بسم الله الرحمن الرحيم
{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا
فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} [آل عمران:188].
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين… وبعد:
ففي الوقت الذي يجوب فيه الطاغوت الجديد لأمريكا، ووريث الأحمق المُطاع عواصم أذنابه وصنائعه في المنطقة، موجّهاً خطابه “للعالم الإسلامي”، مع تغطية إعلامية غير مسبوقة لجيشٍ جرّار من الفضائيات، والإذاعات، والصحفيين، والمحللّين، والمتابعين، والمفكّرين!، وغيرها من العناوين التي أصمّت آذان العالم بضجيجها وهي تتلقّف نتَنَ الكلمات التي تفوّه بها هذا المجرم من أرض الكنانة الجريحة، والذي لبس بها رداء التودّد والتزلّف للمسلمين و”العالم الإسلامي”، في الوقت الذي لا زالت دماء الملايين من أبناء هذا “العالم الإسلامي” تقطُر من أطراف ثوبه.. علّهُ بذلك يحفظ لأمريكا بعض هيبتها، ويُعيد إليها شيئاً من الهالة الزائفة التي عادةً ما يحيط بها الطواغيت أنفسهم، ويؤخر عن بلاده السّقوط المقدّر المحتوم، بعد أن أتاهم جبّار السماوات والأرض من حيث لم يحتسبوا، وأصابهم بعذاب من عنده، وبأيدي عباده المؤمنين المجاهدين.
وليكون ما أقدم عليه وريث الأحمق المُطاع عاملاً جديداً، يزداد به تمايز الصفوف، وتتضح بسببه بجلاءٍ أكبر المفاصلة بين فسطاط الإيمان ومن يمثّله من أهل الإسلام والتوحيد، وطليعتهم المجاهدة من الطائفة المنصورة؛ وفسطاط الكفر ومن يمثّله من أهل الشرك والتنديد، بقيادة رأس الكفر وهبل العصر أمريكا، تلك المفاصلة التي صارت من أعظم مكاسب إحياء فريضة الجهاد، والتي جعلها الله واجباً شرعياً، وسبباً قدرياً لنصر المؤمنين، و{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}..
في مثل هذا الوقت صرنا نسمع بعض الأصوات التي صارت ترتفع شيئاً فشيئاً، تذرّ الرماد في العيون، وتزيد من غبش المواقف حول الجهاد في هذه البلاد، مستثمرة الحملة الإعلامية الصليبية لتشويه الهوية الحقيقية للمجاهدين على هذه الأرض، ولتُلبس على الناس أمر عدوّهم القريب باسم “الوحدة الوطنية” و”المشروع الوطني لطرد المحتل” و”المقاومة الوطنية الشريفة”، وتميّع بإصرار واضح، ومكر شيطانيٍّ خبيث مفاهيم التوحيد، والكفر بالطاغوت، والولاء والبراء، باسم جاهلية العصر الحديث، والوثن الجديد: “الوطنية”، فعند هؤلاء لا فرق بين المُشرك العابد للطاغوت، والموحّد الكافر بالطاغوت، مادام في دائرة الحدود التي رسمها “سايكس وبيكو”.
لذا تجد هذا الصنف من الناس يتخذ بلا حرجٍ أو حياء، من حكومات أسافل طواغيت العُرب، وأعظمهم خيانة للدّين، وأشدّهم بطشاً للمسلمين في البلاد التي تسلّط عليها، وأكثرهم خدمة وعمالة لليهود والصليبيين “المحتلين الغزاة”، راعياً لحزبه وجماعته وهيئته، ومقراً لفضائيته وإذاعته وصحيفته، ويُسبغ على نفسه ما ليس فيه، وهو يتحدّث عن المقاومة “الوطنية الشريفة” المسلحة، وإخراج هؤلاء “المحتلّين الغزاة” بالقوة!، وتجوب وفوده مشرّقة ومغرّبة بلاد العرب والعجم، في علاقة ودّية عجيبة مع هؤلاء الطواغيت وأنصارهم، وجمعياتهم ومنظماتهم، و”محافلهم الدولية”، في الوقت الذي لا يذكرون فيه المجاهدين وأهل التوحيد في دولة الإسلام المباركة، إلا بالطّعن والهمز واللّمز والتّسفيه والتّشويه، تصريحاً وتلميحاً، وصدق فيهم قول القائل:
نعم لو صدقتَ الله فيما زعمتَه ـ ـ ـ لعاديتَ من بالله – ويحك – يكفرُ
وواليتَ أهل الحق سراً وجهرةً ـ ـ ـ ولمّـا تهاجيهـم وللكفر تنصـرُ
وفي كلّ الأحوال، فإنّ الغاية من هذه التحرّكات والتصريحات والبيانات والترويج الإعلامي لها معروفٌ لدينا سلفاً، فالمشروع الذي يتحدثون عنه ليس بخافٍ أو جديد، والدّور الذي يلعبونه اليوم كان له ما قبله، وسيكون له ما بعده، وهو دورٌ قديمٌ مؤجّل، ومحاولة يائسة أخرى لقطف ثمار الجهاد التي روى خيرة أهل التوحيد شجرتها على هذه الأرض بدمائهم، ثمّ “ليحكم العراق من يختاره الشعب أياً كانت ملّته”، كما يصرّحون علناً، “علمانياً” ملحداً، أو رافضياً خبيثاً عابداً للأوثان، أو حتى يزيدياً مشركاً عابداً للشيطان!، فكلهم عند هؤلاء بمنـزلة واحدة، ماداموا عراقيين ومن أبوين عراقيين بالولادة!!. ألا خابوا وخسروا، وهيهات لهم ذلك..
ونحن لم نستغرب مثل هذي الدّعاوى، لأننا في هذه الدّيار سمعنا بأعجب من ذلك وأغرب، بل قد رأينا من الناس من يُيمّمُ وجهه قِبل المنطقة الخضراء صباح مساء، تلعقه كلاب التفتيش الأمريكية، وتُهينه على بواباتها عاهرات الجيش الأمريكي، وهو ينادي لـ”مقاومة الاحتلال”، وإخراج “المحتل الغازي” بالقوة!، وإن كان موقف هؤلاء أكثر وضوحاً، لأنهم لم يترددّوا في اختيار مواضع أقدامهم، وأعلنوا بوضوح في أيّ الفسطاطين يقفون. أما أولئك فيصدق عليهم قوله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} [النساء:143].
والله أكبر
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}
وزارة الإعلام/ دولة العراق الإسلامية
المصدر: (مركز الفجر للإعلام)