New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "For All Shrines An Article"

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد ..

قرأت مقالاً بعنوان : “قتل الأهل والأقارب عند تنظيم الدولة ، قراءة في الوثائق الرسمية للتنظيم” (بتاريخ 27 رمضان 1436هـ) للأخ الفاضل “أبي عمر إبراهيم السكران” – حفظه الله – وهو كاتب له نشاط دعوي جيد ، ومواقف محمودة ، وله مؤلفات نحرص على اقتناء كل جديد منها لسلاسة أسلوبه وقوة تعبيره وتنظيم أفكاره وجودة أطروحاته ، خاصة ما يتعلق بالقرآنيات ، والرد على الليبراليين ، وكل جديد يتحفنا به حفظه الله ، فنسأل الله أن يزيده من فضله ..

سبب العنوان هو ما يجري الآن في الفلوجة والزبداني وغيرهما من الثغور : من قصف ودكّ لبيوت المسلمين من قبل الرافضة والنصيرية والنصارى وغيرهم ، فنحن أحوج ما نكون – في مثل هذا الموقف – إلى شد أزر المدافعين عن دماء وحرمات المسلمين ، فالرافضة والنصارى إذا دخلوا الفلوجة الكل يعلم ما سيحصل لأبناء ونساء المسلمين ، وكذلك الزبداني وما سيفعله النصيرية والرافضة بالمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ..في مثل هذا الموقف الحرج : يخرج علينا هذا الأخ الفاضل بمقال طويل يدعوا فيه جنود الدولة الإسلامية للخروج من “الدولة” وتركها ، فهل يُدرك ويعي هذا الأخ الكريم ما يقول ، وهل يستحضر المشهد !! “لا أشك أن المرء يتمنى الموت قبل أن يرى هذا المشهد ، فكل من كان بين جنبيه ذرة رجولة لا يستطيع تصور هذا فضلاً عن أن يتقبله” !! أيُدرك هذا الأخ الفاضل بأنه إذا انسحب الجنود الآن من الدولة الإسلامية فإن ما افترضه من سبي نساء المسلمين في جزيرة العرب بمآلات أقوال قادة الدولة الإسلامية سيكون واقعاً حتمياً خلال ساعات – بل دقائق – من انسحاب جنود الدولة من الخطوط الأمامية في الفلوجة !! “أيرضى الكاتب على ديانته ورجولته بذلك على أهله وإخوانه في العراق والشام ؟ فإن قال لا أرضى ، وهو المظنون فيه إن شاء الله ، فلينظر بالله عليه أين وصل الانحراف في العقيدة والدماء لدى من يقول مثل هذا القول” (هذا كلامه في ورقته مع تصرف بسيط) !!

المقالة التي كتبها فيها بعض من الحق ، ونحض قادة الدولة الإسلامية أن يقرؤوا هذه المقالة بعد أن تهدأ الثغور قليلاً ، وقد نصحنا الدولة الإسلامية مراراً وتكراراً – كما نصحها غيرنا ، وكما نصحنا قاعدة الجهاد من قبل ومناصريهم – بالكف عن الخوض في مسائل التكفير لأنها مزلة أقدام ، فلا بد من ضبطها ضبطاً علمياً من قبل علماء راسخين يدرسون النصوص الشرعية وأقوال العلماء وينزلونها على الواقع وفق ما تقتضيه الأصول والقواعد الشرعية ، ووفق ما يحقق المقصد الكلّي من جلب للمصالح ودرء للمفاسد ، فمآلات التكفير والتوسّع فيه أمر لا يُحمد عقباه إن لم يكن تأصيل دقيق ، وهذا المزلق تاهت فيه أكثر الجماعات الإسلامية : بين متشددة ومتساهلة ، فنسأل الله أن يقيّض للمجاهدين من ينزل الأمور منازلها ..

أما الأخ الفاضل صاحب المقالة ، فنقول له : لا بد أنك تعرف بعض أسباب التشدد في التكفير ، خاصة من قبل شباب بلاد الحرمين ، فما لاقوه من تعذيب في سجون “آل سعود” ، وما قيل لهم وما سمعوه من سجّانيهم ، وما حصل للبعض من تعذيب وأمور لا يفعلها المسلمون (من إدخال العصيّ في الدبر ، والتهديد بهتك أعراض الأخوات والزوجات بل وحتى الشباب ذاتهم ، وتعليق الشباب بالحبال لأيام وضربهم وكيّهم بالسجائر وصعقهم …) جعلهم يوقنون بأن هؤلاء ليسوا مسلمين .. أنتم تكلّمتم عن أسر الأخوات ، وناشدتم السلطات ، ولم يزدهم ذلك إلا غياً ، فهل تتوقعون ممن استثرتم غيرتهم – باسم النساء – أن يعتقدوا إسلام هؤلاء !!من ينفر إلى الدولة الإسلامية من الشباب – اللاتكفيريين – ويسمع هذه القصص من المسجونين سابقاً ، لا يشك في كفر “الدولة السعودية” ، فكيف وهو يرى بأم عينه طائرات “آل سعود” تحلّق في سماء العراق والشام تقصف أطفال المسلمين ونسائهم وشيوخهم وتقطّع أشلاءهم !!

