New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "The Devil Dresses Up Coming Down On Paris"

بسم الله الرحمن الرحيم

من مصائب زماننا هذا : تصدّر الرويبضة وكل من تجرأ على الدين وتألّى على الله تعالى ، فكم قرأنا وكم سمعنا في هذه الحادثة من طوام عظام تكاد تهدّ الجبال وتتفطّر منها السماء وتخرّ الكواكب من عليائها !!

طامّة كبرى …

مُنع النبي صلى الله عليه وسلم من الترحّم على أمه “آمنة بن وهب” – التي ولدته وشرب من لبنها ونام على صدرها – لأنها ماتت على غير الإسلام ، ولم يترحّم على عمّه أبي طالب – الذي آزره وعادى قومه من أجله – لأنه لم يُسلم !! لكن بعض المتألهين على الله ترحّموا على أرواح الفرنسيين !!

الرحمة لا تجوز على الكفار بالإجماع {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (التوبة : 84) ، {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} {الزمر : 71) ، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (الأنفال : 36) ، فكل من بلغته الدعوة المحمدية ومات على الكفر فهو في النار خالداً فيها أبدا ..

طامة أخرى …

بوّب الإمام البخاري في صحيحه ، في كتاب الجهاد : “باب لا يقول فلان شهيد” ، قال ابن حجر معقباً على عنوان البخاري : “أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي” (انتهى) ، وقال البدر العيني في عمدة القاري : “لا يقال فلان شهيد ، يعني : على سبيل القطع ، إلا فيما ورد به الوحي” (انتهى) .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يُكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يُكلم في سبيله ، إلا جاء يوم القيامة وجُرحه يثعب ، اللون لون الدم والريح ريح المسك” (البخاري ومسلم) ، وقال تعالى {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (آل عمران : 140) ، فالله تعالى هو الذي يختار هؤلاء الشهداء لعلوّ منزلتهم التي بينها في كتابه كما في قوله تعالى : {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [الزمر : 69) ، وقال تعالى {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النساء : 69) ، فالشهداء مقرونون في آيات القران بالنبيّيين والصدّيقين لما صدقوا الله وبذلوا من أنفسهم ودمائهم في سبيل نصرة دينهم ..

قال ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث والأثر ، مادة شهد) : وسُمّي شهيداً لأن اللهَ وملائكته شهود له بالجنة ، وقيل لأنه حي لم يمت ، كأنه شاهد ، أي حاضرٌ ، وقيل لأن ملائكة الرحمة تَشْهَدُه ، وقيل : لقيامه بشهادة الحق في أمر الله حتى قُتل ، وقيل : لأنه يشهد ما أعد اللهُ له من الكرامة بالقتل …” (انتهى) ..

قال ابن حجر : “أطبق السلف على تسمية المقتولين في بدر وأُحد وغيرهما شهداء ، والمراد بذلك : الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب ، والله أعلم” . (فتح الباري 6/90) ، فإذا كان القتلى في بدر شهداء بالظنّ ، فكيف بغيرهم .. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “تقولون في مغازيكم : فلان شهيد ومات فلان شهيداً ، ولعله قد أوقر [الوقر : الحِمل] راحلته ، لا تقولوا ذلك ، ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “من مات في سبيل الله أو قُتل فهو شهيد” (أحمد ، وهو حسن) ، وعمر – رضي الله عنه – يقصد القتلى من الصحابة والتابعين ..

قال ابن بطال في شرح البخاري “باب لا يقول فلان شهيد” في شرح حديث المنتحر : قال المهلب : … ففهم الرسول منهم أنهم قضوا له بالجنة فى نفوسهم بغناءه ذلك ، فأوحي إليه بغيبٍ مآل أمره لئلا يشهدوا لحيّ بشهادة قاطعة عند الله ولا لميّت ، كما قال رسول الله فى عثمان بن مظعون : “والله ما أدرى وأنا رسول الله ما يُفعل به” ، وكذلك لا يَعلم شيئًا من الوحي حتى يوحى إليه به ويعرف بغيبه ، فقال : إنه من أهل النار بوحي من الله له” (انتهى) ، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقسم بأنه لا يعلم يا يُفعل به ، فكيف بنا نحن وقد أدخلنا أفواجاً الجنة بشهاداتنا !! وفي عمدة القاري تعليقاً على حديث الباب : “لا يُطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد قطعاً ، لاحتمال أن يكون مثل هذا [أي مثل الرجل المذكور في الحديث] ، وإن كان يعطى له حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة” (انتهى) .

