{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:36].
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين… وبعد:
في تحرّكٍ متوقّع، انسحبت قِطعانُ الجيش الأمريكي من مراكز المدن الرئيسيّة في البلاد إلى قواعد أُعدّت لاستيعابها مسبقاً، بدعوى التّمهيد للخروج النهائي إلى حيث أتَتْ، وصاحَبت هذا التحرّك حملةٌ إعلامية منسّقة، صوّرت الأمر على أنّه التزامٌ من الصّليبيين بوعودهم المُعلنة، وانتصارٌ للاتفاقيّة الأمنيّة المعقودة مع أقزام المنطقة الخضراء، والذي ظهر كبيرُ سفهائهم فيها متبجّحاً بإنجازه المزعوم، ووهْم استرجاع السّيادة “الوطنية“!.
وبغضّ النّظر عن مطابقةِ أو مخالفةِ هذا التّحرّك للنّوايا الحقيقية لقيادة الجيش الصليبيّ، والذي اضطربت أقوال الناس تجاههُ تصديقاً أو تكذيباً؛ فإنّ الثّابت لدينا يقيناً تطمأنّ له القلوب، أنّ الجيوش الصّليبية خارجةٌ من هذه الأرض لا محالةَ بإذن الله، وأنّ مسألة الانسحاب -الهزيمـة- قد حُسمت من جانب القيادة الأمريكية منذُ فترة طويلة، بعد أن أُثخن جسد جيشها بالجراح، وفقَد إرادته على المطاولة والقتال، وقد أذاقه أهلُ التوحيد طعْمَ الموت، ومرارة الهزيمة في نزالٍ أخطأت فيه حساباتهم، وأصبحت مسألةُ الحسم العسكريّ فيها حُلماً مستحيلاً، في الوقت الذي استُنـزفت فيه موارد الحملة الصليبية بفضل مُصابرة ثُلّة من المؤمنين في ميادين الجهاد المفتوحة، وخاصّة في العراق وأفغانستان، وبالضربة الربّانيّة التي أتتْهم من حيث لم يحتسبوا، فأصابت قلب اقتصادهم الرّبوي بمقتل.
وليس أدلّ على هذه الحقيقة من تصريحات الخوف التي أطلقها وريثُ الأحمق المُطاع مُنذراً أذنابَه في الحكومة المرتدّة بالأيام العصيبة التي ستمرّ عليهم في الأيام القادمة، وأنّ ما سيجري فيها لن يؤثّر بحالٍ على قرارِه بالانسحاب، فالأمريكان يعرفون جيداً هَشاشة هذه الدّولة العرجاء، وضعف الهيكل الفاسد المتهالك الذي بنَوْه في المنطقة الخضراء، والذي لن يحتاج لكثير من الوقت والجهد حتى ينفرط عِقده، وينخرِم فيه “الهدوء الأمني” الكاذب المصطَنع الذي لطالما تبجّحت به هذه الحكومة، بعد أن حوّلت هذه المدن وباستخدام مئات الأميال من الجدران الإسمنتيّة إلى أقفاصٍٍ كبيرةٍ، مع بواباتٍ للدخول والخروج، حُشر فيها عشرات الألوف من جند الصليب، ومرتدّي ميليشيات الجيش والشرطة، وصحوات النّفاق.
وفي نفس السياق، واستعداداً لمثل هذا المصير المشئوم المُنتظر لمشروعهم الصليبيّ الخاسر في هذه البلاد، وسعياً لإنقاذ ما يمكن إنقاذُه من مصالحهم في المنطقة بعد رحيلهم عنها، عاد الأمريكان وبمعونةِ صَنائعهم من طواغيت العُرب المخلصين النّاصحين لهم في المنطقة، لاستخدام احتياطيّهم في (صندوق الكرازايات)، والمُجهّز دائماً بما يحتاجونه في لعبة تغيير الوجوه، والتي يُتقنونها جيداً، في محاولة أخيرة بائسةٍ يائسةٍ للالتفاف على مشروع الجهاد المبارك في هذه البلاد وقطف ثماره، فأصبحنا نرى وقد أُطلق العنانُ وأُعطي الضوء الأخضر لعصابة من خونة الأمّة، والخَوالفِ المُنافقين من أدعياء أهل السنّة، ممّن تربّى في أحضان الحكومات العربية ورضع من حليبها، وتجمّل ببُرقع “المقاومة الشريفة للاحتلال” وهو قاعدٌ لا يُجيدُ إلا البُكاء والعويل، وإصدار بيانات التنديد والاستنكار، مبشّراً بوثن “الوطن العراقيّ” معبوداً من دون الله، وبـ”الوحدة الوطنيّة العراقيّة” ديناً جديداً غير دين الإسلام يُوالىَ أعداء الله فيه، ويُعادَى أولياء الله لأجله، في صفقةٍ خسيسةٍ، ومشروع خيانيٍّ خبيث، ظلّت تحتفظ به الإدارة الأمريكية في جُعبتها، بعد أن أَجْهَض ميلادُ دولة الإسلام المباركة الإعلان عنه في حينها..
ونحنُ إذْ ندرك جيداً أبعاد هذه المؤامرة الدّنيئة وخطورتها، فإنّنا نبشّر أهل التوحيد بأنها لن تكون بإذن الله إلا صفحةً من صفحات التّمحيص التي تسبقُ الفتْح ونزول النّصر، والذي سيفرحُ به المؤمنون وتقرّ به أعين الموحّدين قريباً بعون الله، ولن يكون لهؤلاء الخوالف المقتاتين على موائد الطّواغيت عندئذٍ إلا خزيُ الخيانة، وعارُ العمالة، ولعنة النّفاق؛ قال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ $ وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ $ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [سورة محمّد: 29-31].
والله أكبر
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}
دولة العراق الإسلامية / وزارة الإعلام
المصدر: (مركز الفجر للإعلام)