الحمد لله معز الإسلام بنصره ومذل الشرك بقهره، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه وعلى آله وصحبه ومن تبعه على نهجه من بعده إلى يوم الدين وبعد،
قال الله تعالى:” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر” وقال تعالى “فأنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من رد عن عرض أخيه رد الله وجهه عن النار يوم القيامة” رواه الترمذي وحسنه.
فإنه مما لا يخفى على مسلم أن فريضة الجهاد في هذا الزمن هي من أوجب الواجبات وأن القائم بحقها صادقا هو في أشرف المقامات، وأن أقل واجب على كل مسلم هو موالاته ونصرته والذب عنه فكيف إذا كان هذا المجاهد هو إمام المسلمين وجنده القائمين بأمر الدين في زمن الغربة؟!
وإنه مما صار واضحا للعيان وليس يحتاج إلى برهان أن الدولة الإسلامية أعزها الله هي اليوم قلعة الإسلام وحصن التوحيد وجندها هم رأس حربة المسلمين، بل إنها سفينة النجاة للمسلمين مما ولجوه من بحار التيه منذ سقوط خلافتهم، وهي مجتمع العواصم للأمة من قواصم الفرقة والتشرذم وأنها قد أبانت عن وضوح ونقاء في المنهج والمشروع والراية والرؤية ما يوجب على كل مسلم السعي إلى الانضمام إليها وبيعة أميرها فضلا عن نصرتها، فقد تهاوت كل نظريّات المنظّرين المناوئين وبَان هزال مثاليّاتهم أمام حقائق الواقع المشرّف الذي أقامته الدولة الإسلامية، فكانت فِعالها أصدق من أقوالهم وحقائقها أمثل من تخيّلاتهم وتوهّماتهم، وأما شبهات المرجفين فقد ظهر لكل طالب للحق زيفها بل إن أكثرها لا يستحق ذكره فلم يعد لهؤلاء إلا الاجترار ولم يعد للطاعن من متعلق إلا الهوى.
ولقد كنا نظن أن المشايخ الذين قضوا شطرا من عمرهم في الدعوة إلى التوحيد ولاقوا في سبيل ذلك من العنت والكذب عليهم ما لاقوا سيكونون أسرع الناس في نصرة هذه الدولة الإسلامية، وسيكونون أبعد الناس عن ترداد نفس الأكاذيب والتهم التي لطالما لُفقت عليهم ونسبها أعداء الله لهم، ولكن الله ابتلانا بمواقف الشيخين أبي محمد المقدسي وأبي قتادة – هداهما الله إلى الحق – ليعلم من نطيع ولمن يكون الاتباع .. فلقد صار ما يصدر عنهما من البيانات والفتاوى هي البضاعة الرائجة عند أهل الأهواء وأرباب الانحراف من المرجئة والسرورية والإخوان، بل إن إعلام الطواغيت لما بحث لم يجد خيراً من كلامهما ليحارب به دولة الإسلام ويشوّه صورتها ويصدّ المسلمين عن ركب الخلافة .. فصار طعنهما في الدولة الإسلامية يتصدر نشرات الأخبار في الفضائيات العالمية وعناوين الصحف الرسمية، وغدا كلام الشيخين الأخير حبالا في يد سحرة الطواغيت بعد أن كانت كتبهم سياطا تجلد ظهور الطغاة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فقد خرج الشيخ المقدسي في بيانه الأول وهو ما يزال في الأسر الذي زعم فيه رفع الغطاء ونزع الشرعية عن تنظيم الدولة كما أسماها!! فتأولنا له حينها أنه في الأسر ولعل الأخبار تصله من بطانة السوء على غير وجهها الصحيح وإن كان ذلك لا يبيح له أن يقول ما قال، فهو بعيد عن لغة الشرع التي لم تعط العصمة لأبي محمد ولا لغيره ليغطّي