UPDATE 5/7/12 12:16 PM: Here is an English translation of the below Arabic statement:
Click the following link for a safe PDF copy: Jabhat al-Nuṣrah — “A Truce, What Kind of Truce?” (En)
___________
—
أما كوفي عنان فهو – لمن لا يعرف تاريخه جيداً- أمين عام الأمم المتحدة سابقاً (1997-2007 م)، وكان قبل ذلك وكيلاً للأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام، يستحق بامتياز لقب مهندس الكوارث، فهو كان مسؤولاً عن ( حفظ السلام ) في يوغسلافيا السابقة، والتي كانت الحربُ فيها قد أزهقت أرواحَ ما يزيد عن مئتي ألف من مسلمي البوسنة تحت سمع العالم وبصره، وأحياناً بمساعدة القتلة من قبل قوات حفظ السلام، إما بغضِّ النظر عن سلوك الصرب أو تحركاتهم، أو بتسهيل مرورهم.
و كان عنان أيضاً مسؤولاً عن حفظ السلام في ( رواندا) عند حدوث الإبادة الجماعية فيها عام 1994م، التي راح ضحيتها ثمانمئة ألف شخص على الأقل ، حيث كان عنان سلبيّاً بشكل مفرط في رده على جرائم الإبادة الجماعية التي حدثت هناك، وشلّ يد القوات الدولية من أن تتدخل لتسوية النزاع الدموي، والأمر المريب أن عنان لم يسارعْ إلى دق ناقوس الخطر عبر التصريحات إلا بعد أن علم أنّ القوى الفاعلة في القضية قد استنفدت كامل أغراضها.
وعنان يعلم أنه قصَّر تماماً في مهامه سابقاً، إذ أبدى ندمه قائلاً: إنه كان بإمكانه أن يفعل أكثر مما فعل لوقف المذابح، وصرّح بخصوص مهمته في سوريا أنه لن يقع في الخطأ نفسه! لكن هيهات…
هذا عن عنان، أما هدنته فماذا كان تأثير الهدنة على الأرض؟
لقد كانت خدعةً مثل أفانين الخدع التي سبقتْها، والتي تبرعت دولٌ كثيرة لترتيب بعضها، في مداولةٍ عجيبةٍ لاستنزاف دماء السوريين، غير أنَّ هذه الخدعة ( خدعة الهدنة ) كانت مزخرفة ومبهرجة بالمكر أكثر من سابقاتها ومن عدة أوجه:
1) هذه الهدنة كان لها مهلة سابقة: مهلةٌ مدتُها عشرة أيام، أُضيف لها يومان في ( عرض خاص وتشجيعي ) لنظام القمع الدموي في سوريا، تمكّن باجتهاده المعروف من أن يقتل ما يقرب من ألفٍ من الضحايا، لم يكن لدى واضعي خطة الهدنة اهتمام بالتفكير فيمن يتحمل إزهاق هذه الأرواح.
2) بدأت الهدنةُ والناسُ في سوريا حالُهم حالُ المتفرجين على ساحر فاشل، ليس أحدٌ منهم متأكداً: هل بدأ سحرَه؟ أم انتهى؟ أم ما يزال في وسط عمله البائس.
ففي الحقيقة ما مرَّ يومٌ من أيام هذه الهدنة ( الإنجاز ) دون مدنٍ تُقصف، وأحياءٍ تُهدم، وأرواحٍ تُزهق، لذلك لم يستطيع أحدٌ أن يعرّف ـ حتى للأطفال مثلاً ـ الفرقَ ما بين الهدنة وبين الأشهر التي سبقتها.
3) كانت الدول وبلعبة تبادل الأدوار نفسها تصرّح تصريحاتٍ ناريةً ضدَّ النظام الطاغي إزاءَ كل مجزرة تتجاوز الحدود المرسومة له، وكانت هذه التصريحات مثل السلاح الخُلَّبي له صوت ولكن لا تأثير له أبداً، ومع أن الناس استوعبت اللعبة جيداً إلا أنها كانت تخادع نفسها، علَّها تستأنس بتلك التصريحات.