وحديث عثمان بن مظعون – رضي الله عنه – في البخاري ، فعن خارجة بن زيد بن ثابت أن أم العلاء – امرأة من الأنصار – بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنه : اقتسم المهاجرون قرعة فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه ، فلما توفي وغُسّل وكفّن في أثوابه دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله قد أكرمه ؟ فقلت : بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله ؟ فقال : أما هو فقد جاءه اليقين ، والله إني لأرجو له الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعل بي !! قالت : فوالله لا أزكي أحداً بعده أبدا” (انتهى) .. ملاحظة : ذكر ابن بطال قوله صلى الله عليه وسلم “ما يُفعل به” أي بابن مظعون ، وفي صحيح البخاري “ما يُفعل بي” أي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وصحح ابن حجر رواية “بي” وخطّأ الرواية الأخرى التي ذُكرت في بعض نُسخ البخاري ..

إن الشهادة منزلة عظيمة جداً لا يعلوها منزلة إلا النبوّة والصدّيقية ، ولا يعلم الشهداءَ إلا اللهُ تعالى ، ولا يجوز لأحد أن يشهد لإنسان مسلم مقاتل بالشهادة إن قُتل في المعركة لأنه لا يعلم نيته إن كان قاتل في سبيل الله أو قاتل لسبب آخر ، وهذا في المسلم الذي يُقاتل تحت راية إسلامية يظهر ويغلب على الظن أنها تقاتل لإعلاء كلمة الله تعالى في الأرض وتطبيق شرعه ودحر عدوّه .. نعم ، قد يُعامَل المقتول معاملة الشهيد من عدم غسل وصلاة ، ودفن في مكان موته ، ولكن لا يُشهد له بالجنة أو الشهادة ، فذلك من علم الغيب ، وقد ترخَّص بعض العلماء فيمن شهدت له الأمة بالخيرية وحسن الخاتمة ، فهؤلاء يقال لهم شهداء على سبيل التغليب لا الجزم ، كما في شهداء بدر ..

ما نراه اليوم من تساهل في إطلاق لقب “شهيد” على كل من هبّ ودبّ هو من الرجم بالغيب ، والمخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فما يُدرينا أن الله تعالى اتخذ فلاناً شهيداً !! هل اطلعنا على الغيب أم أتانا وحي !! وأعظم من هذا أن يقال : فلان “شهيد الوطن” ، فهذا من الكذب والتلبيس والتدليس على المسلمين ، فالقتال من أجل الوطن قتالٌ جاهلي ، والمقتول فيه مات ميتة جاهلية إن نوى القتال من أجل الوطن أو الراتب أو الوظيفة أو للأمر العسكري ، فلا يكون شهيداً إلا من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ..

وكذلك تسمية البعض للعمليات الإنغماسية : “عمليات استشهادية” ، ويقولون “فلال الإستشهادي” !! فهذه شهادة بالغيب ، فالشهيد مآله الجنة بلا ريب ، فمن يحكم على إنسان بالجنّة بلا وحي فقد تجرّأ على الله تعالى ، فلا ينبغي أن يقال “فلان شهيد” ولا “عملية استشهادية” ولا “استشهادي” ، بل يُقال : “عملية انغماسية” وفلان الإنغماسي” وندعوا لمن انغمس في الأعداء أن يتقبله الله في الشهداء ، ولا نجزم لأحد بهذه المنزلة العظيمة الرفيعة إلا بوحي من الله تعالى نزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن كنا لا نجزم لصحابي كريم قاتل وقُتل – تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم – بالشهادة ، فكيف بغيره !!

وأعظم من هذا ما يقول بعض السفهاء والفسّاق : من أن فلاناً “شهيد الفن” أو “شهيد الحب” ، فهذا من الاستهزاء بدين الله عز وجل ، ولا يخفى حكم المستهزئ بالدين ، قال تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (التوبة : 65-66) ، وقال تعالى {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (الكهف : 106) ..

أما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى التي ما كنا نظن أن يتلفظ بها أو يكتبها من كان عنده ذرّة إيمان أو حياء من الله تعالى أو ذرّة علم بالقرآن أو بالأحاديث : قول بعضهم عن قتلى باريس : “شهداء” !!

