New article from Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd: "Detection of Poison in the Daily Telegraph Article"

بسم الله الرحمن الرحيم

جاء في موقع الجزيرة على الشبكة العالمية خبراً يُنئ بتحوّل الحرب الدعائية على “قاعدة الجهاد” إلى الصورة النمطية المبنيّة على نظريّة “فرّق تسُد” القديمة قِدم الخبث الإنجليزي .
ففي يوم الثلاثاء (23/3/1433 هـ) ، نقل موقع الجزيرة خبراً عن صحيفة “الديلي تلغراف” البريطانية مقتطفات من مقالة حرّرتها تحمل في طيّاتها المكر البريطاني التأريخي الذي استخدمته ابان حروبها مع دول العالم عامة ، والدول الإسلامية خاصة . إن الموهبة التي يمتلكها السياسي البريطاني – في التفريق والتحريش بين الناس – ليست بتلك الفاعلية التي يظنها “الموهوب” البريطاني بقدر ما هي اعتماد على غفلة وغباء المَمْكور به ، ففاعليّة هذا المكر تكمن في دراسة عقلية الخصم ومحيطه المؤثّر عليه ، ومن ثم إيجاد مفاتيح بوابات الهدم الإجتماعي والسياسي الصحيحة ..
لعل آخر مكر واضح رأيناه يعمل عمله الكبير والخطير في المجتمع الإسلامي كان في الجهاد الأفغاني الأوّل ، وكان المكر موجّه ضدّ المجاهدين العرب الذين نفروا إلى ساحات القتال في أفغانستان حيث عملت القنوات الإعلامية البريطانية – وغيرها – والمتمثلة في الإذاعات المحليّة (باللغة الفارسية والبشتو) على زرع الشقاق والفتنة بين المجاهدين حتى رأينا نتاج ذلك في الإقتتال الداخلي بينهم ، ثم ظهر ذلك جلياً ابان الغزو الأمريكي لأفغانستان حين دخلت قوى أفغانية تحت الراية الصليبية ضد إخوانهم المسلمين وضد بلادهم ودينهم بتأثير كبير من هذه القنوات الإعلامية !!



إن المؤمن كيّس فطن ، ولا يُلدغ المؤمن من جُحر مرّتين ، وهؤلاء الشياطين يئسووا أن نعبد صليبهم ولكن رضوا بالتحريش بيننا وتفريقنا وتمزيقنا وزرع الفتنة والشقاق في أمتنا لنتقاتل نحن فيما بيننا ويقفون موقف المستهزئ المنتشي بعقله ودهائه . لقد زرع هؤلاء الخبثاء الفتنة بين المسلمين في أفغانستان والعراق وفلسطين والصومال ، وها هم يزرعونها في ليبيا وتونس ومصر واليمن ، وسيجد الباحث أثر يدهم الخبيثة في كل موضع في العالم يقتتل فيه أبناء الوطن الواحد أو الدين الواحد أو العرق الواحد ليسود هؤلاء الشياطين على جثث وأشلاء الناس ..
المقالة التي نتحدّث عنها في موقع الجزيرة تحمل عنوان “هل تظهر القاعدة في سوريا؟”، وسيرى القارئ حقيقة المكر البريطاني الشيطاني المتلبّس بالموضوعية المهنيّة !! وسيعلم القارئ ما يُراد بالأمّة الإسلامية وما يُخطّط لها من فساد وإفساد ينمّ عن حقد أبديّ دفين في قلوب هؤلاء الخبثاء لا يلبث أن يظهر على ألسنتهم أو بمداد أقلامهم .. (وهذا هو رابط الخبر في موقع الجزيرة:https://www.aljazeera.net/NR/exeres/E4517F1A-9F63-4C94-919A-F3533B2491C5.htm).
سأنقل الخبر كاملاً من موقع الجزيرة ، وستكون عبارات المقالة بين معكوفين [ … ] والتعليق أسفل كل فقرة مصدّراً بكلمة “التعليق” :
[تساءلت صحيفة ديلي تلغراف عن مدى نجاح تنظيم القاعدةفي سوريا عقب الرسالة الأخيرة التي دعا فيها القائد الجديد للتنظيم أيمن الظواهريإلى الجهاد وأعرب عن تأييده للانتفاضة السورية.]
التعليق : الخبث الإنجليزي يأتي – في الغالب – على شكل تسائل بسيط بريء لا يلفت انتباه القارئ بحيث لا يشك في أن الأمر مجرّد نظرة تحليليّة قريبة من الواقع الملموس ، ويظهر هذا في جملة “تساءلت صحيفة ديلي تلغراف” فهو مجرّد تسائل بسيط بريء لا أكثر !!
[وقالت الصحيفة إن رسالة الظواهري كانت مؤشراً على الضعف والقوة في آن واحد. فالظواهري يدرك أن السوريين تحدّوا سخط قائدهم دون مساعدة من القاعدة، ولم تحمل رسالته سوى إشارات عابرة للثورات في تونس ومصر وليبيا التي نجحت هي أيضا في إسقاط أنظمة مستبدة، وجعلت من القاعدة متفرجا عاجزا.]