ماذا تنتظرون من أهل العراق الذين يرون طائراتكم تحت طائرات الصليب تقصف مدنهم وقراهم وهم يقسمون عليكم بالله كل يوم أنهم مسلمون موحّدون وأن الواجب عليكم مناصرتهم في الدين لا قتلهم نصرة للصليبيين والرافضة والنصيرية وملاحدة الأكراد !! هل تنتظر من هؤلاء أن يتوقفوا في تكفيرك دولتكم أو تكفير من يسكت على هذا ، فضلاً عمن يخوض في المجاهدين المدافعين عن أعراضهم ودمائهم !!

الدولة الإسلامية هي السد الوحيد الذي يقف بين الرافضة وبين هتك أعراض نساء المسلمين في العراق ، وحكومتكم “الرشيدة” تقصف هذا السد وتحاول كسره ليلج الرافضة مدن المسلمين فيهتكوا الأعراض كما فعلوا من قبل في جميع مدن العراق ، أم أنك لم تسمع عن السجينات اللاتي اسمهنّ عائشة واللافتات على أبواب السجون (تمتّع بعائشة) ، أم أنّك لم تسمع عن النساء اللاتي اغتُصبن في المساجد ومكبّرات صوتها التي صدَحت بصراخ العفيفات اللاتي مزّق الرافضة فروجهنّ !! أم أنك لم تسمع عن الأبناء الذين أُجبروا على هتك أعراض أمهاتهم ، والإخوان أخواتهم ، والآباء بناتهم !! أم أنك لم تعلم عن الرجال الذين فُعلت بهم الفاحشة !! هل تريد أن تسمع عن أخواتك اللاتي اغتُصبن في الطرقات والمعسكرات وفي المستشفيات وداخل العربات وفي المزارع والبيوت والمحلات !! هل أزيدك ، أم يكفي هذا لتكفير أهل العراق “ولاة أمرك” !!

لا تلُمهم أخي الفاضل ، فلو رأيتَ رُبع عُشر ما رأوا ، أو نالك ربع ربع عُشر ما نالوا لكفّرت الدنيا بأسرها ، فالظلم الذي وقع على أهل العراق بسبب دعم “ولاة أمرك” للرافضة والصليبيين جعلهم يوقنون بكفرهم ، وبعض العلماء الذين أفتوا بعدم جواز قتال الرافضة والحكومات العراقية من بلادك ، والطائرات تنطلق من بلادك ، والدعم من بلادك ، والطيّارين من جنود جيش بلادك ، ووقود الطائرات أكثره من بطن أرض بلادك ، وقيمة الصواريخ تدفعه بلادك ، والدعم “اللوجستي” (الإمداد) يوصله جنود بلادك من البحرية والمشاة ، والشرطة والداخلية الذين يحرسون القواعد الأمريكية التي لازالت موجودة في بلادك في البر والبحر ..

ليس “التشدد” في شباب بلاد الحرمين فقط ، بل “التشدد” في أهل أفريقية (تونس) أكثر بكثير من شباب بلادك ، فالظلم الذي وقع على هؤلاء الشباب أعظم ، وردة الفعل عندهم أكبر ، والذي سام شباب تونس سوء العذاب لعقود وحارب دينهم ووهتك أعراض أخواتهم وكفّره علماء بلادك : ضيف على ولاة أمرك !! لا تسألني عن “غلوّ” شباب مصر الذين دفع ولاة أمرك المليارات لحرق أهلهم أحياء ولاغتصاب أخواتهم .. لا تسألني عن الشام التي دفع ولاة أمرك ثلاثمائة مليون دولار (هذا المُعلن فقط) لبشار لقتل المسلمين .. لا تسألني عن اليمن التي أفسد ولاة أمرك ثورتها وعالجوا “طاغيتها” وأبدلوه بطاغية آخر .. لا تسألني عن ليبيا التي يساند فيها ولاة أمرك “حفتر” بالعتاد والمال والسلاح .. لا تسألني عن جنوب السودان الذي دفع ولاة أمرك المليارات “لجون قرنق” لقتال المسلمين حتى انفصل عن جسد الأمة .. لم يُخطئ البغدادي حين قال “رأس الأفعى” ، فأكثر المصائب التي حلّت بالأمة الإسلامية في العقود الماضية تجد فيها أثر سمّ ولاة أمرك ..