هل يَعقِل هؤلاء ما يقولون !! أيُعقل أن يقول هذا من كان في قلبه ذرّة إسلام ، ولا أقول إيمان !! ألم يقرأ هؤلاء القرآنَ ويعرفوا معنى شهيد ، ومنزلة الشهداء !! قال تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (الحديد : 19) ، فالشهادة حصرية في أهل الإيمان ، والجحيم مصير من كفر وكذّب بآيات الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : “والذي نفسي بيده : لا يسمع بي رجلُ من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بي ، إلا كان من أهل النار” (قال الألباني : إسناده صحيح . السلسلة الصحيحة)

فأي جناية على الدين ، وأي جُرم ، وأي جرأة على الله تعالى أن يُقال لقتلى الكفار : “شهداء” !! إنها كلمة تعجز عن وصفها الكلمات ، وتقف العقول حائرة أمام عظم هذه الجريمة في حق الدين ، فأي قلوب هذه التي انسلخت من كل وحي وشرع ومنطق لتصف هؤلاء الكفار بهذا الوصف الجليل الذي أبى الله تعالى إلا أن يكون هو الذي يتّخذ الموصوفين به وينتقيهم من بين صفوة خلقه من أولياءه المؤمنين المجاهدين !!

إن كان الذين يقولون هذا : يعرفون الدين ، ويقصدون أن هؤلاء الكفار بلغوا منزلة الشهداء عند الله تعالى ، فهؤلاء أهل ردّة وكفر والعياذ بالله ، لا يشك في كفرهم مسلم ، ذلك أن أهل بدر وأُحد وسائر الصحابة الذين قُتلوا في المعارك والغزوات لم يشهد لهم المسلمون بالشهادة ، إلا بعضهم ، وبوحي ، فكيف يكون الكافر المكذّب لله ورسوله شهيداً وقد ذكر الله تعالى مصيره في آيات كثيرة في كتابه ، وجاء ذكر مصير الكفار على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في أحاديث لا يحصيها إلا الله ، فمن مات يهودياً أو نصرانياً أو بوذياً أو هندوسياً أو ملحداً أو على أي ملة غير الإسلام فهو كافر مخلّد في النار بالإجماع ، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة ، ومن قال بجواز دخول هؤلاء الجنة فقد كفر ، فكيف بمن يُنزلهم منزلة الشهداء ، والعياذ بالله !!

إنها طامة كبرى ، ومصيبة عظيمة ، وبلوى ابتلي بها المسلمون في زمن تحريف معالم الدين الذي صار فيه الجهاد : خارجية ، والعمالة : اعتدال ، وتحريف الدين : وسطية ، والتثاقل عن الجهاد والتخلف عنه : حكمة وسلميّة ، والحكم بغير ما أنزل الله : مدنية ، والولاء والبراء : تنطّع ، وإقامة الحدود : غلوّ ، وإلغاء ما فرض الله في كتابه : مراجعة فكرية ، وتبني الكفر والإلحاد والشرك بالله : ديمقراطية ، والغريب في كل هذا : سكوت العلماء وطلبة العلم عن بيان أحكام الشرع وهم يرون ثوابت الدين تنقلب متغيرات ثم منكرات ، والمنكرات – بل والكفر – ينقلب واقعاً في حياة المسلمين !!

نذكّر من ساءه قتل الكفار في باريس بقول الله تعالى لعباده وأولياءه المؤمنين المجاهدين {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} (التوبة : 14) فمن لم يشتف صدره من منظر هؤلاء الكفرة الذين قُتلوا في باريس الكافرة المحاربة للمسلمين في أفغانستان ومالي والعراق والشام وسائر بلاد الإسلام على مر التاريخ ، من ساءه قتل هؤلاء فليبحث لنفسه عن وصف آخر غير وصف {المؤمنين} ، فليس في قلب من حزن على قتل هؤلاء الكفار ذرّة إيمان وهم يرون الطائرات الفرنسية تقتل أطفالنا في سوريا ، فكيف والقرآن يصف حال المؤمن حين يرى العذاب والخزي والهزيمة قد لحقت بالكفار ..