التعليق : لا يقوم المكر الإنجليزي على إلغاء الطرف المُستهدَف ، بل يعطيه مساحة ويلقي إليه بطُعم يستسيغه ليسهل صيده ، وهذا تراه واضحاً في قولهم “إن رسالة الظواهري كانت مؤشراً على الضعف والقوة في آن واحد” ، ولو قالوا بأن الرسالة تنم عن الضعف فقط لأعرض الكثير عن قراءتها ، ولكنهم جمعوا بين الأمرين ليقنعوا القارئ بأنهم موضوعيون وأن الأمر ليس كله نقد ، وبذلك يضمنوا جذب المؤيّد لقاعدة الجهاد ، أو على الأقل : المحايد ..
[مشكلة القاعدة
وتشير ديلي تلغراف إلى أن مشكلة القاعدة الآن هي أن أعداءها في المنطقة (الأنظمة المستبدة) قد سقطوا مثل أحجار الدومينو، ولكن زوالهم لم يأت بفضل الظواهري أو أنصاره. فعجز الظواهري عن أن ينسب سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك –الذي كان سببا في اعتقاله لسنوات وتعريضه للتعذيب- ربما يكون إهانة لقدامى الجهاديين.]
لعل هذا هو لبّ المقالة والمقصود من هذه الكتابة ، فهم يريدون : إلغاء دور قاعدة الجهاد في الأمة الإسلامية عن طريق إقناع الناس بعدم جدوى الجهاد الذي يريدون أن يقنعوا الناس بأنّه منهج خاص بقاعدة الجهاد ، مع أن الإنجليز يعلمون يقيناً حقيقة الجهاد ومكانته في الإسلام .. وللأسف فإنهم يعرفون ذلك أكثر من غالب المسلمين ..
[وبما أن تضييع ثورة واحدة قد يعتبر سوء حظ -والكلام للصحيفة- فإن النأي بالنفس عن أربع ثورات سيبدو ضربا من اللامبالاة أو تأكيدا على أن الدعم الشعبي للقاعدة قد تضاءل كثيرا].
التعليق : هذا من باب “جعل السمّ في العسل” ، فهم بدؤوا بتسائل بريء ، ثم بإيحاء بالموضوعية ، ثم بلبّ المقصود ، ثم بالكذب المبطّن عن طريق التخمين والتحليل الإيهامي ، ثم بتكرار الكذب حتى يستقرّ في الذهن ، والكذبة هنا أنه ليس للقاعدة دور في هذه الثورات وأن الدعم الشعبي لها قلّ أو “تضائل كثيراً” !!
[وترى الصحيفة أن الظواهري الذي نأى بنفسه عن ثلاث ثورات ناجحة، يحاول الآن أن يعتلي الموجة السورية. وتشير إلى أن عدم الحراك الغربي تجاه معاناة المسلمين ربما يخلق فجوة ليدخل منها الظواهري.]
التعليق : هذا يقع في عرفنا تحت المثل القائل : “رمتني بدائها وانسلّتِ” ، فالكل يعرف من يعمل على تسلّق واعتلاء موجة الثورات العربية ، والكل يشاهد آثار المكر الصليبي اليهودي في مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا ، ولكن هؤلاء الخبثاء أرادوا أن يستبقوا الأمر فيتّهموا غيرهم ليبعدوا الأنظار عنهم كما فعلوا في العراق حينما أعلنوا بأن هناك “غرباء” أتوا ليقاتلوا تحت راية المقاومة العراقية “المشروعة” !! لننتبه لهذا المكر : المقاومة العراقية “مشروعة” ، ولكن هناك غرباء يقاتلون في صفوفها ، وهذا ليس مشروعاً !! لنحاول فكّ هذه الرموز مرّة أخرى : هناك مقاومة عراقية ، وهذه المقاومة العراقية الوطنية : شرعيّة ، ولكن القوم يجزمون بأن “الغرباء” لا يجوز لهم المشاركة في هذه المقاومة “المشروعة” .. هل أدركنا حجم هذا الخبث والمكر والدهاء !!
المقصود هنا : صرف نظر الناس عن حقيقة كون العراق محتلّة ، وأن “الغريب” هو الغربيّ الصليبي المحتلّ للبلاد ، فهم ألقوا بطعم “مشروعية المقاومة” ليكسبوا صفة الموضوعية فيمرروا من خلالها ما يريدون .. لقد دمّروا العراق وقتلوا الملايين وشرّدوا الملايين وهتكوا الأعراض وسرقوا الأموال وحاربوا الدين واحتلّوا بلاد المسلمين ، كل هذا بموضوعيّة وإقرار بمشروعية المقاومة العراقية ، مع الإصرار على ضرورة عدم تدخّل “الغرباء” المسلمون العرب المجاهدون الذين يشاركون العراقيين في الدين والنسب والثقافة والفكر والعقيدة والحدود والـتأريخ والمصير !! الإحتلال مشروع حسب قوانين “الأمم المتحدة” ، وقتل العراقيين وتدمير بلادهم وهتك أعراضهم ضروري للسلام العالمي ، ولكن من غير المقبول أن ينبري “الغرباء” لنصرة إخوانهم في العراق فهذا ما لا تقبله الأعراف والقوانين الدوليّة ، وعلى الجميع الإلتزام بهذه الأعراف والقوانين الدولية وعدم السماح “للغرباء” بالتدخّل في شؤون العراق المحتلّة من قِبل القوى الصليبية الغازية القادمة من شتى بقاع الأرض !!
