Questions of the Brothers for Shaykh Ḥussayn bin Maḥmūd About the Revolutions #15


س: نبدأ بالشأن الليبي.

ج: قبل أن نبدأ بالثورات أود أن أعزي الأمة الإسلامية عامة والمجاهدين وليبيا ومصراته خاصة بوفاة أخي الحبيب الشيخ جمال المصراتي (عطية الله الليبي) رحمه الله وتقبله في الشهداء. لقد كان نموذجاً للرجل الصادق الغيور على دينه وأمته (أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله)، وكان قمة في الأدب والأخلاق والصبر والحلم. هكذا يكون طلبة العلم، وعلى مثله فلتبك البواكي. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراق أبا عبد الرحمن لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
س: كانت بينكم مراسلات.
ج: كانت بيننا مراسلات، وقد كشف عن معدن أصيل وأخلاق عالية وهمة كبيرة وغيرة شديدة على الدين وحرص على مستقبل الأمة، فلله در أمّ أنجبت هذا الرجل، ولا غرابة أن يكون من أهل مصراته، فنعم الرجال أهل مصراته.
س: لعلنا نرجع إلى موضوعنا الأول: ما هو الوضع في ليبيا الآن!
ج: هناك جوانب سلبية وجوانب إيجابية، والذي يطمئن أن الثوار لا زالوا يحتفظون بالأسلحة، وأن قيادة الثورة بيد أناس نحسبهم على خير، ولا شك أن الكيد والمكر الأوروبي والأمريكي يعمل عمله في ليبيا عن طريق العملاء، ولكن نحسب أن هناك وعي عند القيادة الشبابية، نسأل الله أن يحفظهم. 
س: حصلت بعض المناوشات بين بعض الفصائل!
ج: حصل سوء فهم بين بعض الإخوة، ولكن الإعلام المعادي للإسلام أراد تضخيم الموقف وجعل الحبّة قبّة. قلت لكم من قبل وأقولها الآن: هم الآن يبحثون عن أي شيء لخلق شيء، وإن لم يجدوا فإنهم سوف يختلقون شيئاً من لا شيء. لقد بدأوا بالتحريش بين الليبيين خلال الثورة عندما كانوا يصنفون الثوار: هؤلاء ثوار مصراته، وهؤلاء ثوار الزنتان وثوار هذا المكان وذاك، ففرقوا بينهم على أساس المدن والقبائل. سوف يطلقون على الثوار ألقاب ربما تكون منها: متمردون، أو جماعات مسلحة، أو ميليشيا، أو ربما يلمعون بعض قادة الثوار على حساب البعض الآخر ليحصل الحسد والتنافس والتناحر أو الإتهام بالعمالة وتغييب الثقة. أنت إذا استطعت التفريق بين الجماعة الواحدة وجعلتها جماعات وكان الإعلام بيدك فمن السهل التحريش بينهم. في أفغانستان حاولوا نفس الأمر: هؤلاء طالبان باكستان، وأولئك طالبان أفغانستان، وهؤلاء القاعدة، وهذه شبكة حقاني القوية، وتلك جماعة حكمتيار المتمرّسة، وهكذا حتى تترسخ هذه المصطلحات في الأذهان وتتحول إلى واقع على الساحة، عندها يسهل التحريش إذا كنت تعرف العقليات التي تتعامل معها. أنا كنت أراقب الإعلام الغربي (الفرنسي والبريطاني والأمريكي)، سبحان الله، نفس المكر الذي أعملوه في أفغانستان! حتى ما يسمونه بقضية المرأة يحاولون استثارته في ليبيا، نسأل الله أن يحفظ المسلمين.
س: هل تخاف على النساء في ليبيا!
ج: الحمد لله، نساء ليبيا مثل نساء الأفغان: محافظات، ومع قليل من الوعي الشرعي يكن سداً منيعاً أمام مكر الأعداء. نسأل الله أن يحفظهن. العدو الغربي سوف يبحث عن أية سفيهة أو تافهة، وسيجدون استثاناءات كما وجدوا في أفغانستان، وهؤلاء يبرزهن الإعلام الغربي ويلقنهن بعض الكلمات التي لا يعرفن معناها ليطالبن بحقوق المرأة في ليبيا!
س: بماذا تنصح النساء في قضية حقوق المرأة!
ج: أقول لهن: انظرن إلى الغربيات، هل هذه هي الحياة التي تريدها المرأة التي شرفها الله بالإسلام لنفسها! أذكر أنني سمعت أحد الأمريكان يقول: “إن المرأة الغربية مثل المرحاض العمومي: كل واحد يأتي ويقضي حاجته فيها ثم يذهب”! هل هذه هي الحرية التي تريدها المرأة الشريفة العفيفة الطاهرة العاقلة! قضية حقوق المرأة لا يصدقها إلا مجنون لا عقل له. الله سبحانه وتعالى أعطى النساء حقوقهن، وحقّهن أن يعشن بكرامة وعزّة كأمهات وأخوات وبنات وزوجات لا كعاهرات وداعرات في أسواق النخاسة. المرأة المسلمة لها دور كبير في حياة الأمة، وهي صاحبة رسالة، أما المرأة الغربية ومن سار على نهجها من بنات جلدتنا فحياتهن فراغ وخواء، قد انشغلن بأمور تافهة لا قيمة لها في مقابل دورهن كشقائق الرجال ومربيات الأجيال. المرأة الغربية – لسفهها – لا تُدرك خواء روحها إلا بعد أن يحدودب ظهرها، عندها توقن أنها أضاعت نفسها وأضاعت حياتها في أمور لا تمت لجنسها بصلة.
ينبغي للمرأة المسلمة أن تترفع عن السفاسف، وأن تعرف حقيقة دورها في المجتمع، وأن لا تسقط في وحل المكر النصراني اليهودي، لأن المرأة إذا تخلّت عن دورها الحقيقي في المجتمع: انفرط عقد الأمة. لا نريد امرأة في مجلس الشعب ولا البرلمان ولا في القضاء ولا في الجيش ولا الشرطة ولا مرشّحات رئاسة أو بلديات ولا عاملات نظافة ولا راقصات عاريات، إنما نريد الداعيات المربّيات اللاتي يؤسِّسْن الرجال. إن قالة “وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة” ليست خاطئة كلياً، فهند بن عتبة – رضي الله عنها – هي التي ربّت معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – ليكون قائداً بالفطرة، وصفية بنت عبد المطلب – رضي الله عنها – هي التي أسست عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ليكون من أشجع العرب وأشدّهم في الحرب وأعلاهم همة، وخديجة بنت خويلد – رضي الله عنها – كانت منّة من الله، فهي التي وقفت مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحلك الظروف وأشدها وأقساها فكان لها أعظم التأثير على الدعوة الإسلامية. والأمثلة كثيرة جداً. تستطيع المرأة أن تحرّك البلاد وتقلب حياة العباد وهي في بيتها. تستطيع المرأة أن تُحيي الأمة وتكون سبب عز الإسلام وهي في خدرها. تستطيع المرأة أن تنقل الأمة نقلة نوعية وأن تنصر الإسلام وهي في منزلها. المرأة أعظم محرّك للرجال، فإذا خرجت من بيتها أصبح الرجال هم من يحركونها، وهذا ما يريده دعاة تحرر المرأة (تحريرها من العفاف والطهر والشرف والقيمة الإجتماعية والقيم الشرعية) لتُصبح ألعوبة في أيديهم.
