New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Session with Dr. Always"

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد كتابة مقالة بعنوان “المفاصلة هي الحالقة” تعليقاً على بحث كتبه الدكتور “مظهر الويس” ، نشر الدكتور – غفر الله لنا وله – رد فيه بعض الإتهام وبعض اللمز ، ومن تابع ما أكتب علم أنني لا أحب الردود على الردود ، ففيها مضيعة للوقت وصرف عما هو أهم ، ولكنه لما كان الرد من أحد طلبة العلم الذين هم في الثغور ، كان اللائق كتابة تعليق على تعليقه حتى يزيل بعض اللبس إن شاء الله ..

عنْون الدكتور رده بـ “الرد على صاحب الحالقة الذي يدافع عن دين المارقة” ، وسأجعل ما اخترت الرد عليه أعلى التعليق وبين معكوفين […] كالعادة :

قال الدكتور : [ورغم أن الكاتب قد مدح البحث وأثنى عليه إلا أن هذا الثناء أراده لكي يظهر أنه موضوعي فيمرر على القارئ ما ذكره من مغالطات, ولقد عُرِف كاتب هذا المقال بتقلبه ولم يعرف له موقف ثابت وذلك عبر مقالاته العديدة وإنما موقف الضبابية المتذبذبة التي قد يعتبرها حكمة !!!]

أقول : أما مدحي لرسالته لإرادة إظهار بأني موضوعي ، فالله أعلم بالسرائر .. وأما التقلّب والتذبذب والضبابية فمقالاتي بالمئات في الشبكة العالمية فليقرأها الدكتور ويستخرج منها ما تفضل به ، وقد كتبت مقالة قبل فترة قريبة بعنوان “مع من أنت” ذكرت فيه موقفي من بعض الأحداث ..

قال الدكتور : [والحق أن حسين بن محمود لم يوفق في رده هذا وما نرى هذا الرد إلا جاء بناءً على طلب من إخوة منهجه من الدواعش الذين دأبوا على استجداء أهل العواطف المتقلبين ليطيروا بها كعادتهم في مثل هذه الأمور]

الجواب : لم يطلب مني أحد الرد على رسالة الدكتور غفر الله لنا وله ..

قال الدكتور : [ومن أبرز المغالطات التي ذكرها الكاتب : أولاً: كلامه عن الدكتور طارق عبد الحليم حفظه الله فالشيخ حفظه الله تصدى للخوارج المارقة من العوادية وتحمل في هذا الأمر الكثير وإن كان في بعض كلامه قسوة ولكنه لا يخرج عن نطاق الأدب كما ادعى الكاتب]

أقول : نقلنا عنه ما خرج به عن نطاق الأدب في حق نساء المسلمين ما نستحي من تكراره ، ونحن نحترم الدكتور طارق ، وكتبنا فيما مضى تعليقاً على بعض كلامه لم نتجاوز فيه الأدب ، وقد وصله وعرف كاتبه .. بعض كلام الدكتور طارق لا يليق بسنِّه ولا بالعلماء ، فنحن نربأ به أن يصدر عنه مثل هذا ، وقد نصحناه ، فنسأل الله أن يجعلنا وإياه ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأن لا نكون وإياه ممن قال الله فيهم {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ} (البقرة : 206) ..

قال الدكتور : [وكان الأحرى بالكاتب أن يتوجه إلى أنصار العوادية الذين اشتهروا بالبذاءة والفحش بدل التركيز على قضية كهذه]

الجواب : نصحنا أنصار المجاهدين من جميع الجماعات أن يلتزموا الأدب في الحوار ، وكتبنا مقالات قديمة وحديثة في هذا الصدد ، ولا زلنا نقول ونكرر وننصح الجميع بالتزام الآداب الشرعية ، ولا يكاد يسلم من التنابز بالألقاب أحد ، نسأل الله لنا وللجميع المغفرة ..

