New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "How the Enemies Are Fighting Us"

بسم الله الرحمن الرحيم

قامت بعض الجماعات الرافضية – في بداية الإحتلال الأمريكي للعراق – بقتال الأمريكان ، فذهب الأمريكان إلى السستاني بملايين الدولارات واستصدروا منه فتوى حرمة قتال المحتلين ، فتوقف الرافضة عن القتال بأمرهم إلههم الفارسي .. بقيت بعض الجماعات العراقية تقاتل المحتل ، وحمل كِبر هذا القتال أهل السنة من العرب والأكراد ، فقامت أمريكا بصد هؤلاء بقوة ولم تستطع كسرهم ، وخسرت الكثير من الجنود ، فلجأت إلى الحيلة الأولى : ضرب السنةَ بالرافضة ، فأعطت الرافضة القوة والحكومة وأمرتهم بمواجهة السنة ، وكانت بداية “الفتنة الطائفية” التي أججتها أمريكا في المنطقة ..

قام الرافضة بقتل وتهجير أهل السنة بدعم كامل من الشيطان الأكبر ، لكن المقاومة ازدادت ، وسطّر أهل السنة ملاحم كبيرة في العراق ، وأظهروا شجاعة منقطعة النظير ، وبدأ الرافضة في التراجع أمامهم والهرب من لقائهم ، فعمد الأمريكان إلى الخطة الثانية : فل الحديد بالحديد ، فكانت “الصحوات” التي أسسها الأمريكان من القبائل “السُنّيّة” ليقودوا الحرب ضد المقاومة عامة ، والمجاهدين خاصة ، ودولة العراق الإسلامية على وجه الخصوص ..

استطاعت “الصحوات” تشويه صورة الدولة الإسلامية بشكل كبير ، وساعد ذلك ما قام به بعض “العلماء” من خارج العراق بعد ان تقاطر عليهم بعض العراقيين لينقلوا لهم الأكاذيب ، وعملت “الصحوات” على التفريق بين الدولة وبين حاضنتها الشعبية والجماعات المقاتلة ، فانهارت قوة الدولة بسرعة نتيجة الصدمة التي لحقتها جراء محاربة الأقارب لها ، وهي التي تدافع عنهم وتقف حائلاً بين الرافضة وبينهم !!

قامت “الصحوات” بقتل المجاهدين وأسرهم وبيعهم للرافضة والأمريكان ، حتى أن بعضهم كان يدل الرافضة على نساء المجاهدين ليأسروهن ، وتمكّن الرافضة من زيادة نفوذهم وتسلطهم على أهل السنة وهتك أعراضهم وسفك دمائهم ليحصل قادة الصحوات على بضعة ملايين من الدولارات باعوا من أجلها ضميرهم وشرفهم وكرامتهم وعرضهم ودينهم وأهليهم وأمتهم !!

بقيت بعض قوة في الدولة الإسلامية متمثلة في بعض قياداتها التي ذابت وسط هذه الأمواج العاتية من الفتن ، وخسرت الدولة الكثير من القيادات الفذّة والأفراد المخلصين بسبب “الصحوات” ، وانحازت هذه القوة إلى الصحراء وتغلغلت بين الثقات القلائل في المدن ، وكانت سنوات عجاف لا يأمن المجاهد على نفسه وعرضه بين عشيرته .. استيقضت قيادة الدولة من الصدمة وأخذت تعيد ترتيب صفوفها وتصنّف الناس بين : صديق وعدوّ ، ومسلم وكافر موالٍ لأعداء الله ، فقامت بالاتصال بالأصدقاء هنا وهناك ، وقامت ببعض العمليات النوعية حتى جاء “الربيع العربي” على قدر من الله سبحانه وتعالى ..

