New article from Ḥussām al-Amawī: "Take Advantage of the Experiences For You, Not Upon You: The Journey Between Afghanistan and al-Shām"

(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)

أمر رباني يبين قيمة التجارب وأهميتها في استخلاص العبر والاستفادة من أخطاء من سبقونا، وعدم تجريب المجرب، والغرق في تفاصيل أثبتت التجارب الصح والخطأ منها، فنحذر من الخطأ ونعمل على الصحيح.

هذا الأسلوب القرآني في سرد القصص دعوة لهذه الأمة جماعات وأفراد إلى الاستفادة من مجريات الأحداث التاريخية، فالذي يريد أن يكون إلها من دون الله ويسعى ليكون الناس عبيداً له عليه أن يتعظ أن فرعون قام بهذا الشيء ثم كانت النتيجة أن أغرقه الله وجعله عبرة وآية، والدول التي تشرعن للظلم والفساد متباهية باقتصاديها وحنكة قادتها عليها أن تدرك أن عاداً قالت من أشد منا قوة فأخذها الله نكال الآخرة والأولى، والجيوش التي يتباهى أفرادها بعدتهم وعددهم وينسون فضل الله ورحمته عليهم أن يفهموا أن الله قال لمن هم خير القرون ويوم حنينإذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا.
هذه حقائق قرآنية لو لم يكن الهدف منها اتخاذ العبرة والاستفادة من أحداثها لعدم تكرار الخطأ ذاته ومعرفة النتائج مسبقاً لمن أصر على الاستمرار على نفسه الخطأ فما الهدف إذا..!

إقراء التاريخ ففي التاريخ العبر    ضل قوم ليس يدرون الخبر

اليوم هناك من يعتقد أنه فوق النصيحة، وأن مستواه وفهمه أكبر من أن ينظر في تجارب التاريخ وبالتالي يعمل على عدم تكرار الأخطاء، بل يصر على الخطأ وهو يعرف أين وصل بغيره هذا الخطأ.

غيرك من الجماعات دفعوا الثمن من الدماء والجهود والأموال نتيجة تلك الأحداث والسياسات العقيمة، فلماذا الإصرار على دفع هذه التكاليف مجدداً، ولما لا تحفظ تلك التكاليف من خلال الاستفادة من تجربة غيرك الذي كلفته وكلفت الأمة الشيء الكثير.
عندما ترى ما يجري على أرض الشام المباركة من تعدد الجماعات واعجاب كل ذي رأي برأيه، تعود بك الذاكرة إلى الجهاد الأفغاني، ثم تنصدم أن كل الأحداث التي كانت تحصل في أفغانستان تعاد وتكرر بنفس الأخطاء في الشام، مع تغيير بسيط في الأسماء واللاعبين، ولا يمكن الاعتقاد أن من في الشام من الجماعات لم تطلع على ما حدث في أفغانستان.

كل شيء يحدث قد حدث من قبل من ارتهان الأحزاب والجماعات إلى الدول الصديقة، ومن الاقتتال الداخلي وتمزيق الصفوف والحظوظ النفسية، حتى موضوع الخلافة كان حاضر أيضاً في أفغانستان، فقد ظهر تنظيم الخلافة في بيشاور وأعلن تكفير كل من لم يبايع الخليفة وعين حكاما من طرفه في عدد من البلاد الإسلامية، بل إن الخليفة أرسل إلى فلسطين يعلن أنه قادم لتحريرهم، وما عليهم إلا قطع شجرة الغرقد حتى لا يختبئ خلفها اليهود ثم أنتقل بكل فكره إلى أفغانستان، يقول صاحب كتاب 15 طلقة في سبيل الله “ثم بعد ذلك بسنوات أن عاد الخليفة إلى بريطانيا التي يحمل جنسيتها بعد ما فشل مشروعه، وخذلته الأمة الإسلامية ورفض الجميع مبايعته، من الأحزاب الأفغانية إلى القبائل إلى حركة طالبان إلى أسامة بن لادن، فعاد إلى الدولة الأم بريطانيا التي لم توجه له أي تهمة، حتى عن جرائم القتل التي ارتكبها في عهد خلافته.!!”

إن حركة التأريخ تعيد الأحداث والأدوار ولكن المصيبة ألا يعيرها الأشخاص والجماعات أي اهتمام.

فهل يجهل هؤلاء ما أحدثته الدول الصديقة للجهاد الأفغاني على ساحة أفغانستان؟ وكيف أفسد التمويل والدعم مستقبل أفغانستان وحرف مسار ثورتها وجهادها ضد الروس؟

إن الجهاد الأفغاني فيه العبر لو نظر إليها وتفحصها من في الشام لما جربوا الأخطاء، ولا يدري المرء هل الغباء مسيطر أم العمالة.

الدور الذي قامت به باكستان في الجهاد الأفغاني وشرائها لرموز وجماعات كانت تقاتل النظام الشيوعي تقوم به تركيا في الجهاد الشامي، فهناك من طار مسرعاً إلى أحضان النظام التركي، وهو يؤمل أنه صديق الثورة السورية وما عرف أن باكستان كانت تظهر نفسها بأكثر من مجرد صديق للجهاد الأفغاني، ثم لما حانت اللحظة حاربت باكستان الذين لم يقبلوا دعمها بالجماعات التي كانت تدعمها، وحصل الاقتتال الأهلي، وخانت باكستان المجاهدين العرب، فسلمت منهم الأعداد إلى أمريكا.