قال الدكتور غفر الله لنا وله : [وكنا نتمنى من الكاتب أن تكون غيرته لدماء أهل السنة من المجاهدين وللمشروع الجهادي أكثر من حساسيته لقضية تافهة أم أنه الورع البارد والتنظير القتّال الذي ابتلينا به من مشايخ النت المجاهيل !!!.]

الجواب : غيرتنا على دماء المسلمين جعلتنا لا نتوقف عن الكتابة والنصح والبحث لعقد ونصف منذ أن بدأت الأحداث في زماننا هذا ، ونسأل الله أن يجعل الغيرة خالصة لوجهه الكريم .. أما المشيخة فلم أدعها يوماً ، وذكرت هذا في مقال “مع من أنت” وقبل هذا بسنوات ، وأما الجهالة : فالله أعلم بنا ، ونسأل الله الستر ، وأن يحشرنا في جملة المغمورين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وما يضر المسلم أن لا يعرفه غير الله ، نسأل الله السلامة والعافية والإخلاص في القول والعمل ..

قال الدكتور : [ضرب الكاتب على وتر أني قلت “دين المارقة” وفهم من هذا الكلام أن المارقة لهم دين غير دين الإسلام وهو بذلك يوحي للقراء أني أكفر جماعة الدولة لكي يقول للناس أني وقعت فيما حذرت منه ,وقد كنت أتمنى أن لا يصدر من الشيخ أسلوب البتر الذي نقدني به ولكنه لم يأت على ذلك ولو بمثال واحد] ، وقال [وأما أني قلت “دين المارقة ” فإني أربأ بالشيخ أن يصل به الأمر أن يظن أن كلمة الدين لا تطلق إلا على الملة وأبسط طلاب العلم يعلم استعمالات لفظ الدين لغة واصطلاحاً وأنها تطلق على الرأي والطريقة والعادة ,وواضح أني قصدت بدين المارقة أي طريقتهم و أراؤهم وهذا معروف عند السلف الذين يطلقون هذا على أهل البدع]

الجواب : أما لفظ “الدين” فإذا أطلق يصير إلى معنى واحد ، ومن أراد صرف المعنى فعليه أن يذكر الصارف في محله ، ونعتذر للدكتور إن أسأنا فهم كلامه ، ولكن هذا الذي ظهر لنا في العنوان ،كما نشكر الدكتور على النقولات التي نقلها لنا في هذه المسألة وغيرها ..

قال الدكتور [وبعد هذه النقول فإني أتمنى من الشيخ أن يكون قد علم استعمالات مصطلح الدين وأنه يطلق على المعتقد والرأي وليس محصوراً بالدين الذي هو بمعنى الملة ولكن الشيخ اتبع وللأسف أسلوب الغلاة الذين يتصفون بالعقلية الأحادية والإلزام باللوازم كشنشنة أهل البدع] .

الجواب : نسأل الله السلامة والعافية لنا وللدكتور ولجميع المسلمين من الغلو والعقلية الأحادية والإلزام باللوازم وشنشنة أهل البدع ..

قال الدكتور : [ثالثاً: أما أني لم أذكر حسنة واحدة لدولته الميمونة ! فإني أسائله عن هذه بعض هذه الحسنات إلا إذا كان إعلان الخلافة و ضرب رقاب المجاهدين في الشام والعراق و تسليم المناطق للرافضة واستجلاب التحالف الصليبي وترهيب الناس وسلب أموالهم وتشويه الإسلام والجهاد وفتنة الناس في دينهم و دنياهم حسنة !]

الجواب : الدولة الإسلامية قتلت الآلاف من الرافضة والنصيرية وضربت أعناقهم ، وحررت آلاف الأسرى من الرجال والنساء ، وفتحت بعض البلاد وخلصت المسلمين من ظلم الروافض والنصيرية فيها ، فالعدل يقتضي ذكر بعض هذا ، وليس كل ما تفعله الدولة ظلم محض حتى عند أعداء الأمة من النصارى ، فبعض النصارى أنصف الدولة بعد زيارة أراضيها وقال بأن فيها أمن وأمان ورخاء وتطبيق للأحكام الإسلامية وارتياح في صفوف المسلمين ، فلا يكون هؤلاء أعدل منا وأنصف ..