إن سر تَسمية المجاهدون العلماءَ بـ “علماء السوء” ، هو : سكوت العلماء عن الإجرام الحاصل على المسلمين في العراق والشام عامة ، وعلى المجاهدين خاصة ، لا نقول الإجرام من الرافضة والنصيرية ، ولكن من النصارى وولاة أمر بلادك ..أنت متخصص في السياسة الشرعية ، وتعلم يقيناً حكم هذه المسائل التي يطرحها المجاهدون ولم يجدوا لها جواباً شافياً من “العلماء” في وقتنا هذا :

1- ما حكم من يدخل تحت راية صليبية لقتل المسلمين ؟ وما حكم من يوفّر للصليبيين القواعد العسكري ويدفع لهم ثمن كل صاروخ أو طلقة رصاص يُطلقونها لقتل المسلمين ؟ وحكم من يدفع رواتب الجنود الصليبيين في حربهم ضد المسلمين ؟ هات لنا جواباً مفصّلاً كما فصّلت في مقالتك ، وحبذا لو تأتينا بكلام أئمة نجد من “الدرر السنيّة” أو كلام ابن تيمية الذي استشهدت به في ورقتك ..

2- ما حكم قتال “الولايات المتّحدة الأمريكية” في وقتنا هذا ، وما حكم قتال الدول الصليبية التي دخلت في الحلف الصليبي لقتال المسلمين في العراق والشام وأفغانستان ومالي وغيرها من البلاد ؟ هل هي دول كافرة حربية يجب قتالها شرعاً ، أم هي صديقة معاهدة كما يقول ولاة أمرك ؟

3- ما حكم من يساند الرافضة في قتالهم لأهل العراق وهو يعلم أنهم يهتكون أعراض المسلمات ويسفكون دماء المسلمين ويُشركون بالله وينالون من عرض رسول الله – بأبي هو وأمي – صلى الله عليه وسلم !!

4- ما حكم جماعة مقاتِلة تعرض نفسها على الصليبيين وأعداء الدين لقتال المسلمين !! وما الحكم لو كانت حكومة ؟ هل يجب قتالها ، أم لعلماء زماننا رأي آخر غير رأي علماء السلف !!

هذا ما يريد المجاهدون جوابه بكل وضوح وبكل صراحة – وبدليله – ليخرج العالِم عندهم من كونه “عالم سوء” إلى “عالَم الصلاح” فيعلّم المسلمين أمور دينهم ، ويبيّن لهم حكم النوازل .. عندما لا يُبيّن علماء بلادك هذه الأحكام ، وهم أعلم الناس بها ، عندها يصبحون “علماء سوء” عند المجاهدين لأنهم يقرؤون قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة : 159) ، ثم يرون هؤلاء العلماء في مناصب كبيرة ، ويأخذون رواتب كبيرة ، ويجلسون على موائد السلاطين الموالين لأعداء الدين يبادلونهم الإبتسامات والتهنئات ، ولا تتمعّر وجوههم لرؤيتهم وهم يعلمون ما يفعلون بالمسلمين ، ثم يقرأ المجاهدون قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (البقرة : 174) ، وقوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (آل عمران : 187) ، فقالوا “بئس العلماء هؤلاء” ..

عندما يقتل الأمريكان مليون ونصف المليون عراقي ويأتي “بوش” إلى جزيرة العرب ليتقلّد وسام البطولة ويُهدى السيف الذهبي ويرقص “العرضة” مع ولاة أمرك ويمجّد ويُبجّل ويُبشّ في وجهه فلا تلم من يُكفّر .. وعندما يقوم المجاهدون بالدفاع عن دماء وأعراض المسلمين في العراق فيسمهم ولاة أمرك و”علماء السوء” بالغلوّ والتشدد والتنطّع والخارجية فلا تلم أهل العراق ولا المجاهدين ، فليس لك أي حق في لومهم وأنت ترى أن هؤلاء ولاة أمر المسلمين ..