طامة أخرى …

ومن الطوام التي تجلّت في هذه النازلة : قول بعض من عجز عقلنا عن وصف حالهم : أن هذه العملية “لا تمت للإسلام ولا للشرائع السماوية ولا للإنسانية بصلة” {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} (الكهف : 5) ، نعم ، إنهم كذّابون مخادعون {يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (البقرة :9-10) ، أليست فرنسا تحارب الإسلام والمسلمين منذ أكثر من ألف سنة !! أليست فرنسا قتلت في الجزائر وحدها أكثر من ستة ملايين مسلم ومسلمة وهتكت أعراض مئات آلاف نساء المسلمين !! أليست فرنسا اليوم تقتل المسلمين في أفريقيا الوسطى ومالي وأفغانستان والعراق والشام !! أليست فرنسا تحارب الإسلام بالفرْنسة والإلحاد والتنصير ونشر الفاحشة في الذين آمنوا !!

ألم يقل الله تعالى في كتابه العزيز : {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ …} (المائدة : 45) ، وقال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (الشورى : 39-40) ، وقال تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (النحل : 126) ، وقال تعالى {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (البقرة : 194) ، قتلونا فقتلناهم ، وقتلوا أطفالنا ونسائنا فقتلنا رجالهم ونسائهم جزاءً وفاقا ، ولما نقتل أطفالهم بعد ، فما لهؤلاء لا يقرؤون كتاب الله ، ويُفتون بغير ما أنزل الله !!

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير آية البقرة : “وقد أطلق هاهنا الاعتداء على الاقتصاص ، من باب المقابلة …” (انتهى)

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “فتح ذي الجلال والإكرام شرح بلوغ المرام” (ج14 ، ص80) : فإن قيل : لو أنهم قتلوا [أي الكفار] صبياننا ونسائنا ، فهل نقتلهم [أي هل نقتل نسائهم وصبيانهم] ؟ الظاهر أن لنا أن نعاملهم بالمثل لعموم قوله تعالى {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (البقرة : 194) ، ولأن هذا هو العدل … فإن قيل : لو أن رجالهم قتلوا نسائنا وذرارينا ، فما ذنب نسائهم وذراريهم كي نقتلهم ؟ قلنا : النساء والذراري لا ذنب لهم ، ولكن عاملناهم بالمثل ، فلو أننا لم نفعل ذلك لانقلب الأمر ضدنا ، ولربما تمادى هؤلاء في قتل نسائنا وذرارينا ، ورغم أن في ذلك ستجتمع خسارة قتل نساء المسلمين وذراريهم ، مع الخسارة في قتل نساء المشركين وذراريهم [لكونهم مالاً وسبياً للمسلمين] إلا أن فيه مصلحةً وهي : عز المسلمين ، وعزّهم أهم من المال” (انتهى) .. وهذا رابط بصوت الشيخ بهذا المعنى (https://www.youtube.com/watch?v=srUpypQGznc) ..

وقال الشيخ أحمد ياسين رحمه الله في شأن قتل ما يسمى بمدنيي اليهود : “هناك معادلتان لا بد أن يفهمهما الإسرائيليون [نتحفّظ على نسبة هؤلاء اليهود إلى إسرائيل عليه السلام] : المعادلة الأولى : الإعتداء على المدنيين من شعبنا ، ومن حقنا أن نرد العدوان بمثله ، إذا إعتدوا هم على مدنيين فلسطينيين وقتلوا ، أليس من حقنا أن ندافع عن أنفسنا بنفس السلاح الذي استخدموه !! هذا أولاً ، ثانياً : هناك معادلة أخرى : وجود احتلال على أرضنا ، احتلال عسكري واستيطاني ، ونحن سنقاوم هذا الإحتلال العسكري والاستيطاني بدون حدود [أو كلمة أخرى] وبدون قيود ، الاعتداء على المدنيين هو رد فعل لما تفعله إسرائيل ، إذا أقدمت هي على قتل المدنيين واعتدت على المدنيين : من حقنا أن نرد ، وهم الذين بدؤوا الظلم ، والبادي أظلم (انتهى) .. وهذا رابط كلامه رحمه الله : (https://www.youtube.com/watch?v=s5oRhUNXFZI) ..

قال القرطبي في تفسيره : وقوله تعالى : {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} (النحل : 126) قالوا : وهذا عموم في جميع الأشياء كلها” ، وقال “لا خلاف بين العلماء أن هذه الآية أصل في المماثلة في القصاص” ، وقال : “عن أنس بن مالك أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين ، فسألوها : من صنع هذا بك ! أفلان ، أفلان ؟ حتى ذكروا يهوديا فأومأت برأسها ، فأُخذ اليهودي فأقر ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُرضّ رأسه بالحجارة . وفي رواية : فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حجرين . وهذا نص صريح صحيح ، وهو مقتضى قوله تعالى : {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} ، وقوله : {فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (انتهى) ..