نجحت بعض الشعوب – وبحركة عفوية – في إسقاط المتسلطين عليها ، وقامت للمسلمين قائمة في تونس ومصر وليبيا ، وكادت الأمة تمسك بزمام الأمر ، وبينما كانت الجموع ترقص احتفالاً بربيعها ، كان الشياطين يعملون في الخفاء على وأد هذه الثورات التي أحيت بعض الأمل في الشعوب .. بدأ المكر وإعمال الحيَل حتى نجحت الثورة المضادة في اسقاط مصر ، وكانت ضربة كبيرة للشعوب التي كادت تعيش حلم الحريّة ، فأتتها ضربة أعداء الإسلام بمطرقة الحقيقة : “دون الحريّة أنهار الدماء وجبال الجماجم والأشلاء” ..

لو أن هذا الربيع العربي نجح وتسلم المنتَخبون السلطة في هذه البلاد لربما كانت ضربة كبيرة للجهاد ، ولكن الله تعالى أبى إلا أن تكون سنّة التغيير بما فرض على العباد ، فلا تغيير في الأرض بلا جهاد .. الغرب أدرك هذه المعادلة منذ زمن ، وأوصى حكام العرب بإجراء بعض الإصلاحات الدستورية والإجتماعية والإقتصادية كي لا يفقد الشباب الأمل في العيش الكريم ، وأخطر إنسان من يعيش بلا أمل ، وحاول الغرب إقناع الحكام بضرورة إفساح المجال لبعض الحريات ، ولكن أعمى أعين هؤلاء الحكام الذين لم يكونوا ليتنازلوا عن السحت الذي يأكلونه من أموال الشعوب ، فأقنعوا الغرب بأن الحريات معناها الإسلام الذي يحاربونه مع الغرب ، ومما زاد يقين الغرب بذلك ما آلت إليه انتخابات مصر ، فعمل الغرب مع العرب على وأد الثورات بشكل دموي لتكتب هذه الدماء أبلغ رسالة إلى شباب الأمة ..

قامت المظاهرات ضد الحكومة الرافضية في العراق ، ونجح بعض المسلمون في ترتيب صفوفهم على مدار سنة ، وعملوا مخيمات ومؤتمرات ، وهتفوا ضد حكومة المالكي “الطائفية” ، فعجز الرافضة عن ثني هؤلاء عن مطالبهم حتى سنّ لهم السيسي طريقة التعامل مع المتظاهرين : فانقض الرافضة على الخيام ، وقتلوا المتظاهرين ، وأدرك أهل السنة في العراق أن لا مكان للسلمية بين الضباع ، وأن مصير رابعة ينتظر القواعد والمتخلفين عن الجهاد ، فانتفضت الأُسد تتقدّمهم الدولة الإسلامية التي أعملت أنيابها في الموصل وغيرها من المدن العراقية لتُجدد في الأمة سنّة التغيير بالفتح ..

هُزمت الأرتال الرافضية تلو الأخرى ، وفتح المجاهدون المدينة بعد الأخرى ، وانضمت فصائل مجاهدة للدولة الإسلامية من العرب والأكراد المسلمين الذي علموا أخيراً أن الدولة الإسلامية كانت على حق في قتالها للرافضة والصحوات ، وأنها حرب وجود للدين والنفس والعرض ، وبايعت العشائرُ العراقية المسلمة الدولةَ الإسلامية بعد أن يئست من العملية السياسية ، ودارت الدائرة على الرافضة والأمريكان ، فكان المخرج أن يضربوا الدولة الإسلاميةَ بعنصر آخر غير الرافضة والصحوات ، وكان الخيار : ملاحدة الأكراد ، فأعملوا إعلامهم ، وتقاطر مسؤولوا الرافضة والأمريكان على اربيل ، فكانت النتيجة : دخول الأكراد بكل ثقلهم في مواجهة الدولة الإسلامية لإنقاذ الحكومة الرافضية في بغداد ، ولضمان بقاء سلطة الصليبيين في العراق من غير حاجة لإرسال الجنود الأمريكان ..

ظن الأمريكان أن الأكراد مع الرافضة والأسلحة الأمريكية والأوروبية المتطورة كفيلة بهزيمة الدولة الإسلامية ، ولكن إنغماسيوا الدولة كان لهم رأي آخر ، فجُن جنون الغرب ، وعقدوا المؤتمرات واللقاءات التي أسفرت عن تحالف ستين دولة غربية وعربية تحت راية الصليب لقمع أهل السنة في العراق ، وبدأت هذه الدول بالقصف الشديد والعنيف ، واستطاعت الدولة الإسلامية امتصاص هذه الضربات ، ثم تدخّل الإيرانيون بطائراتهم وجنودهم وجنرالاتهم فلم يُغنوا عن الكفار شيئاً ..

