New release from Abū Qatādah al-Filisṭīnī: “Negotiations Between the Ṭālibān and the Afghan Government #1”

كانت حركة طالبان تؤكد وتصر على عدم المفاوضات مع الحكومة،تحقيراً لها أن تكون نداً لها،ولعدم اعتبار هذه الحكومة ذات معنى ليعترف بها طرفاً مقابلاً للحركة،وهذا معنى سياسي مهم،وبقيت تصر على أن المقصود بالمفاوضات هي الحكومة الأمريكية،وقد استطاعت الإنتصار في هذا المفصل السياسي،وكانت مطالب الحركة من الحكومة وخاصة إطلاق المساجين تتم من خلال طلب هذا من الأمريكان،ولذلة الحكومة كانت تخضع لطلبات الأمريكان التي يشترطها الطالبان حفظهم الله،وهكذا أطلق سراح كل مساجين طالبان،وهذا إنجاز جهادي لم يحصل قط مثيلاً له في تاريخنا المعاصر على هذا الوجه،وهو ينبؤك لما تريده أمريكا من التخلص من المستنقع الجهادي مع طالبان في أفغانستان.
المساجين لهم درجات خطورة،وعلى قاعدة تدوير المربع،وهو فن غربي بامتياز استطاعت أمريكا أن تنجز المطلب الطالباني بعدم التقدم نحو آي خطوة مع وجود مسجون واحد مهما بلغت خطورته،فكانت نهاية هذا الملف.
الخداع الأمريكي الذي تسعى إليه أمريكا وضع الطالبان وجهاً لوجه مع الحكومة الأفغانية في مفاوضات مباشرة حتى تصبح قضية أفغانستان قضية فرقاء أفغان على خلاف سياسي،وبالمفاوضات يتم الحوار لتقريب وجهات النظر بين الخصمين،وهذا ما قدرت على تحقيقه أمريكا في المشهد النهائي الذي رأيناه في الدوحة،وقد هللت أمريكا لهذا المنجز،ويحق لها.
إلى هذه اللحظة لم يعلن إلا على كلمة واحدة اتفق عليها الأفغان،وهو اسم الدولة،وأنها جمهورية إسلامية،والكل يعلن أن الخلاف كبير في تفاصيل هذا الشعار،والشيطان كما يقولون يكمن في التفاصيل.

لا أدري تكتيك الطالبان في هذه المفاوضات،والاختيارات كثيرة جدا،قد يبدأ فيها أنها مناورة لإنجاز ملف الأسارى،وقد يعني أن طالبان تقبل المشاركة على معنى المحاصصة بينها وبين الحكومة الحالية،وهذا مع بعده لكنه أخطر ما يتصوره المرء.
هل أصرت أمريكا أن تخرج من صورة العداء لأفغانستان إلى صورة راعية لمهمة السلم بين الأفغان،وهذا قد ينجح وقد يخسر والأمر بيد الطالبان،ولا ندري ما مقدار الوعود الأمريكية لطالبان حتى تنازلت وقبلت الجلوس مع الحكومة(العميلة،كما كانت طالبان تصر على تسميتها،وأنها دمية).

يجزم الناظر أن قبول الطالبان الجلوس مع الحكومة انتصار أمريكي ومن معهم من الوسطاء،لكن لم يكن لأمريكا أن تحقق هذا الإنجاز في مفاوضات سياسية إلا بما يقابله من الإنجاز والفوائد لطالبان،وهذا خطير لو تواصل على هذا المعنى.
ملف الأسرى ملف مهم،وإنجاز طالباني كبير،ولكن بعد ذلك فكل إنجاز مقابل بقاء الحكومة أو بعضها كوجه شرعي لأفغانستان يفقد طالبان صورتها كإمارة شرعية لأفغانستان كما تقدم نفسها للعالم.
طالبان إمارة إسلامية،لا يهمنا وراء ذلك من أسماء،ولكن إن وضعت الأسماء على حقائق مشتركة بين حكومة غير شرعية،وعقلية تؤمن بمبدأ الإمارة الإسلامية يعني انتهاء شرعية المفهوم الطالباني كلياً.
في الخاتمة من المهم جدا،بل من ضرورة الجهد الطالباني والفهم السليم لهم بقاء جهة المفاوضات لإخراج القوات الأمريكية ومن معها بين طالبان وبينهم فقط،وليس مع جهة أفغانية أخرى،وعدم إغلاق هذا الملف انتظارا لما يصل إليه الفرقاء الأفغان كما تسعى أمريكا.
المسألة الثانية:المفاوضات بين طالبان وبين الحكومة يجب أن يبقى في عالم التكتيك،وأنه منّة طالبانية لإنجاز ملفات شرعية وسياسية مهمة،وعدم الذهاب به بعيداً،حتى يملأ المشهد الأفغاني.
الجلوس على مائدة واحدة بين طالبان وبين الحكومة إنجاز أمريكي،وهذا ما يجب الإقرار به،ولذلك رأينا الفرح والترحيب الشديد به،ويمكن إعذار(بضعف)طالبان في قبوله،لكن ما زالت المساحة مساحة جهادية بين طالبان وأمريكا،وبين طالبان والحكومة،وأي تكتيك يفسد هذا الباب خسارة كبرى على المدى الطويل.

_______________

Source: Telegram

To inquire about a translation for this release for a fee email: [email protected]