قال الدكتور : [أم أنك يا شيخ حسين محمود لا تكترث لكل هذا لأجل تنظيراتك! ,نعم إن لداعش حسنة جميلة هي أنها كشفتك وأمثالك من ركاب الموجة ممن يدعون العلم زوراً و بهتاناً وكتاباتهم تنم عن جهل وغرور ,حسنة داعش هي أنها كشفت حقيقة الغلو و عرته أمام الناس وميزت بين منهجين ولله الحمد]

الجواب : من أراد ركوب الموجة اليوم فليس أسهل من الثناء على الحكام والنيل من المجاهدين لينال المال والجاه والمناصب ، فهذا أسهل بكثير من الثناء على الدولة وقاعدة الجهاد وتعريض النفس والأهل للهلكة .. أما ادعاء العلم فلم أدعه ، وإنما أنا طويلب علم أنقل من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثم من كتب العلماء فأصيب وأخطئ وأسدد وأقارب وأرجّح حسب علمي البسيط ، وقد ذكرت هذا في مقال “مع من أنت” فليقرأه الدكتور إن شاء .. لو أن الدكتور يربأ بنفسه عن مثل هذا التعبير في النقاش .. نسأل الله أن يحفظنا والدكتور من الجهل والغرور والغلو والزور والبهتان واتباع غير سبيل المؤمنين ..

قال الدكتور : [رابعاً: ولقد فاتك يا شيخ حسين أن تعلم أن خوارج العوادية أسوأ من أسلافهم من الخوارج فلا صدق ولا شجاعة فالكذب والتقية والغدر دينهم ورأينا شجاعتهم أمام نساء كوباني وقطعان الرافضة ,نعم هم شجعان على أهل السنة العزل وبئس الشجاعة هذه, وما أراك إلا العاطفة قد غطت على تفكيرك فجعلتك لا ترى الحقائق , وحبك الشئ يعمي ويصم] .

الجواب : أما الشجاعة فهذه لا ينكرها أحد ، وتشهد لهم تكريت وعين العرب التي ذكرت ، فبأعداد قليلة هزموا جيوشاً جراراة مدججة بالسلاح وصبروا وصمدوا لشهور رغم القصف الشديد وقتلوا على أسوار تكريت أكثر من اثني عشر ألف رافضي ، وأما الصدق فلم أجرب عليهم الكذب ، فلا أشهد بما لا أعلم .. وأما العاطفة : فهي لجميع المسلمين ، والحب لجميع المسلمين ، ولم أدّع يوماً أنهما حكر على الدولة ، والعاطفة تقتضي اليوم جمع الكلمة ونبذ الفرقة ، وحبي لحقن دماء المسلمين أعماني وأصمني عن الخلافات بينهم ..

قال اللدكتور : [خامساً: أما أني ذكرت فيهم من صفات الرافضة والمرجئة فهذا ليس كلامي بل هو كلام الإمام أحمد رحمه الله ,أم أنك تتعالم حتى على الأكابر !!!.]

الجواب : معاذ الله أن نتعالم على علماءنا ، فضلاً عن الأئمة ، وإنما قصدت بالتناقض : كون المرجئة لا يكفّرون بالنواقض ، والخوارج يكفرون بالمعاصي ، ولعلي لم أكن واضحاً ، وجزى الله الدكتور خيراً على النقولات الطيبة التي نقلها في هذا الموضع ..