لا يوجد في هذه الأنظمة صداقة بل يوجد مصلحة، وإذا انتهت مصلحة هذه الدول ستكون أول من يناصبك العداء، ولكننا نرى في الشام من انتقل من كون العلاقة صداقة بينه وبين تركيا إلى درجة أن أصبح جندي لها في حرس الحدود، لمهمة تأمين الحدود القومية لتركيا!

لقد استخدمت باكستان الأحزاب وزعمائها الذين كانوا يقيمون في بيشاور من أجل محاربة الجهاد الأفغاني الذي يقوده العلماء أمثال مولوي يونس خالص والمولوي جلال الدين حقاني في ولاية باكتيا وكان العلماء قد التفوا حول هؤلاء وكان الجهاد ديني وليس مصالح سياسية ثم شن زعماء الأحزاب في بيشاور من المنتمين لجماعة الإخوان والذين استطاعت حكومة باكستان ترويضهم باسم الدولة الصديقة والسياسة الشرعية، فشنوا حرب ضد هؤلاء العلماء وكانوا ينادوهم بالمولوية استخفافاً بهم، وتزعم هذه الحرب رباني وسياف وحكمتيار.
فإن كانت باكستان هي صديقة الجهاد الأفغاني فإن تركيا اليوم هي صديقة الجهاد الشامي عند البعض، وإن كان زعماء الأحزاب يسخرون من العلماء بتسميتهم المولوية فاليوم نفس هؤلاء يسخرون من العلماء بتسميتهم المناهجة تارة والغلاة تارة أخرى، وإن كانت بيشارو تمثل وكر هؤلاء فإن إسطنبول تمثل وكر الآخرين اليوم.

وقد سجل مصطفى حامد تلك الأحداث وتفاصيلها، ومما كتبه أن أمريكا ركزت في الجهاد الأفغاني على استبعاد القيادات الدينية عن جهاد أفغانستان، وفضلت أمريكا كالعادة استخدام تيارات سياسية وقيادات لا تتمتع بمصادر قوة داخل أراضيها بل تعتمد كلياً على تلك المصادر التي تأتيهم من الخارج.

فلم يكن بلاء الساحات الجهادية هو تلك الجماعات التي تستقل بالرأي والتمويل، إنما التجارب شاهدة أن الجماعات التي قبلت الدعم من الأنظمة بمسمى الدول الصديقة للثورة أو للاستقلال هي من أفسد ساحات الجهاد، أمامكم التجارب من أفغانستان إلى العراق واليوم يحدث الأمر في بلاد الشام.

يقول مصطفى حامد عن دور الدول الصديقة: “وقد أخبرني السيد عبد الله نورى فى حديث خاص، أن إحدى الدول الإقليمية الصديقة لحزب لنهضة جاءت، تماشيا مع الرغبة الأمريكية، تطلب من النهضة بإلحاح أن تقبل بالتفاوض مع حكومة “دوشنبه” فى طاجيكستان وتوقف العمليات العسكرية وتشارك فى السلطة وتعيد المهاجرين إلى ديارهم. وأنه لما لاحظ ذلك الإلحاح الضاغط ، قال لهؤلاء الأصدقاء :” أنتم لم تساعدونا بشئ حتى الآن، فساعدونا أولا وإعطونا شيئا حتى يمكنكم الضغط علينا”.

إذن الرجل أدرك بذكائه ، واحدة من قواعد “لعبة الأرض الصديقة” وهى قاعدة: “المعونات مقابل الضغوط”. فلا يمكن لأى طرف أن يمارس ضغطا جافا “على الناشف” غير مشفوع بشحومات المعونة التى تلين المواقف. لهذا فشل دور الإخوان فى طاجيكستان رغم أن حزب النهضة هو ضمن المنظومة الدولية للإخوان.

وهذا درس آخر وقاعدة جديدة لدور الأحزاب السياسية الإسلامية فى تعاملها مع الحروب الجهادية. إنه دور الضاغط بالنيابة، والمخترق بالنيابة، والمساعد الأصغر لدولة صغيرة فى إطار لعبة دولية كبيرة. والمقابل مكاسب “لمصلحة الدعوة” وتحسنا فى وضعها السياسى والمالى. وهى غالبا مكاسب مؤقتة تستفيد منها الحركة آنيا، ويجرى سحبها فى وقت لاحق. وذلك هو الأسلوب الأمريكي المعتاد الذى تمارسه مع كل حلفائها ماعدا الحليف الإسرائيلي”. أ.ه

فإذا كان هذا الأمر متعلق بجماعة مع دولة تعتبرها صديقة، فما هو الحال إن كانت بعض الجماعات لديها أكثر من دولة صديقة، فتركيا دولة صديقة والسعودية دولة صديقة وقطر دولة صديقة لهذه الجماعة!

في اعتقادي أن هذا الكم من الدول الصديقة سيستنزف جهد الجماعة وهي تبحث عن إرضاء أطماع كل هذه الدول الصديقة، فمغشوش من اعتقد أن أي نظام ممكن أن يقدم دعم غير مشروطاً وإن لم يكن مشروط في تلك اللحظة فهي ضغوط مستقبلية.

___________________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]