بسم الله الرحمن الرحيم
من حسين بن محمود إلى الأمير القائد أبي بكر البغدادي حفظه الله ونصره وأيّده بجنده .. سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد ..
فإن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن مما يجري في الشام من سفك للدماء وإهدار للجهود والأرواح ، وبغض النظر عن التفاصيل الكثيرة التي تعرفونها ونعرفها ويعرفها المتابعون فإن الأمور أخذت بُعداً لا يُحمد عواقبه ..
أخي الكريم ..
كنتُ من أوائل من وافق على “مبادرة الأمة” التي أطلقها الشيخ المحيسني وفّقه الله ، وقد دعاكم إلى أمر لا يعدو الخير ، وليس مثلي يبيّن لكم ما ارتضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ، والحكمة التي غابت عن جلّ الصحابة ، وتلك الشروط المجحفة ، فهذا مما لا يغيب على أمثالكم ، ولكن ما أردناه من قبولكم المبادرة أن يعلم الناس مسارعتكم إلى جمع الكلمة وحرصكم على وحدة الصف ، وإيجاد أرضية مشتركة بينكم وبين الفصائل المجاهدة الصادقة ، وأن تكون هذه المحكمة الجامعة نواة للحكم الإسلامي في الشام ، فالأمر كان – ولا زال – أعظم من صلح بينكم وبين بعض إخوانكم ، وكشف ستر بعض الجماعات المحسوبة على الجهاد ..
كلماتي هذه تلبية لوصيّة نبينا صلى الله عليه وسلم “الدين النصيحة” ، تلك النصيحة الواجبة علينا ، والتي هي حقكم نؤديه إليكم ، فأرجو أن يتسع لها الصدر ، ويمحصها العقل ، فقد جمعت لبّ ما قرره أكثر العلماء والقادة في الأمة ..
أدعوكم أخي الكريم إلى أمور :
أولها : قبول التحكيم لما فيه من مصالح للأمة عامة وللمجاهدين خاصة ، ولما فيه من تفويت الفرصة على بعض الجماعات والأحزاب المشبوهة ، ولما فيه من اجتماع الإخوة ، ولا أعرف عالماً صادقاً إلا وهو يؤيد هذا الأمر ويحض عليه ، وما يضركم : إن كان الحق لكم أخذتموه ، وإن كان عليكم بذلتموه ، فأنتم طلاب حق كما عهدناكم ..
ثانياً : إننا نُطلق على البقية لقب جماعات ، وأنتم تُطلقون على جماعتكم لقب “دولة” وليس من شأن الدول أن يكون لها متحدثون يلقون البيانات المتضاربة ، فهذا مما يضر بكم ، والمصلحة تقتضي توحيد البيانات عن طريق إيجاد فريق يجمع طلبة العلم مع إعلاميين ، ويكون للدولة متحدّث رسمي يجمع بين الحكمة والأداء ، وأن يمتنع البقية عن إصدار بيانات مشوّشة يستغلها الأعداء ، وتحيّر الأنصار ..
ثالثاً : أرجو إصدار بيان عام لأتباعكم وأنصاركم بالكف عن النيل من علماء الإسلام ودعاتهم ، وأن تبينوا في هذا البيان الخطوط العريضة لمنهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع المخالفين ، وأن تُلزموا الأتباع والأنصار بهذا المنهج حتى لا تحدث فوضى ، فبعض العلماء الناصحين قوبلوا بأمور جانبت العدل والأدب ..
رابعاً : ينبغي أن تكون هناك لجنة شرعية من أهل العلم والدراية والعقل تُستَفتى في الأمور الهامة المُبهمة ، فأمر الإقتتال الداخلي لا يجتهد فيه إلا الراسخون في العلم ، ولا يصلح أن يجتهد قائد سرية أو كتيبة بمفرده ، فالأمر أعظم من ذلك “لا يزالُ المؤمنُ في فسحةٍ من دينِه ، ما لم يصبْ دمًا حرامًا” (البخاري) ، وضرر مثل هذا الإجتهاد يعود على الأمة كلها ..
