنه من نفسها ، وعليه أن يحج حجة الإسلام مرة أخرى إن كان حج من قبل ، وهذا حكم كل من يشارك – طوعاً – في هذه المهزلة الكفرية التي تُخرج من يشارك فيها عن الدين وتجعله في زمرة المرتدّين ، وهذا ما يريده آل سعود من المسلمين : أن ينسلخوا من الدين ليرضى عنهم أصدقائهم من اليهود والنصارى الصائلين على بلاد المسلمين ..
إن تدمير القواعد العسكرية الصليبية في قطر والكويت واجب وفرض عين على جميع المسلمين في الكويت وقطر ، فإن لم يقوموا هم بهذا الواجب فإن الفرض على من يليهم من المسلمين ، وهذا بلا خلاف بين العلماء ، قال الإمام القرطبي – رحمه الله – في تفسيره : “قد تكون حالة يجب فيها نفير الكل … وذلك إذا تعيّن الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعقر فإذا كان ذلك : وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا أو يخرجوا إليه خفافاً وثقالاً ، شباباً وشيوخاً ، كل على قدر طاقته ، ومن كان له أب بغير إذنه ، ومن لا أب له ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثّر ، فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم ، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضاً الخروج إليهم فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو إليها واحتل بها سقط الفرض عن الآخرين … ولو قارب العدو دار الإسلامولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة ، وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ، ولا خلاف في هذا” (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/97) ، فالإجماع منعقد على وجوب جهاد العدو إذا اقترب بجيشه من بلاد الإسلام ولم يدخلها ، فكيف بالعدو إذا دخل بلاد الإسلام وجعل فيها قواعد عسكرية ينطلق منها لقتل المسلمين في الأرض ، ولو رضي أهل قطر وأهل الكويت بهذا الإحتلال وهذه القواعد العسكرية النصرانية في بلادهم – وهم غير راضون – فإن هذا لا يعطي هذه القواعد أي شرعية ، وتبقى على حكمها من أنها قواعد حربية صائلة محتلة يجب جهادها والظهور عليها اتفاقاً ..
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز في أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك .. اللهم أقم دينك في أرض نبيّك وخلّص المسلمين من شرور هذه الطغمة الفاسدة التي بدّلت شريعتك وحاربت أولياءك.. اللهم من أراد بالمجاهدين سوء فأشغله بنفسه واجعل تدبيره تدميره وأرنا فيه عجائب قدرتك يا قوي يا عزيز .. اللهم إنهم لا يُعجزونك .. اللهم إنهم لا يُعجزونك .. اللهم إنهم لا يُعجزونك ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
23 شوال 1432هـ
= = = = = = = = = = = = = = = =
وهذا هو الخبر
السعوديَّة تحاكم “خليّة مسلحة” خططت لعمليات بقطر والكويت
السبت 19 شوال 1432الموافق 17 سبتمبر 2011
الإسلام اليوم/ وكالات
بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة السعودية الرياض جلسات محاكمة خلية مسلحة تتكون من 41 عضوًا، حيث حضر اليوم تسعة متهمين، وتم في الجلسة التي حضرها أعضاء من هيئة حقوق الإنّسان السعوديَّة إلى جانب عدد من الصحفيين، قراءة لائحة الدعوى من قِبل المدعي العام على المتهمين.
وأبرز التهم التي وجهتها المحكمة لهذه الخلية هي إنشاء خلية مسلحة للانطلاق من الأراضي السعوديَّة لاستهداف القوات الأمريكيَّة في دولة قطر من خلال استهداف قاعدة العديد والسيلية، واستهداف منشأة سكنيَّة تابعة للقوات الأمريكية وسفينة داخل الأراضي القطريَّة، إلى جانب استهداف القوات الأمريكية في دولة الكويت، إلى جانب بعض التهم الأخرى التي تتعلق بتسهيل إخراج سعوديين وإدخالهم للعراق، للمشاركة في عمليات إجراميَّة هناك، وحيازة أسلحة ومبالغ مالية كبيرة، وتزوير وثائق رسميَّة تنوعت بين جوازات سفر وبطاقات الهوية الوطنيَّة.
وتحدثت لائحة الاتهام أيضًا عن جمع المتهمين تبرعات مالية لإرسالها لأفغانستان لتمويل الجماعات المسلحة هناك، إضافة إلى تأمين مواد تفجيريَّة وتدريب عدد من الأشخاص للقيام بعمليات تفجيرية منوعة.
وقد طلب المدعي العام إنزال عقوبة القتل تعزيرًا على أربعة من المتهمين، أما البقية فقد طالب المدعي العام بإنزال عقوبة تعزيرية مشدّدة.