وينزع! ثم بعد خروج الشيخ وتواصل كثير من الإخوة معه ومحاولة تبيين حقيقة الواقع له – الذي لم يعد فيه مجال للظن – تفاجئ الجميع ببيانه الثاني الذي ادّعى فيه الإنصاف وما هو إلا مزيد طعن وتشويه ومغالطة للواقع، ثم خرج بيانه الثالث ليُغلق أي باب لإحسان الظن أو التواصل والذي يُظهر لقارئه أن قضية الشيخ ليست قضية دليل وشرع ومعرفة بالواقع، وإنما هو الهوى ولعله حاجة في النفس ، وقد وصل الأمر بالشيخ إلى مستويات لا تليق به ولم نكن لنرضاها له، فأين “ملة إبراهيم” و”الثلاثينية” و”التراجع للأمام” من هذه البيانات الأخيرة التي خلت من لغة التحقيق والتدقيق الشرعي وجانَبت الفقه الصحيح المسؤول في هذه المرحلة،وكانت أشبه بالمناكفات الحزبية والمهاترات العصبية وامتلأت بالسباب والطعن واللمز علاوة على المكابرة في الواقع المحسوس الذي لا ينكره موافق أو مخالف من مثل وصفه للدولة بـ”التنظيم”، ثم وصل به الحال إلى ما وصل إليه من ترويج الشائعات التي يُستحيا من ذكرها، نسأل الله العافية، وكل هذا وبطانة الفتنة تزيّن له مواقفه تلك.. وأما الشيخ أبو قتادة فيالله ما أوعر المنعرَج الذي تقحّمه بغير هدى إذ وصف مجاهدي الدولة الإسلامية بأنهم يقينا – كما زعم – كلاب أهل النار ..
وتخرج هذه المواقف في الوقت نفسه الذي يخرج فيه أوباما ليقول إن الدولة الإسلامية هي العدو المشترك لأمريكا وروسيا والصين وإيران .. فإنا لله وإنا إليه راجعون ونسأل الله أن يآجرنا في مصيبتنا ويخلفنا خيرا منها .
وإنا لنعلم أن بيانات الشيخين أو غيرهما لن تقدر على تغطية الحقائق فلم يعد الأمر بحاجة لبيان من شيخ حتى يُعرَف الحق وأهله فقد ظهر الحق كفلق الصبح ، ونعلم أن الدولة الإسلامية قد مضت بمشروعها وتخطّت الشخوص وتجاوزت القداسات وغدت صرحا متينا بفضل الله، وقد عاينّا نصرة الله وتوفيقه لها وأمرها ماضٍ بإذن الله إلى أن يستضيء بنور هذه الخلافة جميع المسلمين بعز عزيز أو بذل ذليل وإن رغمت أنوف!
ولكن لما كان بعض إخواننا المجاهدين في الخارج ممن لم يطّلعوا على التفاصيل التي ترتبط بمواقف المشايخ الأخيرة ونحن أهل الأردن أخبر بها فإنهم قد يحسنون الظن بكلام المشايخ لسابقتهم – التي لا يُنكرها أحد – ومنعا لما قد يُتصوّر من أن أهل الأردن راضون بهذا المنحدر الذي انحدره المشايخ، وإعذاراً إلى الله تعالى بإنكار هذا المنكر وذباً عن عرض الدولة الإسلامية أعزها الله فإننا نؤكد على الأمور التالية:
أولاً: نبرؤ إلى الله تعالى من بيانات الشيخين المقدسي وأبي قتادة – غفر الله لهما – وما أصدروه في حق الدولة الإسلامية، ونعتقد أنها باطلة شرعا وواقعا، وعلى ذلك فهي لا تمثلنا ولا نرتضيها،و كل من وافق عليها وصرّح بتأييدها فإنه لا يمثّلنا ونبرؤ إلى الله من فعله.
ثانيا: ندعوا الشيخين إلى تقوى الله عز وجل والتجرّد من الهوى ونذكرهم بالموقف بين يدي الله ونعِظهم بأن الأعمال بخواتيمها وأن السابقة ليست بعاصمة من مضلات الأهواء والفتن وأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل وأن من كان ذيلاً في الحق خير ممن كان رأساً في الباطل.
