الحمد لله معزّ الإسلام والمسلمين ومذلّ الشرك والمشركين ، والصلاة والسلام على قائد المجاهدين وسيّد الأوّلين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلىيوم الدين ..
عند فتح الأطلس العربي والنظر في خارطة سورية لن يجد الباحث “مدينة القصير” على الخارطة لسبب بسيط ، وهو : أن هذه المدينة ليست بالحجم الذي يؤهلها لأن تكون ضمن المدن التي تعلّم في الخارطة ، فهي مدينة صغيرة ذات كثافة سكانية منخفضة نسبة للمدن السورية .. تقع القصير بين حمص والحدود اللبنانية الشمالية الشرقية وهي أقرب إلى الحدود اللبنانية منها إلى مدينة حمص ..إن الحدود المشتركة بين سوريا ولبنان كبيرة ، والمدن القريبة للحدود اللبنانية كثيرة ، فلماذا الإستماتة في الظفر بالقصير من قبل النصيرية ورافضة حزب حسن نصر !!
لعل من الأسباب أن القصير بعيدة كل البعد عن حدود فلسطين ، فتركيز القتال فيها يحفظ أمن يهود ويُبعد الخطر المحدق بهم من قبل المجاهدين الذين لا يريد اليهود أن يعتادوا القتال قرب حدود فلسطين ، فمصلحة يهود تقتضي إبعاد المجاهدين عن حدود فلسطين قدر المستطاع ، فابتعاد حسن نصر عن مركزه وثقله في الجنوب وخوض معركته في الشمال ما هو إلا للحفاظ على أمن يهود ..
هناك أمرآخر تكلمت عنه بعض الصحف والقنوات الدولية ، وهو أن القصير مفتاح شمال غرب سوريا ، أو الساحل السوري الذي يطمع النصيرية إقامة دولة لهم فيها حال انتصار المجاهدين ، والحقيقة التي لا بد أن يعيها من قرأ التأريخ : أن النصيرية لم يكونوا ليطمعوا بهذا إن لم تكن هناك وعود غربية (فرنسية على وجه التحديد) بذلك ، فالفرنسيون تبنوا النصيرية منذ قرون وهم من أتى بهم لسدة الحكم في سوريا ، والنصيرية أحقر من أن يبنوا دولة في الشام دون مدد الغرب الصليبي وموافقة اليهود .. إذا كان هذا هو مخطط القوم فإن احتلال القصير تمهيد لمحاصرة مدينة حمص وريفها ..
سبب آخر يجعلهم يستميتون في احتلال القصير ، هو : الهزائم المتتالية للجيش النصيري في الشام والتي أدت إلى انهيار الروح المعنوية لأفراد هذا الجيش ، فتضخيم معركة القصير وإحراز تقدم فيها يعد بمثابة طوق نجاة للحالة المعنوية المتردية لجنود النصيرية ، وبعد تورّط حسن نصر وإرسال جنوده إلى سوريا وتكبده خسائر كبيرة في الأرواح وحدوث انشقاقات في حزبه وأصوات تنادي بعودة جنوده أراد هذا الأخير أن يحرز أي نصر في الشام حتى يخرج من هذه الهوة التي سقط فيها ، ولذلك ألقى بأكثر ثقله في القصير ظناً منه أنها معركة سهلة كون المدينة صغيرة وقريبة من لبنان وليس فيها كثافة سكانية عالية ..
وربما أراد النصيرية والرافضة الحد من شدة ضربات المجاهدين في دمشق وحلب وبقية المدن الكبرى بإشغالهم بمدينة بعيدة نسبياً عن هذه الجبهات ، فالتهديد بمجزرة في القصير كفيلة بجلب انتباه الفصائل المجاهدة وخلط أوراقها وسحب بعض جنودها من الجبهات لاستنقاذ المسلمين في هذه المدينة ، وهذا ما حصل فعلاً ..