[فيقول البروفسور في الدراسات الحربية بكلية كينغ في لندن ديفد أوماند إن “الأمر أشبه بهنغاريا عام 1956 حيث إن القضية عادلة ولكن لا يمكن عمل شيء إزاءها“. ويضيف أن ثمة فرصة للظواهري كي يقفز ويقول “لا يمكنكم التعويل على أميركا والغرب، بل عليّ وعلى الجهاديين“. غير أن إنغيل أنكستر، وهو مدير سابق للعمليات في جهاز الاستخبارات الخارجي في بريطانيا أم أي 6، يقول إنه لا يجب تجاهل تهديدات الظواهري، مشيرا إلى أن القاعدة لا تزال تملك بنية تحتية في العراق.]
التعليق : إن في الإستعانة بالأسماء والألقاب العلمية اللامعة إضافة لفاعلية الكلمات في عقول المبهورين بهذه المسمّيات ، والحقيقة أن هذه الألقاب والأسماء لا تعني شيئا في الواقع .. من هو “ديفد أوماند” ومن هو “أنكستر” حتى نجعلهم حكّاماً على أوضاعنا وأفكارنا !! نحن أعلم بمواقفنا وبواقعنا من هؤلاء الغرباء .. نحن نعيش هذا الواقع وهم يقرؤون عنه .. هم أعدائنا ولا ننتظر منهم إلا المكر والكذب الذي تعوّدناه منهم باسم الموضوعية والشفافية ..
[ولم يستبعد أنكستر أن تكون هجمات التفجيرات التي استهدفت مقرات الأمن في حلب من فعل القاعدة بالعراق، وقال إن أسلوب التنفيذ يختلف عن النهج الذي يتبعه الجيش السوري الحر.]
التعليق : طبعاً ، “الديلي تلغراف” لا دخل لها بهذا الكلام ، فهذا كلام “أنكستر” الذي لا نأبه بمعرفته ، وهذا دأب الإعلام الموجّه : فهم صادقون في أن هذا كلام أنكستر (الغير معروف) ، وحقيقة الأمر أن الإعلام الموجّه يستطيع أن يأتي بأي رأي يريد عن طريق عقد لقاءات كثيرة مع الناس ثم يختار لقاءً واحداً مع إنسان يوافقهم على ما يريدون ولا ينقلون للمشاهد – أو القارئ – بقية اللقاءات التي تخالف توجّههم .. تخيّل لو أن قناة إعلامية قابلت ألف إنسان ، ثم وافقها شخص أو شخصان على موقفها ، فهذه القناة ستنقل هاتين المقابلتين وتترك البقية ، وقد تنقل لقاءً واحداً مع مخالف من باب :الموضوعية ، وتُظهر الرأي الموافق لها على أنه رأي الأغلبية ، وهذه طريقة جميع القنوات الإعلامية “الموضوعيّة” الموجّهة ..
[مصلحة النظام
ولكن الصحيفة تقول: حتى لو أن القاعدة تنفذ هجمات في سوريا فإن ذلك يصب في مصلحة النظام الذي دأب على اتهام “عصابات إرهابية مسلحة“.]
التعليق : هنا أمر مبطّن آخر مفاده : أن على المسلمين في سوريا خاصة – وفي بلاد الإسلام عامة – أن لا يوافقوا على مشاركة “قاعدة الجهاد” للسوريين في مقاومتهم لأن هذا يصب في مصلحة النظام النصيري !! والسؤال هنا : إذا لم يشارك المجاهدون في الجهاد ضد النصيريين ، فمن يتدخّل في سوريا بزعم مساعدة السوريين !! الجواب غير مجهول ..
[كما أشارت الصحيفة إلى أن معظم المسلحين المنشقين عن الجيش السوري الذين التقتهم، هم من السكان المحليين ولا يرتبطون بجهات خارجية.]
التعليق : ربما يرتبطون بجهة خارجيّة أصلها حجازي ، واسمها : الإسلام .. هل المسلحون المنشقّون مسلمون أم كفار ؟! إن كانوا مسلمين فهم مرتبطون بإخوانهم المسلمين في جميع الأرض برابط الإسلام ، وإن كانوا كفاراً فلا شأن لهم بالشعب السوري المسلم ..
[وتنقل عن جلال (20 عاما) قوله إنه انشق عن الجيش لأنه لم يعد يحتمل قتل النساء والأطفال، وأضاف “لقد رأيت ما جرى في حمص ودمشق، ولا أستطيع أن أبقى مكتوف الأيدي“.]