وجاء في حديث الصَّعب بن جثّامة رضي الله عنه قال : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يُبيَّتون ، فيصيبون من نسائهم وذراريهم ! قال : هم منهم” (متفق عليه) ، ومعنى يبيّتون : أي يُغزون بالليل على حين غرّة .. قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح بلوغ المرام : “الإشارة إلى ما ذكره العلماء – رحمهم الله – من أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً ، وذلك بإباحة قتل النساء والذريّة في هذا التبييت” (انتهى) ، فقتل النساء والصبيان جائز في التبييت ولو لم يقتلوا نسائنا وذرارينا ، فكيف بفرنسا الكافرة التي لا زالت تقتل المسلمين منذ قرون ، وهي كانت ولا زالت دولة محاربة كافرة أُمرنا بقتالها ابتداءً .. إن كان النساء والأطفال يُقتلون في التبييت ، فالرجال من باب أولى ، ولا عبرة بقول بعضهم “هؤلاء مدنيون” فليس في شرعنا شيء اسمه مدني وعسكري ، وإنما هو كافر حربي ومعاهد ، فكل كافر يحاربنا أو لم يكن بيننا وبينه عهد فهو حربي حلال المال والدم والذرية ..

إن القصاص العادل يقتضي أن يقتل المسلمون عشرات الملايين من الفرنسيين ويسبوا نسائهم وذراريهم ويأخذوا أرضهم ويضربوا على من بقي منهم الجزية ، هذا هو الموقف الشرعي من هؤلاء الكفرة الفجرة الذين أمرنا الله تعالى بقتالهم في كتابه ابتداءً في قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (البقرة : 193) قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : “ثم أمر تعالى بقتال الكفار : {حتى لا تكون فتنة} أي : شرك . قاله ابن عباس ، وأبو العالية ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والربيع ، ومقاتل بن حيان ، والسدي ، وزيد بن أسلم.
{ويكون الدين لله} أي : يكون دين الله هو الظاهر [العالي] على سائر الأديان ، كما ثبت في الصحيحين : عن أبي موسى الأشعري ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال: “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله” . وفي الصحيحين : “أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله” .. وقوله: {فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} يقول: فإن انتهوا عما هم فيه من الشرك ، وقتال المؤمنين ، فكفوا عنهم ، فإن من قاتلهم بعد ذلك فهو ظالم ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وهذا معنى قول مجاهد : لا يقاتَل إلا من قاتَل. أو يكون تقديره : فإن انتهوا فقد تخلصوا من الظلم ، وهو الشرك . فلا عدوان عليهم بعد ذلك ، والمراد بالعدوان هاهنا المعاقبة والمقاتلة ، كقوله : {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} وقوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (الشورى: 40) ، {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} (النحل: 126) . ولهذا قال عكرمة وقتادة : الظالم : الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله”. (انتهى مختصراً) ..

وقال تعالى في كتابه مخصصاً أهل الكتاب بما ينبغي : {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة : 29) فلا يجب أن يتوقف قتال هؤلاء حتى نطأ أرضهم ونقتل مقاتلتهم ونسبي نسائهم ونضرب عليهم الجزيية يؤدونها عن صغار وذلة ، فهذا هو منتهى القتال بيننا وبينهم ، وهذه هي العلاقة الطبيعية بين المسلمين وأهل الكتاب ، وكل علاقة أخرى فهي إما استثنائية : كالعهد ، أو محرّمة : كوقف القتال دائماً أو الصداقة أو الموالاة والمودّة .. قال الزيلعي في تبيين الحقائق : “قال رحمه الله (الجهاد فرض كفاية ابتداء) ، يعني يجب علينا أن نبدأهم بالقتال وإن لم يقاتلونا لقوله تعالى {وقاتلوا المشركين كافة} ، وعليه إجماع الأمة” (انتهى) ..