ثالثاً: ندين الله تعالى بأن الدولة الإسلامية أعزها الله هم أحق الناس بوصف الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق في هذا الزمان وأنهم أحق الناس بالنصرة والتأييد وأنه يجب على جميع المجاهدين لا سيّما في العراق والشام بيعتهم والنزول تحت رايتهم.
رابعا: ندعوا البقيّة الباقية من إخواننا الصادقين في جبهة الجولاني إلى المسارعة في التبرؤ من تلكم الجبهة وبيعة الدولة الإسلامية، ونخص بالدعوة إخواننا من أهل الأردن في درعا والغوطة فقد ظهر لكم عمالة حلفائكم وانحراف قادتكم وافتقادهم لأي مشروعٍ حقيقي تُحفظ به ثمرة جهادكم ودماء إخوانكم الشهداء، وأنه لا مشروع لهم ولا حديث عندهم إلا الطعن في دولة الخلافة، واسألوهم ما هي رؤيتكم وكيف ستقيمون الإمارة الإسلامية المزعومة التي تنشدونها؟ أهي بالتحالف مع المتردية والنطيحة من العملاء والمنحرفين كجبهة آل سلول وسائر الصحوات؟ فإنها حينئذ إمارة سلولية لا إمارة إسلامية! أم ستقيمونها وحدكم؟؟ فلقد حاربتم الدولة بحجة التفرّد و”الافتئات” على الأمة! أم ستستشيرون أهل الحل والعقد في الأمة؟ فأعطونا قوائمكم فعندنا أضعافها ولا تنسوا السرورية والمرجئة والإخوان فلا تفتئتوا عليهم فإنهم من الأمة وحاشاكم أن تكفروهم.. فلعله إذاً ينزل المسيح عليه السلام قبل أن يجتمع هؤلاء معكم على دولة إسلامية!! فاتقوا الله عز وجل فهذه الدولة قد أعلنت الخلافة وهو واجب عليها متعيّن وطالما تحقق مناطه فلا تكون الشورى فيه وإنما الشورى في اختيار الخليفة وقد استشارت الدولة من تيسر لها من أهل الحل والعقد من خيرة أهل الجهاد، ثم اسألوا أنفسكم.. أي الموقفين أرضى لربكم وأغيظ لعدوكم : أن تدعموا الدولة الإسلامية القائمة وتساندوا هذه الخلافة الناشئة وتنخرطوا فيها لتعمّروا الصرح وتسدوا الخلل وتصوّبوا الزلل أم تبقوا منتظرين للأمر المظنون والوهم المكنون في الأذهان؟؟ ونعيذكم بالله من الثالثة الحالقة وهي معاداة دولة الخلافة وقتالها.
خامسا: ولإننا نعلم أن ديدن الشيخين في الآونة الأخيرة – لا سيما الشيخ المقدسي- هو حشر من يخالفهم في زمرة الغلاة، فإننا نتبرؤ من مسلك أهل الغلو في الأردن حتى وإن زعموا نصرة الدولة الإسلامية ونحن في هذا متسقين مع موقف الدولة أعزها الله في نبذها للغلو وأخذها على يد الغلاة حتى وإن كانوا من جنودها، وهو أمر يعلمه الشيخان جيدا عن الدولة ولكن الإنصاف عزيز!