س: بماذا تنصح الليبيين؟
ج: بنصيحة ربهم سبحانه وتعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران : 103-105) .. عليهم أن يحتفظوا بأسلحتهم وتخزينها في أماكن آمنة ، ولا يلتفتوا لدعاوى الغرب وغيرهم، وعلى القادة أن يعلّموا شباب الثورة الفرق بين حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وبين حقيقة الجهاد في سبيل الله، يجب أن يعرف الشباب الفرق بين الأمرين جيدا ، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء : 93)، {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ …} (التوبة : 29)، قال عليه الصلاة والسلام “إن دمائكم وأموالك عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا” ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام في أعظم موقف ليعلم الناس أهمية الأمر فلا يتهاونون فيه، فقتال الكفار والمرتدين من أوجب الواجبات، وقتل المسلمين من أعظم المحرّمات، والوحدة المبنية على أساس الإسلام من أعظم مقاصد الشريعة، وأكرر: “على أساس الإسلام”. ينبغي أن تكون هذه القواعد ظاهرة معلومة عند شباب الثورة.
س: يتحدثون عن تسريب بعض الأسلحة الليبية إلى قاعدة الجهاد في المغرب !
ج: هم يريدون الضغط على الليبيين بهذه الإدعاءات وسيستخدمون هذه الورقة في الوقت المناسب. يريدون تفكيك الأسلحة الليبية حتى يشتريها الليبيون من جديد فتربح شركات الأسلحة الغربية. هم باعوا هذه الأسلحة للقذافي والآن يريدون أن يعيد الليبيون شرائها من جديد. هم الآن يحضّرون للتدخل في الدول الأفريقية بحجة محاربة الإرهاب. يريدون إنقاذ اقتصادهم بإعادة إحتلال الدول الأفريقية وسرقة خيراتها بعد أن احتلت أمريكا العراق ودول الخليج فاستفادت من نفط المسلمين عن طريق العملاء، فبوش لما قال: “حرب صليبية”، لم تكن زلة لسان كما قال البعض، بل كرر هذه المقولة مراراً وتكرارا. 
س: يبدو أن الوضع صعب في ليبيا!
ج: ليس صعباً كما يبدوا، هو مكر متوقَّع من الأعداء، وينبغي أن يقابله وعي وحكمة من المسلمين في ليبيا. الليبيون ليسوا مدينين للغرب بأي شيء، الغربيون كانوا يدعمون القذافي وكانوا يأتونه بالأسرى الليبيين ليعذّبهم في سجونه، فهم شركاء القذافي في التنكيل بالليبيين وتعذيبهم، وأدوات التعذيب في السجون الليبية من بريطانيا وأمريكا وإيطاليا والصهاينة. أموال القذافي كانت تأتيه من الدول الأوروبية التي كانت تشتري منه النفط بثمن بخس بسبب الحظر الوهمي، فهذا الفارق في الأسعار هو مال مسروق. الجميع كان يشتري النفط الليبي من السوق السوداء رغم الحظر المزعوم: الأمريكان والأوروبيون والصهاينة. نفط العراق كانوا يشترونه بدولار للبرميل ابان الحظر على العراق! فالغرب مدين لليبيين لشرائهم النفط الليبي من القذافي بأبخس الأثمان بسبب الحظر الوهمي الذي فرضوه. مئات المليارات سرقوها من الشعب الليبي عن طريق القذافي، وكانوا يعطون القذافي المعلومات عن أي خطر يُحدق به من الداخل أو الخارج لأنهم المستفيد الأكبر من وجوده: القذافي كان يشتري منهم الأسلحة القديمة بأضعاف أسعارها ويبيعهم النفط الليبي بأبخس الأثمان، وينقل أموال ليبيا إلى أوروبا بطريقة مجنونة، فلا يهمه الربح أو الخسارة، المهم أن يحصل له بعض الجاه مقابل ضخ السيولة في الدول الأوروبية. وهذا ما يفعله حكام دول الخليج، ولذلك فالغرب من أحرص الناس على هذه النوعيات الخبيثة من الحكام.
ج: ماذا ينبغي فعله الآن؟
ج: قلنا من قبل: يجب تنظيف الساحة الليبية من الوساخة، ينبغي أن يجرّد جميع أتباع القذافي من الصلاحيات، ومسألة المصالحات ورأب الصدع وغيرها لا ينبغي أن تكون مطلقة، فهي بين المسلمين فقط، لا مع المرتدين. ينبغي قتل السنوسي وسيف القذافي ومن على شاكلتهم، النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل عبد الله بن خطل وعكرمة وغيرهما ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة، وابن خطل وعكرمة والآخرين لم يفعلوا واحد من ألف ألف ممما فعله هؤلاء المجرمون بالمسلمين، وعكرمة كانت عنده نخوة ورجولة أوصلته إلى الإسلام فحسن إسلامه رضي الله عنه، أما هؤلاء فلا نخوة ولا رجولة ولا شرف ولا قيم، فهؤلاء لا يستحقون الحياة.
س: ماذا لو تاب بعضهم؟
ج: المرتد إذا أظهر التوبة لا يُعطى أية صلاحيات حتى نتأكّد من صدق توبته كما فعل الصديق رضي الله عنه مع المرتدين وقادتهم. لا ينبغي لهؤلاء أن يمكّنوا من أي منصب أو دور في الحياة السياسية. الكافر إذا أسلم ربما يُعطى بعض الصلاحيات، أما المرتد فيجب الحذر منه، ويجب تجريده من كل الصلاحيات.
س: الثوار لم يشاركوا في الحكومة الليبية!
ج: جميع الثورات العربية في القرن الماضي قاتل فيها الأتقياء وقطف ثمارها الأشقياء بمساعدات غربية، ولذلك نقول: لا بد من إبقاء السلاح تحسباً لأي خلل، ولا بد من قيادة شبابية موحدة للثورة تستظل بظل علماء صادقين وقادة ثوريين من أهل البلاء، هذه القيادة ينبغي أن تكون الممسكة بزمام الأمور في ليبيا وينبغي أن تكون هي القوة الوحيدة فيها، وينبغي أن تكون على توافق وانسجام تام.