قال الدكتور غفر الله لنا وله : [سادساً: ومما يدل على خطل الكاتب هو أنه قال أني اعتمدت على نقول المخالفين للدواعش ,وأهل الحديث لا يقبلون شهادة الأقران : فأقول للشيخ لقد أبعدت النجعة و أخطأت من أوجه : الأول : أنك ذكرت أني اعتمدت على نقول المخالفين فهذا غير صحيح والمطلع على الكتاب يرى أني اعتمدت على توثيقاتهم هم و بياناتهم هم واصداراتهم هم ! ولم آتي بكلام مخالف له إلا نادراً فأتيت ببيان هيئتهم الشرعية في تكفير الجبهة الاسلامية و كلمات العدناني المنشورة على مواقعهم ! أم أنك لنفاقك لهم تريد أن تكون ملكياً أكثر من الملك .]

الجواب : هذا نص كلامي “ومما يعيبه : إتيانه بشهادات مخالفي “الدولة الإسلامية” ليقوي موقفه في البحث” ، وبما ان الدكتور دقيق في المصطلحات ، فأنا أسأله : أليس هناك فرق بين “الإتيان” و”الاعتماد” .. أما كلام المخالف فبعضه في الفصل السادس من الرسالة ، وخمسة كُتبت أسمائهم على غلاف الرسالة !! أما كوني أنافق الدولة أو أتباعها فإني لا أرجوا منهم جزاءً ولا شكورا ، وقد خالفتهم في بعض المسائل ، وهذا مشهور يعرفه كل متابع ، فالمنافق من يخاف أو يرجو أمراً ، وليس هناك سبب لخوف أو رجاء من أناس لا يعرفوني كوني مجهول حسب تقريركم ..

قال الدكتور : [والثاني : سبحان الله وكأنك لا تدري أيها الشيخ أن الخصومة في الدين لا تؤثر في الشهادة جاء في المغني لابن قدامة (10/ 167): “فَأَمَّا الْعَدَاوَةُ فِي الدِّينِ، كَالْمُسْلِمِ يَشْهَدُ عَلَى الْكَافِرِ، أَوْ الْمُحِقِّ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَشْهَدُ عَلَى مبتدع فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ بِالدِّينِ، وَالدِّينُ يَمْنَعُهُ مِنْ ارْتِكَابِ مَحْظُورِ دِينِهِ. “.]

الجواب : الخصومة تؤثر في الشهادة في شرعنا ، بل حتى في محاكم الكفار ، وانظر المحلى لابن حزم وحاشية ابن عابدين ومدونة الإمام مالك والحاوي الكبير والمغني ذاته وغيرها من المصادر ، وقد روي عن عمر رضي الله عنه في ذلك ، والنقل الذي جاء هنا من المغني ليس في مسألتنا ، فلو كان المسلم خصماً للكافر في أصل القضية فإن شهادته لا تُقبل ، ولا بد من شهادة غيره أو قرائن وأدلة أخرى ، ولعل قصد صاحب المغني : أن الدين يمنع صاحبه من الكذب في الشهادة ، ولذا لا يضر اختلاف الدين ، أما كون الخصم هو الشاهد فهذه مسألة أخرى ذكرها ابن قدامة في المغني قبل الكلام المنقول مباشرة وبعده مباشرة ، فكيف غفل الدكتور عنه !!

قال الدكتور : [والثالث :يلزم من كلامك هذا لازم خطير فاسد لم يخطر حتى على بال الخوارج الأولين, أن رواية علي رضي الله عنه في الخوارج مردودة لأنه قاتلهم وهو خصمهم فهل ترد روايته !!]

الجواب : معاذ الله أن نرد رواية صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هذا كسابقه ، فنحن لا نقر بأن الدولة “خارجية” حتى ننزل عليها النصوص .. أما علي رضي الله عنه فإنه قرر سبب قتال المارقة بقوله “إخواننا بغوا علينا” ، فسبب قتالهم بغيهم عليه بنص كلامه ، فهم بدؤوه بالقتال وقتلوا المسلمين ، وهو الخليفة الشرعي المسؤول عن دماء المسلمين ..