التعليق : طبعاً جلال هذا – الذي لا نعرفه – لا يريد تدخّل “قاعدة الجهاد” في سوريا ، فهو انشقّ لأنه لم يحتمل قتل النساء والأطفال ، فالمسألة ليست دينية ، بل إنسانيّة بحتة ، ومَن أَكثر إنسانية من الإنسان الغربي !!
[وأكد جلال للصحيفة أن تفجيرات دمشق التي اتهم فيها النظام القاعدة كانت “عملاً داخليا” عرف بأمرها جنود قبل أن تقع. وقال “لقد تم إبلاغنا بعدم الذهاب إلى تلك المنطقة لأنها ستشهد هجوما بالقنابل].
التعليق : جلال هذا – الذي لا نعرفه – أنكر وجود “قاعدة الجهاد” في سوريا ، وسبب نقل هذه التعليق من جلال هذا : أن الديلي تلغراف تريد الإيحاء بأن المقاومة السورية تستطيع عمل ما يمكن أن تعمله “قاعدة الجهاد” وبنفس الطريقة ، فلا داعي لوجودها في سوريا ، فهي أوحت ابتداءً – على لسان “أنكستر” – الذي لا نعرفه – بأن هذا من عمل قاعدة الجهاد وأن تدخّل القاعدة يصب في مصلحة النظام السوري ، ثم نفت الآن – على لسان “جلال” المجهول أيظا – بأن تكون القاعدة هي التي نفّذت هذا العمل !! وهذا استخفاف انجليزي وقح بالعقول غير الإنجليزية المُسْتهدفة !!
[لكن الصحيفة تقول إن أمل الجهاديين المحتمل هو كون جميع المقاتلين الذين التقتهم ديلي تلغراف هم من المسلمين السنة، أي مثل الظواهري وقائد التنظيم الراحل أسامة بن لادن].
التعليق : أكثر من 80% من سكان سوريا من المسلمين السنة ، وأكثر سكان الأردن ومصر وفلسطين وتركيا والعراق وكثير من أهل لبنان من المسلمين السنّة ، بل هناك أكثر من مليار مسلم في الأرض من المسلمين السنة ، فما فائدة تخصيص الظواهري وأسامة – رحمه الله – بهذا الأمر !!
التخصيص فيه إيحاء مبطّن بأنه لا شيء يجمع بين المسلمين في سوريا وبين “قاعدة الجهاد” غير هذا الإسلام السنّي : لا منهج ولا فكر ولا وسيلة ولا غاية !! وفي هذا التخصيص محاولة الإيحاء بالموضوعية التي وعد بها كاتب المقالة في بدايتها ، فالأمر لا يتعدّى ذر رماد في العيون ، ولا يخلوا من غمز مبطّن ..
قد يقول قائل : ما فائدة نقل مقالة عابرة من صحيفة غائبة في مثل هذا الوقت ؟
الجواب : هذه المقالة نموذج جيّد للمنهج الفكري الذي يحارِب به الأعداء هذه الأمة منذ قرون ، ففي طياتها الكثير من الأساليب الخبيثة التي تستثير العقل وتثير الشك وتزرع الخلاف بين المسلمين عن طريق التلاعب بأفكارهم وعواطفهم ، فالأمر ليس أمر مقالة عابرة كما قد يظن البعض ، بل الأمر أكبر من ذلك بكثير : فهذا منهج إعلامي سياسي يقوم على دراسات نفسيّة عميقة للفكر العربي الإسلامي ، وهو منهج إوروبي خبيث استُخدم ضد الدولة العثمانية واستخدم في الحرب العالمية الأولى والثانية وفي حرب أفغانستان والعراق ، فهذه المقالة تعد نموذجاً جيداً للإعلام الماكر ، فينبغي دراسة ما فيها جيداً ، ومعرفة جميع أساليب العدو ..
كيف نواجه هذا التحدي الإعلامي الغربي ؟!
– يجب أن نعرف حقيقة هذا الإعلام ، وأنه لم ولن يكون محايداً أبدا ، وأنه إعلام معادي لقضايا الأمة الإسلامية ، فموقفنا منه موقف الشاك المرتاب المُكذّب ، ولا ينبغي لنا أبداً أن نُسْلم عقولنا لمثل هذا الإعلام الصليبي اليهودي الحاقد ..
– يجب أن نبتعد عن سوء الظن بالمسلمين ، وأن نبني علاقاتنا مع إخواننا على أساس المشاركة الفاعلة في القضايا الإسلامية ..
– يجب أن ندرس العقيدة الإسلامية الصحيحة دراسة متفحّصة نبني على ضوئها أسس العلاقات الإقليمية والدوليّة ، وأن نبني جميع مواقفنا من الجماعات والحكومات على هذا الأساس العقدي ..
– لا بد من إيجاد إعلام مضاد يفنّد ما يقوله العدو ويكشف زيفه ومكره ، ولا بد أن يعمل هذا الإعلام الإسلامي على تثقيف المسلمين وزيادة وعيهم بقضايا أمتهم ، وأن يبادر إلى زرع الشقاق والعداوة بين أعداء الأمة : فلا يكون إعلاماً دفاعياً فحسب ، بل يكون إعلاماً مٌبادراً فاعلاً ..