س: سوريا؟
ج: هناك مكر خبيث في الإعلام عن الشأن سوريا. مسألة التحذير من الفتنة الطائفية، هذه المسألة يراد منها صرف الناس عن حقيقة ما يجري على الساحة السورية. النصيرية كفار باتفاق العلماء ويجب قتالهم، وهذا القتال من الجهاد في سبيل الله، فالإعلام يريد صرف الناس عن حقيقة الأمر ليجعله قتال وطني لا جهاد شرعي، وبهذا يصرفون أعين شباب الإسلام عن هذا الثغر الهام الذي ربما يكون أهم ثغر فُتح للمسلمين لقربه من فلسطين. الغريب أن الرافضة – في إيران والعراق ولبنان- هبّوا لنصرة إخوانهم النصيرية رغم تكفير الإثنا عشرية للنصيرية، ولكن أهل الإسلام لم يدركوا أهمية هذا الثغر بعد! بشار يستعين بحزب حسن نصر اللبناني وبرافضة العراق وإيران وبنصيرية تركيا (أكبر تجمع للنصيرية موجود في تركيا)، والبعض منشغل بنبذ الطائفية والخلافات المذهبية! الحقيقة أنها: خلافات دينية لا مذهبية، فالنصيرية ليسوا مسلمين باتفاق العلماء. فالقتال في سوريا: جهاد مسلمين ضد كفار. 
س: في اللقاء السابق ذكرت أن هناك بشائر في سوريا!
ج: هناك إخوة في سوريا يعملون بصمت، وطبعاً أنتم ترون الإنشقاقات في الجيش السوري، هناك راية جهادية في سوريا وهي تنموا ببعض من البطئ، وأنصح الشباب في سوريا أن ينضووا تحت لواء المجاهدين وأن ينسوا شيئاً اسمه سلمية مع النصيرية. نحن لا نتوقع أن ينضم جميع الشعب السوري للمجاهدين، ولكن نقول: على الشباب الغيور على دينه وعرضه أن ينظّم نفسه، وأن ينشئ خلايا جهادية في كل قرية ومدينة فيجمعون السلاح والذخيرة ويبدؤون حرب عصابات بتشكيل سرايا من عشرة أشخاص – أو أقل – فيستهدفون الجيش والشرطة وشبيحة النصيرية في كل مكان ويبيدوهم عن بكرة أبيهم حتى لا يبقى نصيري في سوريا، والنصيري – كما قلنا- حلال المال والدم.
س: ربما يكون في المتظاهرين غير المسلمين!
ج: نحن نتكلم عن المسلمين. يجب أن تكون النية: جهاد في سبيل الله لدحر النصيرية الكفار. الجهاد الآن واجب على المسلمين في سوريا، والنفير من البلاد المجاورة: تركيا والأردن ولبنان وجزيرة العرب ومصر وغيرها من البلاد واجب على الشباب المسلم اتفاقاً. يجب أن تكون الراية واضحة وأن لا يغلبنا الإعلام. لا فرق بين الجهاد في العراق وأفغانستان وفلسطين، وبين الجهاد في سوريا، بل ربما الجهاد في سوريا أفضل من العراق وأفغانستان والشيشان لأن النصيرية أشد عداوة للمسلمين من النصارى، ولقرب سوريا من فلسطين. يجب على المسلمين في سوريا أن يحملوا السلاح ويدافعوا عن أنفسهم. هذا واجب شرعي عليهم الآن، واجب لا يسعهم تركه.
س: تقييمك لأداء الجامعة العربية في سوريا!
ج: هذه جامعة أنشأها الإنجليز للتفريق بين المسلمين. فهي جامعة إنجليزية. وإن شئتم قولوا “جامعة المستعمرات الغربية”. لقد أتقنت هذه الحكومات فن قتل القضايا الإسلامية، وفلسطين خير شاهد على هذا الأمر. هم يريدون قتل القضية السورية بهذه التصريحات والإرجاءات والحوارات والمؤتمرات تماماً كما قتلوا قضيتنا في فلسطين ليحفظوا أمن اليهود. انظروا إلى ليبيا كيف تدخلت الدول الأوروبية بسرعة وأنهت حكم القذافي لتحقق مصالحها، أما سوريا فقد أعطوها هذه المنظمة الخبيثة لتزرع اليأس في قلوب السوريين بهذه القرارات والمؤتمرات والمشاورات والمحاورات والإستنكارات والشجب والتهديدات والتصريحات والتلميحات والإيحاءات والإرجاءات وغيرها من الأمور التي حفظناها على مر العقود والتي تنهك العزائم وتقتل الهمم. انتهت مشكلة البحرين في ساعات، أما سوريا فأمن اليهود أهم من كل اعتبار، فلا بد من قتل القضية داخلياً وصرف المسلمين في سوريا عن حمل السلاح بأي ثمن، والإبقاء على النصيرية أو من يقوم مقامهم ويؤدي دورهم في الحفاظ على أمن اليهود في فلسطين.
قل مثل هذا عن المجلس السوري الذي أُسّس في الخارج، هذا المجلس أَسّسه الأمريكان واليهود واختاروا أفراده بعناية فائقة، ونحن نقول للشباب السوري الثائر: أعلنوا أنه لا ممثل للشعب السوري غير قادة الثورة في الداخل، فمن أراد أن يكون قائداً فليقد الجموع داخل سوريا وليس خارجها، لأننا لا نريد أن يأتي هؤلاء بعد الثورة ليجثموا على صدور المسلمين في سوريا، وكأنه لم تُسفك دماء ولم تُنتهك أعراض.
س: اليمن!
ج: فعلوا في اليمن ما يفعلون في سوريا. “المبادرة الأمريكية” التي يسمونها “الخليجية” هي “الجنبيّة” التي طعنوا بها جسد الثورة، نسأل الله أن يُخطؤوا القلب.
س: المعارضة اليمنية وقّعت مع صالح.
ج: باعوا اليمن بثمن بخس. يجب أن يضع الثوار كل من وقّع أو رضي بهذه المبادرة الأمريكية في خانة صالح وأبنائه. هؤلاء خونة، وهم طرف في اللعبة الأمريكية لقتل القضية اليمنية. أي واحد وقّع أو رضي بالتوقيع هو عدو للشعب اليمني.
س: ما الحل في اليمن!
ج: الجهاد لا غير. أقترح على الثوار في اليمن أن تكون جمعتهم القادمة جمعة “وقرن في بيوتكن”، يقولون للنساء: شكر الله سعيكنّ، ويأمروهن بالجلوس في البيوت، ويمتشق الرجال الكلاشات والراجمات ويزحفوا على الثكنات العسكرية والقصور الرئاسية. مليون يمني بالكلاشن يحررون اليمن في نهار واحد. لا بد من الإحتكام للسلاح لأن علي صالح وأبنائه لا يعقلون غير هذه اللغة، فلا فرق بين هذه العائلة وعائلة القذافي أو الأسد.
س: الحوثيين ودماج!
ج: لعل الجامية في دماج يتعرفّون على عز الجهاد بسبب هذا الوضع!