لعلنا لا نوافقهم في بعض الأحكام ، ولكننا لا نلومهم في بعض هؤلاء العلماء الذين قال قائلهم : “بريمر ولي أمر شرعي تجب طاعته ولا يجوز الخروج عليه” ، و”القتال في العراق – ضد الرافضة والأمريكان – قتال فتنة” !! الدفاع عن الأعراض فتنة ، والصواب أن نترك الرافضة والأمريكان يهتكون أعراضنا كما شاؤوا ومتى شاؤوا وعلى أي طريقة شاؤوا .. هل تعلم أن بعض علماء بلادك أجازوا قتال الأمريكان تحت راية “صدّام” البعثي – الذي يُكفّرونه – حتى لا يخلص الرافضة والنصارى لنساء المسلمين ولا يحتلوا بلادهم ، وانتم اليوم تقولون بضرورة ترك راية “الدولة الإسلامية”للخروج من مآلات فتنة التكفير !!

لا تلُم المجاهدين أخي الفاضل ، فأنتَ : لم يُهتَك عِرضك أمامك ، ولم يُقتَل أهلك أمامك ، ولم يدمَّر بيتك ، ولم تُداس بأحذية الرافضة الأنجاس ، ولم تُباع في الرمادي – من قِبل “الصحوات” – للرافضة والأمريكان بثمن بخس دولارات معدودات ، “الصحوات” التي مكّنت الرافضة والأمركان من فروج المسلمات فكانوا يأتون ببنات المسلمين مقيدات إلى المعسكرات الأمريكية والرافضية لبيعهن .. أنت لم تُشرَّد ولم تر أجساد أطفالك تمزّق أمامك ، حفظهم الله وإياك والمسلمين من كل سوء .. أنت فقط تخيّلت موقفاً استعظمته أشدّ استعظام ، وهؤلاء عاشوا هذه المواقف ورأوها رأي العين ، ورأوا كيف دفعت “حكومتك” : مئات الملايين “للمالكي” ، ومثلها “للعبادي” ، ومثلها “لنصارى لبنان فصارت لحزب الشيطان” ، ومئات المليارات “لأمريكا” لقتل أهل العراق والشام وتدميرهما وتسليمهما للرافضة والنصيرية يسمون أهلها سوء العذاب يُذبّحون أبناءهم ، وليتهم اكتفوا باستحياء نساءهم كما فعل فرعون ، لهان الأمر ..

نعم ، المسألة ليست “جدلاً فقهياً” الأمر أكبر من هذا بكثير كثير كثير ، ولو أردتُ لرددتُ بعض مما قلتَه بكلام أئمة الدعوة النجدية ، ولكن هذا ليس مقام ردّ وإنما “للفهم والتصوّر” ، ولعلي أعلّق على جملة واحدة من كلامكم ليتبيّن كيف يكال بأكثر من مكيال .. قلتم غفر الله لنا ولكم : “القول بتكفير كل العاملين في السلك العسكري وأن من مآلاته ونتائجه أنه يؤول لتكفير المجاهد العسكري السعودي الذي يجاهد الحوثيين المعتدين” (انتهى) ، لنقف معكم وقفة قصيرة : تقولون “الحوثيين المعتدين” واستكثرتم على أنفسكم تكفير “الحوثيين” الرافضة الذين يسبّون أم المؤمنين عائشة ، وقد قرر ابن القيم (في الزاد) وغيره من علماء المسلمين بأن رمي عائشة رضي الله عنها – بما برأها الله تعالى منه – كفر وردّة بإجماع العلماء .. لعلّه يسعكم تكفيرهم الآن لقتال “دولتكم” لهم ، فربما لا تستطيعونه إذا توقّفت الحرب وانقلب الحوثيون “جيران أشقّاء” كما هي إيران اليوم ..