حاول الغرب كسب أي معركة ضد الدولة الإسلامية : فعمدوا إلى قصف بعض المدن بكثافة وقوة حتى دمروها عن بكرة أبيها (كما حصل في عين العرب) ليحققوا نصراً معنوياً لقوات التحالف ، ثم جمعوا عشرات الآلاف من الرافضة والأكراد مع سلاح الجو العالمي ليقصفوا تكريت وينتزعوها من يد الدولة ليحققوا نصراً آخر “كبير” في حربهم ضد “الإرهاب” ، ولكن الدولة الإسلامية لم تعطهم فرصة التقاط الأنفاس ، فتقدمت في ثغور أخرى وفتحت من البلاد أضعاف أضعاف ما أُخذ منها ، ولا زال جنود الدولة يناوشون الأعداء في عين العرب وتل أبيض وتكريت كي لا يهنأ الأعداء “بتحرير” ..

قامت الثورة السورية قبل أربع سنوات ، ودخلت في معركة شرسة ضد العدو النصيري الكافر ، وكادت هذه الثورة تنطفئ وتُخمد بدعم عربي أمريكي فارسي روسي صيني أوروبي لبشار ، فتدخّلت دولة العراق الإسلامية وأرسلت جندها ليسعفوا ثوار سوريا ، فكانت عمليات نوعية وانتصارات باهرة قلبت الموازين ، وعبثاً حاول أعداء الأمة تطبيق خطة ضرب السنة بالسنة في الشام : فقد رفضت أكثر الفصائل قتال جند الدولة الإسلامية (جبهة النصرة) ورفضوا وصمها بالإرهاب ، وتعاونوا معها على قتال النصيرية ، ثم دخلت دولة العراق الإسلامية رسمياً الشام وأعلنت قيام “الدولة الإسلامية في العراق والشام” ، فحصلت فتنة كبيرة وأمور خطيرة كادت تودي بالثورة السورية ، واستطاع الرافضة والنصيرية احتلال بعض المدن المحررة في غمرة هذه الفتنة التي نسأل الله أن تنتهي عاجلاً ..

استطاع الأعداء استغلال هذا الخلاف وهذه الفتنة في تفريق الصفوف وشحن نفوس الإخوة ضد بعضهم البعض ، واستطاع كثير من المندسين التغلغل بين صفوف المقاتلين ، واستطاعت بعض الدول شراء ذمم بعض الفصائل ، واستطاع الغرب الوصول إلى بعض القادة ، وقام شيطان الإعلام بدوره في التحريش خير قيام ، وبينما كان الرافضة يتقاطرون بصمت من أفغانستان والعراق والهند وباكستان واليمن وإيران وتركيا وغيرها للقتال في صفوف النصيرية ، كان إخوة المنهج يتقاتلون فيما بينهم باسم المنهج !!

مات عبد الله بن عبد العزيز ، وجاء أخوه سلمان ليُعلن “عاصفة الحزم” ضد “علي صالح” والحوثيين والاحتلال الإيراني لليمن (بعد أن سلمها لهم عميلهم “منصور هادي”) ، وكاد سلمان يُعلن عداءه لإيران (ظاهراً) ، لكنه تراجع بسبب الضغط الأمريكي ، وبقي يقصف اليمن لشهور دون نتيجة تذكر حتى تدخلت القوات البرية الخليجية بثقلها لتحرير عدن بمئات الطائرات ومئات الدبابات والبارجات وآلاف الجنود الذين نزلوا في سواحل عدن ليطردوا الحوثيين منها ، وتكبدت هذه الجيوش خسائر كبيرة لم تعلن عنها ، وأخشى ما نخشاه أن يكون انسحاب الحوثيين استدراج لهؤلاء الجنود – الذين ليست لهم خبرة قتالية – لينتشروا على الأرض ثم يُعمل الحوثيون – الذين خاض جيلهم هذا أربعة حروب متتالية – فيهم قتلاً ..