ماذا تعني القصير بالنسبة للمجاهدين ؟
الحقيقة أن القصير معركة معنوية أكثر منها معركة استراتيجية أو حتى تكتيكية ، وما يهم المجاهدين هو إخراج سكان القصير المسلمين منها والحفاظ على حياتهم ، فهذه المدينة لا تعني شيئاً من الناحية العسكرية أكثر من كونها رفع للروح المعنوية للروافض والنصيرية ، ولعل إدراك المجاهدين لهذا الأمر جعلهم يستبسلون في الدفاع عنها ليحرموا النصيرية هذه الروح ولينكوا فيهم ويكبدوهم خسائر في الأنفس والعتاد ..
إن هذا القصف المتواصل والكبير لمدينة القصير كفيل بإسقاط المدن الكبيرة – بل وبعض الدول -في يد المعتدي ، ولكن المجاهدون ضربوا للعالم أمثلة رائعة في الصمود والتضحية لاستنقاذ النساء والأطفال في مدينة تهطل عليها الصواريخ كالمطر ، ويحاصرها الأعداء كالطوق ، وتدكها المدافع من كل الإتجاهات تضرب كل شيء دون تمييز ، ومع ذلك استطاع المجاهدون إخراج الكثير من سكان المدينة ، وبقي بعضهم ليحرموا عدوهم حتى من الفرحة المزيّفة ، وهذا ما لم نسمع به في تأريخ المعارك ، إلا القليل ..
تتجلى آيات الله تعالى في معركة القصير ، فهي معركة استدراج لأعداء الله أكثر منها معركة استنزاف للمجاهدين ، وهناك الكثير من المصالح التي سيجنيها المجاهدون من هذه المعركة التي هي وبال على أعدائهم من حيث لا يشعرون ، وهذا مصداق قول الله تعالى {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال : 30) ، وسيرى المسلمون نتيجة هذه المعركة رأي العين في الأيام القادمة بإذن الله ، ولولا خشية اطّلاع أعداء الله على هذه الكلمات لذكرت بعض المصالح المترتبة من هذه المعركة ، والتي أعمى الله عنها أعين أعداءه ..
لعله من المناسب توجيه بعض الكلمات لإخواننا المجاهدين في سوريا يستأنسون بها ويرون ما يصلح فيأخذوا به ، وهذا من باب أداء بعض الواجب الذي لهم علينا :
1- لقد أجمع أهل العلم قاطبة على كفر النصيرية وردتهم عن الدين ، فمالهم ودمهم وذراريهم حلال للمسلمين ، فاقتلوا رجالهم واسبوا نسائهم وذراريهم ، فكل ذلك حل لكم ابتداءً ..
2- لا تمنعكم حدود اصطنعها عدوكم أن تنالوا من عدوكم اللبناني في عقر داره ، فالدار دار حرب ، فلا تكن بيوت المسلمين هي المهدمة فقط ، ولا أبنائهم هم المقصوفون فقط ، والله تعالى يقول {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} النحل : 126) ، فمن قتل أطفالكم جاز لكم قتل أطفاله ، ومن هدم بيوتكم جاز لكم هدم بيته ، وأيما جماعة ذات شوكة استحلت أعراض المسلمين فهي خارجة عن الدين تُعامل معاملة المرتدين فيجوز سبي نسائها وقتل رجالها وأخذ أموالها وديارها ، ومن لم يَغزُ يُغز ، ولا يلومنَّ أتباع الخبيث غيره ، ولعل لبنان ترجع إلى أحضان الإسلام بكم ..
3- شدوا على دمشق واقتلعوا رأس الأفعى فيها ، ولا تنسوا الساحل ولا أماكن النصيرية ، ولا يأمننّ نصيري على نفسه وماله وولده في الشام ، فالحكم فيهم القتل والسبي ، والشام بلاد المسلمين وأرضهم المباركة فلا يجوز أن يجاورهم فيها نصيري مرتد ..
4- لا يغرنّكم قول بعض السفهاء بأن الحرب ليست طائفية ، فليس اجتماع النصيرية ورافضة العراق ولبنان وإيران عليكم من باب الصدفة ، فاستنهضوا أهل الإسلام لقتال هؤلاء الخبثاء ..