قال الدكتور : [سابعاً: وأخيراً وفي مشهد كربلائي يتباكى الشيخ حسين محمود على حال الفصائل و يسترسل في عالمه الحالم من الدعوة للتوحد و ترك النزاع والتنابز بالكفر والتخوين متمسحاً بالشيخ عبد الله عزام رحمه الله]

الجواب : الحلم بالتوحّد وترك النزاع والتنابز بالكفر والتخوين خير من الدعوة للاقتتال بين المسلمين ، ولقائي الله بهذا الحلم أحب إليّ من لقاءه وأنا أدعوا لسفك الدم الحرام .. أما الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله وتقبله في الشهداء – فلا زلت أتمسح بذكراه منذ عقود مِن باب “أحبُّ الصالحين ولست منهم” ، وقد كتبت عنه وذكرته في مقالات كثيرة ، ومثاله “إتحاف أهل الإسلام بتراث الشيخ عزام” قبل عشر سنوات ..

قال الدكتور : [ونقول يا شيخ حسين :
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
هل يصح أن تساوي بين الجلاد بالضحية فدعوتك الجائرة تذكرني بدعوة مجلس الأمن المسلمين إلى ضبط النفس وتذكرنا بكلام للشيخ أسامة رحمه الله عندما شبه الأمة بخروف يساق إلى الذبح فإذا انتفض قيل له أنت إرهابي !! وهاهو المشهد يتكرر منك يا شيخ عندما تدعو الضحية الى تسليم نفسها للجلاد الذي لم يرقب في مجاهد عهداً ولا صحبة
]

أقول : إنما أدعو إلى ما دعا اللهُ تعالى إليه ورسولُه صلى الله عليه وسلم من وحدة الصف والاعتصام بحبل الله وعدم الفرقة والتنازع الذي مآله الفشل وذهاب الريح ، وقد كان بين الصحابة أمور : بغى بعضهم على بعض ، وسُفكت الدماء الطاهرة فكان التنازل من أهل الحق للفئة الباغية حقناً لدماء المسلمين وتفويتاً على المتربّصين ، ولا أزعم أن هذه الجماعة أو تلك باغية أو صاحبة حق ، وإنما هذا مثال .. ما يمنعني هنا أن أقول للدكتور بأنه يتمسح بأسامة رحمه الله كما قال بأنني أتمسح بعزام رحمه الله !! أما آن لنا أن نترفع قليلاً عن مثل هذا الخطاب !!

قال الدكتور غفر الله لنا وله : [كان الأولى بك يا شيخ حسين أن تقف مع المظلوم ضد الظالم وأن تكون منصفاً]
الجواب : لو علمتُ الظالم من المظلوم لوقفت كما تحب ، ولكن ما الذي يجعل شهادتكم مقبولة وشهادة الدولة مردودة !! هم يقولون بأنهم ظُلموا ، وأنتم تقولون مثلهم .. عندكم بينات وعندهم بينات .. هم يحلفون وأنتم تحلفون ، وخلافكم هذا يقوي عدوكم النصيري والرافضي ، ولهذا ندعوا الجميع إلى تقديم مصلحة الأمة والرجوع إلى الأمر الأول من قتال النصيرية والرافضة وأعوانهم ، وترك ونبذ الخلاف والتقاتل بين المسلمين ..

قال الدكتور : [سبحان الله {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19] , ستسأل يا شيخ حسين عن الدماء التي تراق وأنت تهون منها ,من بدأ بالتكفير و التفجير ؟ ومن تمرد على أسياده وعصى ؟ ومن صحون الناس والفصائل ؟ ومن غلا وأعلن الخلافة ؟]