إن “تحرير” عدن بهذه السرعة ، والدخول بهذا الثقل العسكري ، وعقد لقاءات مع ممثلي علي صالح في مصر ، والكلام عن حوار مع الحوثيين ينبئنا باستعجال القوم إنهاء الأزمة اليمنية ، خاصة بعد الاتفاق النووي الإيراني ، وكأن المخطط أن ينتهوا من اليمن ليتفرغوا للخطر “الأكبر” المتمثل في الدولة الإسلامية التي لم يستطع هزيمتها الرافضة وملاحدة الأكراد والنصيرية والجماعات المقاتلة والصحوات والطائرات الأمريكية وحلفائها ، وإذا تأخر العرب ، واستطاعت إيران هزيمة الدولة الإسلامية – بعد فك الحصار الاقتصادي – فإنها ستنال الحضوة عند الغرب ، وسيقوى موقفها ، وستتحكم في العراق والشام ولبنان بلا منازع ، وستكون “المحضية الجديدة” وفتاة أحلام الحكومة الأمريكية ..

دخول الأتراك في الصورة قد يغيّر بعض المواقف ، ويقلب بعض الموازين ، وقد تعمل بعض الدول الخليجية بتراخ وأريحية أكثر في اليمن لضمان عدم استئثار إيران بالقلب الغربي ، لكن تركيا “الإخوان” – في نظر البعض – قد تعقّد الأمور ، خاصة أن بعض الدول جعلت هدفها الاستراتيجي الوحيد : محاربة الإخوان في كل مكان ، فأردوغان “الإخواني” لا يمكن أن ينال شرف هزيمة “الدولة الإسلامية” منفرداً ، وربما اتفقت هذه الدول مع ملاحدة الأكراد والمعارضة التركية لإحياء الحرب التركية الكردية بتفجيرات هنا وهناك ، وإشغال أردوغان عن الشام وخلق مشاكل له تمهيداً لإسقاطه ، والظاهر أن تحرير عدن وإرادة حل المشكلة اليمنية بسرعة كبيرة هو تمهيد لمشاركة هذه الدول – بصورة أكبر – في حرب العراق والشام ضد الجماعات المجاهدة ..

كيف حاربت أمريكا الدولة الإسلامية ؟

بدأت أمريكا بالمواجهة المباشرة مع المجاهدين بعد احتلال العراق فتكبّدت خسائر كبيرة في الأرواح ، ثم اتفقت مع الرافضة على قتال الدولة ، ثم أوكلت الأمر للرافضة حصرياً فأثخن جنود الدولة فيهم ، ثم حاولت ضرب الدولة بجماعات مسلحة أخرى في الساحة العراقية ، ثم ضربت الدولةَ بالصحوات العراقية التي نجحت في الحد من خطورة الدولة ، ثم ضربت الدولةَ بالأكراد ، ثم الأكراد مع الرافضة ، ثم هؤلاء مع جنود وقادة جيش إيران والصحوات ، ثم أقامت أمريكا حلفاً دولياً يساند الجيوش الرافضية والملحدة والنصيرية والصحوات على الأرض ، ثم ضربت الدولة بالجماعات المقاتلة في الشام ، ثم ورّطت الأتراك في هذه الحرب بعد أن عجز التحالف وهذه الجيوش مجتمعة على هزيمة الدولة الإسلامية أو الحد من خطرها ..

ربما تبحث أمريكا قريباً عن جنود غير الأكراد والفرس والرافضة والنصيرية والترك لقتال الدولة الإسلامية ، خاصة وأن تركيا أعلنت عدم رغبتها النزول إلى الأرض ، وأغلب الظن أنهم من الدول “السنيّة” العربية ، وربما من جزيرة العرب على وجه الخصوص لتفتح المجال لفوضتها الخلاقة في الجزيرة ، وربما تحاول أمريكا تمكين إيران من جزيرة العرب بعد دخول قوات دولها في مواجهة مباشرة مع المجاهدين في العراق والشام وإنهاكها ، وربما تحاول تقسيم جزيرة العرب كما فعلت في العراق والسودان وأندونيسيا وكما تخطط لمصر واليمن وليبيا ، وستعمل أمريكا على حفظ المنطقة الشرقية البترولية أو ربما تتقاسمها مع إيران ، وتترك باقي الجزيرة يقتتل أهلها على رمالها المترامية الأطراف وجبالها الجرداء ، مع إمكانية تسليم الحرمين للرافضة ..