5- قال تعالى {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }(الأنفال : 46) هذه آية جامعة في الحرب مَن عمل بها كان له النصر ، ومن غفل عنها لم تغفل عنه الهزيمة : ففيها الإتباع والوحدة ، ونبذ الإختلاف والتنازع وبيان أنه سبب حتمي للفشل ، وفيها الحث على الصبر وبيان معية الله للصابرين ..
6- اعرفوا لأهل الفضل فضلهم ، ولأهل السابقة سابقتهم ، ولأهل النكاية بالعدو مكانتهم ، وأنزلوا الناس منازلهم .. لا يتقدم أهل النكاية في العدو أحد ، ولا يأتمر عليكم من لم يسقِ أرضكم بدمه ، وكل من لا يقاتل العدو فليس له من الأمر شيء في الحاضر أو المستقبل ، ومن أراد أن يقود عملية سياسية بعد التحرير فعليه الآن أن يقود كتائب الجهاد ، وإلا فلا ..
7- اقطعوا كل رجاء بغير الله ، ولا تركنوا لأحد من الخلق ، ولا تمدوا لغير خالقكم يدا ، فما في أيدي الناس هو من عند الله ، وأنتم أولى بعطاء الله من غيركم ، والله تعالى لن يحرمكم شيئاً أعطاه كافراً ومنافقاً ومرتدا ، أنتم أولياء الله وأحق بعطاء الله من غيركم فلا تلتفتوا لسواه {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران : 173) فحسبكم الله ، حسبكم الله ، عليه توكّلوا وإليه فارجعوا ، ولا منّة لمخلوق عليكم..
8- ينبغي على المجاهدين في العراق ولبنان والأردن أن يقطعوا كل مدد للنصيرية من هذه البلاد ، فالمطارات والموانئ تعج بالمدد الصيني والإيراني والروسي والغربي وبعض العربي ، فالله الله في هذه الأهداف ، كما ينبغي على المجاهدين في سوريا غلق كل باب يأتي منه المدد للعدو سواء جوّيّ أو أرضي أو بحري ..
9- يجب على المسلمين أن لا يقعوا في الجحر كل مرة ، فالدول الأوروبية والأمريكية ومجلس الأمن ليسوا متفرجين في هذه الحرب ، فالحقيقة التي لاتقبل الجدال أن هؤلاء جميعاً يريدون هزيمة الشعب السوري ليدرؤوا الخطر عن اليهود في فلسطين .. هل يصدّق عاقل أن الغرب الصليبي يضحي بأمن يهود من أجل جماعات مجاهدة في سوريا !! لا تصدقوا أن الصين وروسيا وإيران ولبنان فقط هم من يساندون النصيرية ، بل فرنسا وأوروبا وأمريكا واليهود وبعض الحكومات العربية – التي تأتمر بأمر أمريكا وتريد وقف زحف الربيع العربي – هذه كلها تقف مع النصيرية ضد المسلمين في سوريا ، فالأمر ليس بالسذاجة التي يعتقدها البعض ، إذا انتصرت الثورة السورية فإن منعطفاً تأريخياً سيبدأ ليغير مجرى الأحداث في الأرض .. الأمر أكبر بكثير من ثورة شعبية ..
10- لعل من أهم الأمور التي ينبغي مراعاتها في الثورةالسورية : إعادة صياغة العقلية الإسلامية في بلاد الشام ، فالجيل الذي تربى على القومية والقطرية والبعثية وتمجيد حافظ وبشار والتذلل للنصيرية والسطحية في العلوم الشرعية عليه أن يعمل جاهداً على نفض غبار الجهل بالحقائق الدينية ليكون جيلاً متمكناً عقدياً وشرعياً ، فلا بد من إعادة صياغة المفاهيم الشرعية في العقلية الشامية وإعداد جيل مجاهد عزيز بإسلامه ، غيور على دينه ، ثابت على عقيدته ، عارف بحقيقة الولاء والبراء ، موقن بأهدافه ، عالم بكونه جزء من أمة مجاهدة رسالتها نشر الدين في الأرض بالحجة والبيان وبالسيف والسنان ، وكل مسيرة جهادية لا تتمخض عن مثل هذا فإن مصيرها الإضمحلال والزوال ..
