الحمد لله رب المستضعفين وناصرهم وقاصم الجبارين وهازمهم، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم أنبيائه ورسله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، ثم أما بعد
فلا زال الحديث عن الإعلام الجهادي قائماً، والتحريض على ممارسته متواصلاً، فإن المقام يحتم ذلك وزيادة، ويكفي أن نلتفت إلى الجهود العظيمة والنفقات الطائلة التي يبذلها أعداؤنا لإيقاف هذا الإعلام من أجل تشويهه أو تحريفه لندرك مدى تأثيره في ساحة المعركة، وعظم الضرر الذي يحدثه في مؤسسات العدو المختلفة، وكذلك مدى الدعم المعنوي الكبير الذي يمثله لصفوف المجاهدين في مختلف الساحات والثغور.
إن العمل في هذا الميدان والانتماء إلى كتائب الإعلام الجهادي يعتبر جهاد بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني وأبعاد، وهذا يتطلب توفير شروط واضحة تكون بمثابة تزكية للفرد ليكون مقبولاً ضمن هذه الكتائب، مثلما هو الشأن بالنسبة للجهاد في جبهات القتال القائمة.
إن الجهاد بالسنان والجهاد بالبيان خطان متوازيان وسلاحان متكاملان ووجهان لعملة واحدة، لا يمكن أن يؤتي الواحد منهما أكله وثماره دون الآخر، ويمكننا القول تحديداً أن ميدان الإعلام هو رافد من روافد القتال، وقاعدة خلفية له لا يمكن أن نتجاوزها.
ذلك أن جبهة الإعلام تقوم بدور المحرض على الجهاد وتنقل الصورة الحقيقية على الثغور كما وتنقل المنجزات والمكاسب التي يحققها المجاهدون في ساحات القتال على مدار الساعة، وهذا من شأنه أن ينسف كل شبهات العداء وأسوارهم التي ينصبوها بين المجاهدين والشعوب المسلمة، فأنصار الجهاد يعتبرون معول هدم لهذه الأسوار والسدود، حتى تصير الطرق معبدة للأنصار والمهاجرين للالتحاق بالجبهات والثغور المفتوحة.
إن المنتمي إلى الكتائب الإعلامية – في هذه الفترة الحرجة والحساسة من عمر الصراع مع أهل الباطل – ينبغي أن يكون أحد نوعين ، محرض أو ناشر، ولا نقبل غير هذين الصنفين وإن كان تكثير سواد المنتديات الجهادية أمر مطلوب ومحمود ولو من باب إغاظة أعداء الله وإدخال السرور على قلوب عباده الصادقين لما يقرأونه من أخبار سارة عن إخوانهم المجاهدين، ومن كلام تحريضي طيب للانتماء الحقيقي لهذا الدين.
أقصد بالمحرض : الكاتب والمحلل والناقل الذكي والحكيم للمواضيع النافعة التي تكون زاداً لمسيرة الجهاد، وهنا لابد من دعوة خاصة وأخوية قوية لكل كُتَُّابنا الأفاضل ومشايخنا الأبرار ومحللينا الحكماء أن يعودوا بقوة إلى ثغر الإعلام ليغنوا مسيرته ويطرحوا ما حباهم الله من قوة الحجة والكلمة الطيبة التي ستكون سلاحاً وموجهاً لمسيرة الجهاد المباركة.
فساحة الجهاد متشعبة وثغورها متعددة والمسائل المستجدة كثيرة وهي بحاجة إلى تواجدهم ومتابعتهم المستمرة، فلا معنى للنكوص والتخفي في هذه المرحلة الهامة من عمر الصراع، ولا حكمة في عزلة عن الميادين مهما كان المبررات والأعذار، وهل رأيتم جندياً من جنود الطواغيت وخبيراً من خبراء الأعداء اعتزل المعركة في عز قوتها وأخطر مراحلها لنعتزلها نحن أصحاب الحق ؟!
أعلم أن في هذا الأمر تضحية وفداء ولكنه نصرة لأوليائه المجاهدين وأسرانا الصابرين، وشموخ لهذا الدين العظيم ولرايته الغراء، لن نسمح أبداً بأن تسقط أو تتهاوى بسبب تقاعسنا ونفورنا من ساحات العمل والفداء، إنها الضريبة التي لابد من أدائها عن طيب خاطر وبدون ضغوط أو ابتغاء أجر من أحد، ليكون المردود قوياً والثمار طيبة مباركة.
وأما الناشر، فأقصد به صاحب الهمة العالية والتقنية الفذة والعلم النافع لينشر كل ما تكتبه الفئة الأولى، في قالب مناسب لنقدمه للسامع والقارئ الكريم في أبهى حلة وأنسب إطار، فإن الفئة الأولى تقوم بجهد كبير وعظيم لا يمكن أن نضيعه بعدم الاهتمام أو النسيان بل نحرص على تقديمه ونشره مستفيدين من التقنيات المتوفرة بين أيدينا لنبدأ بغزو الأعداء في عقر ديارهم وإيصال كلمة الحق والصورة الحقيقية والكاملة لمواقع القتال في كل مكان، ومنها التركيز على خسائر العدو وإظهار الإثخان الذي يحدثه فيهم مجاهدونا الأبرار على مدار الساعة وليس اليوم فحسب.
كما أنه من الواجب على جنود النشر أن يكشفوا جرائم الكفار والمرتدين على حد سواء في حق إخواننا وأخواتنا في الأسر، وفتح ورشات أو أعمال تنشر قضايا هؤلاء المظلومين والمنسيين في ظلمات السجون، فهذا من شأنه أن يؤثر على معنويات العدو ويسارع بالتالي إلى طي صفحة الأسر مرغماً لتحسين صورته أمام الرأي العام خوفاً من تبعات لا تُحمد عقباها.
ومن الأهداف والغايات النبيلة لهذه الورشات الإعلامية هو نصرة شعوبنا المقهورة والمحاربة في كل بلدان المسلمين المنسية، وأقصد أساساً الأقليات المسلمة في الدول الصليبية أو البوذية أو الملحدة ، سواء في دول آسيا الوسطى أو جنوب شرق آسيا أو في إفريقيا جنوب الصحراء وغيرها من الأماكن التي يتعرض فيها المسلمون إلى حرب إبادة حقيقية ونحن لا نقدم لهم أي دعم يُذكر لا
مادي ولا معنوي.
اجعلوا هذا الشهر الفضيل شهر جهاد وغزوات إعلامية متواصلة على مدار الساعة، واعتبروها بمثابة صيام وقيام وقراءة للقرآن وهي بلا شك كذلك، فلا خير في صيام أو قيام لا يأمر صاحبه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة إخوانه المظلومين.
أدخلوا عليهم من كل باب، واجعلوا نهارهم سواداً، وليلهم رعباً وخراباً، افضحوهم في محفل وادخلوا عليهم في نواديهم وانشروا الحق ناصعاً مدوياً والحقائق كاملة واضحة ليعلموا أن وراء هذا الدين رجال عظماء لا ينامون على الضيم، ويصلون الليل بالنهار لنصرة إخوانهم وخدمة منهجهم طمعاً في أجر ربهم.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه أبو سعد العاملي – 6 رمضان 1433 هجري.
__________
To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]