New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "About the al-Jawlānī Interview"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد ..فقد اطلعت على لقاء الأمير الجولاني مع الإعلامي “أحمد منصور” بتاريخ (9 شعبان 1436هـ) ضمن برنامج “بلا حدود” على قناة الجزيرة الإخبارية ، فألفيته لقاءً جيداً في الجملة ، وضع بعض النقاط على الحروف ، وشرح وجهة نظر الجبهة في الشام وعلاقتها مع مكونات الشعب السوري ، ولي على اللقاء بعض التعليقات التي أرجوا أن تتسع لها الصدور :أولاً : الذين صدّعوا رؤوس الأمة بمطالبتهم الأمير البغدادي بالخروج على الملأ بشخصه ، وأقسموا بأنه مجهول أو غير موجود ، وصرّح بعضهم أمام الملايين – بأسلوب المتحدي – أنه إن ظهر فسيبايعه ، ثم لما ظهر البغدادي في الموصل لم يبايع !! نحن نرى الجولاني اليوم لم يظهر على الشاشة بوجهه ، فلمَ لا يطالبون الجولاني بالظهور على الشاشات حتى يعرفه الجميع ، أم أن أحكام الجهالة لا تكون إلا للمخالف !! وهذا رابط لهذا التحدي الذي حذفت الكثير من روابطه على الشبكة :
(https://www.youtube.com/watch?v=3xxEbRy_CrQ) ..

لا نطالب بالجولاني بالظهور العلني ، بل ننصح جميع القادة بعدم الظهور الإعلامي المصوّر ، ولكن الذي ننكره هو الكيل بمكيالين من بعض الناس ، وتقريرهم بأن في عدم الظهور العلني تأثير على أمور ادعوها : مثل أن البيعة لا تكون إلا برؤية المُبايَع ، وهذا خطأ ، فلو كان كذلك للزم جميع جنود جبهة النصرة رؤية وجه الجولاني ورؤية قادة بقية الفصائل !! أكثر المسلمين في الأرض لم يروا الخلفاء الذين بايعوهم ، بل هم تبع لأهل الحل والعقد ، فلا تُشترط الرؤية الشخصية في البيعة ، ولا تؤثر الجهالة على البعض إن كان المُبايَع معلوماً عند أهل الحل والعقد ، وليس الكلام هنا عن “بيعة البغدادي” ، وإنما تقرير مسألة شرعية حاول البعض تحريفها لمخالفتها أهوائهم ..

ثانياً : إذا كان الجولاني يقول بأنهم لا يستهدفون من لا يبدأهم بالقتال سواء كانوا نصارى أم نصيرية أم دروز ، والمسلمون من باب أولى ، والبغدادي يقول “كفوا عنا نكف عنكم” : فكيف يبدأ القتال بين الطرفين في بعض الأماكن !! من الذي يخرق أوامر قادته بالكف عن الغير !! هل هناك عصاة في الطرفين أو مندسين يرون بقاء القتال بين الجانبين مصلحة لمموليهم .. نستبعد أن تكون هذه الأوامر – من الطرفين – مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي ، فكيف يبدأ القتال ؟

ثالثاً : الجولاني قطع كل أمل في أحلام البعض بدعوته الإنفصال عن “قاعدة الجهاد” ، وذكر أنه يأخذ الأوامر والتوجيهات من الشيخ “أيمن الظواهري” حفظه الله ، فهل سيكف البعض عن مطالبته بالإنفصال ، أم سيكون الجولاني عندهم : “خارجي” “قاعدي” “تكفيري” “إرهابي” “عنيف” “تفجيري” “ضال” بعد إصراره على البقاء تحت كنف “قاعدة الجهاد” وزعيمها “التكفيري الأول ورأس خوارج العصر” أيمن الظواهري !! هل سيرضى المخالفون لقاعدة الجهاد عن “جبهة النصرة” أم أنه لا بد للجولاني أن يتبع منهجهم !!

