بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين… أما بعد:قال تعالى : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ }البقرة193.
فقد شرع الله تعالى شعيرة الجهاد والقتال في سبيل الله لتكون الكلمة العليا في الأرض لشريعة الإسلام دون غيرها من الأديان المّحرفة أو النظم الأرضية الوضعية ، قال الشوكاني “رحمه الله” عن قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} : ( فيه الأمر بمقاتلة المشركين إلى غاية هي ألا تكون فتنة وأن يكون الدين لله وهو الدخول في الإسلام والخروج عن سائر الأديان المخالفة له ،فمن دخل في الإسلام وأقلع عن الشرك لم يحلَّ قتاله ) فتح القدير 1/191 ، وقال شيخ الإسلام في هذه الآية : ( فأمر بالجهاد حتى لا تكون فتنة وحتى يكون الدين كله لله فجعل المقصود عدم كون الفتنة ووجود كون الدين كله لله، وناقض بينهما فكون الفتنة ينافي كونَ الدين لله ،وكونُ الدين لله ينافي كونَ الفتنةِ، والفتنة قد فسرت بالشرك فما حصلت به فتنة القلوب ففيه شرك وهو ينافي كون الدين كله لله ، والفتنة جنس تحته أنواع من الشبهات والشهوات وفتنة الذين يتخذون من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) قاعدة في المحبة 88 ، ولقد سار المجاهدون في العراق نحو هذه الغاية فكان لجهادهم وقتالهم هدفاً آنياً وهو دفع العدو الصائل عن ديار الإسلام ، وهدفاً بعيداً وهو تحكيم شرع الله تعالى وإقامة دولة الإسلام بعد حصول الشوكة والمنعة الجهادية .
ولهذا فقد حاول الكفار طمس مقاصد هذه الشعيرة بمصطلحاتٍ غريبة ، وساعدهم المنافقين من بني جلدتنا ، فتارة يقولون بأن الجهاد يشرع لتحرير الأرض المحتلة فقط ، أو أن الجهاد يجب أن يكون بأمر الحاكم العميل لليهود والصليبيين، أو أن الجهاد لا يناسب عصرنا الحاضر عصر السلام والحوار بالطرق الدبلماسية نعوذ بالله من هذه الضلالات.
ولقد أدرك المجاهدون منذ بداية المعركة أن طبيعة الصراع مع التحالف الصليبي هو صراع إراداتٍ ومطاولة ، وأن التوكل على الله مع الثبات على المنهج الحق الى النهاية بلا مداهنةٍ أو تراجع مع الإيمان الجازم بأن النصر والتمكين من عند الله ،هو السبيل الوحيد للتصدي لهذه الحملة الصليبية على ديار الإسلام ، فلذلك حاول أعداء الله تعالى خلال السنوات المنصرمة بشتى الوسائل إطفاء الشعلة الجهادية المتوقدة على ارض الرافدين ، خصوصاً بعد أن تحول ميدان القتال في العراق الى “أرض جهاد وهجرة” ينفر إليها شباب الأمة من كل حدبٍ وصوب سعياً لمقاتلة أعداء الله الصائلين والتمكين لهذا الدين ، فإنهارت حدود سايكس وبيكو التي رسمها الإستعمار الصليبي وسار عليها من بعده – بالوكالة- عملاءه في المنطقة ، وإنتشرت – بفضل الله – عقيدة الولاء والبراء على أساس رابطة الدين والعقيدة ، مما أدى الى تنامي الصحوة الجهادية لدى أبناء الأمة عامة وأهل السنة في العراق خاصة ، وكل ذلك أغاض التحالف الصليبي ودول الكفر ، فأجمعوا أمرهم للقضاء على هذه الشعلة الجهادية وأستعملوا في سبيل هذه الغاية عدد من الوسائل وضمن مراحل زمنية مختلفة :
فاستعان الصليبيون في بادىء الأمر بالشيعة الروافض الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا مطايا لإنجاح المشروع الصليبي في العراق ، فأصبحت مدنهم ومناطقهم مستودعاتٍ بشرية تزود أجهزة الردة والعمالة من الشرطة والحرس الوثني والمغاوير وغيرها من الأوتاد المثبتة لحكومة الردة والعمالة الصفوية ، إضافةً الى مليشياتهم الغادرة وفرق الموت التي تفتك بأهل السنة وتهدم وتحرق منازلهم ومساجدهم وتهجر عوائلهم ، ثم استعانوا بعد ذلك بخونة أهل السنة من أصحاب المناهج المنحرفة كالحزب العراقي وغيره لإقناعهم بالدخول في العملية السياسية بحجة حماية حقوق أهل السنة ، وهؤلاء الخونة بدورهم زينوا لبعض “الفصائل الجهادية” الدخول معهم في العملية السياسية كمشرفين أو في مقابل حصولهم على بعض المناصب السياسية أو الحقائب الوزارية تحت مسوغاتٍ شرعيةٍ باطلة ، وللأسف حدثت تراجعات وإنتكاسات شرعية كبيرة لدى بعض الفصائل التي تدعي الإلتزام بمنهج أهل السنة والجماعة فدعوا الناس أولاً الى المشاركة في التصويت على الدستور بـ ” لا ” ، ثم شاركوا فعلاً في الإنتخابات التشريعية مع جبهة التخاذل من خلال مرشحين محسوبين على هذه الجماعات ، بل وخططوا لتشكيل بعض الأفواج والألوية العسكرية في مناطق أهل السنة بحجة إعادة التوازن الطائفي وحماية أهل السنة من الحكومة الصفوية ، لكن – بفضل الله – ثم بفضل الإعتصام بالكتاب والسنة والتمسك بثوابت الجهاد الشرعية لم ينحرف الخط الجهادي العام عن مساره ، حيث ساهم المجاهدون الصادقون بإفشال كل هذه الخطط والإنحرافات من خلال تمسكهم بعقيدة “الكفر بالطاغوت” التي بها يظهر الدين وتعلو معالم الشريعة على سائر القوانين والدساتير الشركية ولولا ذلك لأصبح الجهاد يباع ويشترى في ” المكاتب السياسية ” وفي ” قباب البرلمانات ” كما هو الحال لبعض الجماعات الإسلامية في بعض البلاد .
