بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال تعالى : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }الفرقان1.
إن العالم اليوم إلا من رحم الله يقف بكل قواه العقدية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والشعبية، يقف وقفة واحدة بكل ما أوتي من قوة، أمام شعيرة من شعائر ديننا الحنيف ألا وهي شعيرة الجهاد في سبيل الله تعالى، تلك الشعيرة التي فرضها الله علينا بقوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) البقرة216 ، وبقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) التحريم9
فالنظام العالمي اليوم يقوم على مفهوم محدد وواضح المعالم وهذا المفهوم هو: أن الجهاد هو الإرهاب، ولا بد من ملاحقة الإرهابيين وقمع الإرهاب ، بمعنى لا بد من ملاحقة أولياء الله وقمع شريعة الله سبحانه وتعالى ، أما مؤسسات الأبحاث الصليبية والعربية العميلة فبدأت بتقسم الحركات الجهادية في العالم الى أصولية ومعتدلة : أما الأصولية فهي التي تقاتل من أجل عقيدة الإسلام والتمكين لشريعتة على الأرض ، أما المعتدلة فهي التي تقاتل من أجل مكاسب ومطالب سياسية محددة.
ولكننا نجزم مع ذلك بأن قوى الكفر العالمي لا يمكن أبداً أن تفلح في إخماد راية الجهاد ولا قمع المجاهدين ولا تعطيل هذه الشعيرة أبداً، ربما تستطيع محاصرتها في مكان واحد أو اثنين، ولكن أن تسقط راية الجهاد في هذا الزمان فلا يمكن لها أبداً ولو اجتمع الجن والأنس لذلك جميعاً، فإن راية الجهاد رفعت بأمر الله تعالى وبإذنه ولا يمكن أن توضع والله هو الذي قضى على نفسه أن ترفع حتى يقاتل آخر أمة محمد صلى الله عليه وسلم الدجال مع عيسى بن مريم عليه السلام.
هذه الحقيقة التي لا بد أن ننطلق منها، وهذا المعتقد الذي ينبغي أن نقاتل به عدونا، عقيدة اليقين والتصديق بوعد الله سبحانه وتعالى بمضي الجهاد إلى يوم القيامة.
فالعدو الصليبي بعد أن فشل عسكرياً في ديار الإسلام ، وبعد أن ثبت له عدم جدوى التدخل العسكري المباشر لما له من أثرٍ في تنامي الصحوة الجهادية لعموم الأمة ، ومالحق بسمعة الجيش الأمريكي والمارينز الذي لا يقهر على ايدي شباب الإسلام ، وبعد أن ثبت للجميع مدى النضوج الشرعي والعقدي والسياسي الذي وصلت له الحركات الجهادية في العالم الإسلامي وإستفادتها من التجارب السابقة ، ومقاومتها لمحاولات حرف مقاصد الجهاد الشرعية ، بعد أن ثبت له كل ذلك ، هاهو العدو اليوم يحاول إختزال قضية الجهاد وتشويهها والحيلولة دون كسب المسلمين لثمار جهادهم وقتالهم من خلال عزل المجاهدين عن قاعدتهم الشعبية والحيلولة دون التمكين لهذا الدين ، فاصبح من أهم أولويات العدو محاربة الشريعة ودعاة التحاكم إليها ، والتصدي لمشروع الخلافة والتمكين لشريعة الإسلام لتكون هي الحاكمة في البلاد والعباد ، وهذا ماتؤكده إستقراء الأحداث والتصريحات الأخيرة لقادة الصليب ، منها :
1) حديث حامل راية الصليب “بوش” من أن هدفة الإستراتيجي في العراق منع “المتشددين” من إقامة خلافة إسلامية.
2) دعوة بريطانية الى إقامة دولة إسلامية معتدلة في العراق والذي تزامن مع إنسحاب جزء من قواتها من المواقع العسكرية في البصرة.