رابعاً : أقر الجولاني بما بينا في مقالات سابقة : أن بعض حلفاءه في “جيش الفتح” يأخذون مساعدات من بعض البلاد ، وحذرهم – كما حذرناهم – مغبة سلوك هذا الطريق ، والسؤال هنا : ألا يعلم الأمير الجولاني بأن هذه الدول المموّلة حرب على “قاعدة الجهاد” قبل “الدولة الإسلامية” !! ماذا لو أمرت الدول المموّلة هذه الجماعات بقاتل “جبهة النصرة” ؟ وستفعل إن لم تفك الجبهة ارتباطها بقاعدة الجهاد ..ننصح “جيش الفتح” بقطع العلاقة مع هؤلاء إن كانوا جماعات صغيرة لا تأثير لها في الساحة العسكرية ، أما إن كانت جماعات كبيرة فلا أقل من إبعادها عن غرف العمليات العسكرية وعن القرار السياسي ، والأفضل قطع العلاقات معها ما دامت مصرة على العلاقات المشبوهة ، وإن أصر جيش الفتح على بقاء هؤلاء فإن الخيانة ستحصل ، وبريق المال عند ضعاف النفوس أقوى من نور الإيمان في قلوبهم ، وهذا ما عرفناه بعد دروس طويلة قاسية في كثير من الجبهات ، وآخرها العراق التي كان الجولاني فيها .. مخطئ من ظن أنه يستطيع خداع الممولين ، فهؤلاء تمرسوا على الغدر والخيانة وطعن الأمة في كل محفل ..

خامساً : ذكَر الأمير الجولاني بأن “جبهة النصرة” ترسل مبعوثين (دعاة) إلى الدروز والنصيرية – لشرح عقيدة المسلمين وبيان الأخطاء التي وقعوا فيها – لإرجاعهم إلى الإسلام ، وهذا عمل جليل كبير مبروك – إن شاء الله – لكونه من أهم أسباب الجهاد ، والسؤال هنا : لماذا نرسل الدعاة للدروز والنصيرية ولا نرسلهم للنصارى ؟ ولماذا الصبر على إرسال المبعوثين للدروز والنصيرية وعدم الصبر على إرسال المبعوثين “للدولة الإسلامية” لإصلاح ذات البين !! أيهما أولى بالمبعوثين ؟

سادساً : ذكر مذيع الجزيرة أنه يريد لقاءً آخر مع الجولاني للحديث عن العلاقات بين الجبهة والدولة ومناقشة طبيعة الخلافات بينهما ، وهنا أذكّر الجولاني وغيره من قادة الجهاد بما قلنا مراراً وتكراراً : لا ينبغي نشر غسيل المجاهدين على حبال الإعلام ، فالعدو يريد كشف ستر المسلمين بمعرفة طبيعة الخلافات ليتغلغل من خلال الفجوات فيحرّش بين المجاهدين بعد أن يئس من هزيمتهم عسكريا ، فلا تُعينوا أعدء الأمة علينا ..

إن كان ما في هذه المقابلة – والمقابلة الأولى مع الأخ “تيسير علوني” – هو فكر الأمير الجولاني ورأيه ، فالرجل عاقل ، والأمور الشرعية عنده منضبطة ، وإن كنا نخالفه في بعض الاجتهادات السياسية ، ولعل عقله وانضباطه جعل “الأمير البغدادي” يختاره دون غيره لقيادة فرع “الدولة الإسلامية” في الشام ، وقد قال الجولاني في مقابلته مع “علوني” بأن الخلاف مع الدولة الإسلامية “ضُخّم ، وأخذ أكبر من حجمه” مما يجعلنا نجزم بأن الخلاف كان تنظيمياً واجتهاداً في النظر للمصلحة العامة كما بيّنا سابقاً : فالجولاني رأى بأن مصلحة الشام تقتضي فصل الجبهة السورية عن العراقية ، والدولة رأت بأن المصلحة تقتضي دمج الجبهتين ، والظواهري رأى بأن المصلحة في الفصل ، وقد نصحنا بالفصل في البداية لسهولته ولكونه أقرب للمصلحة ودرءاً للفتنة ، أما الآن فنرى أن الدمج هو الحل الذي لا مفر منه ، وذلك لسببين :

الأول : أن الدولة الإسلامية تسيطر على نصف الشام ، وهي متغلغلة في كثير من المناطق الغربية والشمالية والجنوبية ، وعدم الدمج قد يؤدي إلى التصادم ، خاصة مع وجود فصائل مدعومة من أجهزة استخبارات ، وبعض هذه الفصائل تعمل في “جيش الفتح” باعتراف الجولاني ، وستعمل على التحريش بين الجانبين ..

