الحمد لله مصرّف الأمور كيف يشاء، الحكيم الخبير، له الحكم وإليه المآب؛ حكم فعدل، ملك فقهر، سبحانه من رب رؤوف بالعباد، متفضل بالنعم والرحمة؛ القائل في كتابه العزيز: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة التوبة : 111، 112]
والصلاة والسلام على النبي المجاهد، محمد ابن عبدالله القائل: “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ“، وعلى الآل والصحب ومن تأسى بهم وسار على النهج القويم؛ و بعد:
فدتك الأرواح والمهج يا مجدد الزمان!
وما احد يخلّد في البرايا ……….. بل الدّنيا تؤول الى زوال
اطاب النّفس انّك متّ موتا ……… تمنّته البواقي والخوالي
وزلت ولم ترى يوما كريها ……….. تسرّ الرّوح فيه بالزّوال
في حادثة اختلط فيه الحزن بالفرح، تلقينا نبأ ترجل الفارس الزاهد أبا عبدالله أسامة ابن لادن بعد قتال علياء وشرف؛ بعد أكثر من عقدين من الزمن قدّم من خلالها من التضحيات ما قل لها نظير؛ بعد أكثر من عقدين من الزمن عاش من خلالها مجاهدا صنديدا وكمدا وغما على أفئدة أعداء الملة إلى أن أراد الله أن يختم له بالشهادة التي من أجلها هاجر وجاهد-وقد فاز ورب الكعبة فوزا عظيما، فالسعيد من اتخذه الله شهيدا!
فهنيئا للمجاهدين وللشهيد وهنيئا لنا وللأمة المسلمة جمعاء!
ونحن إذ نهنئ المجاهدين والأمة المسلمة باستشهاد بطلها المقدام وابنها البار الذي اغتم لشأنها وبذل في سبيل استعادة مجدها حتى قدر له أن يضحي بأغلى ما يملكه لتطوى صحف حياته بمصير الرجال، ويسطر بالدماء نهاية تاريخ رجل عاش عزيزا ومرعبا لأعداء الله حتى في مماته … إذ نهنئها بهذا الأمر لا نستطيع أن نكتم الحزن الذي ينتابنا بفقدان قائد عظيم عاش بالجهاد وللجهاد إلى أن جثت الشيوعية على ركبتيها ذليلة صاغرة محطمة وغزا رأس الكفر في عقر داره وهشم هبل العصر على رؤوس الأشهاد حتى أيقن بذالك أعداء الله أن لدماء الأمة وأعراضها أسودا يذودون عنها.
رثيت قبلك آسادا أمجدهم ……….. إلا مصابك في قلبي كزلزال
أما ونقول لها لا تهني ولا تحزني ولا تبكي على فراق الإمام، عاش ليموت ومات ليحيى وما عند الله خير وأبقى، ولطالما كانت الشهادة أمنية الشيخ ولطالما طاردها وتقدّم من أجلها وسلك أوعر الدروب لنيلها؛ فبشراك أيها الشهيد! فقد آن الأوان لتلتحق بمن سبقك من إخوانك من قادة الجهاد وأمراءهم الشرفاء، فنعم الصحبة وحسن أولئك رفيقا.
في الناس للناس أنداد وليس لهم …… فيهم شبيه ولا عدل ولا ندد
إني لمرتحل بالفجر ينصبني ……….. حتى يفرج عني هم ما أجد
أو كان يخلد أقوام بمجدهم ……… أو ما تقدم من أيامهم خلدوا
أو كان يقعد فوق الشمس من كرم … قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
قوم أبوهم سنان حين تنسبهم …. طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
إنس إذا أمنوا جن إذا غضبوا ……….. مرزؤون بهاليل إذا جهدوا
لو يوزنون عيارا أو مكايلة …… .. مالوا برضوى ولم يعدلهم أحد
جزى الله الشيخ عنا خير الجزاء، جاهد في الله حقّ جهاده، لم يداهن ولم يتراجع لحظة، صدوق القول والعمل، مضى بطلا مقداما وإماماً عابدا زاهداً، هاجر وجاهد في سبيل الله مستيقناً على طريق الحقّ لم تأخذ في الله لومة لائم … ونشهد له أنه بر ونصح وثبت حتى أتاه اليقين من رب الأرض والسماء.
وفي الختام لا يسعنا أن نقول إلا ما يرضي الرب جل في علاه؛ رحمك الله يا شيخنا أبا عبد الله أسامة وأكرم نزلك ووسع مدخلك ورفع درجتك وألحقك بالصالحين في الفردوس الأعلى وأعظم الله أجر ذويك والمجاهدين وأحسن عزاهم.
كما أننا نود أن نجدد العهد للشيخ ونؤكد أننا ماضون على الطريق حتى يقضي الله بين الحق والباطل.
والحمد لله رب العالمين
_____