خامساً : لا يمكنكم تصوّر فرحة الأمة بعملكم العظيم في العراق من اقتحامٍ للسجون وتخليص للمسلمات من الأسر ، ولكن مَن للمسلمات في سجون النصيرية وقد اشتغل المجاهدون عنهم !! من لحمص وحلب واليرموك !! من يدكّ معاقل النصيرية في الساحل ويذيقهم بأس جند الإسلام !! كم من مسلمة أسيرة تستصرخ إخوانها ولا من مجيب ، وماذا نقول لهذه الطاهرة العفيفة التي أحاط بها كلاب النصيرية وقد انشغل عنها إخوانها بخلافاتهم !!
سادساً : نعلم الهجمة الإعلامية الشرسة عليكم ، ونعلم ما في ذلك من تضليل وتهويل ، ولكن بعض ما يُنسب إليكم هو نتاج أعمال واجتهادات بعض الإخوة ، فهناك أخطاء يجب التعامل معها بحزم وقوة ، فالأمر ليس أمر جماعة ولا فئة ، بل أمر الأمة ، فالله الله لا تؤتى الأمة من قبلكم ..
سابعاً : لا أعرف عالماً ولا عاقلاً فرح بما يحدث في الشام من اقتتال ، الكل مُستاء ، وكثير منهم حيران ، وبغض النظر عن الحقائق ، فلا بد أن يتوقف هذا الإقتتال ، وأن يعود الأمر إلى قتال النصيرية .. لعلكم تبادرون إلى عمل أو رأي يرضاه من تعرفون دينه وتثقون به من الجماعات ، فيحصل إتفاق الأغلبية ، وتكسرون بهذه الأغلبية شوكة العملاء ، وهم قلة حقيرة لولا اختلافكم ما أطلوا برؤوسهم .. كونوا من يبدأ بالسلام ، وتألّفوا إخوانكم ، وضعوا أيديكم في أيديهم وقاتلوا أعداء الله صفاً واحداً كالبنيان المرصوص ، فهذا والله مما يُعجب المؤمنين ، ويُغيظ الكافرين ، ويُعلي شأنكم بين المسلمين ..
ثامناً : أدعوكم وإخوانكم من القادة إلى إعادة النظر في طريقة التعامل مع الخلافات ، فلا يصلح أن تكون النقاشات علنيّة ، بل يجب أن يحتوي القادة هذه الخلافات بينهم ، وأن تحيطها السرية التامة ، فمثل هذه الأمور إذا خرجت للملأ تناهشها السفهاء ، واستغلها الأعداء ، وطار بها من يريد تصفية بعض الحسابات من مرضى القلوب ..
تاسعاً : إن كان الأمر يستدعي انحياز جنود الدولة إلى العراق وتركهم الثغر الشامي في أيدي النصرة ، وبقاء مَن شاء من الجنود في الشام ، فليس في هذا ضير على المجاهدين ، فما استجد في العراق يحتاج إلى وقفات ، وقد رميتم النصيرية بسيف الدولة الجولاني ، وهو من تعرفون ، ولعل في قرب الجنود منكم مصلحة لهم وللأمة .. لعلكم تتركون ما يحتاج الجولاني في الشام وتلتفتوا للعراق بثقلكم لتُنهوا حكم الرافضة وترجع حاضرة الخلافة العباسية إلى المسلمين ، وان استنجد بكم الجولاني فقد سننتم للناس إلغاء الحدود بين الأقطار الإسلامية ..
إن العاقل لا يأنف أن يخطو خطوة إلى الوراء لينظر إلى موطئ خطويته القادمتين إلى الأمام ، وخالد بن الوليد رضي الله عنه انحاز في مؤتة بجنوده ليرجع إلى اليرموك ويُنهي اسطورة دولة الروم .. الحرب كرٌ وفرّ ، والإنحياز لا يعني الإنهزام بقدر ما يعني إعادة انتشار وتمركز ، وحربنا اليوم إعلامية بقدر ما هي عسكرية ، وقضية كسب الرأي العام هو شغل الإعلام الشاغل ، وأهل الجهاد أحق من يشتغل بهذا الأمر ، فالحاضنة الشعبية لا تقل أهمية عن السلاح والذخيرة ، ومن خسر هذه الحاضنة فعليه أن يراجع أمره ليقع على موطن الخلل في عمله ..