الثاني: الدمج هو الموافق للأمر الإلهي بالتراص والقتال صفاً واحداً ، وفي التنازع والتفرقة : الفشل وذهاب الريح بنص القرآن ، فالله تعالى يحب تراص الصفوف ، ويُبغض الفرقة ، فالوحدة من طاعة الله ، والفرقة معصية .. الدعوة للفصل في البداية كانت بسبب فض الخلاف وتجنيب الأمة الاقتتال الداخلي ، وقدّر الله أن تدخل الدولة الإسلامية سوريا وتسيطر على أكثر الأرض .. عندنا الآن أمر واقع ، والتعمال مع الواقع خير من التنكّر له ، والدمج – أو التنسيق التام على أقل تقدير – لتجنيب الأمة مزيداً من الاقتتال الداخلي الذي حصل بعضه ، وما يخطط له الأعداء أكثر بكثير مما حصل ، ومحاولات الدول الصليبية ومواليها تدريب عناصر سوريين لقتال المجاهدين – وتمويلهم لبعض الفصائل – لا يقصدون به “الدولة الإسلامية” حصراً ، بل المقصود جميع المجاهدين ، ومن جهل هذا فهو الجاهل ..

لعل في نصيحة الظواهري بعدم استخدام الأراضي الشامية في الاعتداء على من في الخارج اجتهاد لمصلحة أهل الشام ، وهو اجتهاد آني يحفظ الجهاد من التدخلات الخارجية قدر المستطاع ، ولعل أهل الشام ليسوا على استعداد لقتال بقية الأرض ، فهؤلاء عاشوا في بيئة لم تؤهلهم لحمل هذه الأمانة ، ونقصد هنا : عوام أهل الشام ، فالأمر يحتاج إلى تربية ، ولكن السؤال : هل أعداء الأمة يعرفون خطط “قاعدة الجهاد” وبرنامجها العالمي أم يجهلونه !! وهل يصدّق العالم هذه التصريحات بعدم التدخل في الدول الأخرى أم أنهم يعلمون يقيناً بأن منهج قاعدة الجهاد : تحرير البلاد ثم غزو الكفار ؟ وقد حصل بعض هذا في لبنان ..

لقد حاولت طالبان نفي هذا التصدير ، وصرّحوا تصريحات تطمئن الغرب والشرق ، وحاولت حماس هذا وأكثر بتضييقها على أنصار “قاعدة الجهاد” و”الدولة الإسلامية” وإعلانها خلو غزة منهم ، وأنها لن تسمح بالفكر “التكفيري” بالتواجد في غزة ، والإخوان المسلمون فعلوا أكثر من هذا بكثير : فأعلنوا الإيمان بالديمقراطية ، والتعددية ، والأخوة الوطنية مع غير المسلمين ، والدولة المدنية ، وحرّك “مرسي” الجيش المصري لقتال المجاهدين في سيناء ، فماذا كانت النتيجة ؟ بقيت الحرب على طالبان رغم كل التطمينات والسياسات ، والذي أبقى غزة إلى الآن ليس المناورات والحنكة السياسية لحماس وإنما قوة الفصائل المقاتلة .. قُتل وشٌرّد الإخوان في مصر واعتُدي على أعراضهم وأموالهم بسبب هذه السياسات ، وها هي اليمن تدفع ثمن سياسة السلمية والمناورات السياسية والإعلانات التطمينية !!

اصطدم هذا الاجتهاد مع وجهة نظر الدولة الإسلامية ، فالدولة تقول : لا فائدة من المناورات السياسية ولا الإعلانات المتوارية فضلاً على التطمينات ، والأفضل إعلان الجهاد على الكفر كله وتطبيق الشريعة جملة دون تدرّج ، وحمل المسلمين على الجهاد في سبيل الله وإرهاب العدو قدر المستطاع ودحره أينما وجد ، وكائناً من كان .. لقي هذا الإعلان تجاوباً كبيراً من المسلمين عامة ، والمجاهدين خاصة ، وكانت نتائج الإستطلاعات في جميع بلاد العالم لصالح الدولة الإسلامية حتى بلغت في بعض الدول فوق الـ (95%) مما اضطر كثير من الجهات سحب هذه الاستفتاءات من مواقعها الرسمية ، وكلّف هذا الرأي الدولة أن قام تحالف دولي ضدها ترى الدولة أنه سيتحالف عليها بغض النظر عن إعلانها الجهاد أو التستّر خلف المراوغات السياسية ..