عوداً إلى النقاط المثارة في المقالة ..
إن قاعدة الجهاد لم تكن أكثر اعتزازاً بأمتها منها اليوم ، فهي كانت – ولا زالت – تدعوا جموع المسلمين للخروج على هؤلاء الطواغيت ، فهذا الخروج الشعبي هو في حقيقته تحقيقٌ لدعوة “قاعدة الجهاد” ، والتي هي دعوة إسلامية شرعيّة متأصّلة في أدبيّات المجاهدين ، وهي دعوة أجمع عليها علماء المسلمين ، قال الحافظ في الفتح “ينعزل [الإمام] بالكفر إجماعاً فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب ، ومن داهن فعليه الإثم ، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض” (انتهى) ..
لو رجعنا بالتأريخ سنة ونصف – فقط – من الآن لأدركنا يقيناً بأن “قاعدة الجهاد” هي الجماعة الوحيدة التي كانت تنادي بالخروج على الحكام : فجميع الجماعات الأخرى – وأكثر علماء الأمة – كانوا ينهون عن الخروج ويعدّونه من المعصية ومن الكبائر ومن أعظم الفتن ، ولكن قاعدة الجهاد ثبتت على دعوتها وأصرّت على العمل في تحقيقها حتى صارت واقعاً يراه العالم أجمع ، فهذه الثورات هي تحقيق لحكم شرعي أجمع عليه العلماء ، وكانت “قاعدة الجهاد” تدعوا – دون بقية الجماعات – لتفعيل هذا الحكم ..
إن “قاعدة الجهاد” ليست أفراداً أو أشخاصاً كما يظن البعض ، بل هي تحقيقٌ لمنهج قرآني ربّاني متجذّر في الحقائق الشرعية ، ولا يمكن فصل هذه المنهج عن واقع الدين الإسلامي ، فما حقّقته الأمة الإسلامية من حريّة سياسية ، وما بذلته من دماء وأشلاء في سبيل إسقاط هذه الأنظمة الطاغوتيّة هو تحقيق لدعوة “قاعدة الجهاد” الشرعية المبنية على : عقيدة الجهاد في سبيل الله ، وعقيدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعقيدة دفع الكفر وإزالته ، فكيف يكون خاسراً من يرى تحقيق دعوته واقعاً عمليا !!
إن الخاسر الأكبر من هذه الثورات هو الغرب الذين أطاحت الشعوب العربية بعملائه المخلصين ، فهذه الثورات قلبت الكثير من المخططات الغربية التي استكانت الشعوب الإسلامية لها عن طريق تبعيّة حكامها ، فهذه الشعوب المحرَّرة هي أقرب ما تكون اليوم إلى فكر ومنهج “قاعدة الجهاد” من أي وقت مضى ، ولا يضرّ “قاعدة الجهاد” أن لا تشترك بعناصرها في الثورات إذا كانت اشتركت بفكرها – الحصري – قبل الربيع العربي ..
نقول هذا ولا نسلّم بعدم مشاركتها في هذه الهبات الشعبية ، لأن من يحمل فكر “قاعدة الجهاد” أكثر من أن تحدّهم حدود أو تحصرهم أعداد : فهم في جزيرة العرب عامة واليمن خاصة ، وهم في مصر وتونس وليبيا والشام والمغرب والمشرق وسائر أقطار الأرض ، “فقاعدة الجهاد” فكرة وليست منظّمة أو حزب بالمعنى المعروف ، وهي فكرة إسلامية تنطلق من عقيدة متأصّلة في قلوب المسلمين ترتكز على مبدأ الجهاد المفروض على الأمة في الكتاب والسنة وبإجماع علماء الأمة ، فكل مسلم يعرف عقيدته يعلم يقيناً أنه مطالب بالدفاع عن دينه وعرضه ونفسه وماله ، فمن قرأ القرآن أو اطلع على سنة النبي صلى الله عليه وسلم أو عرف إجماع العلماء ثم أيقن بأنه مخاطب بالجهاد : فهو حامل لفكر “قاعدة الجهاد” ومنهجها وعقيدتها ، فهي عقيدة مشتركة ، ومنهج عام لا ينفكّ عن المسلم : سواء خالف “قاعدة الجهاد” ، أو وافقها في بعض اجتهاداتها أو وسائلها ..
إن دليل انتصار “قاعدة الجهاد” على القوى النصرانية ملموس لا يمكن انكاره ، ولا يكابر إلا جاهل ، ولا يجادل إلا حاقد ، فقاعدة الجهاد هزمت قوى العالم أجمع في أفغانستان والعراق ، وانضوى تحت رايتها جند الصومال واليمن والمغرب ، وجنودها متواجدون في الشام ومصر والمغرب الأدنى والأوسط والأقصى ، وفي بلاد ما وراء النهر وما دونه من المشرق الإسلامي ، بل توجد لها خلايا في أكثر دول الغرب ، ورُفعت رايتها في الربيع العربي بشكل لافت لا يمكن تجاهله أو التغافل عنه ، فأين هذا كله من الإعلام النصراني اليهودي الموضوعي !!