البعض باع دينه وبكى على هؤلاء النتنى لا لشيء إلا لأنه يريد إظهار “وسطيته” المحرّفة ، والبعض يريد السياحة والسفر إلى باريس فاستبق منعه بإظهار دموع التماسيح ، والبعض أفتى طاعة للطواغيت ، وبعض المغفلون قالوا بأن فرنسا كانت مع الثوار وضد بشار ، وهذا من أعجب العجب !! فرنسا هي التي أتت بالنصيرية وسلّطتهم على المسلمين في سوريا ، وهي التي دعمت النصيرية لعقود ، فهي أساس بلاء سوريا ، ومن ظن أن هذا التباكي يُرضي فرنسا فهو مكذّب لله تعالى في قوله سبحانه {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (البقرة : 120) فهذه الآية صفعة في وجه الجماعات السورية التي وقّعت على صحيفة العار التي تباكت على قتلى باريس ، فليهنأ هؤلاء باتباع هوى حامية الصليب ، وليبحثوا في أزقة باريس عمن ينصرهم ، فالله تعالى أخبر نبيّه – صلى الله عليه وسلم – أنه لن ينصره ان اتبع أهواء النصارى ، فكيف بهذه الجماعات المنحرفة التي باعت عقيدتها في محاولة فاشلة بائسة منافقة لإرضاء النصارى !!

لقد بدأت الصفوف تتمايز في الشام ، وبدأت بعض الجماعات تُظهر موالاتها للكفار ، وهذه ردّة صريحة عن الدين ، فنسأل الله أن يُهلك كل قائد يضع يده في يد الكفار ضد إخوانه المسلمين ، ونسأل الله عز وجل أن يهدي الجنود في هذه الجماعات لمفارقتها أو استبدال قادتهم بمن يخاف الله ويخشاه .. لقد ظهرت تسريبات تبيّن تصنيف الكفار للجماعات بين معتدلة إرهابية ، فالمعتدلة في عرف الكفار هي الجماعات الموالية لها والتي تعمل لتحقيق مصالح التحالف الصليبي ، أما الإرهابية التي جُعلت في القائمة السوداء : فهذه جماعات تعادي الكفار أو جماعات لم تحدد موقفها بعد ، وستُقصف بعضها للضغط عليها ، فمن انحاز إلى الكفار فقد اختار الكفر ، ومن انحاز إلى المسلمين أو قاتل الكفار وثبت فهو على خير إن شاء الله ، ونسأل الله أن يجمع كلمة هذه الجماعات الإرهابية “الغير معتدلة” التي في “القائمة السوداء” لتكون جماعة واحدة تحت راية واحدة عزيزة شديدة على الكفار ..

لو أن إبليس رضي عن المسلمين يوماً فإن نصارى باريس لن يرضوا عنهم ، ومن يشك في هذا فهو جاهل بالتأريخ ، جاهل بالقرآن ، جاهل بحال فرنسا خاصة ، فليقرأ من شاء تأريخ الجزائر المعاصر ، وليقرأ من شاء تاريخ تونس ولبنان وسوريا والمغرب وموريتانيا وساحل العاج والنيجر ومالي والسنغال وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وجزر القمر ومدغشقر وشمال العراق ، فما فعلته فرنسا في هذه الدول من هتك للأعراض وسفك للدماء ومحاربة للدين الإسلامي يفوق الوصف ، والصور التي تظهر بين الفينة والأخرى لجماجم علماء المسلمين التي يصورها الفرنسيون للتسلية ، ويجعلونها في طوابعهم افتخاراً بقتلهم المسلمين ، والإبادات الجماعية ، وهتك الأعراض الجماعي ، وتغيير لغات البلاد ودين العباد بالقوة والقهر ، كل هذا يجعل فرنسا تنافس العدو الصهيوني في عدائها للإسلام ، بل إن فرنسا أضرت بالإسلام والمسلمين – في دولة واحدة وفي قرن واحد – أكثر بكثير مما فعل اليهود في أربعة عشر قرناً ..