نتسائل : هل يجوز سبي بنات الحوثيين وهم مرتدون اتفاقاً كما تعلمون ؟ إن كنتم لا تعلمون ردّتهم : أرفقنا صور جنود الحوثيين وهم يحملون الكتب التي فيها سب عائشة رضي الله عنها ، مع إصداراتهم المرئية بهذا الشأن .. إن قلتم ليسوا مرتدين ، فقد خالفتم إجماعاً معلوماً عندكم من الدين بالضرورة ، ولا شك أنكم تعلمون حكم مخالفة مثل هذا الإجماع .. لعلّكم تعلمون بأن بعض العلماء قرروا بأن من وُلد لأبوين مرتدَّين فهو كافر أصلي (قاله أحمد وغيره) ، فعلى قول هؤلاء : إذا كانت ردة الحوثيين قديمة – قبل هذا الجيل – فهم كفار أصليون يجوز استرقاقهم إجماعاً ، فإن منعتم جنودكم السبي : منعتوهم حقاً شرعياً أقرّه الله لهم كونهم “مجاهدون” يجاهدون جماعة كافرة (أو مرتدّة) ، وهذا من تحريم ما أحلّ الله تعالى ، ولا يخفى عليكم حكم هذا ، ونحن هنا نتكلّم عن الحكم ذاته ، لا تطبيقه ..لو قالت سرية من “مجاهديكم” بأن الشرع أحل لنا السبي ، وذهبوا ليسبوا من صعدة ، فما هو الموقف منهم !! إن أقررتموهم نقضتم كل ما كتبتموه في هذه المقالة ، وإن لم تُقرّوهم خالفتم الشرع ، وإن قلتم بأن هناك فرق كون الحوثيين مُجمع على كفرهم ، فأعلنوا هذا لجنودكم حتى يعلموا جميعاً بأن من حقهم الشرعي : سبي بنات الحوثيين ، وإن كتمتموه كنتم من علماء السوء الذين لا يستمع لهم المجاهدون ..

قلتُم عن الجندي الذي يقاتل “المعتدين” : “المجاهد العسكري” ، ونحن لا ننكر بأن قتال الحوثيين من الجهاد في سبيل الله كونهم كفار باتفاق العلماء ، ولكن ما هو حكم جنود “علي صالح” ؟ ولماذا يقاتلهم “المجاهد العسكري السعودي” ؟ هل بيّنتم لهذا المجاهد حكم قتال جنود “علي صالح” ؟ إن كنتم بيّنتموه فنرجوا نشر البيان حتى يعلم المسلمون حقيقة حكم من يقف مع أعداء الله ويناصرهم في قتالهم “المجاهدين العسكريين السعوديين” و”الدولة السعودية المسلمة” وأهل اليمن المسلمين .. ما هو حكم نساء وبنات جنود “علي صالح” ، خاصة وأنتم ذكرتم “حكم نساء الطائفة المرتدة المُحارِبة” ، مع الأخذ في عين الاعتبار أن المذهب في بلاد الحرمين “حنبلي” ..

الجهاد اصطلاحاً هو : “قتال مسلمٌ كافراً – غير ذي عهد – بعد دعوته للإسلام وإبائه ، إعلاءً لكلمة اللّه” (الموسوعة الفقهية الكويتية ، ولعله أجمع حد للجهاد ، وهو ما اعتمده الشيخ عبد الله الطيار في شرح عمدة الفقه لابن قدامة) ، فمن هو الكافر الذي يقاتله “المجاهد العسكري السعودي” هنا في اعتقادكم ؟ ثم هل قتال “المجاهد العسكري السعودي” هنا لإعلاء كلمة الله أم للوظيفة ولأمر العسكرية الحديثة !! نحن لا نتّهم العساكر في دينهم ولا نيّاتهم (وقد قررنا هذا مراراً وتكراراً وخالفنا فيه الدولة وبعض قادة قاعدة الجهاد في تكفيرهم) ، ولكن نريد بيان هذا للناس حتى لا يموت عسكري من أجل وظيفته أو من أجل الوطنية أو الأمر العسكري المحض ، وهنا يأتي دوركم لبيان هذه الأمور للجنود على الوجه الذي يرضي رب العزة سبحانه .. فكما نصحتم “جنود الدولة الإسلامية” ، انصحوا جنود دولتكم وبيّنوا لهم حقيقة الجهاد وصحيح النيّة .. لو شئتُ أخي الفاضل لنقلت كل كلمة كتبتها في الورقة وأنزلتُها على واقعة اليمن لتعلم حقيقة ولاة أمرك الذين حمكت أنت عليهم بلازم قولك على المجاهدين ..

بقي أن نلفت نظر الكاتب الكريم لنقولاته عن المتحدث باسم الدولة الإسلامية في شأن العلماء : النقولات كلها مقيَّدة ، ولم تأت مطلقة ، قال : “وسحرتِهم من علماء السلاطين” ، “وعلماء سوئهم” ، و”علماء السلاطين أنصار الطواغيت” ، و”علماء السوء” ، و”أنصار الطواغيت من علماء السوء أو فقهائهم الرسميين ” فهذه الألفاظ مقيّدة بأوصاف ، وقد يُشكل على البعض الوصف الأخير “أو فقهائهم الرسميين” ، وهوة محمول على “أنصار الطواغيت” فيزول الإشكال ، وقد أتى ذم علماء السلطان وعلماء السوء وأنصار الطواغيت في الكتاب والسنة .. سبب إيرادنا هذا النقل هو لبيان حقيقة تغيب عن البعض : ليس كل عالم “رسمي” (عنده وظيفة رسمية) يكون سيئاً ، هذا غير صحيح ، خاصة في بلاد الحرمين التي نعرف بعض العلماء الأجلاء فيها والذين يناصر بعضهم المجاهدين بقلبه وجوارحه وماله ولسانه (في حضرة خواصّه) ، فينبغي أن يقيّد مثل هذا ولا يُعمّم ..