الجواب : لم أهوّن يوماً من شأن دم مسلم ولا أذيّة مسلم فيما أعلم ، إنما دعوتي لوقف الإقتتال وحقن الدماء من جميع الأطراف ، وأنتم تْدعون المسلمين لقتال الدولة لكونهم “خوارج” وتمنونهم الأجر والثواب الجزيل من عند الله تعالى على قتالهم !! لم أقر يوماً اقتتال المسلمين ، ولا أدعوا إليه ولا حتى أدعوا للإجتهاد في المسألة ، بل أدعوا لغلق هذا الباب ، وقد خالفت البعض في مسألة كفر أعيان جنود الدول العربية ، وهذا قديم ، ونالني من هذا ما نالني من أذى ، ولا زلت على رأيي (انظر مقالة “مع من أنت”).. أما إعلان الخلافة فلا يعدّ من الغلو – حسب علمي – وإنما هو اجتهاد ، وأنا لم أبايع الدولة ولا أميرها ، وقد ذكرت موقفي من البيعة وقلت بأنني واحد من عوام المسلمين إن بايع أهل الحل والعقد من قادة الجهاد – الذين على رأسهم الشيخ الظواهري والملا عمر – بايعت ، ونالني من هذا بعض الأذى من بعض الإخوة ، غفر الله لي ولهم ، وهذا موقفي ومبلغ اجتهادي ، ولم يتغير ..

قال الدكتور غفر الله له : [وما خطأنا عندما وصفناهم بالمارقة و قد حققوا أصولها ؟ أم أنك تظن أن كلامك عن الخوارج في أحد مقالاتك ينطلي على أهل العلم وإنما يفرح بها أهل الأهواء من الدواعش !!]

الجواب : لو علمتُ أنهم حققوا أصول الخوارج ما خالفتكم ، وأكثر ما جاء في “أحد مقالاتي” (بحث في الخوارج) هو نقل الأحاديث وأقوال أهل العلم ، وليس هو من كلامي ، ولعل كلامي لا يبلغ نصف العُشر على أكثر تقدير ، إنما وضعت النصوص أمام الناس ، وامرؤ حسيب نفسه ..

قال الدكتور غفر الله لنا وله : [إن الهدف من كلامك السابق الذي خرج في صورة الناصح المشفق هو تخذيل المجاهدين الذين بدؤوا في حسم أمرهم تجاه خوارج العصر والنتيجة أن يستمر الخوارج في قتل المجاهدين الذين تحقن فيهم أنت وأمثالك من الورع البارد ليكونوا لقمة سائغة لأناس حسموا أمرهم بقتل كل من يخالفهم]

الجواب : إن كنت تقصد بالتخذيل : صرف المسلمين عن الاقتتال فيما بينهم ، فأنا أكبر المخذّلين ، وأسأل الله أن لا يحسم مسلم أمره في قتال المسلمين ، لا من الدولة ولا من غيرها ، وأن يوجهوا سهامهم – مجتمعين متراصين متصافين – في صدور الرافضة والنصيرية وأعداء الدين .. لم أدعُ يوماً مسلماً أن يكون لقمة سائغة لمن بغى عليه ، فالمسلم يدفع عن نفسه وماله وعرضه ودينه ، ولكن الذي أدعوا إليه هو : الكف عن بعضنا البعض ، وعدم إثارة الفتن بين المسلمين ، وعدم التساهل في التكفير والتفسيق والتصنيف الموصل إلى التخالف والاقتتال ، وادعوا المجاهدين إلى الوحدة التي أمرهم الله بها في كتابه ، وجاءت على لسان نبيه ، وأجمع العلماء قاطبة على وجوبها ، فإن كانت هذه الدعوة من الورع البارد : فلتكن ..

من عرفني وتابع ما أكتب علم أنني ربما حلفت في مقالاتي كلها – على مدار عقد ونصف – بمقدار عدد أصابع اليدين ، وأني أقول هنا : بعد دراستي لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي وردت في الكتب الستة وغيرها من كتب الأحاديث المشهورة ، وبعد اطلاعي على شروحها من الكتب المعتبرة ، وبعد اطلاعي على كلام كثير من علماء السلف والخلف في الخوارج ، أستطيع أن أجزم بما أُسأَلُ عنه أمام الله تعالى : أن “الدولة الإسلامية” على وضعها الحالي ، وإلى حين كتابة هذه الكلمات ، وحسب علمي واطلاعي وبحثي : ليست خارجية ، ولا تنطبق عليها أحاديث المارقة ، ولا يحصل من يقاتلها على ثواب مقاتل الخوارج ..