لقد ضرب الغرب الصليبي بكل كذبة وكل نظرية وكل معتقد أوهموا الناس أنهم اعتقدوه في يوم من الأيام ، فالشعارات المزيفة كالديمقراطية والإنسانية والحرية بدأت تتساقط كأوراق الخريف ، ونزعوا ثوب العدالة الوهمي لتتعرى الحقيقة كما تنزع البغي ثيابها ، فكل همّ الصليبيين المحافظة على مصالحهم التي تتعارض مع حرية الشعوب الإسلامية ، وكل همهم الحفاظ على أمن يهود ولو أُبيد جميع المسلمين .. لقد جاء ذلك على لسانهم وأعلنوه صراحة وأثبتوه بتجريم “جبهة النصرة” التي تدافع عن المسلمين ، وعارضوا وصم “بشار” و”حزب اللات” و”رافضة العراق” بالإرهاب ، وبهذا نعلم يقيناً أن من يقتل المسلمين لا يمكن أن يكون إرهابياً ، إنما الإرهابي من يدافع عن الإسلام والمسلمين ويقف في وجه المخططات الصليبية اليهودية ، فهنيئاً لجبهة النصرة شارة الشرف الإرهابية ، ونسأل الله أن يرزق جميع الجماعات المجاهدة في الشام هذا الشرف الرفيع فتكون مرهبة مرعبة محاربة لأعداء الدين ناصرة له ، وعليه فإننا ندعوا كل جماعة لم يسِمها الغرب بالإرهاب بَعدُ أن تراجع حساباتها وتنظر مواضع الخلل في أعمالها لتلتحق بركب الإرهابيين الناصرين للدين حقيقة ..
لقد عرف الناس حقيقة الرافضة – التي كان المجاهدون يعلنونها منذ سنين طويلة – للعيان ، فالرافضة الذين تسعة أعشار دينهم التقية ، والذين زعموا بأنه “لا دين لمن لا تقية له” قد غلب حقدهم على المسلمين تقيتهم فلم يستطيعوا إخفاءه وأعلنوا الحرب على الإسلام والمسلمين مع إخوانهم النصيرية والنصارى واليهود ، فالحمد لله الذي فضحهم وكشف سوأتهم للمسلمين الذين انخدعوا بالحكومة الإيرانية وبحزب اللات اللبناني وبدعاوى التقريب بين المذاهب وشعارات المقاومة والممانعة وغيرها من الأكاذيب !!
إن لسان حال المجاهدين اليوم يقول ما قال الأول :
إنهم مصداق قول ربنا جل وعلا {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (العنكبوت : 69) فهل يعي المسلمون كلام ربهم فيعلموا أن المجاهدين على بيّنة وهداية من الله ، وأنهم من أنصح هذه الأمة للأمة ، وأن ما أعلنوه ويعلنونه – من حقائق يعلمونها من كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وواقعهم الذي خبروه – هو الحق الذي يجب العمل بمقتضاه ، فكم من أمر قرره المجاهدون ثم يأتي البعض بعد سنوات ليقول أنه وقع عليه ، ومن قرأ أو سمع تفسير سورة التوبة للشيخ “عبد الله عزام” – رحمه الله – علم من هم النصيرية ومن الذي حذّر منهم – قبل عقود – وبيّن خبثهم وخطرهم على المسلمين ، ومن الذي حذّر من حسني والقذافي وحافظ وصاحب تونس وغيرهم من الطغاة وما ينبغي أن يكون موقف المسلمين منهم ، في وقت كان البعض يدعوا لطاعتهم وحرمة الخروج عليهم !!
أما الحكومات العربية فالناس معها في شأن عجيب !! كثير من الناس لم يعرف بعد حقيقة سلطة هذه الحكومات فأصبح يطالبها بالدعم مباشرة ، وهذا جهل كبير بالواقع !! من أراد دعم هذه الحكومات فعليه أن يقبّل رأس”نتنياهوا” ويديه ويطلب منه أن يخاطب أوباما في السماح لهذه الحكومات بالتدخّل في سوريا ، وليس هناك طريق آخر غير هذا .. من أراد دعم هذه الحكومات فعليه أن يسلك هذا الطريق وييمم وجهه شطر تل آبيب وليس الرياض أو الكويت أو غيرها من عواصم الدول العربية ..