سادساً: نؤكد أن هذا البيان يمثل الطائفة الأوسع من أبناء دعوة التوحيد والجهاد أو ما يعرف بـ”التيار السلفي الجهادي” في الأردن ويتبناه الفئة الأكبر من أعيانهم وطلبة العلم وأصحاب السابقة في ساحات الجهاد من أبناء هذه الدعوة المباركة، ولم يصدّر هذا البيان باسم أبناء دعوة التوحيد والجهاد إلا لإن الموافق والمخالف – بمن فيهم الشيخ المقدسي – لَيعلم أن أنصار الدولة الإسلامية هم الثلّة الأكبر من أبناء هذا التيار في الأردن، ولا عبرة بمن قد يخرج من المشغّبين الذين صدّرهم الإعلام وتعوّدنا سماع التصريحات المشبوهة منهم،ولا بد أن ننوّه أنه كان من المفترض أن يوقّع على هذا البيان مجموعة كبيرة من أبناء هذا التيار بأسمائهم،إلا أنه منع من ذلك الحملة الأمنية الأخيرة على أنصار الدولة الإسلامية في الأردن واعتقال بعضهم وتهديد بعضهم الآخر خاصة بعد اعتراض الكثير منهم على موقف الشيخين المقدسي وأبي قتادة وكان من آخرها اعتقال الأخ محمد الزهيري (شاعر القاعدة) فك الله أسره، وكذلك الملاحقة الأمنية للإخوة الذين طلبوا الشيخ المقدسي للتحكيم ، والله المستعان .
سابعاً: وفي هذا الخضم من الأحداث وتوالي البيانات والتصريحات المؤسفة سواء من الشيخين المقدسي وأبي قتادة أو من بعض الشخصيات المتصدرة في الإعلام والمتحدثة – تجنّياً- باسم أبناء دعوة التوحيد والجهاد، فقد خرجت رسائل من الشيخ الصابر أبي محمد الطحاوي – فك الله أسره – فيها مباركة بفتوحات العراق والتي أسماها الشيخ بـ”قادسية البغدادي”، وفيها كذلك مباركة ومؤازرة لإعلان الخلافة وبيعة الخليفة أبي بكر، وكذلك فيها تأييد لعملية قتل اليهود الثلاثة في مدينة الخليل، فنقول إن هذه الرسائل الطيبة للشيخ الطحاوي لتعبّر عن التوجه الأصيل لأبناء دعوة التوحيد والجهاد، بل هي لهَج أي مؤمن صادق، فإن فتوحات العراق لا يفرح بها ويعرف الفضل للقائمين بها إلا مؤمن صادق، ولا يكرهها أو يتنكر لمن قام بها إلا من في قلبه مرض، وكذا فإن إعلان الخلافة فيه البشرى للصادقين ولا يعارضه إلا الجاهل بحقيقة الأمر أو صاحب الهوى والحسد، فشكَر الله للشيخ الطحاوي هذا الموقف ونسأل الله أن يفيض عليه مزيدا من الصبر والثبات وأن يعجّل بفكاك أسره وأن يجزيه عنا خير الجزاء.
ثامنا: ندعو إخواننا أبناء دعوة التوحيد وأنصار الجهاد إلى عدم الانشغال بالمرجفين وشبهاتهم والطاعنين وأهوائهم وحتى لو كان بداعي الرد، فإنه لم يعد عند القوم متعلق إلا الهوى وقد قامت الحجة عليهم ، وإنما ندعو الإخوة إلى الانشغال بنصرة دولة الخلافة، والترفّع عمّا لا يليق بأجناد هذا المشروع العظيم والذي يُعد أحد المفاصيل التاريخية في مسيرة شهادة الأمة الإسلامية على سائر الأمم.
وإنا نعلم أن البعض قد يلومنا بأنا قد تأخرنا، فنقول له والله لقد كان السكوت أحب إلينا إذ أن المشايخ في السجن وليس من شأننا المزاولات الإعلامية، ولكن بعد الفواقر التي أتى بها أبو قتادة من وصف “كلاب أهل النار” وكتابه “ثياب” الخليفة الذي كان كلامه فيه عارياً عن “حلية” العلم و”لبوس” التقوى وكذا بعد خروج الشيخ المقدسي من السجن وتبيين الإخوة الحق له وإصراره وعناده على الطعن في الدولة الإسلامية رغم ما رآه بأم عينه من استغلال الإعلام الكافر لكلامه في حرب الخلافة، فإنه ما عاد يسعنا إلا البيان .. وإنما هذه هي “مسؤولية الكلمة” الحقيقية..
والله المستعان، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والحمد لله رب العالمين
رمضان 1435 هـ
____________
To inquire about a translation for this statement for a fee email: [email protected]