ثم دخلت مرحلة جديدة من الصراع ، بعد تزايد حاجة العدو الصليبي الى إقناع أهل السنة بوقف دعمهم وإحتضانهم للمجاهدين ، وإقناعهم بإلقاء السلاح وعدم جدوى القتال مقابل تمكينهم من حماية مناطقهم الساخنة ومدهم بالسلاح وتوسيع مشاركتهم في حكومة المالكي لتحقيق التوازن مع الرافضة ، بدأت صفحة جديدة من التآمر على المشروع الجهادي خصوصاً بعد إعلان مشروع دولة العراق الإسلامية وذلك من خلال وسيلتين جديدتين :
أولاً : الإستعانة ببعض الرموز العشائرية العميلة لتنفيذ المشاريع الصليبية :
إن ظاهرة إستمالة المحتل الصليبي لبعض الرموز العشائرية والإستعانة بهم ضد المجاهدين ليست جديدة في التاريخ الإسلامي ، فخلال فترة الإستعمار الصليبي لبلاد الإسلام في القرن الماضي استعمل المحتل الصليبي هذا الإسلوب لإيجاد موطىء قدمٍ له داخل أراضي الإسلام ، والتاريخ الإسلامي المعاصر حافل بمثل هذه الخيانات ، أما في واقعنا المعاصر ، فقد إحتضنت أغلب المناطق السنية وعشائرها الإصيلة المجاهدين منذ بداية القتال ، وبعد الخسائر العسكرية البالغة التي تكبدها الجيش الصليبي داخل مناطق أهل السنة ، لجأ الى محاولة ضرب الخطوط الخلفية للمجاهدين من خلال ما يسمى ب ” مجالس الصحوات والإنقاذ أو مشروع تسليح العشائر ومدهم بالمال ” وهذا المشروع الواهن يمثل الورقة الإخيرة للإحتلال الصليبي ويظهر مدى العجز الذي وصل إليه وحالة التخبط التي تعيشها الإدارة الأمريكية وفشلها في كسر إرادة المجاهدين ، ويبين كذلك الرغبة المتزايدة للإنسحاب من المناطق الساخنة وإيجاد البديل المناسب لإدارة هذه المناطق ، وهذا الأمر يدخل كذلك في باب التمحيص والإختبار لعباد الله ، قال تعالى : {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }آل عمران179 ، وماصح من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان ( القابض على دينه كالقابض على جمرةٍ من نار) وقوله عن الفتن في آخر الزمان ( يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل ) .
فغاية هذه المشاريع الهشة تشكيل ” ميليشياتٍ قبلية أو مناطقية أو أفواج عشائرية من المرتزقة والعملاء” لكي يمسكوا هذه المناطق ، ويساندوا الجيش الصليبي في حربه ضد المجاهدين ، مع إدخال هذه الميليشيات والأفواج في أجهزة الردة لتكون بمثابة “الميليشيات السنية” المعادلة ” للميليشيات الرافضية ” لكن هذه الميليشيات ستكون مسالمة للصليبين وأداة لتنفيذ مشاريعه وخططه ، ويهدفون من وراء ذلك الى خلق حالة من ” الفوضى الفعالة ” داخل المناطق السنية لإشاعة أجواء البلبلة والإقتتال الداخلي وبالتالي إضعاف المجاهدين وتشتيت جهودهم ، ثم إخراجهم من هذه المناطق ، أما جذور هذه المجالس والميليشيات العميلة فتعود الى الأصناف التالية :
أ) عناصر بعثية حاقدة لازالت تروج لعودة البعث الكافر وقسم منهم اندسوا في بعض الفصائل العاملة في الساحة.
ب) بعض العناصر المشبوهة من أقارب أو ذوي الجواسيس والعملاء الذين تمت تصفيتهم على أيدي المجاهدين ، دفعتهم حمّيتهم الجاهلية والقبلية الى الثأر والإنتقام ، وكذلك بعض عصابات التسليب وقطع الطرق الذين استغلوا هذه الأوضاع لإمتلاك السلطة والنفوذ في مناطقهم ، ولكي يغطوا على أعمالهم الإجرامية.
ج) أصحاب المصالح الشخصية من بعض الرموز العشائرية من ضعاف الدين ، والطامحين الى الرياسة وجمع المال من شيوخ وأفراد بعض العشائر المتذبذبة .
د) بعض الأفراد السيئين المحسوبين على بعض الفصائل الجهادية انخرطوا في هذا المشروع الصليبي ، فكانوا رؤوساً ودعاةً لهذه الميليشيات , من خلال تطوعهم في الأفواج العسكرية التي يقيمها المحتل الصليبي في مناطق أهل السنة ، أو من خلال قتالهم المباشر مع الصليبيين ضد المجاهدين كما حدث في بعض المناطق مثل العامرية في بغداد ، وعامرية الفلوجة ، ومناطق جنوب ولاية بغداد ، وأجزاء من ولاية ديالى.
ر) عناصر الحزب الإسلامي العراقي الذين يبثون الفتاوى الضالة التي تحرض على قتال المجاهدين الموحدين وتكفيرهم ووصفهم بـ “خوارج العصر” و”عملاء إيران” ، وتحث كذلك على التآخي مع الشيعة الروافض وتحرم قتالهم ، وتدعوا الى الدخول في حكومة المالكي ، واسباغ الشرعية على التطوع في أجهزة الردة والعمالة ، وهم يعملون بالتنسيق مع بعض الفصائل التي تغلغلوا فيها والتي تحمل منهجهم وفكرهم ، وهؤلاء معادون لمنهج أهل السنة والجماعة وعقيدة الكفر بالطاغوت منذ زمن البعث السابق ، ويروجون لمنهجهم المنحرف من خلال إستغلال العوام والسذج من الناس ، واشترك معهم في التحريض وبث الفتاوى الضالة بعض أهل الإرجاء من دعاة السلفية المخذلة القاعدون عن الجهاد .
هذه النماذج وغيرهم هم نواة هذه “الميليشيات” أو “مجالس الإنقاذ” ، وهؤلاء يعاملون كما قرر علماء الإسلام كطائفةٍ ممتنعة يجب جهادهم وقتالهم حتى يكون الدين كله لله ، وجهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أوجب الواجبات في هذا الوقت ، فهؤلاء دخلوا في الردة والكفر من وجوه كثيرة أوضحها :
1) موالاتهم للكافرين ووقوفهم كأوتادٍ لتثبيت دعائم الإحتلال الصليبي وحكومته العميلة : وذلك بإعانتهم لهم على حرب المجاهدين ، وهذا سبب مكفر لقوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51
2) قتالهم في سبيل الطاغوت وإماتتهم لشريعة الإسلام من خلال نصرتهم للدساتير والقوانين الوضعية والحكام الكافرون , فهم يعدون من جند الطاغوت وأعوانه ، وهذا سبب مكفر لقوله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً }النساء76
ولله الحمد فهؤلاء النماذج منبوذون بين عشائرنا الأصيلة في الأنبار وديالى وبغداد وباقي الولايات ، ولن تقبل هذه العشائر الكريمة – بعد أن قذفت بفلذات أكبادها في آتون المعارك – أن تلطخ هذه العناصر أسمائها وتاريخها المشرف في الجهاد ، فأعلنوا برائتهم من هؤلاء العملاء المفسدين ، ولازالوا عند مواقفهم مع المجاهدين رغم ما يتعرضون له من ضغوطاتٍ ووسائل ترغيبيةٍ وترهيبيةٍ من قبل الصليبيين وأذنابهم.