4) هذه الهدنة العجيبة أعطت الوقت للجميع، فهي أطول من أي خطة أو لعبة أو خدعة سابقة، فمدتها تسعون يوماً، فإذا ما أضيفت لها أيام ما قبل المهلة فإنها تصبح مئة يوم أو تزيد، نعم لقد أعطت الهدنة الوقت للنظام ليقتل ما يشاء له إجرامه خلال مئة يوم، وأعطت الدولَ الوقتَ لتستريح من المناشدات والاستغاثات بحجّة أنه يجب أن تعطى الفرصة (الكاملة) لنجاح الهدنة، وأيضاً أعطت الوقت الكافي لهذا الشعب المظلوم ليتجرع رويداً رويداً مرارة الإحساس بالمؤامرة العالمية عليه، وليذوق رويداً رويداً آلام جرائم الطغمة المتعاونة في الداخل والخارج عليه، ولعل الهدف من ذلك أن يتفكّر هذا الشعب الجريح الممتلئ بالآلام في أوضاعه، وفي منشئها، وفي مآلها، علّ اليأس والقنوط يغزو نفسه فيحطمها، علّه يقبل بالتسويات، علّه يرضى بالواقع المرير، علّه ينكص وهو يجر أذيال الخيبة، مبرراً أنه لم يكن بالإمكان إلا ما كان…
خاصة وأن هذا الشعب لا يبدو أنه في دائرة تفكير الدول المتعاونة ولا المتصارعة على النفوذ والامتيازات في المنطقة.
لقد وعينا سابقاً درساً من دروس الهدنة، وكيف يمكن للهدنة أن تقلب ميزان المعارك، ففي حرب 1948م وجد يهود ما يُسمى “اسرائيل” أنفسهم في خسارات متتابعة تحت ضربات جنود العرب، الذين لم يكن بينهم و بين النصر المظفر إلا خطوات قليلة، فتفتَّقت ذهنية أعوان الشياطين عن هدنة تتوقف فيها الأطراف عن القتال أياماً، وهذا ما كان، فقد توقفت جيوش الدول العربية احتراماً للهدنة، وعمل اليهود وأشياعهم ليل نهار ليرمِّموا دفاعاتهم وليتزودوا بالأسلحة الفتاكة، لتنتهي الهدنة وينقلب المنتصرون إلى منهزمين، والغالبون إلى مغلوبين.
ختاماً، إن اختراع الهدنات من قبل أهل المكر والغدر لا يُراد منه خيرٌ أبداً، لأنهم لا يزرعون سوى الأشواك فكيف نطمع منهم بخيرٍ أيِّ خير؟
و للتذكرة نقول: إن هذه الهدنة كانت ذات بنود ستّة، شبيهة بالملح، يأتيه الماء فيذوب شيئاً فشيئاً، لقد كان أول البنود إيقاف القتل، فاختُصر إلى إيقاف استخدام الأسلحة الثقيلة، ثم اختُصر إلى سحب الأسلحة الثقيلة إلى خارج المدن، أما القتلُ نفسه فلم يعد أحد من مهندسي الهدنة يتحدث عنه، وكأنه شيء ثانوي لا يقدم ولا يؤخر.
و أما البنود الخمسة التالية في الهدنة فقد نُسيت تماماً، حينما غرق الجميعُ في تفاصيل البند الأول.
إن هذه الهدنة ضربةٌ قويةٌ سُدّدت إلى ثورة الشعب، وإنها إذا لم تكن قاضيةً فبالتأكيد ستلدُ هدنةً ثانية وثالثة إلى أن يترنّح الشعبُ تحت قوة إحداها.
السؤال الخطير هنا: هل علينا أن ننفّذ بنود هدنة لم ينفّذ الطرف العاتي الظالم أي بندٍ فيها؟
وهل يقول عقلٌ أو منطق بعد كلِّ هذا: لننتظرْ نتائج الهدنة؟!
جبهة النصرة لأهل الشام
من مجاهدي الشام في ساحات الجهادالقسم الإعلامي
في جمادى الآخر 1433 هـ – مايو – أيار 2012
__________