مشاركة الدول “السنيّة” في الحرب ضد المجاهدين في العراق والشام حمياة لإيران من الاستنزاف ، فإيران تريد توفير قوتها لاحتلال البلاد العربية ، وقتالها في العراق والشام يستنزف اقتصادها وجنودها ، وقد عملت إيران لعقود على زرع خلايا رافضية في دول الخليج العربي ، وأمدتهم بالمال والسلاح والتدريب ، وعملت على إذكاء روح الطائفية والمذهبية فيهم عن طريق الملالي الذين ترسلهم هناك ثم عن طريق قنواتها الفضائية الموجّهة ، واستطاعت إيران شراء الكثير من الأراضي والعقارات والأعمال والذمم في هذه البلاد ، واستطاعت التحكّم في بعض التجارات ، فليس أغبى من أناس يستميتون في إنقاذ – وتوفير قوة – من يريد الفتك بهم لإرضاء عدوّ آخر يريد هلاكهم !!

الملاحظ أن أمريكا والدول الغربية لم يستخدموا جنودهم في هذه الحرب ، ولم يستخدموا حتى أموالهم ، بل هم يكسبون من هذه الحرب الكثير من المال ويحققون الكثير من الأهداف : فالمتقاتلون على الأرض من المسلمين – في نظر الغرب – سواء كانوا رافضة أو نصيرية أو ملاحدة أكراد أو صحوات عراقية أو أتراك أو سُنّة ، فهؤلاء “المسلمون” يتقاتلون فيما بينهم لتحقيق أهداف الغرب الصليبي ، والأموال التي تُنفق على هذه الحرب هي أموال “المسلمين” سواء من جزيرة العرب أو العراق أو إيران أو الشام .. النصارى واليهود يجلسون بعيداً لمراقبة هذه الظاهرة الفريدة في التأريخ : “المسلمون” يقتتلون فيما بينهم دفاعاً عن مصالح أعدائهم ، ويدفعون المال لشراء سلاحهم من الأعداء ليقتلوا بها أنفسهم ، وينفقون على جيوش الأعداء لقتل المسلمين ، وييتنافسون فيما بينهم لإثبات ولائهم لهؤلاء الأعداء الذين يخططون للقضاء عليهم !!

الدول الغربية تبيع الذخيرة لجميع الجيوش المحاربة للمجاهدين بأسعار عالية ، وتدفع بعض هذه الدول رواتب الطياريين الأمريكان وجميع تكاليف الطلعات الجوية الأمريكية والعتاد والعدة مع الأرباح الخيالية ليقصف الصليبيون المسلمين في العراق والشام وخراسان وأفريقيا ، ومن يخرج من هذه الحرب قوياً منتصراً – من السنة أو الرافضة – ستتعامل معه أمريكا على أنه كلبها الوفيّ في “حقلها” البترولي ، وإن استطاع المجاهدون – بإذن الله – هزيمة هذه الأحزاب : فإن الدول الغربية ستضطر للتدخّل مباشرة – بجنودها – لصد المجاهدين وإيقافهم وكسر مشروع خلافتهم الذي يهدد العالم بأسره ، وأمريكا لا تريد التدخل بجنودها الصليبيين وتعريضهم للذبح ، فهي مكتفية اليوم بقرابين العرب والفرس والأكراد والترك ليقاتلوا نيابة عنها إلى حين ، واستطاع الفرس تقديم الأكراد والعرب والترك قرابين لها في هذه الحرب !!