إن “قاعدة الجهاد” جزء لا يتجزّأ من هذه الأمة الإسلامية العظيمة ، وهي جزء صغير في أمة كبيرة ، ولا يمكن أن نفصل أهل الجهاد عن الأمة إلا بتقطيع أوصالها ، ولم يدّعي قادة الجهاد يوماً أنهم الأمة وأن غيرهم ليس منها ، أو أن على الأمة قاطبة اتباعهم وطاعتهم ، ولكن قادة الجهاد كانوا – وما زالوا – يُعلنون بأنهم خدمٌ لهذه الأمة ولشعوبها المسلمة ، وأنهم يدهم الضاربة لأعداءهم ، وأنهم تبع لطموحاتهم وأحلامهم الشرعية ، وهم لا زالوا يحرّضون الأمة على الجهاد والتضحية في سبيل الدين بشتى الوسائل الشرعية .. والفرق بينهم وبين غيرهم من أبناء الأمة : أن أهل الجهاد سبّاقون إلى ساحات القتال للذبّ عن دين الإسلام وأعراض المسلمين ودمائهم ، فهم في هذا مُقدّمون على غيرهم كتقدّم أهل الصفوف الأولى في الصلاة ، وهم مقدّمون على غيرهم لما يظهر من إخلاصهم لقضايا أمتهم : فبينما يكتفي أكثر الناس بالكلام ، تجد هؤلاء في ساحات القتال تحت القصف المدفعي والرّمي الصاروخي وبين زخّات الرصاص يفدون أهل الإسلام بأرواحهم ويذودون عن دينهم ، وهذا أمر مشترك بين عناصرهم وقياداتهم التي ترتقي إلى السماء تباعاً ، بينما قيادات غيرهم تكتفي بالتحريض والإنزواء في المكاتب والفنادق ، لا الخنادق ..
إن الرابح الأكبر من هذا الربيع العربي هم أهل الإسلام ، والغرب والمرتدّون يحاولون بشتى الوسائل والسُّبل احتواء هذه الثورات أو توجيهها عن طريق زرع الفتنة بين شباب الإسلام وخلق الشقاق والتنازع بينهم ، وهذه المحاولات الجادة الخطيرة من الغرب كبيرة لدرجة أن البعض بدأ يردد بأن هذه الثورات هي صنيعة غربيّة ، ونسي هؤلاء – أو تناسوا – بأن للكون إله واحد فقط يدبّر الأمر من عنده ويفعل ما يشاء ويختار ، وليس للغرب هذه الصفة أو الخاصيّة التي أنكرها هؤلاء للواحد الأحد وأضفوها على الغرب فيعتقدون بأنه لا يكون في الكون إلا ما شاء الغرب !!
هذه الثورات قامت رغم أنف الغرب ، وقد فاجأت الجميع ، وهي ردة فعل على الظلم القهر المتواصل لعقود ، وهي نتاج الوعي الذي صمد من أجله خيرة رجالات الإسلام ليبلغوه هذا الجيل .. فليس الأمر محض صدفة ولا فلتة من فلتات التأريخ ، بل الأمر نتاج عمل وجهد وتضحيات كثيرة عظيمة جليلة لعقود طويلة ، بل لقرون ، ولا زال الناس في بداية الطريق (إلا أن يُقدّر الله أمراً من عنده) ، ولا يحسبنّ الشباب الثائر أن الأمر انتهى بسقوط طاغية أو حصول انتخابات ، الأمر أكبر من حاكم أو حكومة ، الأمر سنّة إلهيّة كونية في تدافع الحق والباطل : بدأ بعداوة إبليس لآدم ، وسينتهي قبل قيام الساعة ، والعاقبة للمتقين ..
كثير من الناس تأثّروا بالإعلام الغربي والرسمي العربي ، وأصبح البعض يردد مقولة أن “الثورات العربية سحبت البساط من تحت أرجل قادة الجهاد” ، وهذا ما يريد أن يزرعه صاحب مقالة “الديلي تلغراف” في عقول المسلمين ليبني عليه أموراً أخرى لاحقة ، ، ونقول له ولغيره ممن تأثّروا به : إن هذا البساط الذي تزعمون هو من نسج المجاهدين ، فقاعدة الجهاد هي من صنعت هذا البساط بعرقها ودمها ، ثم فرشته لتطأه أقدام شباب الإسلام الثائر ، فهي من أكثر الناس ابتهاجاً بهذه الثورات ، ولا يضيرها أن لا تكون رائدة فيها ، بل يرضيها أن تكون تابعة لكل من يرفع راية الإسلام في بلاد المسلمين ، ولو أن راية إسلامية حقيقية رُفعت في أي دولة إسلامية فسيجد الناس بأن “قاعدة الجهاد” أوّل من ينزوي تحتها ، فتكون تابعة لمن يريد نصرة الإسلام ، فليس هم “قاعدة الجهاد” قيادة الناس ، بل همّها نصرة الدين ولو كانت تحت حكم عبد حبشي مجدع كأن رأسه زبيبة يقودهم بكتاب الله ..