اكتب – أخي الفاضل – ما شئتَ من المقالات والدراسات والتنظيرات والأوراق والمجلدات ، لن تجد أذناً صاغية ما دام الظلم قائم ، وما دام تولّي الكفار باق ، وما دام عشرات الآلاف من الأبرياء في سجون ولاة أمرك ، وما دامت النساء معتقلات في بلادك ، وما دامت الأعراض تُنتهك ، والإسلام يُحارَب ، وقنوات العهر يملكها ولاة أمرك ، والمرتدون طلقاء في بلادك ، والعلماء وطلبة العلم والمجاهدون في المعتقلات .. لن تجد أذناً صاغية ، ولا قلباً حاضراً ، فالقلوب والعقول في شغل عن الكلمات ..

أدلّك على أمر ان فعلته يُسمع لك : اكتب عن ولاة أمرك بنفس النفَس والطريقة التي تكتب بها عن المجاهدين ، فإن كان لجنود الدولة “مواقف عجيبة عن مبالغتهم في الإذعان لولاتهم وسلاطينهم” وهم يعتقدون جازمين بأنها “خلافة” وأن “الخليفة” رجل صادق مجاهد زاهد ورِع ، فإن جنود دولتكم يعلم أكثرهم بأن سلاطينكم وولاة أمركم كذّابون أفّاكون عملاء خونة أعداء للدين معطّلين للجهاد مغتصبين لأموال المسلمين آسرين لنسائهم ، فأي الفريقين أولى بالنصح !! إن كان للدولة الإسلامية “قسمات الجاهلية في باب الدماء” كما زعمتم ، فإن لولاة أمركم قسمات كفرية في أبواب الجهاد والحاكمية والولاء والبراء ، فأي الأتباع أولى بالنصح !! وعدت بكتابة رسالة ثانية ، اجعل ولاة أمرك وأفعالهم نصب عينيك وأنت تكتب هذه الرسالة ، ثم اكتب ما شئت ..

أخي الفاضل ، خذها نصيحة من أخيك : تأليفك للكتب جيد فاشتغل به ، واترك هذا الأمر فلست بصاحبه .. اشتغل بخاصة نفسك وبإصلاح مجتمعك ، فإنك تحرث في بحر ، وتخوض في وحل .. أنت في بيت زجاج إن شرخته سُجنت ، فكيف بكسره .. أهل الجهاد ليسوا كسائر الناس : هم طينةٌ عُجنت بدماء المسلمين ودموع المسلمات ، لا يرون إلا مآسي المسلمين ، ولا يرضون إلا بالشدّة ، ولا يقنعون إلا بالنصر أو الشهادة ، والدولة عندهم بصيص نور في دجى ليل “ولاة أمرك” ومن على شاكلتهم ، فإن حاولت إطفاء هذا النور ضربوا الذي بين عينيك بالحجّة الدامغة وفضحوك على رؤوس الأشهاد ..

لا تعتقد – ولو للحظة – بأن من نفر للدولة لا يعرف الحق !! بل يعرفه أكثر مني ومنك .. لعلك قرأت مئات المجلدات ، وحفظت المتون وأتقنت الفنون ، وظننت أنك تنصحه !! أنت عنده مغرر بك جاهل لأنك لم تعرف حقيقة أمرك ، فأنت في كتاب الله تعالى : قاعد متخلّف عن الجهاد متوَعَّد بالعذاب الأليم والاستبدال ، ذلك أن الجهاد فرض عين على الأمة اليوم لعدم حصول الكفاية بالمقصودين ، وليت الأمر كما يقول البعض “لا يُفتي قاعد لمجاهد” ، الأمر تعدى إلى “لا يتفلسف قاعد على مجاهد” ، بل أبعد من ذلك إلى “إنكار القاعد على المجاهد جهاده” ، فسبحان مقلّب الأمور !!