س: مال الموقف من هذا الحدث؟
ج: الجامية مسلمون، والحوثيون رافضة خبثاء، و نحن مع المسلمين ضد أعداء الدين، وإن كان هؤلاء المسلمون ممن بغى علينا. نسأل الله أن يحفظ المسلمين.
س: أين مصر الآن!
ج: للأسف فإن الثورة المصرية لم تحسم أمرها منذ البداية، كان المفروض أن يكون الحسم بالقوة من أول الأمر.
س: الإنتخابات فاز فيها الإخوان والسلفيون.
ج: إيش الفائدة إذا كانت السلطة لا زالت في يد الطنطاوي! إن كنتم تحتفظون بهذه المقابلات منذ البداية فقد قلت بأن الطنطاوي رجل أمريكا الأول في مصر. هو يحقق الأجندة الأمريكية في مصر، والتي هي في الحقيقة: أجندة الصهاينة. 
س: لعلهم لا يستطيعون مواجهة الجيش!
ج: الطنطاوي ليس هو الجيش. هنا تكمن المشكلة: العقلية العربية المُبرمجة التي تعتقد بأن الحاكم هو الدولة، وأن الوزير هو الوزارة، وأن المدير هو الشركة، وأن قائد الأركان هو الجيش! يجب أن نتخلّص من هذه العقلية إن كنا نريد أن نتحرر من العبودية. الحاكم موظّف مثل أي موظّف في الدولة ولكن بصلاحيات أوسع وهو ليس فوق المحاسبة القانونية، والوزير موظّف والمدير موظّف (إلا إذا كانت شركة خاصة به). الدولة مُلك للجميع، والجيش ملك للجميع، والوزارة ملك للجميع، الكل يملك نفس الحصة، وهذه المناصب والمؤسسات خدمية، بمعنى أنها أوجدت لخدمة المسلمين في الدولة، فالوزير والحاكم والجيش خدم للمسلمين يعملون من أجل مصلحتهم ويأخذون رواتبهم من أموال المسلمين. يجب أن تتغير عقليات وقناعات الناس حتى تتغير أحوالهم. 
في دول الخليج يأخذ الحاكم ما شاء من الأموال، والناس تعتقد أن هذا حقه لكونه حاكما! مصيبة أن يسرق الحاكم، لكن المصيبة الأكبر: اعتقاد أن هذا أمر طبيعي وأنها ليست سرقة! هنا تكمن المشكلة. ولد صغير من أبناء الملوك يملك عشرات المليارات في حساباته المصرفية! هذه أموال المسلمين سرقوها، ولا حق لهم فيها، هي أموالنا وأموال أبنائنا وأحفادنا. المسلمون يموتون جوعاً و”صاحب السمو الملكي الأمير الذي لم يبلغ الحلم” يبني قصراً بعشرات المليارات!
س: أين الثورة المصرية الآن!
ج: أنا أسأل: أين حسني الآن! أين أبناءه! أين وزراءه! أين المعتقلين السياسيين في عهده! أين المعاهدة اليهودية المصرية! أين الغاز! أين أموال مصر التي عند حسني وعائلته! أين مطالب الثورة! أين الدستور! أين الإنتخابات! أين وأين وأين! قبل ستين سنة قامت ثورة على يد الإخوان ودخل فيها ضباط الجيش الذين كان أكثرهم ينتمون اسمياً للإخوان ثم انقلب هؤلاء الضباط على الإخوان وساموهم سوء العذاب، كيف اليوم يثق الإخوان بقادة الجيش! ما الفرق بين عبد الناصر والمشير الطنطاوي! حسني هو الذي وضع الطنطاوي في منصبه (بوصية أمريكية) ليضمن له ولاء الجيش لإبنه حين يورثه مصر وليضمن تدفق الغاز على اليهود وليستمر التضييق على الفلسطينيين في غزة. هذا المشير من أخلص عملاء أمريكا في المنطقة ومن أقرب الناس لحسني. حصلت انتخابات وفاز الإخوان، ثم ماذا! هل حصلوا على أية صلاحيات! الطنطاوي والإعلام المصري والعربي والدولي تركوا الإخوان وأخذوا يركزون على البرادعي وعمرو موسى كخيارين وحيدين للمصريين مع أن الكل يعلم بأنه لو جرت انتخابات رئاسية اليوم في مصر فإن الإخوان سيكتسحون الساحة! كل يوم يخرج المجلس العسكري برأي أو فكرة تؤخر الإنتخابات وتقلص من فرص فوز المسلمين، وكل يوم يحاولون تشويه صورتهم بشتى الطرق. الوقت في صالحهم وليس في صالح المسلمين في مصر.
س: هل تعتقد أنهم سيسلمون الحكم للإخوان والسلفيين!
ج: ليس في مصر، وليس بهذه السهولة. 
س: الحل!
ج: هؤلاء أخذوا الحكم بالقوة، وكما كانوا يقولون لنا: ما أُخذ بالقوة لا يُستردّ إلا بالقوة. أناس لا ضمير لهم ولا دين ولا ذرّة كرامة وقد ملكوا وحازوا الأموال، هل يصدّق عاقل أنهم يتنازلون عن هذه الأموال وهذا الجاه طوعاً! هذا إذا لم يكن هناك ضغط يهودي غربي، فكيف وقد اجتمعت جميع البلايا والرزايا فيهم! المسلمون في مصر في ورطة كبيرة، فالمجلس العسكري يبحث عن أي شيء ليقلب عليهم الطاولة، ومن ظن أنه بوسعه الوثوق بهذا المجلس فهو أضل من حمار أهله.
س: ما هي الورطة!
ج: لنأخذ الإخوان المسلمين مثالاً: تحدث مظاهرات مريبة يدعوا لها بعض الأحزاب، فإن لم يشارك الإخوان خسروا الزخم الشعبي، وإن شاركوا وقعوا في الريبة والورطة السياسية، فهم بين نارين، وهم يعلمون ذلك ويحاولون جهدهم التوفيق بين الأمور، ولكن إلى متى المراوغة! ولماذا لا يكون الوضوح سيّد الموقف! المراوغة حبلها قصير، والوضوح عمره أطول خاصة إذا كانت لديك قاعدة شعبية.
س: انتخاب المرزوقي في تونس.