ثانياً : القيام بصفقاتٍ مشبوهة مع بعض الرموز الجهادية المعتقلين لدى القوات الأمريكية مقابل الإفراج عن هذه الرموز :
وهذه أخس صفقة يقوم بها الصليبيون مع من ارتضوا لأنفسهم أن يتنازلوا عن عقيدتهم وثوابت دينهم للكفار مقابل وعودٍ دنيويةٍ زائلة قال تعالى : {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }المائدة52 ، فتم الإفراج قبل شهور عن عددٍ من الرموز المنتسبين لبعض الجماعات الجهادية ، وهؤلاء فيهم من كان يعدُ في السابق من أصحاب العلم والفقه والسابقة الجهادية ، ولقد بين إخواننا في جماعة ” جيش أنصار السنة ” – حفظهم الله وثبتهم على الحق – وعبر أكثر من بيانٍ حقيقة هؤلاء النفر ومقاصدهم ونواياهم ، فخرج هؤلاء الرموز من السجون الصليبية وهم يحملون إشاراتٍ ورسائلٍ وتعهداتٍ من الأمريكان الى المجاهدين بإطلاق سراح المعتقلين والدخول في العملية السياسية وتوسيع المشاركة السنية في حكومة الردة ، وسارعوا بعد خروجهم من السجن الى تشكيل تجمع معروف مع بعض الفصائل التي ارتضت السير معهم في هذا المشروع والمخطط الذي يرمي الى التلبيس على الأمة وخداعها من خلال اختزال المشروع الجهادي في العراق من قضيةٍ إسلاميةٍ تمس الأمة الى إطارٍٍ قطري وبواجهةٍ إسلاميةٍ معتدلة تتخلى عن حاكمية الشريعة ، وتسير ضمن قوانين الحكومات العميلة المجاورة وهيئة الأمم المتحدة الملحدة التي تعترف بحق “المقاومة” ضد “المحتل” في أن تفاوض أو تشكل واجهاتٍ سياسيةٍ بعد أن تلقي سلاحها ، كما حدث في التجارب المريرة السابقة في الجزائر والبوسنة وأفغانستان وغيرها ، وذلك من خلال :
1) السعي نحو مفاوضة المحتل الصليبي والإتفاق معه على جدولة الإنسحاب وبمساندةٍ من أطرافٍ خارجية أخرى .
2) بنى هؤلاء تجمعهم على أساس تتبع الزلات وتصيد أخطاء المجاهدين ، وإستعمال اسلوب التشهير والطعن في وسائل الإعلام بدل التناصح والإرشاد مع إخوانهم ، فالجهاد حركة بشرية مستمدة من تجارب الواقع وصعوبات الميدان الجغرافية والسياسية والإجتماعية ، والمجاهدون ليسوا ملائكة سياحين في الأرض ، ونحن هنا ننطلق من ارض الواقع ولا نعيش في أجواءٍ نظرية بين دفتي الكتب والأبحاث , فلاندعي مطلقاً “عصمة المجاهدين” من الخطأ أو الزلل ، بل نتعبد الله “بعصمة المنهج” الذي نسير عليه في قتالنا لإعداء الله من صليبيين ومرتدين ، وسعينا للتمكين لهذا الدين في الأرض.
3) تشجيع ظاهرة ما يسمى بـ “تسليح العشائر السنية” أو السكوت عنها على الأقل ، وحث أهل السنة وأفراد “بعض الفصائل” على الإنخراط في هذه الميليشيات العشائرية أو الدخول مباشرةً في الأجهزة الأمنية من جيشٍ وشرطة للتحظير لإستلام المناطق السنية بعد خروج المحتل الصليبي من ديار الإسلام .
4) السعي نحو الإستعداد للتمثيل السياسي الموسع لأهل السنة في أي حكومةٍ برلمانيةٍ قادمة تكون بعد جدولة رحيل الإحتلال أوعن طريق الإنتخابات ، مقابل وعودٍ بتكثير المشاركة السنية على حساب نصيب الشيعة الروافض ، ولا يهم أن تكون هذه الحكومة تحت إشراف الأمم المتحدة أو حتى بعض الدول الصليبية.
فاصبح الآن في الساحة الجهادية مشروعان ، مشروع دولة العراق الإسلامية الفتي والمولود من رحم الجهاد والذي يهدف الى توحيد صفوف الجماعات والتمكين لهذا الدين في هذه البقعة من الأرض وبالتالي صيانة المشروع الجهادي من الإنحراف والضياع ، ومشروع هذه التجمعات الذي يهدف الى إستغلال الجهاد من أجل مناصب سياسية أومقاعد داخل قباب البرلمانات الشركية تحت دعوى رد حقوق أهل السنة ، والسير في فلك الحكومات المجاورة العميلة ، والتنازل عن حاكمية الشرعية ، وبالتالي ضياع أمل الأمة في المشروع الجهادي على ارض الرافدين ، فغاية جهاد هؤلاء وقتالهم إذاً لطرد المحتل الصليبي فقط وليس للتمكين لهذا الدين حتى يكون كله لله…
والى هؤلاء نقول: فلماذا الجهاد والقتال إذاً منذ البداية ؟!
ولأجل ماذا ذهبت هذه الدماء والأشلاء؟؟
ونذكرهم بقول الشيخ البتار”تقبله الله في الشهداء” وهو يتحث عن ثوابت الجهاد:
((أن من معاني الهزيمة مداهنة الكافرين والركون إليهم وإتباع ملتهم قال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 ، وقوله: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ }القلم8 ، نهي من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يطيع المكذبين – وهم كفار مكة – بما فيه خلاف الحق.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره 18/230 ”نهاه عن ممايلة المشركين، وكانوا يدعونه إلى أن يكف عنهم ليكفوا عنه، فبين الله تعالى أن ممايلتهم كفر، وقال تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }الإسراء74.
والادهان: اللين والمصانعة، فبيّن الله سبحانه وتعالى هنا أن كفار مكة ودوا لو أن محمداً صلى الله عليه وسلم لان لهم وصانعهم، وقد نهاه الله سبحانه عن ذلك ”.
قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله في تفسيره 6/20 ”وقوله: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) أي: تضعف في أمرك فيضعفون، أو تلين لهم فيلينون. والمداهنة: معاشرة في الظاهر ومحالمة بغير موافقة الباطن“ ، ومما سبق يتبين هزيمة أقوام كثر من المنتسبين للإسلام اليوم، حينما داهنوا أعداء الله سبحانه وتعالى، وخدعوا أنفسهم وخدعوا الناس وقالوا إن هذه مداراة شرعية، وما هي إلا هزيمة نكراء، ومداهنة عمياء، قلب الحق فيها باطلاً والباطل حقاً، وبُذل الدين لصلاح الدنيا وصلاح مصالح شخصية وضيعة، فماذا يبقى من معاني النصر بعد هذه الهزيمة المنكرة؟! ، وقال رحمه الله : إن كثيرا من المسلمين يظن أن كل متعبد بفريضة الجهاد لا بد له أن ينتصر نصراً ميدانياً حسياً وأن الله شرع الجهاد ورتب عليه النصر الحسي فقط ، لأن مفهوم النصر منحصر عند الكثيرين بالغلبة العسكرية والنصر الميداني فحسب، والله سبحانه وتعالى شرع لنا هذه الشعيرة ولم يضمن لمن ركب أهوالها أن ينتصر، بل قال مثبتاً لهزيمة المسلمين العسكرية في بعض الأحيان : {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }آل عمران140)) إنتهى كلامه رحمه الله.
ونذكر إخواننا الأحبة في باقي الجماعات الجهادية بحادثتين تاريخيتين جديرتين بالتأمل والتوقف :
الأولى : خلال فترة الدولة السعدية في المغرب في القرن العاشر الهجري زمن الحاكم محمد الشيخ حيث كانت تعادي الخلافة العثمانية لأن محمد الشيخ هذا كان يرى عدم شرعية الخلافة العثمانية التي تسعى الى ضم المغرب في نطاق توحيد البلاد الإسلامية والوقوف بها صفاً واحداً ضد الهجمات الصليبية ، بينما كان لمحمد الشيخ طموحاته الشخصية بإمامة المسلمين وتكوين دولة مستقلة عن الخلافة العثمانية ، حتى دفعه هذا الخلاف الى الإستعانة بالبرتغاليين النصارى ضد الدولة العثمانية فكانت عاقبة فعله خسراناً في الدنيا والآخرة .
الثانية : ما روت كتب التاريخ من قصص المسلمين في الأندلس أنه على رأس أربعمائة سـنة من فتح الأندلس وعمارتها الزاهرة بحضارة الإسلام اجتمع النصارى على المسلمين ووحدوا قواهم وأجلوهم عن كثير من بلاد الأندلس، وحاصروا أبرز حواضرها إمارة قرطبة، وتجهزوا للمعركة الفاصلة التي ستقرر إما الإسلام في الأندلس وإما يعلو الصليب.
وكان أمير قرطبة ابن عباد فارس وشاعر وأديب مشهور ومن عقلاء من ملك الأندلس.. فجمع أهل الشورى عنده يستشيرهم بالاستنصار بدولة المرابطين في المغرب وشمال أفريقيا، وكان أمير المؤمنين فيها الملك الصالح المجاهد يوسف بن تاشفين، فأشار على ابن عباد غالب حاشيته بأن لا يدعوهم، لأنهم أي المرابطين سيأتون من بلاد فقيرة صحراوية فإذا شاهدوا الأندلس وما فيها من النعيم، دفعوا النصارى ثم استلبوا ملك بني عباد وسيطروا على الأندلس وضموها لمملكتهم، وأنه أولى له يصالح النصارى ويرضيهم من أن يعرض ملكه للزوال على يد المرابطين وإن كانوا مسلمين.. فسمع من الحاضرين ثم قال لهم أتفكر الليلة وأرى أمري.. ثم جمعهم في اليوم التالي فقالوا له ما رأيت أيها الأمير، قال تفكرت في أمرنا ورأيت أنه ” رعي الإبل ولا رعي الخنازير ” وذهبت من بعده هذه الكلمة مثلاً، قال رعي الإبل ولا رعي الخنازير، أي لئن يأخذني المرابطون عبداً إن سلبوا ملكي فأقصى ما يصيبني أن أرعى الإبل عبداً عند المسلمين، ولا يأخذني النصارى إن سلبوا ملكي فأكون عبداً عندهم أرعى الخنازير لأهل الصليب.. فالعقل والدين فعلا أن يكون رعي الإبل أولى من رعي الخنازير.
وتقول الرواية التاريخية: أن ابن عباد استنصر بابن تاشفين وكان ملكاً مجاهداً قد جاوز التسعين من العمر وكان يأمر جنده أن يربطوه على الخيل حتى لا يسقط لهرمه، واجتمع جند المغرب من المرابطين وجند الأندلس وكانت معركة الزلاقة المشهورة.. ونصر الله أهل الإسلام وفرق جيوش الصليب ومد في عمر الإسلام في الأندلس أربعمائة سـنة أخرى.. وانسحب ابن تاشفين من ساحة المعركة مقسماً على جنده ألا يأخذوا معهم من الغنائم شيئاً.. وهذه كانت عاقبة من فكر بهدي من دينه وعقله فقال رعي الإبل ولا رعي الخنازير.
وفي الختام نقول لأهلنا من ابناء وشيوخِ العشائركافة : اتقوا الله في هذا الجهاد المبارك ، ولا تكونوا عوناً للمحتل الصليبي واذنابه ، ولاترضوا ان يكون ابنائكم خدما للصليبيين يقاتلون بهم المجاهدين من خلال دخولهم في سلكي الجيش والشرطة ، فلقد إئتمنتكم الأمة على هذا الجهاد فلاتخونوا الله ورسوله وتخونوا آماناتكم وأنتم تعلمون …
ونذكر إخواننا المجاهدين حفظهم الله في باقي الجماعات وجنود دولة الإسلام ونقول لهم : الله..الله..في هذا الجهاد المبارك لاتضيعوه بالركون الى الدنيا وترك ما أمر الله ، وإن النصر مع الصبر ، وعليكم بالموالاة الإيمانية فيما بينكم والتمسك بعقيدة الولاء والبراء التي فيها يعز هذا الدين والفوز بالدارين ، فالأمة جميعاً تنظر إليكم فأنتم أملها المعقود بعد الله في إعزاز هذا الدين والتمكين له في الأرض ، ونسأل الله أن يثبتكم على هذا الطريق ، وأن يتقبل منكم أعمالكم وجهادكم ، ومن الله العون والسداد.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزم أمريكا ومن حالفها، اللهم اجعلهم وعتادهم غنيمة للمسلمين، اللهم دمر أمريكا وزلزلها..
اللهم أنت عضدنا وأنت نصيرنا , اللهم بك نصول وبك نجول وبك نقاتل..
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نسألك أن تصيبهم بما أصبت به فرعون وقومه، اللهم أرسل على بلادهم الطوفان وخذهم بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يغلب جمعك اللهم اهزمهم وزلزلهم إنك قوي عزيز ، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
والله أكبر
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}
دولة العراق الإسلامية / وزارة الاعلام
المصدر: (مركز الفجر للإعلام)
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين… أما بعد:قال تعالى : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ }البقرة193.
