بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال تعالى : {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} النحل92 ، وقال : {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء115 ، وقال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }الأنفال27.
إن النضوج الشرعي والعقدي والسياسي وتراكم الخبرات والتجارب الميدانية الذي وصلت له الحركات الجهادية الساعية نحو التمكين لهذا الدين في العالم الإسلامي – بفضل الله – ليجعلها في موضع المسؤولية لإعادة تقييم بقية الجماعات العاملة التي تظهر هنا وهناك ، فلقد تصدت الأمة قبل قرنٍ من الزمان لحملات الإستعمار الصليبي على ديار الإسلام ، لكن ثمار جهادها ودماءها قطفتها الحركات الوطنية والقومية بفعل التغافل عن خطرالعدو الداخلي من المنافقين من بني جلدتنا ، أما الآن وبعد الصحوة الجهادية العارمة التي تشهدها الأمة المسلمة ، فينبغي الإستفادة من دروس وتجارب التاريخ وعدم التغافل عنها في واقعنا المعاصر ، وينبغي وضع النقاط على الحروف والوضوح أمام الأمة في أي تجربة جهادية تمر بها ، خصوصاً ساحة الجهاد ضد المحتل الصليبي في العراق وأفغانستان.
فالساحة الجهادية على أرض الرافدين تعج بالفصائل المجاهدة ذات المناهج والمشارب المختلفة ، وهذا يعكس طبيعة الإختلافات العقدية والفكرية والمنهجية السائدة بين المسلمين ، فإذا استثنينا الفصائل الوطنية كالبعثية والقومية – وهم قلة قليلة جداً- فيمكن إرجاع الجماعات الإسلامية العاملة في الساحة إلى ثلاثِ تياراتٍ أو مرجعياتٍ رئيسة:
1) الفصائل التابعة لتيار الإخوان المسلمين بما عرف عنهم من تمييعٍ في الجانب العقدي ، وتبنيهم لفكرة الانتخابات الديمقراطية وجعلها بمنزلة الشورى بزعمهم ، وجواز المشاركة في الحكومات العلمانية بدعوى المصالح والمفاسد.
2) فصائل ترفع شعار السلفية ومنهج أهل السنة والجماعة ، ولكنها تبطن منهجاً إخوانياً في تعاملها مع الكثير من القضايا الشرعية علموا أم لم يعلموا ، وهم ينتسبون إلى طائفةٍ من أهل العلم والدعوة الذين يعرفون ب “سلفية الصحوة” ، وهم يلتقون مع الإخوان في جواز المشاركة في الحكومات العلمانية والانتخابات الديمقراطية تحت نفس الدعاوى ويختلفون معهم في جوانب أخرى ، ويمتاز هذا التيار بعدم الوضوح المنهجي وبالتالي سهولة التلبيس على كثيرٍ من المسلمين ، وقد برزت الجماعات الجهادية التي تعود بمرجعيتها لهذا التيار لأول مرةٍ في الجهاد على أرض الرافدين ، وُيطرح هذا التيار حالياً في الساحة – من قبل أطرافٍ كثيرة – ليكون البديل “المعتدل” للتيار السلفي الجهادي.
3) الجماعات ذات المنهج السلفي الجهادي وهي معروفة وواضحة في طرحها المنهجي والشرعي والسياسي الرامي إلى تحكيم شرع الله والتمكين لهذا الدين في الأرض.