ج: سمعت أول كلمة ألقاها، وأكثر كلامه معقول، ولكن نحذّر المسلمين كل مرة ولا نكل ولا نمل، ونقول: لا تصدقوا الأقوال حتى تروا الأفعال، ولا ترضوا بالأفعال الرمادية (من باب: ذر الرماد في العيون)، ولكن انظروا إلى المناهج والقوانين والنظم المطبّقة فعلياً على أرض الواقع. كل ثورة لم يطبّق فيها شرع الله فهي ثورة فاشلة، أو على أقل تقدير: ناقصة نقصاناً كبيراً ولا يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في حياة الشعوب. لا بد من تحكيم الشرع لأنه هو العدل المطلق، أما غيره فهو ظلم عظيم للعباد والبلاد، ومن شك في هذا فقد خرج عن ربقة الإسلام. الحكم بما أنزل الله من توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، فهو من لب العقيدة وأساس في التوحيد، ومن أعظم أسس الإسلام: فبه يكون العدل في الأرض، وبه تعطى الحقوق لأصحابها، وبه يحصل الرخاء والعز، وبه تُحل جميع مشاكل الناس. وتحكيم غير شرع الله مشكلة بحد ذاتها وليست حلاً يرضي جميع الأطراق كما يزعم بعض المرتدين: فالشعوب لا ترضى بغير حكم الله، والحكم بغير ما أنزل الله يناقض الديمقراطية التي يزعمونها لأن الأغلبية تريد تحكيم الشرع، والدليل أن الشعوب اختارت الجماعات الإسلامية على غيرها، فإن أرادوا الديمقراطية فعلاً: فليحترموا إرادة الشعوب. طبعاً نحن نقول هذا من باب جدالهم بمفاهيمهم، وإلا فلا خيار لأحد في تحكيم الشرع، لأن الأمر كله لله الواحد القهّار، ومن نازع الله في حكمه فقد جعل نفسه نداً لله وشريكاً، والعياذ بالله، وهذا معنى قوله تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} (التوبة: 31)، فمن حرّم الحلال وأحل الحرام فقد جعل من نفسه رباً يُعبد، بل صرف الناس عن عبادة الله إلى عبادته هو. فأوّل الظلم والجور والطغيان: عدم التحكام لشرع الواحد الديّان، وما كان أوله كذلك، كيف يرجى منه خير!
س: وردت الكثير من الأسئلة من الإخوة حول المشاركة في الإنتخابات. والناس بين محرّم ومحلل وموجب وكاره!
ج: هذه المسألة شائكة، وقد تكلم فيها الكثير من العلماء، وهي في اعتقادي من مسائل السياسة الشرعية المبنية على تحقيق المصالح وتقليل المفاسد، وقد قرأت كلاماً للشيخ عبد الله عزام رحمه الله في تفسيره لسورة التوبة، أعطيكم خلاصته : هو يرى كفر الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله ، ويرى كفر من يقنن القوانين ، ولكنه لا يرى كفر القضاة الذين يحكمون بهذه القوانين إن لم يستحلوها مع أنه يرى بأن رواتبهم حرام ، ولا يكفّر المحامي مع اعتقاده بأن عمله حرام ، أما مجلس الشعب فهو يرى أنه لا يجوز له الموافقة على أي قانون يخالف الشرع لأنه يكفر بذلك ، ويرى أن الفرد من الشعب إذا التجأ إلى محكمة من هذه المحاكم مُكرهاً لِأخذ حقه فهو غير آثم ، (والمودودي – رحمه الله – يرى بأن يترك المسلم حقه ولا يتحاكم لهذه المحاكم)، ولا يرى الشيخ عزام بأساً من الدخول في مجلس النواب إن كان مراقباً فعلياً للحكومة بخلاف مجلس الوزراء فإنه تنفيذي ، ولا بأس عنده من الدخول في مجلس الأمة ، وقد لمّح إلى عدم حرمة مشاركة المسلمين في الإنتخابات الأمريكية .. هذا رأي الشيخ عزام فراجعوه في تفسيره لسورة التوبة وهو غير متّهم عند الجميع. ومن الذين أشاروا إلى هذه القضية من كبار علماء الأمة المعاصرين : الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} ، في سورة هود ، ذكره في فوائد الآية ، ولو نقلتم كلامه هنا لكان فيه خير. هات تفسير السعدي … يقول رحمه الله : “ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة قد يعلمون بعضها، وقد لا يعلمون شيئا منها. وربما دفع عنهم بسبب قبيلتهم وأهل وطنهم الكفار، كما دفع الله عن شعيب رجم قومه بسبب رهطه. وأن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لا بأس بالسعي فيها، بل ربما تعين ذلك. لأن الإصلاح مطلوب على حسب القدرة والإمكان. فعلى هذا، لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار، وعملوا على جعل الولاية جمهورية يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية والدنيوية، لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية وتحرص على إبادتها وجعلهم عمَلة وخدماً لهم. نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين، وهم الحكام، فهو المتعيّن. ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة، فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة. والله أعلم.” (انتهى) ، فهذا من باب “دفع أعظم المفسدتين” وهو رأي الشيخين ابن باز وابن عثيمين فيما أعلم، وقد أجاز الشيخ الألباني ترشيح المرشحين المسلمين: الأقرب منهم للمنهج الصحيح. 
أنبه هنا لأمر هام: بعض من يرى جواز الدخول في هذه المجالس يلغي مسألة الخروج على الحاكم بالسلاح، وهذا خطأ، فالحاكم إذا ارتد عن الإسلام وجب عزله أو الخروج عليه اتفاقاً، والحكم العام لا ينبغي أن يكون وليد الظرف إذا كان هناك نص. نعم، قد يكون للظرف الخاص حكم خاص، ولكن الحكم العام الأصلي لا ينبغي أن يُلغى، بل يُقال: هذا الحكم خاص بهذا الوضع. فمع عدم القدرة على التغيير بالقوة وبخلع الحاكم الكافر يُصار إلى ما هو دون ذلك، وهذا ما أشار إليه الشيخ السعدي في تفسيره، ولكن الأصل خلع الحاكم المرتد من قبل أهل الحل والعقد، فإن لم ينخلع بالحُسنى فبالقوة، والمرتد يُستتاب فإن تاب وإلا يجب قتله. ولم نسمع في تأريخ الإسلام أن حاكماً مرتداً رضي أن يُخلع بالحسنى. بعض الناس فهم كلام السعدي فهماً خاطئاً، فهو يقول “إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين، وهم الحكام، فهو المتعيّن”، فهذا هو المتعيّن، أي هذا هو الأصل، فلا يُصار إلى غيره مع القدرة عليه، فالأصل: أن يحكم الإسلام طوعاً أو رغم أنف الكفار، ويجب أن ترخص النفوس في سبيل تحكيم شرع الله وتحقيق هذا الأصل، فإن لم يمكن ذلك – بعد بذل جميع الوسع والطاقة- يصار إلى المرتبة الثانية. هذا معنى كلام السعدي رحمه الله، ولو طبقناه اليوم على الثورات، فالواجب على الثوار: تحكيم شرع الله بالحسنى أو بالقوة، وبذل النفس والنفيس في سبيل تحقيق ذلك، فلو حصلت لهم هزيمة – لا قدر الله – فإنهم ينزلون إلى المرتبة الثانية ويعتبرونها استثنائية ويعتقدون وجوب الإستعداد لتحقيق المرتبة الأولى، فالله جل جلاله شرع الجهاد في سبيله لدحر الشرك والكفر، والحكم بغير ما أنزل الله من أعظم الشرك والكفر، والجهاد في قتل وقتال وموت.