لقد كسبت الأمة حربها العسكرية في أفغانستان والعراق والصومال والبوسنة ، ولكنها خسرت الحرب الإعلامية ، وهذه الخسارة كلّفت الأمة الكثير من الأرواح والتضحيات ، فلا يجوز إهمال هذا الجانب الخطير من الحرب ، ولا ينبغي تكليف غير أهل الخبرة والدراية والحنكة والحكمة والدهاء بهذا الجانب الحيوي ، فعدونا يحاربنا بمراكز أبحاث وعلماء نفس وعلماء إجتماع ، ونحن نقابله بشباب لا خبرة لهم في هذا المجال !! ليس هذا ذنب المجاهدين بقدر ما هو تقصير من الأمة التي لم تدفع برجالها المتخصصين في هذه المجالات ، فالأمة آثمة لتقصيرها ..
أسأل الله العليّ القدري أن يجعل النصر على أيديكم وأيدي المؤمنين ، وأن يخذل أعداء الدين ، وأن يبارك خطواتكم وجهودكم وتضحياتكم ، وأن يمكّنكم من رقاب الصليبيين والنصيرية والرافضة المرتدين ، وأن يجمع بكم شمل المسلمين ، وأن يجمع لكم البلاد وقلوب العباد ، إنه على كل شيء قدير ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أخوكم
حسين بن محمود
2 ربيع الثاني 1435هـ
حسين بن محمود
2 ربيع الثاني 1435هـ
هذا ما أردت إيصاله إلى الأمير البغدادي حفظه الله ، ولا يكتمل هذا الأمر إلا بالتعليق على البيان الذي أصدره مركز الفجر للإعلام عن القيادة العامة لقاعدة الجهاد بشأن علاقتها بجماعة “الدولة الإسلامية في العراق والشام” ، فهذا البيان أُسيء فهمه من قبل بعض الإخوة ، وحمّل بعضهم هذا البيان ما لا يحتمل ، وظن البعض أنهم وجدوا بغيتهم في هذا البيان لتصفية بعض الحسابات ، وهذه بعض النقاط التي ينبغي بيانها :
أولاً : هذا البيان ليس إعلان براءة القيادة العامة من الدولة الإسلامية ، بل هو بيان الوضع التنظيمي للدولة ، وأنها ليست جزء من تنظيم “قاعدة الجهاد” من الناحية العملياتية والسياسية ..
ثانياً : لقد قطعت “قاعدة الجهاد” الصلة التنظيمية بالدولة ، ولكنها أثبتت أن العلاقة بينها وبين الدولة أعظم من التنظيم الشكلي ، فالعلاقة بينهما علاقة أخوّة إسلامية ترتفع عن العلاقات التنظيمية ، وعلاقة محبة وولاء وتأييد (وقد ذكر كل هذا في البند الأول) ، وعلاقة تناصح وحفظ حق الأخوّة والنصرة والولاء (وجاء هذا في البند الثالث) ، فلنسأل أنفسنا : هل هذه العلاقة المذكورة أقوى أم العلاقة التنظيمية الشكلية !! من لم يعرف الجواب فليراجع مفاهيمه الشرعية ..
ثالثاً : البيان غلب عليه جانب النصح والإرشاد ، وهذا حق من حقوق المجاهدين وقادة الجهاد بينهم ، فكون “قاعدة الجهاد” بذلت حقاً عليها “للدولة” لا يعني أبداً أنها تتبرأ منها ، بل الصحيح أن “قاعدة الجهاد” ترى أن الدولة أحق من تبذل له النصيحة لعظم حقها ولمكانتها عندها ..
رابعاً : لو قرأنا البيان بعين الإنصاف لوجدنا أن أكثره لم يُخطئ ما أعلنه البغدادي في خطاباته وبياناته ، فالجميع يريد مصلحة الإسلام والمسلمين ، وإن اختلفت بعض الآراء فهذا أمر طبيعي لا يفسد الودّ والمحبة والولاء بين الإخوة ..