أي الرأيين أصوب ؟ الأمر يحتاج إلى قراءة للموقف : عندما تكون الظروف مواتية فإن المراوغة السياسية أفضل وأقل كلفة وخسائر ، وهذا ما تحاول حماس فعله في غزة وتظن أنها قللت بسببه الخسائر ولم تعط بعض الدول الفرصة لمهاجمتها ، وهذا فيه نظر إذا نظرنا إلى الموقف المصري الآن ، ومُنعت عنها المساعدات الخارجية لكونها مصنفة “إرهابية” ..
إذا كان العدو لا يحترم قانوناً ولا يأبه بسمعة ويرى مصلحته الآنية في المواجة العسكرية فهنا تكون السياسة قليلة التأثير ، والأفضل الوضوح والعمل العسكري الصريح لكسب التأييد .. كانت المصلحة في بداية الثورة السورية المسلّحة تقتضي التكتم على مشاركة “قاعدة الجهاد” ، ولكن القوم علموا بأن جبهة النصرة على صلة وثيقة “بقاعدة الجهاد” فصنفوها “إرهابية” ، فلما وضح الأمر ودخلت الدولة الإسلامية لم يعد هناك مجال لمناورات سياسية ولا إعلان تطمينات للدول المجاورة ، فالكل يعرف قاعدة الجهاد كما عرفوا الدولة الإسلامية ، فالحسم العسكري الواضح والصريح هو المطلوب الآن في الشام العراق بل وأفغانستان :

ووضعُ الندى في موضع السيفِ بالعُلا … مضرٌّ كوضع السيفِ في موضع الندى

البعض يستشهد بإيران ، ويقول : انظروا كيف تناور سياسياً وتكسب المكستاب الكبيرة بأقل التكاليف ، لم لا تتعلمون منها ؟ الجواب : إيران كانت ولا زالت عميلة للصليبيين ، وهذا القول ليس جديداً بل كتبناه منذ أكثر من عقد ، فالدول الغربية تحتاج إيران قوية لضربها بالمسلمين كما فعلوا في الحرب العراقية الإيرانية ، والتفاوت العددي لصالح المسلمين لا بد أن يقابله تفوق تكنلوجي إيراني ، فالغرب حريص على هذا التوازن لاستخدامه في الوقت المناسب ، والإيرانيون يعلمون هذا جيداً ويستغلون حاجة الغرب لهم .. هذه هي قصة المناورة الإيرانية السياسية العبقرية ..

الذي ساعد الدولة الإسلامية على هذا القبول – رغم التشويه الإعلامي الذي لم يوجد له نظير في التأريخ – هو : حال الأمة الإسلامية بعد الثورات العربية ، وقيام الثورات المضادة الدموية ، وحقيقة الاعتداءات الطائفية النصيرية والرافضية على الأمة الإسلامية ، والحرب الصليبية اليهودية ، فالناس سئموا التوريات والمناورات السياسة ، وأيقنوا عدم جدواها بعد الثورات العربية ، فالكل يريد الانتقام من الأعداء بنفس الأسلوب ، وهذا ما تحققه “الدولة الإسلامية” التي أصبحت في نظر كثير من المسلمين أحق الجماعات بقول الله تعالى {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ …} (التوبة : 14-15) .. سألت كثيراً من المعارضين والمخالفين لاجتهادات الدولة : إذا قدّر الله أن يسقط بشار في يد جماعة مسلحة ، ففي يد من تتمنون سقوطه ؟ كان جواب الجميع بلا استثناء : “الدولة الإسلامية” !!

القادة إذا جلسوا مع أنفسهم ومع بعضهم جلسة صدق فإن جميع الخلافات ستنتهي ، ولعل المشكلة تكمن في المعكّرين صفو الأجواء من المتعصبين في الجانبين : فبعض هؤلاء لا عقل له يرى به الصورة الكلية ، وبعضهم لا علم شرعي عنده ، وبعضهم لا يستطيع إدراك المصلحة الشرعية فضلاً عن أن يطلبها ، وبعضهم ضيّق العقل والقلب لا يجد فيهما مكاناً لمخالف ، وبعضهم جاهل بالمقاصد الشرعية ، ونحن نربأ بقادة الجهاد أن يسمعوا لأمثال هؤلاء ، ولا ننسى بعض المندسين هنا وهناك من أعداء الدين ، فهؤلاء تأثيرهم كبير ..