س: تكلمت مع بعض الإخوة عن بعض الكتب الجديدة فلو أعطيتنا نبذة عنها للفائدة!
ج: الكلام كان طويلاً، ولكن نختصر: كُتيّب عنوانه “ولا يلتفت منكم أحدا” للشيخ ناصر العمر مفيد، وكتيّب للشيخ أحمد الصويان أخرجته مجلة البيان أنصح بقرائته، وإصدارات المجلة لهذه السنة جميلة وتستحق القراءة، وكتيّب “الحاكمية في الإسلام بين الديني والمدني” لعمر عبيد حسنة وهو جيد وعليه بعض الملاحظات أظنه للمكتب الإسلامي، وكتيّب بعنوان “أقوال وتصريحات قادة الغرب ضد الإسلام” لعامر شمّاخ وهو جمع جيد، وكتيّب بعنوان “الشيعة نضال أم ضلال” لراغب السرجاني، والسرجاني كتبه فيها فوائد إلا أنه إذا تحدّث عن الجهاد أو المجاهدين فإنه يظلم، وليته يسكت عنهم حيث يسعه السكوت فما كلّفه الله أن ينال منهم، ومنها كتيّب بعنوان “مخططات تقسيم الوطن العربي والإسلامي” أخرجته مؤسسة إقرأ المصرية، ومنها “ولتستبين سبيل المجرمين” للدكتور محمد يسري وهو كتاب صغير ولكنه غاية في الأهمية، وكتيب “الفجور السياسي والحركة الإسلامية بالمغرب” لفريد الأنصاري وهو يستحق القراءة، وكتاب “السياسة الشرعية: حالة غياب حكم إسلامي عن ديار المسلمين” لأحمد محي الدين صالح ولعلها رسالة دكتوراة وهي جيدة أنصح بقراءتها، وكُتيّب بعنوان “سلوكيات خاطئة على طريق الدعوة” لمحمد عبده وقد جمع مادة طيبة مختصرة، هذا ما يحضرني الآن.
س: هناك سؤال ورد عن أهم الكتب التي تتحدث عن مسائل الخلاف بين المسلمين، فبأيها تنصح!
ج: لعل من أهمها : رسالة “رفع الملام عن الأئمة الأعلام” لابن تيمية، وهناك كتب أخرى مثل : “الإختلاف الفقهي أسبابه وآدابه” للصديق بشير بن نصر، و”اختلاف التنوّع حقيقته ومناهج العلماء فيه” لخالد الخشلان، و”أثر الإختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء” لمصطفى الخن وهو كتاب قيم، وكتاب “اختلاف المفتين” للشريف العوني وفيه نقولات كثيرة عن السلف، ولعل القراءة في كتاب “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” لابن رشد مفيدة لمعرفة أسباب اختلاف الفقهاء في المسائل لاختلاف الأصول والمدارك وإن كانوا يرجعون إلى نفس الدليل في المسألة الواحدة ، ومن أجمل ما قرأت كتاب “أسباب اختلاف الفقهاء” للشيخ علي الخفيف فبعد أن تقرأ هذا الكتاب تعجب من اتفاق الفقهاء على المسائل لا من اختلافهم، لأن أسباب الإختلاف كثيرة! 
أشير إلى أمر مهم: مشكلتنا اليوم ليست في الإختلاف، فهذا أمر طبيعي لطبيعتنا البشرية، ولكن مشكلتنا الحقيقية تكمن في إدارة هذا الإختلاف، وفي فهم طبيعة التعامل مع الإختلاف، هذه هي المشكلة. يجب أن نتعلّم حدود وضوابط وكيفية التعامل مع هذا الإختلاف. يجب أن نراعي الأولويات ونقدم المصالح العليا على المصالح الخاصة ونعرف كيف ندرأ المفاسد العظيمة بالصبر على بعض المفاسد الأقل خطورة. يجب أن نحذر من المندسين والأعداء الذين يهمهم تخالف قولبنا واشتغالنا ببعضنا البعض وترك قضايانا الكبرى لصالح مناوشات جانبية. نحن الآن نمر في مرحلة استثنائية من تأريخ الأمة – وربما من تأريخ البشرية – فيبنغي أن نكون على مستوى عالٍ من الوعي والمسؤولية وإلا خسرنا الكثير.
س: نريد كلمة عامة موجهة للثوار في البلاد الثائرة.
ج: أقول: إن المتتبع للثورات في الدول الإسلامية وغير الإسلامية يجد أمراً مشتركاً بين الثورات الناجحة، وهو: كثرة القتل والنكاية بالمنافسين، فمثل هذه الشدة تضمن انصياع الآخر لأهداف الثورة القائمة، وهذا الأمر ليس خطأ بالكليّة كما يعتقد البعض، فالله تعالى يقول في كتابه {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} (الأنفال:67)، يثخن يعني: يكثر من القتل، فهذه سنة الأنبياء وسنة الدعوات في بداياتها، فالإثخان في العدو يُضعفه ويوهنه ويزرع الرعب في قلبه ويبيّن له بأن صاحب الدعوة لن يتعامل معه بهوادة حتى يُذعن له، وأنه مستعد للتضحية في سبيل عقيدته، والثورات العربية في بداياتها، وهي تحتاج إلى هذه السنة الربانية، فالثورات يقودها الشباب المسلم ضد المرتدين وأهل الفساد، فلا بد من استئصال شأفتهم وتوهين عزيمتهم وتقليم أظافرهم عن طريق قتل كبرائهم وإرهاب أتباعهم وأخذ أموالهم التي هي مصدر قوتهم، عندها تستقيم الأمور في البلاد ويحصل الأمن، وبدون هذه السنة الربانية لا يمكن أن تستقر الأمور، فأهل الفساد إن أمنوا على أنفسهم وأموالهم فإنهم سيعاودون إلى إفساد الدولة لأن الفساد أصل متمكن فيهم لا يعرفون غيره، فإن قُتلوا أو أُرهبوا استراح الناس منهم ومن خبثهم.
انظروا إلى أكبر ثورة في الغرب: الثورة الفرنسية التي يتشدقون بها ويزعمون أنها غيّرت تأريخ العالم الحديث، هذه الثورة كان القتل فيها كشرب الماء! قتلوا الملك الفرنسي بعد محاكمة سريعة وقطعوا رأسه في ميدان الثورة في باريس.
س: لعلك تحدثنا عن الثورة الفرنسة باختصار، فأكثرنا يجهل هذه الثورة!