فقد شرع الله تعالى شعيرة الجهاد والقتال في سبيل الله لتكون الكلمة العليا في الأرض لشريعة الإسلام دون غيرها من الأديان المّحرفة أو النظم الأرضية الوضعية ، قال الشوكاني “رحمه الله” عن قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} : ( فيه الأمر بمقاتلة المشركين إلى غاية هي ألا تكون فتنة وأن يكون الدين لله وهو الدخول في الإسلام والخروج عن سائر الأديان المخالفة له ،فمن دخل في الإسلام وأقلع عن الشرك لم يحلَّ قتاله ) فتح القدير 1/191 ، وقال شيخ الإسلام في هذه الآية : ( فأمر بالجهاد حتى لا تكون فتنة وحتى يكون الدين كله لله فجعل المقصود عدم كون الفتنة ووجود كون الدين كله لله، وناقض بينهما فكون الفتنة ينافي كونَ الدين لله ،وكونُ الدين لله ينافي كونَ الفتنةِ، والفتنة قد فسرت بالشرك فما حصلت به فتنة القلوب ففيه شرك وهو ينافي كون الدين كله لله ، والفتنة جنس تحته أنواع من الشبهات والشهوات وفتنة الذين يتخذون من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) قاعدة في المحبة 88 ، ولقد سار المجاهدون في العراق نحو هذه الغاية فكان لجهادهم وقتالهم هدفاً آنياً وهو دفع العدو الصائل عن ديار الإسلام ، وهدفاً بعيداً وهو تحكيم شرع الله تعالى وإقامة دولة الإسلام بعد حصول الشوكة والمنعة الجهادية .
ولهذا فقد حاول الكفار طمس مقاصد هذه الشعيرة بمصطلحاتٍ غريبة ، وساعدهم المنافقين من بني جلدتنا ، فتارة يقولون بأن الجهاد يشرع لتحرير الأرض المحتلة فقط ، أو أن الجهاد يجب أن يكون بأمر الحاكم العميل لليهود والصليبيين، أو أن الجهاد لا يناسب عصرنا الحاضر عصر السلام والحوار بالطرق الدبلماسية نعوذ بالله من هذه الضلالات.
ولقد أدرك المجاهدون منذ بداية المعركة أن طبيعة الصراع مع التحالف الصليبي هو صراع إراداتٍ ومطاولة ، وأن التوكل على الله مع الثبات على المنهج الحق الى النهاية بلا مداهنةٍ أو تراجع مع الإيمان الجازم بأن النصر والتمكين من عند الله ،هو السبيل الوحيد للتصدي لهذه الحملة الصليبية على ديار الإسلام ، فلذلك حاول أعداء الله تعالى خلال السنوات المنصرمة بشتى الوسائل إطفاء الشعلة الجهادية المتوقدة على ارض الرافدين ، خصوصاً بعد أن تحول ميدان القتال في العراق الى “أرض جهاد وهجرة” ينفر إليها شباب الأمة من كل حدبٍ وصوب سعياً لمقاتلة أعداء الله الصائلين والتمكين لهذا الدين ، فإنهارت حدود سايكس وبيكو التي رسمها الإستعمار الصليبي وسار عليها من بعده – بالوكالة- عملاءه في المنطقة ، وإنتشرت – بفضل الله – عقيدة الولاء والبراء على أساس رابطة الدين والعقيدة ، مما أدى الى تنامي الصحوة الجهادية لدى أبناء الأمة عامة وأهل السنة في العراق خاصة ، وكل ذلك أغاض التحالف الصليبي ودول الكفر ، فأجمعوا أمرهم للقضاء على هذه الشعلة الجهادية وأستعملوا في سبيل هذه الغاية عدد من الوسائل وضمن مراحل زمنية مختلفة :
فاستعان الصليبيون في بادىء الأمر بالشيعة الروافض الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا مطايا لإنجاح المشروع الصليبي في العراق ، فأصبحت مدنهم ومناطقهم مستودعاتٍ بشرية تزود أجهزة الردة والعمالة من الشرطة والحرس الوثني والمغاوير وغيرها من الأوتاد المثبتة لحكومة الردة والعمالة الصفوية ، إضافةً الى مليشياتهم الغادرة وفرق الموت التي تفتك بأهل السنة وتهدم وتحرق منازلهم ومساجدهم وتهجر عوائلهم ، ثم استعانوا بعد ذلك بخونة أهل السنة من أصحاب المناهج المنحرفة كالحزب العراقي وغيره لإقناعهم بالدخول في العملية السياسية بحجة حماية حقوق أهل السنة ، وهؤلاء الخونة بدورهم زينوا لبعض “الفصائل الجهادية” الدخول معهم في العملية السياسية كمشرفين أو في مقابل حصولهم على بعض المناصب السياسية أو الحقائب الوزارية تحت مسوغاتٍ شرعيةٍ باطلة ، وللأسف حدثت تراجعات وإنتكاسات شرعية كبيرة لدى بعض الفصائل التي تدعي الإلتزام بمنهج أهل السنة والجماعة فدعوا الناس أولاً الى المشاركة في التصويت على الدستور بـ ” لا ” ، ثم شاركوا فعلاً في الإنتخابات التشريعية مع جبهة التخاذل من خلال مرشحين محسوبين على هذه الجماعات ، بل وخططوا لتشكيل بعض الأفواج والألوية العسكرية في مناطق أهل السنة بحجة إعادة التوازن الطائفي وحماية أهل السنة من الحكومة الصفوية ، لكن – بفضل الله – ثم بفضل الإعتصام بالكتاب والسنة والتمسك بثوابت الجهاد الشرعية لم ينحرف الخط الجهادي العام عن مساره ، حيث ساهم المجاهدون الصادقون بإفشال كل هذه الخطط والإنحرافات من خلال تمسكهم بعقيدة “الكفر بالطاغوت” التي بها يظهر الدين وتعلو معالم الشريعة على سائر القوانين والدساتير الشركية ولولا ذلك لأصبح الجهاد يباع ويشترى في ” المكاتب السياسية ” وفي ” قباب البرلمانات ” كما هو الحال لبعض الجماعات الإسلامية في بعض البلاد .