وهذا التنوع في الساحة الجهادية لم يمنع بحالٍ من الأحوال جميع هذه التيارات العاملة من التعاون والتناصح والتشاور ضمن دائرة الموالاة الإيمانية في صد العدو الصليبي الصائل على ديار المسلمين ، خصوصاً مع عدم وضوح الرايات في بداية الجهاد والقتال ، وكلامنا هذا ليس من باب تصنيف الناس ، ولكن الواقع الحالي للجهاد على أرض الرافدين يتطلب منا بيان الحقائق ومصارحة الأمة والوضوح وعدم التلبيس عليها ، فالواقع يثبت أن هناك صراع مناهج واضح في الميدان مع بعض المناهج المنحرفة التي لا بد من بيان حالها للأمة ، وفي هذا المقام نريد بيان حقيقة “كتائب ثورة العشرين” وما طرأ عليها من انحرافاتٍ خطيرة على مسيرتها ، فتحولت من فصيلٍ يقاوم المحتل الصليبي إلى ميليشياتٍ تقاتل المجاهدين وتسير مع المشروع الأمريكي:
فكتائب ثورة العشرين هي فصيل مقاوم كانت له الصولات والجولات في قتال الصليبيين ، وقدمت الكثير من الشهداء والمعتقلين ، وتعود مرجعياً لبعض الشخصيات في هيئة علماء المسلمين وقد ضمت في البداية خيرة الشباب المسلم من أصحاب الغيرة على هذا الدين ، ولكن وكما تقول القاعدة : ( إن الانحراف في العقيدة يؤدي في النهاية ولابد إلى الانحراف في السلوك) ، وبسبب تغلغل العناصر التابعة للحزب العراقي ، حدثت الانحرافات الشرعية لهذه الجماعة بعد الانتخابات الثانية ، ويمكن إجمال هذه الانحرافات بالنقاط التالية:
– دخلت كتائب ثورة العشرين عن طريق بعض العناصر المحسوبين عليها في العملية السياسية والانتخابات الثانية مع أحد الفصائل المعروفة والتي ترتدي ثوب السلفية ، حيث كان المدعو”سلام الزكم الزوبعي” هو أحد قياديي الكتائب في منطقة أبي غريب ، وشكل هذان الفصيلان مكتباً للتنسيق المشترك مع “جبهة التخاذل” وساهما في تعيين العناصر التابعة لهم داخل البرلمان.
– حدثت انشقاقات كبيرة داخل كتائب ثورة العشرين حيث أصبح لها جناحان : ما يسمى ب”حماس العراق” بقيادة محمد عياش الكبيسي وهو رجل معروف بعقيدته الفاسدة وعدائه لمنهج أهل السنة والجماعة منذ العهد السابق ، وقد شكل الكبيسي في الخارج مع لفيفٍ من مشايخ الفضائيات ما يسمى ب”مجلس علماء العراق” كي يخدعوا السذج من الناس ويصبغوا الشرعية على سلوكياتهم وأفكارهم ، أما الجناح الثاني فيتبع لأحد الشخصيات المعروفة في هيئة علماء المسلمين و احتفظ هذا القسم باسم “كتائب ثورة العشرين” ، وبعد هذه الأحداث بدأ الانحراف الكبير للكتائب بالدخول مع المحتل الصليبي في مشروعه لمحاربة المجاهدين من دعاة التمكين لهذا الدين ، حيث قامت الميليشيات التابعة لحماس العراق في مناطق ديالى بالقتال إلى جانب القوات الصليبية والتجسس لحسابها ، حيث وزع الجيش الأمريكي لهم علامات خاصة على ملابسهم كي تميزهم عن المجاهدين ، ولقد أعلن الجيش الأمريكي عن نيته إدخال هذه الميليشيات في أجهزة الأمن.
– وعلى عكس حماس العراق التي تجاهر بعدائها للمجاهدين الموحدين ، اتخذت كتائب ثورة العشرين (التابعة لأحد شخصيات الهيئة) طابع التقية والكذب والنفاق ، إذ هي تنفي علناً و لأكثر من مرة قتالها إلى جانب القوات الأمريكية في الظاهر ، بينما هي تلعب نفس الدور الخياني الذي تلعبه أختها “حماس العراق” ، حيث قاموا كذلك بتأسيس الميليشيات التي قاتلت إلى جانب القوات الأمريكية في مناطق أبي غريب والرضوانية وجنوب بغداد ، وقاموا بجرائم يندى لها الجبين ، إذ أعدموا المهاجرين ومثلوا بهم أمام الناس ، وانتهكوا الحرمات ، وسرقوا المنازل وحلي النساء في المناطق التي دخولها بالتعاون مع أسيادهم الصليبيين ، ومن صور كذبهم ما ادعوه قبل شهورٍ من أن ( 12 من مجاهدي الكتائب) قد استشهدوا في اشتباك مع القوات الأمريكية وعرضت هذا الخبر بعض الفضائيات التي تروج لهم ليل نهار ، بينما في حقيقة الأمر أن الطائرات الأمريكية قصفت تجمعاً لهم عن طريق الخطأ في منطقة ( قرب قرية زوبع ) ظناً منها أنهم جنود الدولة ! فانظر أخي المسلم إلى أين وصل بهم الكذب والنفاق ، قال تعالى : {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ }الزمر60 , بالإضافة إلى قيام الكتائب في منطقة أبي غريب وبالتنسيق مع نائب المالكي ” سلام الزوبعي ” بتأسيس ما يسمى ب”لواء الضاري” وفتح باب التطوع على مصراعيه لأهالي تلك المناطق تحت ذريعة محاربة “التكفيريين” ، وعمل هذا اللواء بالتنسيق مع لواء المثنى الرافضي من الحرس الوثني في التجسس والوشاية والاعتقالات ليس على المجاهدين فحسب ، بل على كل من يحمل المنهج السلفي أو من عرف بحبه وتأييده للجهاد أو يكون من ذوي المجاهدين .