الفرق بين “قاعدة الجهاد وغيرها من الفرق والجماعات الإسلامية : أن قاعدة الجهاد ترى أن أفضل طريقة لنصرة الدين الإسلامي اليوم هي الطريقة الشرعية المتمثّلة في “الجهاد في سبيل الله” بالمعنى الخاص ، بينما يرى غيرها ضرورة تأخير – أو ترك – الجهاد والتزام العمل السياسي أو الدعوي أو التربوي ، وقد أثبتت الثورات العربية بأن الجهاد هو الحل الأمثل لمشاكل الأمة ، ولكن الغرب الصليبي والمكر اليهودي والإعلام الموجّه يحاول بشتى الطرق إفساد هذا الرأي أو صرف نظر المسلمين عنه بشتى الوسائل والطرق التي من نماذجها هذه المقالة في الديلي تلغراف وغيرها من المقالات والتصريحات والبرامج في الفضائيات وغيرها من وسائل توجيه الرأي العام ..
هنا أمر غاية في الأهمية ولا يمكن تجاهله أو التغافل عنه ، وينبغي إدراكه وفهمه مِنْ قِبل المسلمين عامة ومن قبل قادة الجهاد خاصة ، وهو : أن الغرب اليوم بين فكّي كمّاشة :
فهم بين إنجاح هذه الثوارت التي ستحقق الإستقلالية للشعوب الإسلامية ، ولا شك أن هذا من أعظم الخسارة للحكومات الغربية التي عملت طوال قرون ثلاثة على زرع روح الإنهزامية والإستعباد بين الشعوب المسلمة ، أو أن يكيدوا لهذه الثورات ويعملوا على عدم إنجاحها ليُصبح البديل : الجهاد والإلتحاق بركب المجاهدين .. فهم بين : قيام حكومات إسلامية – أو حتى علمانية ديمقراطية – تحقق الإستقلالية للشعوب الإسلامية وتُطلق العنان للدعوة إلى الله بين أفراد المجتمع الإسلامي ، أو أن يحاربوا هذه الثورات ويزجوا بالشباب المسلم في أحضان “قاعدة الجهاد” ..
هذا الوضع الدقيق والخطير هو ما يُقلق الغرب الآن ، ولا أظن أن تَطْرف لهم عين أو يغمض لهم جفن في السنوات القادمة ، فهي سنوات حاسمة في تأريخ الأرض .. ولعل من أعظم النّعم على هذه الثورات العربية : وجود “قاعدة الجهاد” ، فلولاها لتدخّل الغرب لصالح الحكام ، أو لتدخّلوا بشكل أكبر وأوضح في الثوارت بقصد إسقاطها وإفشالها ، فوجود “قاعدة الجهاد” يقلق الغرب ويجعلهم يحسبون لخطواتهم ألف حساب ، فهم لا يريدون أن يكونوا سبباً في تجنيد الشباب المسلم لصالح “قاعدة الجهاد” ، فالحقيقة أن “قاعدة الجهاد” كابوس سياسي للغرب قبل أن تكون كابوساً عسكريا ، وهي من أعظم النعم على الشعوب الإسلامية ، وعلى من يتطلّع – من المسلمين المخلصين – للإرتقاء بالدول الإسلامية الثائرة أن يعلم بأن قاعدة الجهاد اليوم هي الورقة الرابحة للثورات وليس العكس كما يظن البعض أو كما يريد الإعلام الغربي أن يصورّه للمسلمين ، ومثاله ما “قال رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي [من أن] “هناك مؤشرات تفيد بأن القاعدة متورطة وتسعى إلى دعم المعارضة السورية لنظام الرئيس بشار الأسد،معتبرا أنه (من المبكر) التفكير في تسليح هذه المعارضة، كما رأى أن أي تدخل محتمل في سوريا سيكون (صعبا للغاية)” (انتهى نقلاً عن موقع الجزيرة) ..
فهو يريد أو يوحي بأن سبب عدم دعم الغرب للمقاومة السورية هو وجود القاعدة ، في محاولة منه لإيجاد الفرقة بين السوريين وبين قاعدة الجهاد ..
لقد استعان الغرب الصليبي بروسيا لتلعب دور المعارض في مجلس الأمن فتمنع كل تدخّل في سوريا قبل أن يُعلنوا وجود قاعدة الجهاد فيها ويستخدموها شماعة كعادتهم ، فالأمر لا يتعدّى أن يكون توزيع أدوار ، وسوريا ليست كبقية الدول لأن حكومتها من أكثر الحكومات إخلاصاً ليهود ، بل هي بمثابة دولة يهود : طعنة في قلب العالم الإسلامي ، فالنصيرية “أكفر من اليهود والنصارى” كما صرّح ابن تيمية وغيره من العلماء ، وحقد النصيرية على المسلمين لا يوازيه إلا حقد يهود ، ونحن نعجب لهذه المظاهرات التي تخرج هنا وهناك مندّدة بالموقف الروسي والصيني !! هل بعض الناس فعلاً بهذا الغباء حتى يعتقدوا ان الأمر حقيقة !! هل فعلاً فرنسا مع الشعب السوري !! من أتى بالنّصيرية ليحكموا سوريا ؟ أليست فرنسا !! النصيريّة عميلة لكل دولة تحارب الإسلام ، وعلى رأس هذه الدول : “فرنسا” راعية الحملات الصليبية على الأمة الإسلامية ، فكيف ننسى التأريخ وننسى ما قاله الله في كتابه وما جاء على لسان نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصدّق ساركوزي الفرنسي الصليبي الحاقد الذي قتلت بلاده الملايين المسلمين في سوريا على مر التأريخ !!