أنت لا تحمل قلب المجاهد ، ولا تعلم مبلغ همّه ، ولا مدى همّته .. حاول أن تتخيّل ما يجري في عقل رجل يعرّض نفسه للموت بالنفير إلى بلاد يطمع أن يموت فيها !! لن تستطيع .. لن تستطيع فهم رجل يقود عربة فيها أطنان المتفجّرات مودّعاً إخوانه بابتسامة منتصرٍ بعد أن فاز في الاقتراع على العملية ..لن تستطيع فهم سكون رجل تتساقط عليه حمم القنابل والصواريخ والبراميل المتفجّرة من السماء .. لن تستطيع فهم إصرار رجل تريد أكثر جيوش الأرض قتله .. لن تستطيع فهم رجل يحاربه أهله وهو يموت دونهم .. رجل يقطع الرؤوس في النهار ، وتتفجّر حوله الأشلاء ويرى الدمار ، ويرى أنهار الدماء تسيل أمامه ثم ينام بالليل قرير العين ليُصبح على حاله الأوّل ..

أتدري يا أخي أن هذا المجاهد – الذي تحثه على ترك مكانه – يعتقد في قرارة نفسه أنه يدافع عن عرضك !! هو لا يفهم سلبيّتك !! هو يعلم يقيناً أنه المانع البشري الوحيد بين عرضك وبين أعداء دينك .. يرى أن جميع ما فعله “ولاة أمرك” لا يرقى فوق مستوى العمالة والخيانة للأمة ، وأن هؤلاء قد يبيعون عرضك وبلادك في غمضة عين كما فعل إخوانهم (الصحوات) في العراق .. هل تعتقد للحظة أن أمريكا لو اتفقت مع إيران على دخول الأخيرة جزيرة العرب – ولعله كائن قريباً – وقالت أمريكا لولاة أمرك : “كِش” ، أنه يبقى منهم أحد !! هل أتاك حديث أمراء الكويت مع صدام ؟ أمريكا لم تقل “كِش” بعد ، الكل هرب ..

اسأل نفسك : إذا دخل الفرس الصفويون جزيرة العرب – لا قدّر الله – وانت تعلم يقيناً أنهم يهتكون عرضك ، هل تريد أن يدافع عنك جندي “مجاهد عسكري سعودي” براتب ووظيفة يضرب أخماساً بأسداس ويوازن بين الموت وراتبه البسيط ، أم تريد هؤلاء “التكفيريون” الذين يعتلون المفخخات ويتقارعون على الإنغماس في العدو ليحدثوا فيه مجزرة !! مِن أغرب المنطق رمي البعض جنودَ الدولة الإسلامية بالغلوّ !! هل يريد هؤلاء أن نقابل هذه الجيوش الإجرامية الرافضية النصيرية الصليبيية الملحدة بأهل الوسطية والاعتدال !! أي منطق هذا وأي عقل !! أهل الوسطية يتقدمون جنود الرافضة لقتال المسلمين في العراق ، ويشاركون الملاحدة الأكراد والنصيرية هجماتهم على المسلمين في الشام ..

لا أعتقد قائد جيش على وجه الأرض إلا ويتمنى أن يملك جنوده نصف شجاعة جنود الدولة الإسلامية ، ونحن نريد أن نصيّرهم وسطيين معتدلين !! لو كان عندنا عقل لدعونا المجاهدين إلى مزيد من الشدّة والقوة والإرهاب والعنف والتفجير والتدمير والنكاية والتشريد بل والإبادة الجماعية للنصيرية والرافضة والدروز والنصارى والملاحدة وكل من يشارك في قتال المسلمين حتى لا يبقى في البلاد إلا مسلم آمنٌ على عرضه ودينه أو ذمّيّ يدفع الجزية عن صغار وذلّة ، ومن قال غير هذا فلينظر ما آل إليه حكم الوسطية والاعتدال في مصر ..

التكفير في منازل المجاهدين ليس كالتكفير في مواطن الأمن ، فالعدو الذي يُشهر سلاحه عليك وترددت لحظة في قتله : يقتلك ، سواء كفّرته أم لم تكفّره .. كل راية تقاتل المسلمين تحت راية الكفار فهي كافرة ، وكل من يتولّى الكفار كافر ، وكل من يقاتل من أجل دولة مدنية ديمقراطية لا دينية فهو كافر .. الرافضة الخمينية كفار ، والنصيرية كفار ، والدروز كفار ، والنصارى كفار ، وملاحدة الأكراد كفار ، والرايات العلمانية كافرة ، واليزيدية كفار ، ومن أعان أي من هؤلاء على قتال المسلمين فهو متولٍّ لهم ، وهو منهم ، وحكمه حكمهم بنص كتاب الله تعالى ، ومن لم يقاتل بهذه العقيدة فليترك “الدولة الإسلامية” فلا حاجة لها به ..