مصلحة الأمة تقتضي : رص الصفوف ، وإنهاء الخلاف ، والعودة إلى قتال الأعداء ، وترك الاقتتال الداخلي ، وأي كلام أو فعل ينافي هذا التوجّه فهو مخالف للمقاصد الشرعية ، وللأوامر الإلهية ، ومآله الفشل وذهاب الريح والعياذ بالله ..
كل قطرة دم تهراق بسبب هذه الفُرقة ، وكل عرضٍ يُنتهك ، وكل دين يُنتَقَص يتحمل وزره يوم القيامة من يُصرّ على هذا الخلاف ، ومن يقدِر على حل النزاع ولا يعمل جهده فيه ، ومن ينفخ في رماد الخلاف ليزيده اشتعالاً ..
الأمر أعظم بكثير مما يتصور البعض ، فالمسألة ليست نُصرة هذه الجماعة أو تلك ، المسألة أمر الدين ومستقبل الأمة وأعراض ودماء المسلمين ، فكل من يشارك في تأجيج الصراع الداخلي يحمل وزر كل ما يترتّب عليه ، وكل من يستطيع إخماد الفتنة ولا يعمل جهده في سبيله فعليه كل هذا الوزر يوم يقف أمام الله تعالى حافياً عارياً مجرّداً من كل لقب ومن كل وليّ ونصير ومنصب ، يقف أمام الواحد الديّان فيسأله عن كل قول وفعل وسكوت ورضى ..

لأول مرة منذ قرون يكون أمر الأمة بيد حفنة من الرجال الذين نحسبهم صادقين ، وهؤلاء لو اتفقوا لكان عز الدنيا والآخرة ، وذل الكفر وأهله ، فيا لله ما أعظمها من أمانة ، ويا لله ما أكبرها من مصيبة لو أن هؤلاء بقوا على خلافهم وأصرّوا عليه ولم يقدّموا مصلحة الدين والأمة ، فكل خلاف نستطيع حلّه الآن لأن القرار بيد فئة قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة ، ونخشى لو انتظرنا أن ينفرط العقد وتفوت هذه الفرصة التاريخية ..

هذا نداء آخر لقادة الجهاد في الأمة : أصلحوا ذات بينكم ، وكونوا عباد الله إخوانا ، واعتصموا بحل الله جميعاً ولا تفرقوا ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، فهذه أمتكم أمة واحدة .. أعلنوا الوحدة المنشودة التي يريدهما المسلمون ، والتي تغيظ أعداء الدين ويحصل بسببها النصر المبين .. تجاوزوا الخلافات ، وأقيلوا العثرات ، وتناسوا الزلات ، وأعملوا العقول ، وأصلحوا القلوب ، وأخلصوا النيات .. الأمة ترقبكم ، والله يراكم ويعلم مكنون قلوبكم .. لا تضيّعوا الأمة ، فالله تعالى حمّلكم هذه الأمانة العظيمة وهو سائلكم .. الله الله في أمة محمد لا تؤتى من قبلكم ..

وهذا نداء لعلماء وعقلاء الأمة : الواجب عليكم إصلاح ذات بين المسلمين ، ولا أوجب اليوم من الإصلاح بين المجاهدين ، فهذا واجبكم الشرعي ، وهي الأمانة التي حملكم الله ، وزكاة علمكم الذي بسببه أعزّكم الله ، فلا تضيّعوا هذه الأمانة .. الواجب آكد على العلماء وطلبة العلم في الثغور : لا تقنطوا من رحمة الله ، واخرجوا من ضيق الجماعات إلى سعة المصلحة العامة ، ومن المصالح الحزبية إلى مصلحة الأمة ، فكثرة الانشغال بالتفاصيل تصرف النظر عن الصورة الكلية ، فلتكن مصلحة الأمة كلها نصب أعينكم ، وانظروا إلى اشتغال الناس بهذه الخلافات وانصرافهم عن قتال العدو الحقيقي الذي التقط أنفاسه بعد أن كاد يُهزم ، فلما خمدت جذوة الفتنة قليلاً خنس وتأخّر .. اعمدوا إلى وأد الفتنة واستئصالها من جذورها بالتواصل مع كافة المجاهدين والعمل على إزالة كل سوء ظن ، وإخراس كل داعية للفتنة بين المسلمين .. خاطبوا الجماعات وقادة الجبهات ، وإياكم ثم إياكم أن يشارك أحدكم في هذه الفتنة ولو بكلمة ، فليس حساب المتبوع عند الله كحساب غيره ..

نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين ، ويوحّد صفوف المجاهدين ، ويمكّن لعباده الموحّدين ، وأن يصرف عنهم كل مكر وكيد ودسيسة ، وأن يشف صدور المؤمنين بوحدة الصف فيرغم أنوف الأعداء ويموتوا كمداً وحسرة وينفجروا غيظاً أن جمع شدة المجاهدين عليهم ، وجعل المجاهدين إخوة متحابين رحماء بينهم ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
9 شعبان 1436هـ

_____________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]

1 Reply to “New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "About the al-Jawlānī Interview"”

Comments are closed.