ثم دخلت مرحلة جديدة من الصراع ، بعد تزايد حاجة العدو الصليبي الى إقناع أهل السنة بوقف دعمهم وإحتضانهم للمجاهدين ، وإقناعهم بإلقاء السلاح وعدم جدوى القتال مقابل تمكينهم من حماية مناطقهم الساخنة ومدهم بالسلاح وتوسيع مشاركتهم في حكومة المالكي لتحقيق التوازن مع الرافضة ، بدأت صفحة جديدة من التآمر على المشروع الجهادي خصوصاً بعد إعلان مشروع دولة العراق الإسلامية وذلك من خلال وسيلتين جديدتين :
أولاً : الإستعانة ببعض الرموز العشائرية العميلة لتنفيذ المشاريع الصليبية :
إن ظاهرة إستمالة المحتل الصليبي لبعض الرموز العشائرية والإستعانة بهم ضد المجاهدين ليست جديدة في التاريخ الإسلامي ، فخلال فترة الإستعمار الصليبي لبلاد الإسلام في القرن الماضي استعمل المحتل الصليبي هذا الإسلوب لإيجاد موطىء قدمٍ له داخل أراضي الإسلام ، والتاريخ الإسلامي المعاصر حافل بمثل هذه الخيانات ، أما في واقعنا المعاصر ، فقد إحتضنت أغلب المناطق السنية وعشائرها الإصيلة المجاهدين منذ بداية القتال ، وبعد الخسائر العسكرية البالغة التي تكبدها الجيش الصليبي داخل مناطق أهل السنة ، لجأ الى محاولة ضرب الخطوط الخلفية للمجاهدين من خلال ما يسمى ب ” مجالس الصحوات والإنقاذ أو مشروع تسليح العشائر ومدهم بالمال ” وهذا المشروع الواهن يمثل الورقة الإخيرة للإحتلال الصليبي ويظهر مدى العجز الذي وصل إليه وحالة التخبط التي تعيشها الإدارة الأمريكية وفشلها في كسر إرادة المجاهدين ، ويبين كذلك الرغبة المتزايدة للإنسحاب من المناطق الساخنة وإيجاد البديل المناسب لإدارة هذه المناطق ، وهذا الأمر يدخل كذلك في باب التمحيص والإختبار لعباد الله ، قال تعالى : {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }آل عمران179 ، وماصح من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان ( القابض على دينه كالقابض على جمرةٍ من نار) وقوله عن الفتن في آخر الزمان ( يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل ) .
فغاية هذه المشاريع الهشة تشكيل ” ميليشياتٍ قبلية أو مناطقية أو أفواج عشائرية من المرتزقة والعملاء” لكي يمسكوا هذه المناطق ، ويساندوا الجيش الصليبي في حربه ضد المجاهدين ، مع إدخال هذه الميليشيات والأفواج في أجهزة الردة لتكون بمثابة “الميليشيات السنية” المعادلة ” للميليشيات الرافضية ” لكن هذه الميليشيات ستكون مسالمة للصليبين وأداة لتنفيذ مشاريعه وخططه ، ويهدفون من وراء ذلك الى خلق حالة من ” الفوضى الفعالة ” داخل المناطق السنية لإشاعة أجواء البلبلة والإقتتال الداخلي وبالتالي إضعاف المجاهدين وتشتيت جهودهم ، ثم إخراجهم من هذه المناطق ، أما جذور هذه المجالس والميليشيات العميلة فتعود الى الأصناف التالية :
أ) عناصر بعثية حاقدة لازالت تروج لعودة البعث الكافر وقسم منهم اندسوا في بعض الفصائل العاملة في الساحة.
ب) بعض العناصر المشبوهة من أقارب أو ذوي الجواسيس والعملاء الذين تمت تصفيتهم على أيدي المجاهدين ، دفعتهم حمّيتهم الجاهلية والقبلية الى الثأر والإنتقام ، وكذلك بعض عصابات التسليب وقطع الطرق الذين استغلوا هذه الأوضاع لإمتلاك السلطة والنفوذ في مناطقهم ، ولكي يغطوا على أعمالهم الإجرامية.
ج) أصحاب المصالح الشخصية من بعض الرموز العشائرية من ضعاف الدين ، والطامحين الى الرياسة وجمع المال من شيوخ وأفراد بعض العشائر المتذبذبة .
د) بعض الأفراد السيئين المحسوبين على بعض الفصائل الجهادية انخرطوا في هذا المشروع الصليبي ، فكانوا رؤوساً ودعاةً لهذه الميليشيات , من خلال تطوعهم في الأفواج العسكرية التي يقيمها المحتل الصليبي في مناطق أهل السنة ، أو من خلال قتالهم المباشر مع الصليبيين ضد المجاهدين كما حدث في بعض المناطق مثل العامرية في بغداد ، وعامرية الفلوجة ، ومناطق جنوب ولاية بغداد ، وأجزاء من ولاية ديالى.
ر) عناصر الحزب الإسلامي العراقي الذين يبثون الفتاوى الضالة التي تحرض على قتال المجاهدين الموحدين وتكفيرهم ووصفهم بـ “خوارج العصر” و”عملاء إيران” ، وتحث كذلك على التآخي مع الشيعة الروافض وتحرم قتالهم ، وتدعوا الى الدخول في حكومة المالكي ، واسباغ الشرعية على التطوع في أجهزة الردة والعمالة ، وهم يعملون بالتنسيق مع بعض الفصائل التي تغلغلوا فيها والتي تحمل منهجهم وفكرهم ، وهؤلاء معادون لمنهج أهل السنة والجماعة وعقيدة الكفر بالطاغوت منذ زمن البعث السابق ، ويروجون لمنهجهم المنحرف من خلال إستغلال العوام والسذج من الناس ، واشترك معهم في التحريض وبث الفتاوى الضالة بعض أهل الإرجاء من دعاة السلفية المخذلة القاعدون عن الجهاد .
هذه النماذج وغيرهم هم نواة هذه “الميليشيات” أو “مجالس الإنقاذ” ، وهؤلاء يعاملون كما قرر علماء الإسلام كطائفةٍ ممتنعة يجب جهادهم وقتالهم حتى يكون الدين كله لله ، وجهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أوجب الواجبات في هذا الوقت ، فهؤلاء دخلوا في الردة والكفر من وجوه كثيرة أوضحها :
1) موالاتهم للكافرين ووقوفهم كأوتادٍ لتثبيت دعائم الإحتلال الصليبي وحكومته العميلة : وذلك بإعانتهم لهم على حرب المجاهدين ، وهذا سبب مكفر لقوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51
2) قتالهم في سبيل الطاغوت وإماتتهم لشريعة الإسلام من خلال نصرتهم للدساتير والقوانين الوضعية والحكام الكافرون , فهم يعدون من جند الطاغوت وأعوانه ، وهذا سبب مكفر لقوله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً }النساء76
ولله الحمد فهؤلاء النماذج منبوذون بين عشائرنا الأصيلة في الأنبار وديالى وبغداد وباقي الولايات ، ولن تقبل هذه العشائر الكريمة – بعد أن قذفت بفلذات أكبادها في آتون المعارك – أن تلطخ هذه العناصر أسمائها وتاريخها المشرف في الجهاد ، فأعلنوا برائتهم من هؤلاء العملاء المفسدين ، ولازالوا عند مواقفهم مع المجاهدين رغم ما يتعرضون له من ضغوطاتٍ ووسائل ترغيبيةٍ وترهيبيةٍ من قبل الصليبيين وأذنابهم.