إن التباكي على قتلى كفار فرنسا ، والتغاضي عن قتلى المسلمين في العراق والشام ومالي وأفغانستان لهو النفاق بعينه ، ولو أنها “الإنسانية” فقط لكان البكاء على أطفال المسلمين أولى من البكاء على رجال ونساء الفرنسيين ، فكيف والشرع يأمرنا بقتل الكفار والفرح بمصابهم .. أين عقول البعض ، وأين إيمانهم ، وأين إسلامهم ، وأين إنسانيتهم مما يحدث في الشام والعراق وأفغانستان !! لو سألت كثيراً من المسلمين اليوم : كم مات في باريس في تلك الهجمات المباركة لأعطوك العدد دون تردد وربما حفظوا أسماء الموتى وأسماء من قتلهم ، بل البعض يعرف اسم الكلب الذي قُتل في عملية في فرنسا ، ولو سألت هؤلاء عن قتلى المسلمين في العراق والشام في ذلك اليوم أو الذي قبله أو بعده فإنهم لا يعلمون ، ولا يعرفون أسماء الطيارين الفرنسيين الذين قتلوا المسلمين ، ذلك أن هوى النفس باريسي وليس شامي أو عراقي ، فهم تبع نبيّهم ورسولهم الإعلامي يوحي إليهم زخرف القول غرورا ، ولو أنهم اهتموا بأمر المسلمين لعلموا حقيقة تلك الدماء الطاهرة التي تجري في أزقة حمص وحلب وحماة ودير الزور والرقة وتدمر ودرعا والغوطة والحسكة وإدلب ، ولعلموا أن تلك الدماء النجسة التي سالت في باريس لا تساوي دمعة طفل شاميّ مسلم فقد أهله بقصف الطائرات الفرنسية ..

إننا نعتب على الدولة الإسلامية قتلها نيف ومائة فرنسي كافر فقط ، فهذا لا يشفي صدور المؤمنين ، وودنا لو أنها شفت صدور المسلمين بملايين الفرنسيين والبريطانيين والأمريكان والروس ودول الكفر في الحلف الصليبي ، كما شفت قلوبنا من الرافضة والنصيرية ولا زالت ، فهذا أقل ما يستحق هؤلاء بعد أن قتلوا عشرات الملايين من المسلمين في قرن واحد ، فحزن أهل الإسلام أن العمليات لم تحصد إلا هذا العدد البسيط من الكفار ..

نسأل الله أن يتقبل غزاة باريس في عليّيين مع الصدّيقين والشهداء والصالحين ، وأن يلهم المجاهدين النفير إلى دول الكفر للإثخان فيها كما يفعلون في بلاد المسلمين ، فلا يستقيم أن تُدمّر بلادنا وتُهتك أعراضنا ويُقتل أطفالنا ونسائنا ، وهؤلاء الكفار آمنون في بلادهم يستمتعون بنسائهم وذراريهم وقد اضطروا ذراري المسلمين لأكل الجيف والحشائش والغرق في البحر هرباً من قصفهم .. أطفالنا بترت أعضائهم ، وتهشّمت جماجمهم بفعل صواريخهم ، وذراريهم يلعبون ويسرحون ويمرحون في الحدائق والملاعب والمراقص !! الأصل أن يكون هؤلاء سبي عندنا يخدمون في بيوتنا هم ونسائهم ، فكيف تحوّل حال المسلمين إلى هذا الذل والخنوع والمهانة والخضوع للكفار ، بل انقلبت فطرة البعض فصار يبكي قاتل المسلمين ويتجاهل قتلى المسلمين !! روي في الأثر : أنه “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم” وهو أثر ضعيف إلا أن معناه صحيح كما قال العلماء ، فلينظر البعض أين قلبه ، وأين فكره وولاءه ، إن “أوثقُ عُرَى الإيمانِ : الموالاةُ في الله ، والمُعاداةُ في الله ، والحبُّ في الله ، والبُغضُ في اللهِ عزَّ وجلَّ” (حديث صحيح : صحيح الجامع) ، فبُغض الفرنسيين الكفار دين ندين الله به ، ومن لم يُبغضهم فلا حض له من الإيمان ، وعداء الفرنسيين دين ندين الله به ، ولا حض في الإيمان لمن لم يعاديهم ..

ومن أعظم صور قلب موازين الولاء والبراء والحب والبغض في الله : ما صدر من بعض المنافقين الذين طعنوا ولعنوا المنغمسين في صفوف كفار باريس ، ثم ترحموا على “شهداء” فرنسا ، فهؤلاء نقضوا إيمانهم ، وجنوا على عقيدتهم ، وانسلخوا من دينهم ، بل ومن فطرتهم ، فكل مخلوق يدافع عن نفسه بالفطرة ، ويهاجم من يعتدي عليه ، أما هؤلاء المنافقون فإنهم يُنكرون على المجاهدين الدفاع عن أنفسهم ومهاجمة المعتدي عليهم ، ولسان حالهم يقول : يحق للفرنسيين قتل من شاؤوا من أطفال ونساء المسلمين ، ولا يحق للمسلمين الدفاع عن أنفسهم وقصد الفرنسيين بالقتل ، فهؤلاء طمس الله على قلوبهم ، وغابت عنهم عقولهم ، فلا يفقهون حديثاً ، ولا يعرفون إيماناً ، ولا يقيمون لدينهم في قلوبهم وزنا ..