خامساً : البيان عبارة عن خطوط عريضة تغيب معالمها في ظل تراكمات الأحداث ، وهذا من باب التذكير الذي أمر الله تعالى به في كتابه {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات : 55) ، فالمؤمنون يذكّرون بعضهم البعض بين الفينة والأخرى ..
سادساً : إن من أعظم حقوق المسلمين بينهم وبين بعض : “النصيحة” ، وهذه النصيحة تكون “لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم” ، وقد بذلت قاعدة الجهاد النصيحة متجردة لله ولرسولة ، وبذلتها لأئمة المسلمين من قادة الجهاد والمجاهدين ، فتخصيص النصيحة للدولة ترفع من قدرها وليس العكس ..
سابعاً : ركّز البيان على معاني شرعية سامية : كالمحبة والولاء والأخوّة الإسلامية ، وعلى ضرورة أن يكون أمر المسلمين شورى بينهم مع التناصح وتفعيل مجالس أهل الحل والعقد في الأمة ، وركّز على ضرورة الإشتغال بالقضايا الرئيسية وحشد الأمة حولها ، وعلى أن يكون حل النزاعات فيما بين المجاهدين دون إعلانها ، والتحاكم إلى القضاء الشرعي ، وعلى ضرورة تصحيح المسار ، ورفض الظلم ، والبراءة من الفتن ، وعدم الإفتئات على الأمة ، والحرص على مفهوم الأمة الواحدة ، فهذه المفاهيم يتفق عليها قادة الجهاد ، كيف لا وهم من أعقل الناس وأحرصهم على مصالح الأمة ..
ثانياً : لقد قطعت “قاعدة الجهاد” الصلة التنظيمية بالدولة ، ولكنها أثبتت أن العلاقة بينها وبين الدولة أعظم من التنظيم الشكلي ، فالعلاقة بينهما علاقة أخوّة إسلامية ترتفع عن العلاقات التنظيمية ، وعلاقة محبة وولاء وتأييد (وقد ذكر كل هذا في البند الأول) ، وعلاقة تناصح وحفظ حق الأخوّة والنصرة والولاء (وجاء هذا في البند الثالث) ، فلنسأل أنفسنا : هل هذه العلاقة المذكورة أقوى أم العلاقة التنظيمية الشكلية !! من لم يعرف الجواب فليراجع مفاهيمه الشرعية ..
ثالثاً : البيان غلب عليه جانب النصح والإرشاد ، وهذا حق من حقوق المجاهدين وقادة الجهاد بينهم ، فكون “قاعدة الجهاد” بذلت حقاً عليها “للدولة” لا يعني أبداً أنها تتبرأ منها ، بل الصحيح أن “قاعدة الجهاد” ترى أن الدولة أحق من تبذل له النصيحة لعظم حقها ولمكانتها عندها ..
رابعاً : لو قرأنا البيان بعين الإنصاف لوجدنا أن أكثره لم يُخطئ ما أعلنه البغدادي في خطاباته وبياناته ، فالجميع يريد مصلحة الإسلام والمسلمين ، وإن اختلفت بعض الآراء فهذا أمر طبيعي لا يفسد الودّ والمحبة والولاء بين الإخوة ..
خامساً : البيان عبارة عن خطوط عريضة تغيب معالمها في ظل تراكمات الأحداث ، وهذا من باب التذكير الذي أمر الله تعالى به في كتابه {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات : 55) ، فالمؤمنون يذكّرون بعضهم البعض بين الفينة والأخرى ..
سادساً : إن من أعظم حقوق المسلمين بينهم وبين بعض : “النصيحة” ، وهذه النصيحة تكون “لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم” ، وقد بذلت قاعدة الجهاد النصيحة متجردة لله ولرسولة ، وبذلتها لأئمة المسلمين من قادة الجهاد والمجاهدين ، فتخصيص النصيحة للدولة ترفع من قدرها وليس العكس ..