ج: الثورة امتدت لسنوات طويلة، ولكن أذكر أهم أحداثها، أو ما هو مهم لموضوعنا:
الثورة الفرنسية بدأت عام 1789م، كانت أول أعمال الشعب الفرنسي: الهجوم على مخزن للأسلحة وأخذ 25 ألف قطعة سلاح ، ثم الهجوم على سجن الباستيل الذي أعطى بعض الثوار الأمان لحراسه ثم ما لبثوا أن تعقبوا الحراس في السجن وقتلوهم عن بكرة أبيهم .. ثم بعد هذا القتل واحتلال هذا السجن الرهيب ، قام الشعب بزيادة التسلح وبتحصين المدينة تحسباً للرد الحكومي عليهم، وكان النساء يجمعن الحجارة ويعتلين الأسطح لإلقاء الحجارة على الجنود، وهذا اليوم مشهود في تأريخ فرنسا ولا زال الفرنسيون يحتفلون بيوم 14 يوليو إحياء لذكرى احتلال الباستيل. ألهب اقتحام الباستيل مشاعر الطبقة الدنيا في فرنسا فسار هؤلاء إلى قلوع وحصون أسايدهم “الأشراف” فأحرقوها وقتلوا من فيها تشفياً وحنقاً على هؤلاء الذين استعبدوهم لقرون، ونهب العامة قصور الأشراف والنبلاء ودمروا ما استطاعوا تدميره، وإنحاز كثير من الجيش الفرنسي والجنود إليهم.
لقد أحاط النساء بالقصر الملكي بفرساي وهن شاهرات السلاح، تخيّلوا: النساء حملوا السلاح في الثورة الفرنسية! دخلت الجموع الغاضبة –يتقدمهم النساء- القصر الملكي ووصلوا إلى غرفة الملكة التي هربت منها إلى غرفة زوجها فعاثوا في الغرفة فسادا، وأجبرت هذه الجموع الملك على القدوم والسكنى بباريس.
وما أن انتظمت الثورة قليلاً حتى أجبر الثوار الملك على إعلان الحرب على النمسا. ثم لما فشلت الحرب وتداعت الأمور زحف الفرنسيون على قصر الملك الذي كان يراسل النمساويين في السر، وكان في مقدمتهم “اليعاقبة” (هي فرقة سياسية علمانية متشددة)، فتقاتلوا مع الحرس وقتلوهم وحملوا رؤوسهم على أسنة الرماح، حتى اضطرت الجمعية التشريعية أن تحجز الملك في حصن “التامبل” حفاظاً على حياته وأسرته. قبض الثوار على قرابة الأربعة آلاف من الأشراف والفرسان والقساوسة وأقلوا بهم في السجون، وطاف الجلادون على السجون فعذبوا هؤلاء حتى قتلوا ألفاً من الأمراء والأشراف تحت التعذيب الذي استمر لمدة ثلاثة أيام متتالية، وحملوا رؤوس بعضهم على أسنة الرماح، وقامت المذابح (التي اشتهرت بمذابح سبتمبر) في بقية المدن الفرنسية تحصد الأمراء والأشراف وكل من يشكون أنه ضد الثورة من العلماء والعامة، فانظروا الفرق بين الثورات العربية والثورة الفرنسية التي يباهي بها الغرب العالم!
خرجت الجيوش الفرنسية من فرنسا لتفتح بقية البلاد الأوروبية بدعوى نشر العدالة ومساعدة الشعوب ضد الإضطهاد الملكي (وهذا في عرف المسلمين هو جهاد الطلب الذي يُنكره البعض)، وقُطع رأس ملك فرنسا “لويس السادس عاشر” علانية بعد محاكمة لم تدم شهراً واحداً، ثم حدثت بعده حروب، وبدأ في فرنسا ما يسمى “بعهد الإرهاب”، طبعاً لم يكن هناك إعلام يهودي ينفي الإرهاب عن كل شعوب الأرض ليخصوا بها المسلمون. 
عوقبت مدن فرنسية بأكلمها لتلكؤها عن الإلتحاق بالثورة، ودخل الثوار في دوامة الصراعات فيما بينهم وحدثت مجازر هائلة. لقد كانت ملكة فرنسا “ماري أنطوانيت” زوجة لويس السادس عشر من أكثر النساء بذخاً في أوروبا حتى أن نساء فرنسا كُنّ يحسدن كلابها لما تلقيه عليهم من ثياب فاخرة شأنها شأن أميرات العرب الآن. هذه المرأة سجنها الثوار في غرفة وأعطوها ثوبين خلقين لا غير، ثم قاموا بمحاكمتها في محكمة ثورية دامت فيها القضية عشرون ساعة وحكموا عليها بالإعدام ثم ساقوها إلى المشنقة تحفها هتافات الشعب باللعنة، فجُزّ شعرها وأُعدمت وألقي بجثتها في الشارع لمدة اسبوعين لم يدفنها أحد، هذه هي الثورة العظمى التي يمجدها حسني مبارك وابن علي، فعقبال زوجتيهما.
تتبع الثوار كل من كان له صلة بالأسرة الحاكمة سواء بالنسب أو حتى بالإتصال المجرّد، واتهموهم كلهم بالخيانة وقتلوهم، وكانوا يقتلون كل من لا يُظهر بغضه لهذه الأسرة، بل وصل بهم الحال إلى قتل قادة الثورة أنفسهم بعد اتهامهم بالتخاذل عن نصرة الثورة من بين تهم أخرى! ثم هجم الفرنسيون على الكنائس وأفرغوها من النفائس وهاجموا الدين النصراني ونبذوه كما نبذوا الأساقفة من قبل، ثم غيروا التأريخ والأيام والأشهر في محالوة لتغيير كل قديم، وأتى الفرنسيون بأشهر بغيّ عاهرة في فرنسا ووضعوها على عرش كنيسة “نتردام دي باري” وأعلنوا بهذه الطريقة: عبادة العقل ونبذ الدين!
من رحم هذه الثورة الفرنسية خرج نابليون بونابرت ليحتل مصر باسم الثورة، وليحارب انجلترا عدوة فرنسا في مستعمراتها الشرقية، فكانت الثورة الفرنسية وبالاً على الأمة الإسلامية، بل وعلى أوروبا كلها، ولا يغفر لها شعارها البرّاق “الحرية والإخاء والمساواة” فهذا الشعار لم يطبّق ابان الثورة ذاتها، بل كان القتل والتدمير واحتلال البلاد وقهر العباد وسرقة مقدرات الدول والشعوب: السمة البارزة للثورة الفرنسية التي انبهر بها بعض المغفلين. عاد نابليون بونابرت إلى فرنسا لينقلب على الثورة وينصّب نفسه امبراطوراً لفرنسا فانتهت الثورة الفرنسية بهذا الشكل المخزي، وعادت بعد ذلك الملكيّة لتعود الثورات تتوالى من جديد ضد الطغيان والإستبداد حتى تشكلت حكومة جمهورية حقيقية بعد قرابة التسعين سنة من الثورة الأولى ضد الملكيّة والكنيسة.