أما الجماعات المسلمة التي رفعت راية الإسلام – والتي نحسبها صادقة – فهذه التي عليها الكلام ، والتي ندعوا قادة الدولة الإسلامية إلى مراجعة الموقف منها (كجبهة النصرة والأحرار وأمثالهم) .. هنا أمر هام : إذا كانت الرسالة التي تناقلتها وسائل الإعلام عن مسؤول في “الأحرار” صحيحة ، فنحن نحذّر قادة وجنود الأحرار من هذا المنزلق الخطير .. كيف نقول “جماعة مجاهدة” ونحن نستجدي النصارى للاعتراف بنا وبشرعيتنا ونتكفّل لهم بقتال المسلمين ليرضوا عنا !! أيليق هذا بأهل الجهاد المأمورون شرعاً بقتال هؤلاء النصارى !! نسأل الله أن لا يكون ما نُقل صحيحاً .. لعل الإخوة في الأحرار والجبهة يكتشفون قريباً أنهم ضحايا مكر وغدر بعض هذه الجماعات والحكومات التي وثقوا فيها ، وضحايا بعض الدخلاء والمندسين بينهم ..

أخي الفاضل : الرافضي مُمَكّن في جزيرة العرب ، والمرتدّ (الذي تسميه في كتبك “ليبرالي” تلطفاً) ممكّن في جزيرة العرب ، والعلماء وطلبة العلم مضيّق عليهم وفي السجون !! الرافضية والكافرة طليقة ، والمسلمة الموحّدة مسجونة أسيرة .. الذي سجن عشرات الآلاف من المسلمين وعذّبهم ونكّل بهم أصبح ولي عهد العرش ، ومن دافع عن المسلمين وبذل دمه في سبيل صد المد الشيوعي والعدو النصراني عن الأمة صار سجيناً مُهانا .. لا تعتقد للحظة بأن من نفر للجهاد جاهل أو مغرر به .. هو أعلم مني ومنك ، وأعقل مني ومنك ، وأصدق مع نفسه مني ومنك ، وأجدر أن يسود هذه الأمة مني ومنك ومن “ولاة أمرك” .. المغرر به : من يظن أنه يتعالى على المجاهدين بعلمه ، ولعله يمسي ويصبح في سخط الله – من حيث لا يشعر – لتخلّفه عن الجهاد المتعيّن ..

اتركوا الدولة الإسلامية تقاتل الرافضة والنصيرية والنصارى والملاحدة .. دعوا هذه الأُسد الكريهة تنهش في لحوم أعداء الأمة .. لا تقفوا أمامهم ولا تخذلوهم ولا تُرجفوا ، فإنهم حصن هذه الأمة في هذا الزمان ، ووالله لو خلص الرافضة إلى هؤلاء فلن يقف أمامهم أحد حتى يعلّقوا صورة المجوسي الخميني على أستار الكعبة ، وحتى يهتكوا أعراض نساء المسلمين في جوف الكعبة ، وحتى ينبشوا قبريّ الشيخين في المدينة وقبور الصحابة في البقيع ، ولن تنفعكم أمريكا يومها لأنها هي التي ستفتح لهم الطريق ، فمن يتحمّل وزر هذه الأعراض التي ستنتهك ، والدماء التي ستُزهق ، إن كنتم لم تستطيعوا التصدي لصدّام وقد كان أضعف بكثير مما عليه إيران الآن ، ولم تستطيعوا هزيمة أوباش الحوثيين في اليمن ، فكيف تصدّون إيران وأمريكا معها !!

نسأل الله عز وجلّ أن يمكّن للدولة الإسلامية في العراق والشام وسائر الأرض ، وأن يوحّد كلمة المجاهدين على كلمة التوحيد ، ويخذل المرجفين والمخذّلين ، ويبيد خضراء المرتدين الموالين لأعداء الدين .. اللهم عليك باليهود والنصارى والرافضة والنصيرية والملاحدة ومن والاهم وأيّدهم وتولّاهم وناصرهم وأعانهم ولو بكلمة على حرب المسلمين ، اللهم احصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا .. اللهم ردّ كيد كل كائد عن المجاهدين .. اللهم رد مكر كل من يمكر بالمجاهدين في نحره ، واجعل تدبيره تدميره ، واجعل الدائرة عليه يا قوي يا عزيز ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
28 رمضان 1436هـ

_______________

To inquire about a translation for this article for a fee email: [email protected]