أقسم بالله العظيم أنها ليست دولة خارجية
أقسم بالله العظيم أنها ليست دولة خارجية
أقسم بالله العظيم أنها ليست دولة خارجية

ومن قال بأنها خارجية فهو جاهل بالنصوص أو بتنزيلها ، أو ظالم للدولة الإسلامية فاجر في خصومتها ، أو كاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا ما أدين الله به ، ووالله إني ناصح ، وعلى المسلمين مشفق ، وللمجاهدين في الشام خاصة : محب ، ولا أريد بكلامي هذا إلا حقن دماء المسلمين ، وإنقاذ بعض من يُغرر بهم من إلقاء أنفسهم في التهلكة بقتال إخوانهم تديناً وطلباً للأجر والثواب المبني على اجتهاد خاطئ أو جائر ، فأنصح جميع المجاهدين في الشام أن يتقوا الله عز وجل ، وأن يتركوا التنازع ، وأن يحقنوا دماء المسلمين ..
لا أزعم بأن الدولة الإسلامية – أو غيرها من الجماعات – مبرّأة من الظلم أو البغي أو التأويل الخاطئ ، فبعض هذا حصل حتى من الصحابة ، وإنما الكلام عن تنزيل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم – في الخوارج – على الدولة ، وقتالها كقتال الخوارج ، وطلب الأجر به ، فهذا باطل باطل ..

قال الدكتور غفر الله لنا وله : [مضى عهد الدروشة يا شيخ حسين وما عاد لمشايخ النت أن يغيروا و يبدلوا في الحقائق كما كانوا قديماً, فكاشفة الشام تفضح وتغربل الناس و تنخلهم ” ومن غربل الناس نخلوه” . والحمد لله رب العالمين . كتبه : الدكتور مظهر الويس ، تاريخ: 9/ رجب/1436 ، لموافق ل :28/ 4/2015]

الجواب : الحقائق أن دماء المسلمين معصومة ، وأن الدعوة إلى الاقتتال بين أهل الإسلام محرّمة ، وأن الجهاد هو قتال الكفار – من غير أهل العهد – لإعلاء كلمة الله تعالى ، وأن قتال المسلمين فيما بينهم فتنة أو بغي ، وأن الرمي بالخارجية كالرمي بالكفر في المآل : فالكافر يُقاتَل ، والخارجي يُقاتَل ، وفي كلا القتالين أجر وثواب ، وبهذا يشتغل المسلمون بأنفسهم ليفرح عدوهم ويسْلم !! لا يضر الحق إن خرج من “مشايخ النت” أو غيرهم ، فمن عرف الحق وجب عليه اتباعه ، ولا يعنينا المصدر إن كان بدليله وعلى أصول وقواعد الشرع ..

أقول للدكتور “مظهر الويس” حفظنا الله وإياه من الشر والفتن : إن على ورثة الأنبياء مسؤولية نصرة الدين ، وتحقيق مصلحة الإسلام ، والمصلحة اليوم في نبذ الفرقة ، والدعوة إلى رص الصفوف في مواجهة مكر حاضر وآخر قادم ، وليس من مصلحة المسلمين الاقتتال فيما بينهم ، لا الآن ولا في المستقبل ، ومسؤولية العلماء وطلبة العلم – أمثالكم بارك الله فيكم – أن تعلموا الناس ، وتصلحوا ذات البين ، وتنصحوا وتبينوا ، ودور العلماء في إخماد الفتن لا استثارتها ، وإجهاد النفس والفكر في مسألة إنزال نصوص الخوارج المارقة على هذه الفرقة أو تلك مضيعة للوقت ، بل هو هدر للدماء والطاقات وفتح باب فتن الله أعلم بمنتهاها ، ولا يفرح بهذا إلا أعداء الدين من النصيرية والرافضة واليهود والصليبين ، فماذا تستفيد الأمة إن أدار المقاتلون ظهورهم للنصيرية وقاتلوا الدولة الإسلامية ، والكلام ذاته موجّه للدولة الإسلامية ، فالله الله في دماء المسلمين وفي مستقبل الأمة ..