لقد جعل الله تعالى الدفاع عن النفس فطرة في الحيوانات والحشرات وحتى بعض النباتات ، وهؤلاء يريدون أن يقف المسلم مكتوف اليدين ينظر إلى هاتك عرضه نظرة إجلال وإكبار ، فأي نفوس هذه التي لم ترق إلى مستوى فطرة الحشرات فتدافع عن نفسها !! الكلب النجس يدافع عن عرضه ، والديك يدافع عن الدجاجة ، والجمل يدافع عن الناقة ، أما الحيوان الوحيد الذي لا يغار على عرضه فهو الخنزير ، وهؤلاء أحط من الخنازير ، فالخنزير ، وإن كان لا يدافع عن أنثاه ، إلا أنه يدافع عن نفسه وحياته ..

إن هذا التكاتف مع الكفار الفرنسيين ، وهذه العاطفة الجياشة التي طفحت على صفحات الجرائد وانتشرت في الشبكة العالمية والبرامج الاجتماعية ، هي في حقيقتها مؤشر دقيق لمستوى الإيمان في القلوب ، ومستوى الولاء للكفار .. أما الطعن واللعن والإنكار على المجاهدين لجزء بسيط من القصاص فهو مؤشر البراء من المسلمين ، وهذه الاجتماعات والاتفاقيات التي حصلت بين الكفار وأذنابهم بعد هذه الغزوة المباركة هي أكبر دليل على أن “الكافر للكافر كالبنيان يشد بعضه بعضاً” ..

ليت المسلمون يتعلمون من هذه اللحمة بين الكفار الأعداء الذين يكفّر بعضهم البعض ، ويُبغض بعضهم البعض : فالكاثوليك الفرنسيين يكفّرون البروتستانت الأمريكان والبريطانيين ويعدّونهم خوارج خرجوا على الكنيسة الرومانية ، وهؤلاء يكفرون الكاثوليك ويعتبرونهم من عبدة الأصنام ، وبين هؤلاء جميعاً حروب طاحنة لمئات السنين ، ولكنهم إذا أحسوا بخطر يدهمهم جميعاً فإنهم يجتمعون لدفعه في غمضة عين !! أما أهل الإسلام فإنهم “كالمعول يهدم بعضهم بعضا” ، فكلما جاءهم عدو : تفرقوا واختلفوا وأضعفوا أنفسهم وخرّبوا بيوتهم بأيديهم وأيدي الكافرين ، ونحن نرى اختلاف المسلمين في سوريا رغم وجود رايات إسلامية متقاربة لا ينقصها إلا التعالي على الأنانية والغرور والعُجب ، ولا ينقصها إلا إخلاص النية لله تعالى وتقديم مصلحة الأمة على المصالح الشخصية والحزبية وحظوظ الأنفس ، ولو كان الإخلاص لله وحده سيّد الموقف لكانوا يداً واحدة ، وحتى لو لم يكن إخلاص ولا دين ولا إيمان فإن العقل يحتّم عليهم الوحدة لأن مصيرهم واحد وعدوّهم واحد ..

اللهم عليك بكفار فرنسا وبريطانيا وأمريكا وروسيا واليهود ومن والاهم وظاهرهم على المسلمين : اللهم احصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا .. اللهم أرنا في أعداء الإسلام عجائب قدرتك .. اللهم دمّر بلادهم ، واقتل رجالهم ، واجعل ذراريهم ونسائهم وأموالهم غنيمة للمسلمين .. اللهم لا تُمتنها حتى نرى راية العقاب في بيت المقدس والكرملن والبيت الأبيض وروما ولندن .. اللهم ازرع في قلوب قادة الجهاد الإخلاص لك ، ووحد بفضلك ومنّتك رايات المسلمين .. اللهم اهد شباب الأمة للجهاد في سبيلك والذود عن حياض دينك .. اللهم أرنا في موالي الكفار يوماً أسودا ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..​

كتبه
حسين بن محمود

__________________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]