بعض الدول أصبحت في سباق مع الزمن لإثبات جدواها لأمريكا بمحاربتها للإسلام : فالسيسي يحرس حدود اليهود بهدم بيوت المسلمين وقصفهم وحرقهم ومحاربة مظاهر الإسلام – بل وتدمير جميع مقومات الدولة – في مصر ، ودول أخرى أثبتت فاعليتها في محاربة “الإسلام السياسي” ، ودول تتفانى في محاربة مظاهر التديّن ، وأخرى تقاتل المجاهدين بطائراتها وجنودها وتسجنهم وتعذبهم وتغتالهم ، وبشار يُعلن وقوفه مع دول العالم في محاربتها للإرهاب ، وتركيا لا زالت تعلن بين الفينة والأخرى سياستها الثابتة في محاربة “الإرهاب” ، وحكومة السودان تنازلت عن نصف مساحة أرضها لترضي الأمريكان ، وتونس تصرخ بملئ فيها : علمانية علمانية ..

لم يكن إعلان النبي صلى الله عليه وسلم لقريش “أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح” (صحيح ابن حبان ، وأخرجه أحمد وصحح إسناده أحمد شاكر ، وحسّنه الألباني في الموارد) ، أمراً عارضاً ، ولم يكن تقريره – صلى الله عليه وسلم بأنه منصور “بالرعب مسيرة شهر” (البخاري) تقريراً هامشياً ، ولم يكن أمر الله تعالى المؤمنين بضرب الأعناق وضرب الرقاب والإثخان والتشريد بالعدو أمراً عفوياً ، حاشا وكلا ، بل هذا من صميم الجهاد ، ومن لب العقيدة أن يُثخن المسلمون في الكفار فيكثروا القتل بطرق مرعبة مرهبة تخيف من خلفهم وتزرع الرعب في قلوبهم فلا يجرؤوا على مواجهة المسلمين ، فلا ينبغي للمجاهدين التوقف لحظة عن إرهاب أعداء الله بكل وسيلة مشروعة ونشر الإرهاب على أوسع نطاق ، فهذا الرعب هو سبب إحجام كثير من الدول عن مواجهة المجاهدين في الأرض ، وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة شح المواد الإرهابية ، وهذا يعود بالضرر على المجاهدين ، فالله الله في الإرهاب ..

ستكون الأيام القادمة أشد على المجاهدين مما مضى : فأمريكا تريد جمع كل دول المنطقة لحرب المجاهدين ، والمجاهدون مشغولون بخلافاتهم مع إخوانهم ، وهذه الخلافات تُضعف المسلمين وتوهن شوكتهم ، وليس هناك مخرج مما هو قادم غير الوحدة بين المجاهدين لمواجهة دول الطوق المستميتة في إثبات ولائها لأمريكا بقتل أكبر قدر من المسلمين وتدمير بلادهم وتقديم أفراد جيوشها قرابين لهُبل العصر ..

القصف سيشتد ، والتدخّل سيكون أكبر بكثير ، وكل الجماعات المسلمة مُستَهدفة ، ولا يمكن لجماعة واحدة أو بضع جماعات مواجهة هذه الأحزاب ، بل يجب أن يكون المجاهدون صفاً واحداً – من خراسان إلى المغرب – كأنهم بنيان مرصوص .. يجب أن تُحل جميع المشاكل ، ويتناسى المجاهدون خلافاتهم ، ويعملوا بكل ثقلهم في المرحلة القادمة لرص الصفوف ، فالوقت يداهم الأمة ، والمكر كبير ، ولا مجال لبنيّات الطريق ، فإما الإذعان لأمر الله تعالى {واعتصوا} ، أو المآل – لا قدّر الله – إلى {هو من عند أنفسكم} .. إما أن تبقى لأهل الجهاد باقية فتعيش الأمة عزيزة كريمة لأجيال ، أو تعيش الأجيال القادمة في ظل العبودية بسبب معصية أهل الجهاد لأمر الله تعالى .. مصير الأمة والأجيال القادمة اليوم مرهون بقرار أفراد قلائل من قادة الجهاد ، فيا لها من أمانة ثقيلة ، وويلٌ لمن يُضيّعها أو يتهاون فيها أو يتأخّر عن أدائها فيجني على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
9 شوال 1436هـ

_______________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]