سوريا تختلف ، وذلك أن الشعب السوري متعصّب تعصّباً فطرياً لدينه ، وحقد السوريين على اليهود متجذّر في قلوبهم ، واليهود مُحتلون لأرض سوريّة ، فنجاح الثورة في سوريا معناه قيام حرب ضد يهود في الجولان وفلسطين ، ولا يمكن أن يرضى ثوار سوريا بأقل من حكومة تقودهم لتحرير بلادهم ثم بلاد المسلمين ، ولم يستطع الغرب الصليبي – إلى الآن – أن يجد ضالته في شخصيات سورية شعبيّة تستطيع كبح جماح هذه العصبية الإسلامية المتأصّلة في قلوب السوريين ، فأعظم خطر على دولة أن ينال الشباب السوري استقلاله وحرّيته .. فالمسألة ليست : الفيتو الروسي ، أو تواجد “قاعدة الجهاد” ، أو تنافس بين العرب وإيران ، أو عدم توافق الثوار في الداخل والخارج ، أو عدم وضوح الرؤية ، بل المسألة : الخوف على أمن يهود في فلسطين ، والخوف من تصدير العمل الثوري لبقيّة البلاد الإسلامية التي لا زالت شعوبها خاضعة للغرب عن طريق عملائها ، فلا بد للغرب وحكام العرب من إيقاف هذا المد الثوري حتى لا يزيد اشتعالاً فيحرق مصالح الحكام وجميع مكر وكيد اليهود والنصارى على مر القرون الأخيرة ..
إن معرفة هذا الأمر غاية في الأهمية لقادة الجهاد ، ولا أظنّهم يغفلون عنه ، ولا أظنهم بمعزل عن الإستفادة من هذه الورطة الغربية ، فالحكمة تقتضي أن يتغلغل دعاة المجاهدين في أوساط الشباب الثائر ليبيّنوا لهم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، وأن الأمر أكبر من حكومة ورئيس ، فالأمر أمر الأمة الإسلامية وأمر هذا الدين وأمر التصدّر لمكر وخبث أعداء الأمة ..
نحن نعتمد على غباء الغرب المدفوع بعظيم حقدهم على الإسلام والمسلمين ليقرّبوا الشباب المسلم ويدفعوهم في أحضان إخوانهم المجاهدين ، وما هذه الإستماتة الصليبيّة اليهودية لتشويه صورة المجاهدين – بهذا الشكل الكثيف المركّز ، وبمثل هذه المقالات و”الدراسات” – إلا لإدراك الغرب بخطورة الموقف ، فهم يريدون تشويه صورة المجاهدين حتى لا يكون هناك بديل لدى الشباب حينما يقرر الغرب الإنقضاض على هذه الثورات وإرجاع الأمر إلى سابق عهده ، فلا بد للغرب من زرع العداوة بين المجاهدين وبين عامة المسلمين قبل اتخاذ أي خطوة ضد الثورات ..
على قادة الجهاد وأنصار المجاهدين أن يعملوا بحكمة وعلم ودراية ويقضة في هذه الظروف المواتية ، فالغرب في ورطة سياسية واقتصادية ، وشباب الإسلام بدؤوا بالعودة إلى الله واستنشقوا نسيم الحريّة وخلعوا ربقة العبودية لغير الله ، فهذه فرصة تأريخية ينبغي استغلالها بكل ما أوتينا من همّة ، ولا ينبغي العمل بدون تخطيط ودراسة ومعرفة للأهداف البعيدة التي تحتاج إلى صبر وأناة ، ولا ينبغي استعجال النتائج ، ولا بد من تحاشي الإصطدام بالقوى الشعبية في الساحة الإسلامية ، وينبغي احتواء كل من عنده قطرة من عاطفة دينية : بدعوته بالتي هي أحسن ، فهذا أوان الدعاة الحكماء ..
إن الأمر أصبح مواتياً في ليبيا وتونس ومصر واليمن وسوريا والأردن – وغيرها من الدول الإسلامية – أكثر من أي وقت مضى ، ولا ينبغي إغفال قُطر على حساب الآخر : بل ينبغي العمل في جميع الأقطار وعلى كافة المستويات حتى تتكوّن قاعدة إسلامية صلبة متينة مجاهدة تحقق للمسلمين ما عجزوا عنه طوال هذه العقود والقرون .. إن لم نستثمر هذا الواقع الآن فربما ننتظر سنوات طوال لا يعلم مداها إلى الله .. فالهمّة الهمّة ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
28 ربيع الأول 1433هـ

__________