لقد أحسن من قال بأن الثورة السورية هي “الفاضحة” التي فضحت العمالة والخسة والدناءة العربية ، وأظهرت الحقد والغل الرافضي النصيري على الأمة الإسلامية ، وكشفت حقيقة التآمر الصليبي البغيض على المسلمين ..
الثورة السورية هي “الفاضحة” وهي “المشقشقة” التي شقشقت عن قلوب المنافقين وشقشقت عوام الشام من النفاق وبرأتهم منه ، وهي “براءة” تبرأ فيها المجاهدون من كل عميل ليعلنوا توكلهم الكامل على الله ، وهي”التوبة” التي رجع بسببها الكثير من الشاميين إلى الدين ، وهي”العذاب” لأعداء الدين من اليهود والصليبيين والرافضة والمرتدين ، وهي “المنقّرة” التي نقّرت ما في قلوب المنافقين والرافضة والصليبية والشيوعية والقومية ، وهي”المعبّرة” التي كشفت سرائر الناس ، وهي “البحوث” التي بحثت أسرار المنافقين ، وهي “المخزية” التي أخزت كل حاكم كان يتبجّح بنصرته للإسلام والمسلمين وبحبه لهذا الدين وبكذبة المقاومة والممانعة ، وهي “المثيرة” التي أثارت مخازي المنافقين ومثالبهم ، وهي “الحافرة” التي حفرت قلوب المنافقين ، وهي “المنكّلة” التي نكّلت بأعداء الدين ، وهي “المشرّدة”التي لفظت الخبث لتبقى الشام نقية بأهلها الصادقين ، وهي “المشدّدة” التي اشتد نارها على النصيرية والرافضة ومن والاهم وأيدهم وناصرهم ..
قال عبدالله بن عباس : سألت علي بن أبي طالب : لمَ لمْ يكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم ؟ قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان. (أخرجه ابو الشيخ وابن مردويه) وقال سفيان بن عيينة : إنما لم تكتب في صدر هذه السورة بسم الله الرحمن الرحيم لأن التسمية رحمة ، والرحمة أمان ، وهذه السورة نزلت في المنافقين ، وبالسيف ، ولا أمان للمنافقين” ، وكذا ثورة الشام ليس فيها أمان لأهل النفاق ، فقد فضحتهم وعرّتهم وزرعت الرعب في قلوبهم وأجرت السيوف على رقابهم ..
إنها معجزة هذا القرآن الحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو كلام ربنا ، وحقيقة أمرنا ، وحياة قولبنا ، وهو الأمر الخالد الذي ينبغي أن يملأ عقولنا ، فكل حقيقة نريدها وكل أمر يهمنا نجده فيه بأوضح صورة وأفصح عبارة ، فهو الذي أخبرنا أن اليهود والنصارى أعداءنا إلى يوم الدين ، وأن المنافقين خطر على المسلمين ، وأن الكفار لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا ، وأمرنا ربنا في كتابه أن نقاتل الكفار بشدة وغلظة وأن نضرب منهم العنق ونضرب كل بنان وأن نُرهبهم ونزرع الرعب في قلوبهم ، وفي قرآننا بيان عقيدة الولاء والبراء التي ركيزتها الدين لا القومية أو القطرية أو العرق ، وأن الجهاد هو عز هذه الأمة ، وأن في تركه ذل لها ومهانة وعذاب ، وفي قرآننا أمر لنا بالوحدة والإعتصام بحبل الله والقتال صفاً واحداً وعدم الفرقة والتنازع الذي مآله الفشل الحتمي ، ففي هذا القرآن كل ما يحتاجه المؤمن من أسباب النصر والتمكين ، وفيه تحذير من كل ما يسبب الفشل والتوهين ..