أيها الدكتور الفاضل : إن موقفي من الدولة هو موقفي من أي عصابة مقاتلة لأعداء الله ، فأنا مع الدولة إن قاتلت النصيرية والرافضة والعلمانيين والنصارى واليهود والمرتدين ، ولست مع الدولة في قتالها للمسلمين ، ولست مع من “يتساهل” في تكفير المسلمين ولا من يرمي المسلمين بالخارجية ظلما .. أقر بأن بعض أفراد الدولة عندهم تساهل في مسألة التكفير ، وأنكرته في أكثر من موضع ، ونصحت الدولة مرات ومرات كما نصحت أنصار قاعدة الجهاد في الماضي مرات ومرات ، وكتبت في سبيل ذلك مقالات ، وناقشت وناظرت بعض طلبة العلم في قاعدة الجهاد في مسألة التساهل في التكفير في المنتديات ، فهذه فتنة ابتلينا بها من قديم ، وهي نتاج جهل البعض ، ونتاج غياب أهل العلم عن الساحات ، ونتاج ضيق الأفق والفجور في الخصومة ، ولهذا نصحنا أنصار الدولة وأتباعها وغيرهم بالاستفادة من نقولاتكم في رسالتكم حتى لا يقعوا في المحذور ، ويخرجوا من بعض الشبه ، ولم يكن ذلك بدافع الظهور بمظهر المنصف ، ولو كان يهمنا مثل هذا لوافقنا البعض على جميع أقوالهم واستقطبنا أتباعهم وكُفينا شر ألسنة بعضهم ، ولكننا ننشر ما نراه حقاً حسب اجتهادنا وفهمنا : فما وافق الحق فهو توفيق من الله وحده لا شريك له ، وما خالف الحق فهو نقص مني في الفهم والاجتهاد ، وأسأل الله أن يهديني وإياكم إلى الحق ، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ..

وبعد : فهذه آخر فقرة كتبتها في المقالة التي رد عليها الدكتور الفاضل ، أنقلها كما هي لعل الله أن يجعل لها آذناً صاغية :

“كنت ولا زلت أناشد الشيخين : الظواهري والبغدادي أن يوقفوا هذه المهازل ، وأن يأمروا الجنود والأتباع بالكف عن العبث بمستقبل الأمة ، وأن يصدروا الأوامر الصارمة بإيقاف كل التراشق والتنابز والإتهامات بين الفصائل ، وأن يوقفوا كل اقتتال بين المسلمين مهما كانت أسبابه ودوافعه ، وأن يتفرغ الجميع لقتال النصيرية والروافض والصليبيين ، وأن تبقى المشاكل بين المجاهدين طي الكتمان ينتدب لها القادةُ أصحابَ العقول من أهل الحكمة والرويّة والعلم ليأتوا على جذورها فيستأصلوها ، وأن لا يتركوا هذه الأمور لكل من هبّ ودبّ يجتهد فيها وفق هواه ليشفي غليله من مخالفيه فتضيع ثمرة الجهاد للمرّة الألف بسبب تفرّق أهل الحق رغم اتفاق دينهم وهويتهم وأهدافهم ، واجتماع أهل الباطل رغم اختلاف أديانهم ومشاربهم ومصالحهم ، وتضيع كل هذه الدماء وهذه الأرواح بسبب تنطّع البعض ، وتسيّب البعض ، وغرور البعض ، وغفلة البعض .. الله الله في أمة محمد ، فإن لله سنن تعلمونها ، وهي ماضية فيكم كما مضت فيمن قبلكم {سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً} (الأحزاب : 62)” ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
10 رجب 1436هـ

_______________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]