3) تصريح “أحمدي نجاد” حول قرب إنهيار المشروع الأمريكي في العراق ودعوته لملىء الفراغ بعد رحيل القوات الأمريكية.
4) زيارة “بوش” مع بعض افراد إدارته الى العراق وحديثه عن ما اسماه “التقدم في الأنبار” ومحاولة تعميم هذا النموذج لخفض عدد القوات الأمريكية المتواجدة في العراق.
فالمرحلة القادمة ستكون مرحلة حاسمة في الصراع مع التحالف الصليبي ، وستحاول الإدارة الصليبية ومن دخل معها في المشروع الأمريكي ( من الرافضة وخونة أهل السنة وأصحاب المناهج المنحرفة والحكومات العربية العميلة السائرة في فلك السياسة الأمريكية) كل طرفٍ من هؤلاء سيحاول ترميم الأوضاع والتهىء للإنسحاب الأمريكي الوشيك وحماية مصالحة ، فالواجب على المسلمين أن يعوا مخططات الأعداء ، وحقيقة الصراع بين الكفر والإيمان ، وأن يستفيدوا من تجارب التاريخ الثرية ، فسنن الله تعالى ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ، فبالأمس خدعت بريطانيا بعض رموز ودعاة القومية العربية مثل “الشريف حسين” فلوحوا له بمستقبل باهر ومساعدته على تكوين دولة عربية مستقلة في الهلال الخصيب وتنصيبه كخليفة للمسلمين وملك للعرب مقابل خيانته وعمالته في تشجيع المسلمين والقبائل العربية على الثورة ضد ما اسموه “ظلم الترك للعرب” ، فوجه الشريف حسين منشوراً الى جميع الضباط العرب العاملين في الجيش العثماني طالبهم فيه بالإلتحاق بالجيش البريطاني ” جيش التحرير” ، مما كان لهذه الخيانة الأثر الكبير في إنتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى ، ثم كانت ثمن الخيانة والعمالة هي إتفاقية سايكس – بيكوالتي قسمت اراضي الإسلام الى دويلات ضعيفة وسائرة في فلك الغرب الصليبي ، ومن ثم بيع فلسطين لليهود في وعد بلفور ، واليوم يعود التاريخ نفسه من جديد ، وهاهو التحالف الصليبي يستعين بالخونة والعملاء من بني جلدتنا في محاربة المجاهدين تحت دعوى محاربة والمتشددين والأصوليين ، وما حديث بريطانيا عن دولة إسلامية معتدلة في العراق إلا من هذا القبيل ، فالعدو الصليبي يحاول في هذه المرحلة الإعتماد على العملاء وخونة اهل السنة لإنقاذ مشروعة من الإنهيار، لذلك تسمع عن حديث “بوش” وأحلامه حول التقدم في الأنبار والإشادة بدور الخونة والعملاء ، ونسي هذا الغبي إن التقدم المزعوم تم بالإستعانة بلفيفٍ من الخونة وعصابات قطع الطرق ، وهؤلاء يسيرون على ارضيةٍ هشه ومشروعهم مهدد بالزوال والإنهيار في أي لحظة ، فليس لهم قاعدة صلبة بين عشائرنا الأصيلة في الأنبار ، وإلا لماذا لم تسلم القوات الصليبية مسؤولية الأمن كاملة الى هؤلاء العصابات والميليشيات ثم تسحب قواتها من ولاية الأنبار؟! ، والظاهر أن إدارة بوش تبحث عن إنتصاراتٍ إعلامية ٍ زائفة لكي تقنع الشعب الأمريكي والمعارضين للحرب أن هناك تقدما في الميدان .
كذلك فإن مع إقتراب موعد الربيع القادم ستزداد شراسة المعركة وسيعتمد الصلييون اكثر على خونة اهل السنة والمنهزمون والمتراجعون وأصحاب المناهج المنحرفة ودعاة انصاف الحلول ومن تغطى بغطاء العلم والفقه ومن دخل