إن الثورة الفرنسية الأولى نجحت في إسقاط الملكية والإقطاعية بطريقة دمويّة مرعبة، فالجموع دخلت القصور والبيوت وسلبت وقتلت ومثّلت بجثث الإقطاعيين واغتصبت نسائهم وأحرقت بيوتهم وأنهت إلى الأبد تلك العبودية التي فرضتها عليها الإقطاعية الموالية للكنيسة الكاثوليكية، فكانت هذه الثورة هي البداية لكل الثورات الغربية الحديثة التي أعقبتها والتي علم أصحاب القرارات منها أن الشعب جاد في التغيير، وأنه مستعد للوصول إلى مبتغاه بأي أسلوب أو ثمن، فكان الغوغاء والدهماء هم أسياد الوقف، وكان الخطيب المفوّه الذي يستطيع تحريك هذه القطعان هو قائد المرحلة.
إن الحكومات الغربية لم تكن يوماً حكومات صادقة، ولم تختلف يوماً عن حكومات الملوك والإقطاعيين، ولكن الذي يجبر هذه الحكومات على الظهور بمظهر الصلاح والحرص على المصالح العامة هو خوفهم من هذه الجموع التي لا يردعها دين ولا فكر قويم عن ارتكاب أبشع المجازر إن هي أحسّت بالظلم والجور، فالشعوب الغربية تعرف تأريخها وتعرف قوتها وتعرف كيف حصلت على هذه القوة وما بذل من أجلها من تضحيات، فكل من تسول له نفسه التلاعب بقيم الحرية التي يعتقدونها فإنه يعرض نفسه لغضبة الجماهير.
إن الأمم الأوروبية كان مستعدبة قبل قرنين من الزمان من قبل الملوك والإقطاعيين والأساقفة، ولم تتحرر هذه الشعوب إلا بعد حروب وثورات دامية دامت لأكثر من قرن، فالحرية التي استقرّت في نفوسهم هي نتاج بحار من الدماء وجبال من الأشلاء ودمار ونار أكلت الأخضر واليابس لا بسبب عقولهم النيّرة كما يعتقد بعض البلهاء. إن المحرك الحقيقي للثورة الفرنسية كان الحقد والبغض الشديد الذي كانت تكنه الشعوب للملوك والقساوسة والإقطاعيين، وليس المحرك ما يزعمه البعض من نظريات أسّسها بعض الفلاسفة هنا أو هناك (كأمثال روسو وديدرو ودالمبير وفولتير ومونتسكيو وغيرهم) فالعوام لم يقرأوا لهؤلاء، والعوام كانوا هم وقود الثورة. إن كل ما فعله هؤلاء الفلاسفة والكتّاب والعلماء أنهم فتحوا أعين الناس على الظلم، “فالظلم في ذاته لا يُحدث الثورات وإنما يُحدثها الإحساس بالظلم” (كما قال حسن جلال، رأس مكتب وزير الحربية المصرية)، وكان الناس مسلّمون للواقع ولا يعتقدون بإمكانية وجود غيره ويعتقدون بأن هذا هو الأصل حتى أتى هؤلاء الفلاسفة ففتحوا أعينهم وأطلعوهم على إمكانية واقع آخر.
إن ما تعيشه الشعوب العربية اليوم هو قريب من واقع الشعوب الأوروبية قبل الثورة الفرنسية: فالحاكم هو الإمبراطور المطلق الذي له حصانة سماوية، والأمراء والشيوخ هم الإقطاعيون المالكون للشعوب المُستعبدة، وعلماء السوء هم القساوسة الذين احتكروا حق الحرمان والغفران، لكن الفرق أن الشعوب العربية خرجت لتنصر الدين لا لتهدم المساجد وتقتل العلماء، فالذين خرجوا في تونس كانوا يطالبون بحقوقهم الدينية قبل المدنية، ولذلك أرخصوا أنفسهم في سبيل تحقيق أهدافهم، وفي ليبيا خرجوا ضد طاغية كافر محارب للدين، وفي مصر أيظا، وفي سوريا خرجوا ضد النصيرية الكفار، وفي اليمن خرجوا ضد عميل الصهاينة، فهذه ثورات يقودها الشباب المسلم لنُصرة دينهم، ومن أعظم أسباب فشل هذه الثورات – لا قدّر الله – هو بقاء أهل الفساد آمنين مطمئنين على أنفسه وأموالهم ومراكزهم، ولذلك تجد الإعلام يشدد على مسألة التعايش وطيّ الصفحات والتجاوز عن الماضي والعفو العام وغيرها من الأمور التي تضمن أمن أهل الفساد وبقاء نفوذهم وقوتهم ليعيثوا فساداً في الأرض من جديد وليكونوا عامل هدم لهذا البناء الوليد. 
الغرب يعرف أن نجاح الثورات مرهون بتصفية رموز الأنظمة السابقة، ولذلك هو يركّز على مسألة سلمية الثورات، والجموع المسلمة صدّقت أن هناك ثورات سلمية، وأخذت تتنادى بهذا. إن الحل يكمن في التصفية والتربية (وهذا شعار نستعيره من العلامة الألباني رحمه الله، ولكن بمعنى آخر): فلا بد من تصفية رموز الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة التي تُقدّر بمئات المليارات والتي تكفي لإصلاح النظم الإقتصادية في دول العالم الإسلامي كافة وليس في الدول الثائرة فقط، فالأموال التي سرقها حسني مبارك وحدها كفيلة بإصلاح الحالة الإقتصادية في جميع الدول العربية، وهي موجودة في الرياض والإمارات وسويسرا وبريطانيا وأمريكا وفرنسا.
أما التربية: فلا بد من تغيير المفاهيم السائدة في المجتمعات العربية. لا بد من معرفة الحقوق الشرعية للشعوب، ولا بد من إلزام المسؤولين بالواجبات المنوطة بهم وتعريفهم بحدودهم وحقيقة مراكزهم ووظائفهم، ولا بد من تعريف العوام بواجباتهم الشرعية وبحقائهم العقدية التي من أهمها اليوم: التوحيد الخالص والإيمان الحق، وعقيدة الولاء والبراء والحب والبغض في الله، وعقيدة الجهاد في سبيل الله دفعاً وطلبا، ولا بد من التربية الأخلاقية والسلوكية الحقة، ونقول الحقة لأن البعض خلط بين حُسن الخلق وبين المداهنة والرضى بالدون والذل والهوان، فهناك فرق كبير بين الأمرين، خاصة في قضية التعامل مع غير المسلمين: فالأصل أن يعامل المسلم بالرحمة، أما الكافر فبالعدل، والأصل في العلاقة بين المسلمين: الأخوة الإسلامية، والأصل في العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين: الحرب، إلا أن يكون عهد، فالأصل إباحة دم الكافر – غير ذي العهد – وماله وذريته، فهذه المفاهيم التي كانت سائدة ومعروفة ومعمول بها ومعلومة لدى جميع المسلمين في العصور الأولى، أصبحت اليوم من المجهولات التي لا تستوعبها عقول الناس لكثرة التزييف والتحريف لمفاهيم الشرع. فلا بد من العودة إلى الأمر الأوّل لأنه لا يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. والله أعلم.
انتهى اللقاء
20 محرم 1433هـ

________