الله الله يا جند الشام في هذا القرآن ، احفظوا آياته ، واعلموا حقائقه ، واعملوا بتوجيهاته ، وأتمروا بأمره ، وانتهوا عن نهيه ، ففي ذلك – وليس في غيره – نصركم وعزكم وتأييد الله لكم ، فالنصر من عند الله وحده ، لا من تأييد مجلس الأمن ولا قرارات مؤتمرات جنيف ولا مساعدات دول الشرق والغرب ، ومصداق هذا كله جاء في آية خالدة في كتاب الله {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُم ْفَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (آل عمران : 160) فأعملوا جهدكم واصرفوه تجاه استحقاق نصر ربكم بنصرة دينه ، ولا والله لا ينصركم شرق ولا غرب إن تخاذلتم عن نصرة دين ربكم فيخذلكم الله ويكلكم إلى غيره ، فعليكم بالتوكل المحض عليه سبحانه ، وليكن شعاركم “يا الله ، ملنا غيرك يا الله” إلى آخر يوم في حياتكم ، فقولوه لفظاً واعتقدوه معنى تعيشون عليه وتموتون من أجله ، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله ِفَهُوَ حَسْبُهُ} ، وأكثروا من قراءة سورتي الأنفال وبراءة هذه الأيام لتعلموا ما أمركم الله به في مثل هذه الأحوال ..
ليس تأخر النصر في سوريا شر محض ، بل فيه من الخير ما لعله يقابل المصائب التي ابتلي بها المسلمون في الشام ، وقد قال تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة : 216) ، فالشباب السوري اليوم يتحدّث عن نعم الله عليهم في رجوع أكثرهم إلى دين الله وجهادهم في سبيل الله والعزة التي يعيشونها اليوم بعد سنيّ الذل والقهر ، فهذه نعم ظاهرة يراها الناس ، ولكن الله يعلم من الخير في هذه الثورة الجهادية ما لا يعلمه غيره سبحانه ، والله يمكر للمؤمنين ويمكر بالكافرين ويدبّر الأمر من عنده فيكون ما لا يكون في الحسبان ..
وكلمة أخيرة أوجهها لعلماء الأمة والشعوب المسلمة وأنصار المجاهدين ، فأقول : اتقوا الله يا علماء الأمة وأعلنوا الحقائق الشرعية كاملة ، فقد صدرت بعض الفتاوى في الآونة الأخيرة بترت الحقيقة وزيّفت ما أجمع عليه السلف ، فقد قال بعضهم بأن الجهاد المتعيّن في الشام هو جهاد المال ، وأن جهاد النفس فرض كفاية ، وهذا كذب فاضح لا يقبله الواقع ، فقد أجمع علماء الأمة قاطبة على أن الجهاد متعيّن على أهل البلد المعتدى عليه ، فإن لم تحصل الكفاية بأهل البلد فإنه يتعيّن على من يليهم ثم من يليهم حتى تحصل الكفاية ، وكل من على وجه الأرض يرى أن الكفاية لم تحصل بأهل الشام ، فكيف نقول بأن الفرض على الكفاية في مثل هذا الموقف !!
أقول للشعوب المسلمة ، وخاصة المحيطة بالشام : إن الجهاد في سوريا فرض عين على المسلمين بإجماع علماء الأمة على مر العصور ، فرض لا يسعهم تركه كالصلاة والزكاة ، ولا يكون فرض كفاية حتى تحصل الكفاية الفعلية ، ولا تحصل الكفاية الفعلية حتى يكون العدو مندحراً وأهل الإسلام ظاهرين آمنين على أعراضهم ودمائهم وأموالهم وبلادهم ، وحتى يخرج العدو الصائل من بلاد المسلمين ، فهل هذا حاصل في الشام !! المسلمون يُقتَّلون كل يوم ، وتُنتهك أعراضهم ، وتدكّ بيوتهم ، والنصيرية والرافضة يصولون ويجولون في الشام !! لقد أفتى علماء الرافضة بوجوب الجهاد في الشام فنفر حزب الشيطان اللبناني لنصرة النصيرية ، ونفر رافضة العراق وإيران لنصرة الكفار في الشام ، فهل يكون الجهاد فرض عين على الرافضة المعتدين ويكون فرض كفاية على أهل السنّة المعتدى عليهم !! ما للناس كيف يحكمون !!