– العلاقات القوية والصلة الوثيقة التي تربط كتائب ثورة العشرين مع “مجلس إنقاذ الأنبار” ، إذ ساهموا بإضفاء الشرعية على هذا المجلس من خلال الفتاوى الضالة حول وجوب قتال من يسمونهم ب”خوارج العصر” ، وبث الدعايات الكاذبة حول دولة العراق الإسلامية وجنودها ، بالإضافة إلى التعاون العسكري المباشر.
– أما في الفلوجة التي أغلب شرطتها من كتائب ثورة العشرين ، فتقوم الشرطة هناك بحملات الاعتقالات العشوائية ضد شباب المساجد السلفيين ، وكل من يعرف بحبه للمجاهدين ، مع التعذيب البشع أو الاغتيال المباشر، حتى إنهم قاموا باعتقال امرأةٍ في أحد المساجد لأنها تقوم بتدريس العقيدة .
– الحملات الإعلامية المتواصلة التي تشوه جهاد ” دولة العراق الإسلامية ” لتنفير الناس منها ، فكانوا هم أول من أطلق وصف “خوارج العصر” على المجاهدين .
– الدخول في صفقة عمالة وخيانة مع كل من ( حكومات الدول العربية ) و ( المحتل الصليبي) لضرب نواة الدولة الإسلامية في العراق مقابل وعودٍ بالتمثيل السياسي لأهل السنة في أية حكومة قادمة.
وبعد أن بينا للأمة حقيقة الانحراف الخطير الذي حصل ل”كتائب ثورة العشرين” بعد أن آثرنا السكوت طويلاً على أمل الإصلاح ، فإننا نناشد قادة وعقلاء الكتائب أن يتفكروا قليلاً إلى أين يراد بهم وفي أي مسلكٍ يسيرون؟ ، ونقول لهم والله لقد خنتم دينكم ودماء شهدائكم الزكية التي أريقت على أرض الجهاد ، وبعتموها بثمنٍ بخسٍ دراهم معدوداتٍ إيثاراً منكم للعاجلة على الآجلة ، فبالله عليكم بأي وجهٍ تلقون ربكم غداً ؟ ، ونقول لكم مع ذلك إن باب التوبة مفتوح خصوصاً في هذا الشهر المبارك ، فتوبوا من هذا المسلك المهلك وكفوا عن مناصرة المحتل الصليبي والدخول في مشروعه البائس ، أين أنتم يامن تدعون السياسة والكياسة وفهم الواقع ، فهل من السياسة الدخول في المشروع الأمريكي ومناصرة حامل راية الصليب بوش؟! ، ونحن في هذا المقام لنشيد بمواقف البعض من أفراد الكتائب الذين اختاروا القعود في منازلهم على أن يرفعوا سلاحهم على إخوانهم المجاهدين ، مما اضطر قادة الكتائب إلى الاستعانة بسقطة الناس وقطاع الطرق وبعض الشواذ ليشكلوا مليشياتهم العميلة …
وفي الختام فإننا اخترنا بيان حقيقة “كتائب ثورة العشرين ” للأمة كشفاً للحقائق ، ورفعاً للبس والتدليس ، وليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيا من حي عن بينة ، ومن الله العون والسداد.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزم الروافض الحاقدين والصليبيين المتصهينيين ، ومن حالفهم .
اللهم اجعلهم وعتادهم غنيمة للمسلمين.
اللهم دمّرهم وزلزلهم..
اللهم أنت عضدنا وأنت نصيرنا , اللهم بك نصول وبك نجول وبك نقاتل..
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نسألك أن تصيبهم بما أصبت به فرعون وقومه، اللهم أرسل على بلادهم الطوفان وخذهم بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يغلب جمعك اللهم اهزمهم وزلزلهم إنك قوي عزيز ، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
والله أكبر
{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ }
دولة العراق الإسلامية / وزارة الإعلام
المصدر : (مركز الفجر للإعلام)