ثانياً : القيام بصفقاتٍ مشبوهة مع بعض الرموز الجهادية المعتقلين لدى القوات الأمريكية مقابل الإفراج عن هذه الرموز :
وهذه أخس صفقة يقوم بها الصليبيون مع من ارتضوا لأنفسهم أن يتنازلوا عن عقيدتهم وثوابت دينهم للكفار مقابل وعودٍ دنيويةٍ زائلة قال تعالى : {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }المائدة52 ، فتم الإفراج قبل شهور عن عددٍ من الرموز المنتسبين لبعض الجماعات الجهادية ، وهؤلاء فيهم من كان يعدُ في السابق من أصحاب العلم والفقه والسابقة الجهادية ، ولقد بين إخواننا في جماعة ” جيش أنصار السنة ” – حفظهم الله وثبتهم على الحق – وعبر أكثر من بيانٍ حقيقة هؤلاء النفر ومقاصدهم ونواياهم ، فخرج هؤلاء الرموز من السجون الصليبية وهم يحملون إشاراتٍ ورسائلٍ وتعهداتٍ من الأمريكان الى المجاهدين بإطلاق سراح المعتقلين والدخول في العملية السياسية وتوسيع المشاركة السنية في حكومة الردة ، وسارعوا بعد خروجهم من السجن الى تشكيل تجمع معروف مع بعض الفصائل التي ارتضت السير معهم في هذا المشروع والمخطط الذي يرمي الى التلبيس على الأمة وخداعها من خلال اختزال المشروع الجهادي في العراق من قضيةٍ إسلاميةٍ تمس الأمة الى إطارٍٍ قطري وبواجهةٍ إسلاميةٍ معتدلة تتخلى عن حاكمية الشريعة ، وتسير ضمن قوانين الحكومات العميلة المجاورة وهيئة الأمم المتحدة الملحدة التي تعترف بحق “المقاومة” ضد “المحتل” في أن تفاوض أو تشكل واجهاتٍ سياسيةٍ بعد أن تلقي سلاحها ، كما حدث في التجارب المريرة السابقة في الجزائر والبوسنة وأفغانستان وغيرها ، وذلك من خلال :
1) السعي نحو مفاوضة المحتل الصليبي والإتفاق معه على جدولة الإنسحاب وبمساندةٍ من أطرافٍ خارجية أخرى .
2) بنى هؤلاء تجمعهم على أساس تتبع الزلات وتصيد أخطاء المجاهدين ، وإستعمال اسلوب التشهير والطعن في وسائل الإعلام بدل التناصح والإرشاد مع إخوانهم ، فالجهاد حركة بشرية مستمدة من تجارب الواقع وصعوبات الميدان الجغرافية والسياسية والإجتماعية ، والمجاهدون ليسوا ملائكة سياحين في الأرض ، ونحن هنا ننطلق من ارض الواقع ولا نعيش في أجواءٍ نظرية بين دفتي الكتب والأبحاث , فلاندعي مطلقاً “عصمة المجاهدين” من الخطأ أو الزلل ، بل نتعبد الله “بعصمة المنهج” الذي نسير عليه في قتالنا لإعداء الله من صليبيين ومرتدين ، وسعينا للتمكين لهذا الدين في الأرض.
3) تشجيع ظاهرة ما يسمى بـ “تسليح العشائر السنية” أو السكوت عنها على الأقل ، وحث أهل السنة وأفراد “بعض الفصائل” على الإنخراط في هذه الميليشيات العشائرية أو الدخول مباشرةً في الأجهزة الأمنية من جيشٍ وشرطة للتحظير لإستلام المناطق السنية بعد خروج المحتل الصليبي من ديار الإسلام .
4) السعي نحو الإستعداد للتمثيل السياسي الموسع لأهل السنة في أي حكومةٍ برلمانيةٍ قادمة تكون بعد جدولة رحيل الإحتلال أوعن طريق الإنتخابات ، مقابل وعودٍ بتكثير المشاركة السنية على حساب نصيب الشيعة الروافض ، ولا يهم أن تكون هذه الحكومة تحت إشراف الأمم المتحدة أو حتى بعض الدول الصليبية.
فاصبح الآن في الساحة الجهادية مشروعان ، مشروع دولة العراق الإسلامية الفتي والمولود من رحم الجهاد والذي يهدف الى توحيد صفوف الجماعات والتمكين لهذا الدين في هذه البقعة من الأرض وبالتالي صيانة المشروع الجهادي من الإنحراف والضياع ، ومشروع هذه التجمعات الذي يهدف الى إستغلال الجهاد من أجل مناصب سياسية أومقاعد داخل قباب البرلمانات الشركية تحت دعوى رد حقوق أهل السنة ، والسير في فلك الحكومات المجاورة العميلة ، والتنازل عن حاكمية الشرعية ، وبالتالي ضياع أمل الأمة في المشروع الجهادي على ارض الرافدين ، فغاية جهاد هؤلاء وقتالهم إذاً لطرد المحتل الصليبي فقط وليس للتمكين لهذا الدين حتى يكون كله لله…
والى هؤلاء نقول: فلماذا الجهاد والقتال إذاً منذ البداية ؟!
ولأجل ماذا ذهبت هذه الدماء والأشلاء؟؟
ونذكرهم بقول الشيخ البتار”تقبله الله في الشهداء” وهو يتحث عن ثوابت الجهاد:
((أن من معاني الهزيمة مداهنة الكافرين والركون إليهم وإتباع ملتهم قال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 ، وقوله: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ }القلم8 ، نهي من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يطيع المكذبين – وهم كفار مكة – بما فيه خلاف الحق.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره 18/230 ”نهاه عن ممايلة المشركين، وكانوا يدعونه إلى أن يكف عنهم ليكفوا عنه، فبين الله تعالى أن ممايلتهم كفر، وقال تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }الإسراء74.
والادهان: اللين والمصانعة، فبيّن الله سبحانه وتعالى هنا أن كفار مكة ودوا لو أن محمداً صلى الله عليه وسلم لان لهم وصانعهم، وقد نهاه الله سبحانه عن ذلك ”.
قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله في تفسيره 6/20 ”وقوله: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) أي: تضعف في أمرك فيضعفون، أو تلين لهم فيلينون. والمداهنة: معاشرة في الظاهر ومحالمة بغير موافقة الباطن“ ، ومما سبق يتبين هزيمة أقوام كثر من المنتسبين للإسلام اليوم، حينما داهنوا أعداء الله سبحانه وتعالى، وخدعوا أنفسهم وخدعوا الناس وقالوا إن هذه مداراة شرعية، وما هي إلا هزيمة نكراء، ومداهنة عمياء، قلب الحق فيها باطلاً والباطل حقاً، وبُذل الدين لصلاح الدنيا وصلاح مصالح شخصية وضيعة، فماذا يبقى من معاني النصر بعد هذه الهزيمة المنكرة؟! ، وقال رحمه الله : إن كثيرا من المسلمين يظن أن كل متعبد بفريضة الجهاد لا بد له أن ينتصر نصراً ميدانياً حسياً وأن الله شرع الجهاد ورتب عليه النصر الحسي فقط ، لأن مفهوم النصر منحصر عند الكثيرين بالغلبة العسكرية والنصر الميداني فحسب، والله سبحانه وتعالى شرع لنا هذه الشعيرة ولم يضمن لمن ركب أهوالها أن ينتصر، بل قال مثبتاً لهزيمة المسلمين العسكرية في بعض الأحيان : {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }آل عمران140)) إنتهى كلامه رحمه الله.
ونذكر إخواننا الأحبة في باقي الجماعات الجهادية بحادثتين تاريخيتين جديرتين بالتأمل والتوقف :
الأولى : خلال فترة الدولة السعدية في المغرب في القرن العاشر الهجري زمن الحاكم محمد الشيخ حيث كانت تعادي الخلافة العثمانية لأن محمد الشيخ هذا كان يرى عدم شرعية الخلافة العثمانية التي تسعى الى ضم المغرب في نطاق توحيد البلاد الإسلامية والوقوف بها صفاً واحداً ضد الهجمات الصليبية ، بينما كان لمحمد الشيخ طموحاته الشخصية بإمامة المسلمين وتكوين دولة مستقلة عن الخلافة العثمانية ، حتى دفعه هذا الخلاف الى الإستعانة بالبرتغاليين النصارى ضد الدولة العثمانية فكانت عاقبة فعله خسراناً في الدنيا والآخرة .
الثانية : ما روت كتب التاريخ من قصص المسلمين في الأندلس أنه على رأس أربعمائة سـنة من فتح الأندلس وعمارتها الزاهرة بحضارة الإسلام اجتمع النصارى على المسلمين ووحدوا قواهم وأجلوهم عن كثير من بلاد الأندلس، وحاصروا أبرز حواضرها إمارة قرطبة، وتجهزوا للمعركة الفاصلة التي ستقرر إما الإسلام في الأندلس وإما يعلو الصليب.
وكان أمير قرطبة ابن عباد فارس وشاعر وأديب مشهور ومن عقلاء من ملك الأندلس.. فجمع أهل الشورى عنده يستشيرهم بالاستنصار بدولة المرابطين في المغرب وشمال أفريقيا، وكان أمير المؤمنين فيها الملك الصالح المجاهد يوسف بن تاشفين، فأشار على ابن عباد غالب حاشيته بأن لا يدعوهم، لأنهم أي المرابطين سيأتون من بلاد فقيرة صحراوية فإذا شاهدوا الأندلس وما فيها من النعيم، دفعوا النصارى ثم استلبوا ملك بني عباد وسيطروا على الأندلس وضموها لمملكتهم، وأنه أولى له يصالح النصارى ويرضيهم من أن يعرض ملكه للزوال على يد المرابطين وإن كانوا مسلمين.. فسمع من الحاضرين ثم قال لهم أتفكر الليلة وأرى أمري.. ثم جمعهم في اليوم التالي فقالوا له ما رأيت أيها الأمير، قال تفكرت في أمرنا ورأيت أنه ” رعي الإبل ولا رعي الخنازير ” وذهبت من بعده هذه الكلمة مثلاً، قال رعي الإبل ولا رعي الخنازير، أي لئن يأخذني المرابطون عبداً إن سلبوا ملكي فأقصى ما يصيبني أن أرعى الإبل عبداً عند المسلمين، ولا يأخذني النصارى إن سلبوا ملكي فأكون عبداً عندهم أرعى الخنازير لأهل الصليب.. فالعقل والدين فعلا أن يكون رعي الإبل أولى من رعي الخنازير.
وتقول الرواية التاريخية: أن ابن عباد استنصر بابن تاشفين وكان ملكاً مجاهداً قد جاوز التسعين من العمر وكان يأمر جنده أن يربطوه على الخيل حتى لا يسقط لهرمه، واجتمع جند المغرب من المرابطين وجند الأندلس وكانت معركة الزلاقة المشهورة.. ونصر الله أهل الإسلام وفرق جيوش الصليب ومد في عمر الإسلام في الأندلس أربعمائة سـنة أخرى.. وانسحب ابن تاشفين من ساحة المعركة مقسماً على جنده ألا يأخذوا معهم من الغنائم شيئاً.. وهذه كانت عاقبة من فكر بهدي من دينه وعقله فقال رعي الإبل ولا رعي الخنازير.
وفي الختام نقول لأهلنا من ابناء وشيوخِ العشائركافة : اتقوا الله في هذا الجهاد المبارك ، ولا تكونوا عوناً للمحتل الصليبي واذنابه ، ولاترضوا ان يكون ابنائكم خدما للصليبيين يقاتلون بهم المجاهدين من خلال دخولهم في سلكي الجيش والشرطة ، فلقد إئتمنتكم الأمة على هذا الجهاد فلاتخونوا الله ورسوله وتخونوا آماناتكم وأنتم تعلمون …
ونذكر إخواننا المجاهدين حفظهم الله في باقي الجماعات وجنود دولة الإسلام ونقول لهم : الله..الله..في هذا الجهاد المبارك لاتضيعوه بالركون الى الدنيا وترك ما أمر الله ، وإن النصر مع الصبر ، وعليكم بالموالاة الإيمانية فيما بينكم والتمسك بعقيدة الولاء والبراء التي فيها يعز هذا الدين والفوز بالدارين ، فالأمة جميعاً تنظر إليكم فأنتم أملها المعقود بعد الله في إعزاز هذا الدين والتمكين له في الأرض ، ونسأل الله أن يثبتكم على هذا الطريق ، وأن يتقبل منكم أعمالكم وجهادكم ، ومن الله العون والسداد.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزم أمريكا ومن حالفها، اللهم اجعلهم وعتادهم غنيمة للمسلمين، اللهم دمر أمريكا وزلزلها..
اللهم أنت عضدنا وأنت نصيرنا , اللهم بك نصول وبك نجول وبك نقاتل..
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نسألك أن تصيبهم بما أصبت به فرعون وقومه، اللهم أرسل على بلادهم الطوفان وخذهم بنقص من الأموال والأنفس والثمرات، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يغلب جمعك اللهم اهزمهم وزلزلهم إنك قوي عزيز ، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
والله أكبر
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}
دولة العراق الإسلامية / وزارة الاعلام
المصدر: (مركز الفجر للإعلام)