سابعاً : ركّز البيان على معاني شرعية سامية : كالمحبة والولاء والأخوّة الإسلامية ، وعلى ضرورة أن يكون أمر المسلمين شورى بينهم مع التناصح وتفعيل مجالس أهل الحل والعقد في الأمة ، وركّز على ضرورة الإشتغال بالقضايا الرئيسية وحشد الأمة حولها ، وعلى أن يكون حل النزاعات فيما بين المجاهدين دون إعلانها ، والتحاكم إلى القضاء الشرعي ، وعلى ضرورة تصحيح المسار ، ورفض الظلم ، والبراءة من الفتن ، وعدم الإفتئات على الأمة ، والحرص على مفهوم الأمة الواحدة ، فهذه المفاهيم يتفق عليها قادة الجهاد ، كيف لا وهم من أعقل الناس وأحرصهم على مصالح الأمة ..
من نظر بعين الإنصاف وأعمل حسن الظن بقادة الجهاد يرى هذا في البيان ، أما من كانت عنده أحكام مسبقة ، أو كانت له أجندات خاصة وعصبيات بغيضة فهؤلاء لا يُتصوّر الإنصاف منهم ، وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم ، ومن كان لسانه مراً لم يستطعم حلاوة العسل ، فكلام الإخوة والأحبة والأولياء بعضهم لبعض كالبرَد على القلب ، ولا يكون هذا إلا لم صفى قلبه من الغل والحسد والحقد والبغضاء ، فالقلوب الصافية تستقبل الكلمات الصادقة لتستقر في شغافها ، أما القلوب المريضة التي لم تعتد النقاء والصفاء فلا يعجبها غير الكدر ..
أخيراً : أدعو جميع الفصائل المجاهدة في الشام إلى عمل ما يلزم – كل حسب طاقته – لجمع الكلمة وتوحيد صفوف المجاهدين ، والسعي في هذا الأمر بالصلح بين المسلمين ، وأن يبادروا إلى فكاك الأسرى – بين الجماعات المقاتلة ، وأن لا ينشغلوا بهذا القتال ويتركوا النصيرية والرافضة يلتقطون أنفاسهم ويعيدوا ترتيب صفوفهم ، وأذكّرهم بتقرير نبيّهم صلى الله عليه سلم : “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله” ، وليس من قاتل من أجل الغنيمة أو ليُقال شجاع أو من قاتل من أجل جماعة أو حزب أو فصيل ، فالقتال لإعلاء كلمة الله هو وحده جهاد في سبيل الله ..
كما أدعوا إخواني في الشام إلى الأخذ على يد من يمس المهاجرين بسوء ، فهؤلاء إخوانكم الذين تركوا بلادهم وأهليهم وأموالهم ونفروا إلى الشام للدفاع عنكم وعن أعراضكم ودينكم ، فلا يعتدي على هؤلاء ابتداءً إلا عديم الدين والمروءة والنخوة ، فالله الله يا جند الشام لا يتحدث الناس أنكم جازيتم الحسنة بسيّئة ، فأنتم أعقل من هذا ..
من كان يظن أن أهل جنيف (من النصيرية والنصارى والعملاء والرافضة والمرتدون واليهود) اجتمعوا على حرب الدولة فهو واهم ، وإنما هؤلاء اجتمعوا على حرب هذه الفئة من المهاجرين الذي يجسّدون روح الأمة الواحدة ، فوجودهم في الشام يلغي الحدود التي فرّق بها أعداء الأمة بين المسلمين ، ويحيي روح الولاء والبراء والحب والبغض في الله ، ويحيي مشروع الخلافة الإسلامية ، ويُضفي على الشام روح الإسلام العالمي الذي هو من أشد الأخطار على أعداء الأمة ، ولذلك نجد القوانين تلو القوانين تصدر في بلاد العرب لردع المؤمنين عن النفير لساحات القتال خارج هذه الحدود ..