أما أنصار المجاهدين فأقول لهم : لقد ظهر في الآونة الأخيرة نشاط غير عادي لأجهزة الإستخبارات العربية (الأردنية والسعودية خاصة) في القنوات الفضائية والمنتديات ومواقع التواصل الإجتماعي بهدف زرع الفتنة بين المجاهدين ، وهم الآن يدندنون حول الخلاف الوهمي بين “جبهة النصرة” و”دولة العراق الإسلامية” ،وبين “جبهة النصرة” والجماعات المقاتلة في الشام ، وبين “دولة العراق الإسلامية” وبعض الجماعات المجاهدة في العراق ، فهذا المكر الكُبّار الخبيث قد انطلى على البعض ، فينبغي التصدي له بكل قوة ، وأنا أبشر المسلمين بأن المجاهدين أعقل وأكبر من أن تكون بينهم خلافات تافهة على أمور لا تستحق الذكر ، فهم – ولله الحمد – على وفاق شبه تام يقاتلون صفاً واحداً ضد العدو المشترك سواء في الشام أو في العراق ، ولا ينبغي لمسلم أن ينطلي عليه مثل هذا المكر فيصدّق أعداء الدين ويشك في حكمة المجاهدين ..
قد تكون هناك بعض الإختلافات في وجهات النظر ، وهذا أمر طبيعي جداً ، فينبغي أن تتسع الصدور لمثل هذا ، وأن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا في التصدي لكل من يريد تفريق المسلمين ، وأن نكون ناصحين على الدوام للمجاهدين بوحدة الصف في وجه العدو المتربّص ، ومن تأثر بدعاوى الأعداء وظن أنه يخدم المجاهدين بتشتيت شملهم والتفريق بين جماعاتهم فهذا وأمثاله لم يقرؤوا كتاب الله ولم يعرفوا هدي نبيه صلى الله عليه وسلم ولا درسوا التأريخ ولا عرفوا الواقع ، وقديماً قيل “عدوّ عاقل خير من صديق جاهل” ..
لعل قادة الجهاد أدركوا خطر إظهار إختلاف وجهات النظر للعيان ، فينبغي أن تكون مثل هذه الأمور منحصرة في القيادة العليا فقط يتدارسونها ويخرجوا بما فيه صلاح المسلمين دون إحداث تشويش في الساحات والجبهات ، فالأمر لا يحتمل مثل هذا في مثل هذه الأوقات ، وإعلام العدو خبير بتضخيم الأمور والتقاف كل شاردة وواردة لتفريق المسلمين وتمزيق شملهم .. إن قيادة الأمة تحتاج إلى حكمة ، والحكمة تقتضي إظهار القوة المتمثلة في وحدة الصف ، وكل ما يوحي بغير ذلك منافٍ للحكمة ، ونحن موقنون برجاحة عقل قادة الجبهات وحسن قصدهم ، ودورنا النصح والبيان والتأييد بكل ما نستطيع ..
اللهم أرنا في الرافضة والنصيرية والشيوعية عجائب قدرتك .. اللهم عليك باليهود والنصارى ومن والاهم وشايعهم وناصرهم وائتمر بأمرهم وعمل لمصلحتهم ، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر .. اللهم عليك بالخونة والمنافقين الذي يكيدون بالمسلمين ويوالون أعداء الدين ، اللهم لا تبقي لهم أثر ولا تذر ..
اللهم انصر المجاهدين في سوريا وفلسطين والعراق والشيشان والصومال وأفغانستان ومالي وكشمير والفلبين وباكستان وسائر أرضك ، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم ، وأعنهم ولا تُعن عليهم ، اللهم وحّد صفوفهم واجمع كلمتهم وألّف بين قلوبهم وأقم بهم دولة الإسلام الناصرة لدينك ، الداحرة لأعدائك ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
28 رجب 1434ه
_________
To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]