هؤلاء الشباب يخاطرون بأنفسهم ويربطون مصيرهم بمصير إخوانهم في الشام وهم يعلمون أنهم قد لا يستطيعون الرجوع إلى بلادهم وأهليهم ، ورغم ذلك ينفرون نصرة لدينهم ولأمتهم الواحدة ، فهؤلاء هم الذين يُرهبون أعداء الله من اليهود والنصارى والمرتدين والمنافقين ، ولذلك فالحرب عليهم مستعرة ، ونحن نعلم يقيناً لا يساوره شك أن هناك الآن في الشام جماعات مقاتلة مجرمة وظيفتها تصفية هؤلاء المهاجرين وإرهاب من خلفهم كي لا ينفروا للشام ، وهذه الجماعات مدعومة من قبل الغرب وأكثر الحكومات العربية بالأموال والعتاد ، ولذلك نقول : لا يجوز غض الطرف عن استهداف المهاجرين ، وعلى الجماعات المجاهدة إعلان براءتها من أي جماعة تستهدفهم ، بل لا بد من ضربها بيد من حديد ، فالأمر ليس أمر بضعة آلاف رجل ، الأمر أعظم من هذا بكثير ..
لقد قررت أمريكا والدول الغربية ومعهم الرافضة تمزيق جسد الأمة أكثر مما هي ممزقة ، فاقتطعوا جزءاً من السودان للنصارى ، وجزءاً من أندونيسيا ، وقسّموا العراق وأفغانستان ، ويريدون تقسيم اليمن ومصر وليبيا وجزيرة العرب والشام ، ولا يقف أمام مخططاتهم إلا هذه الفئة المؤمنة من أهل الجهاد الذين لا يعترفون بهذه الحدود الجغرافية بين أقطار الإسلام ، ولا يعترفون بأي دولة مُقتطعة من الأمة الإسلامية ، بل يؤمنون بوجوب استردادها ، وبوجوب وحدة الأمة ، والآن أصبح هؤلاء قاب قوسين أو أدنى من فلسطين المحتلة التي يسميها الناس “إسرائيل” ويعترفون فيها بالكيان الصهيوني ، ولكن هؤلاء الشباب لا يعترفون بهذه الدولة المسخ ، ويرون استرجاع فلسطين – كل فلسطين – واجب مقدّس عليهم ، والغرب واليهود يعلمون هذا جيداً ، لذلك أعملوا مكرهم وحيلهم للتخلّص من هؤلاء المجاهدين ، واشتروا بعض الضمائر في الشام لتحقيق هذه الجريمة القذرة ، وساعدهم في ذلك بعض العملاء والخونة ..
هؤلاء المهاجرون هم خيرة شباب الأمة وصفوتها اليوم ، وهم رأس حربتها في مواجهة المكر الصليبي الصهيوني الرافضي ، فكل من يقصدهم بسوء هو عدو للإسلام والمسلمين ، وعميل لليهود والصليبيين ، وما هذه القوانين التي تصدر هنا وهناك لمنعهم من النفير نصرة لإخوانهم في الدين إلا حلقة واحدة من سلسلة العداء لهذا الدين ، فعلى قادة الفصائل المجاهدة في الشام إدراك هذا الأمر جيداً ، وقدَر الشام أن تكون مجاهدة في سبيل رفعة الأمة بما حباها الله من بركات ، وبما تكفّل بأهلها ، وبمن يجتبي إليها من المهاجرين لنُصرة دينهم ، فالقول الفصل في الدنيا للشام ، وفي الآخرة يكون الحساب الفصل في الشام ..
أسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المجاهدين ، وأن يقيم بهم الدين ، وأن يجعلهم يداً واحدة وعلى قلب رجل واحد معتصمين بحبله المتين ، وأن يبلغهم فلسطين وبيت المقدس فاتحين ، وأن يُشغل أعدائهم بأنفسهم ، ويزلزل الأرض تحت أقدامهم ، ويرينا فيهم ربنا عجائب قدرته وآثار قوّته .. اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين عامة – وبالمجاهدين خاصة – خيراً فوفّقه لكل خير ، ومن أراد بهم سوء فأشغله بنفسه ، واجعل تدبيره تدميره ، واجعل الدائرة عليه ، وخذه أخذ عزيز مقتدر ..
والله أعلم .. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
2 ربيع الثاني 1435هـ
حسين بن محمود
2 ربيع الثاني 1435هـ
__________
To inquire about a translation for this statement for a fee email: [email protected]